الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن النميمة، وان سؤاله إياك خطأ أن يسألك ماذا قال في فلان؟ لقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن مسعود أنه قال:«لا يحدثني أحد عن أحد شيئاً فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر» . فكيف يبحث هذا الرجل ويقول هل قال في فلان كذا؟ إذن لا يلزمك إلا إذا كان في كتمانك ضرر على هذا السائل، فهنا يتعين البيان كما لو كان هذا الرجل أسرّ إليك بأنه سوف يؤذي صاحبه أو يقتله أو يتهمه بشيء يقوم في عرضه فحينئذ لابد من البيان.
كفُّ الغضب:
1445 -
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كف غضبه؛ كف الله عنه عذابه» أخرجه الطبراني في الأوسط.
- وله شاهد: من حديث ابن عمر عند أبن أبي الدنيا.
«من كف غضبه» أي: منعه، والمراد: منع ما يترتب على الغضب، وذلك لأن الغضب غريزة في الإنسان، كل إنسان يغضب، لكن من الناس من يمن الله عليه فيملك نفسه عند الغضب، وقل سبق أن النبي صلى الله سمى هذا شديداً، ومن الناس. من ينساب وراء غضبه فيحصل له بذلك شر كثير.
فمن كفَّ غضبه، «كف الله عنه عذابه» ، والمراد: من كفه غضبه امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «لا تغضب» أما من كف غضبه ترويضاً لنفسه على حسن الخلق وضبط النفس فهذا قد لا يثُاب هذا الثواب، لأن كفَّ الغضب إما أن يكون رجلٌ يريد أن يمرن نفسه علن التحمل وعدم الغضب فهذا لا شك انه خير وأنه أراد أن يمرن نفسه علن الخير، وإما أن يكف غضبه امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تغضب» فهذا هو الذي له هذا الوعد الذي اخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنه.
في هذا الحديث فوائد: أولاً: الحثَّ على كف الغضب فإن انساب الإنسان مع غضبه فهل ينفذ قوله أو فعله؟ نقول: أما الفعل فينفذ فلو غضب على إنسان وضربه حتى كسر عضواً من أعضائه مثلاً فإنه يضمنه، ولو غضب فأتلف مالاً لغيره فإنه يضمنه.
أما القول فإذا كان الغضب شديدا لا يملك الإنسان نفسه فيه فإنه لا يؤاخذ به ويكون قوله هذا كعدمه، وعليه فلو أن الإنسان غضب على زوجته غضباً شديداً فطلقها فإنها لا تطلق.
وقد قسم العلماء رحمهم الله الغضب إلى ثلاثة أقسام: الغاية والبداية والوسط. أما
البداية فبالاتفاق أن قول الغاضب نافذ وأن الغضب لا يمنع نفوذ قوله، وأما الغاية فإنه لا ينفذ قوله بالاتفاق وغاية الغضب: ألا يحس الإنسان بنفسه ولا يدري أفي الأرض هو أم في السماء ولا يدري أهو ذكر الله تعالى أم سبه لا يدري.
هذا نقول: حكمه أنه لا يؤاخذ بقوله إطلاقاً لأن هذا يشبه حال السَّكر. وحال الجنون، أما الثالث وهو الوسط فهذا محل نزع بين العلماء فمنهم من ألغى قوله، ومنهم من اعتبره، والظاهر إلغاؤه، وأن الإنسان إذا غضب غضباً لا يملك نفسه لكنه يدري انه في الأرض ويدري أنه يتكلم لكن شيئاً عقره حتى قال: فهذا لا عبرة به.
ومن فوائد الحديث: وصف الله تعالى بالكفَّ؛ لقوله: {كف الله عنه} وهذه أعني: الصفة من صفات الأفعال، وصفات الأفعال لا حصر لها، لأن أفعال الله لا تنتهي فلك أن تصف الله تعالى بكل ما يمكن أن يقع منه - جل وعلا.
فمثلاً نقول: الله مدبر متكلم باطش وما أشبه ذلك من الأفعال التي يمكن أن يتصف الله بها، أما ما لا يمكن أن يتصف الله به فهذا لا يجوز، فلا يمكن أن نقول: إن الله يخون؛ لأن الله تعالى منزَّه عن الخيانة، لكن كل ما يمكن أن يتصف الله به من أفعاله فإنه يجوز أن نصف الله به، وإن لم يرد نصه في القرآن والسُّنة.
فمثلاً الكفُّ لو قال قائل: هل الله يكف؟ الجواب: نعم؛ لأنه يمنح والكف منع، وعلى هذا فقس لكن الضابط في هذا النوع أن يكون مما يمكن أن يتصف به أما ما لا يمكن فهذا لا يُوصف الله به ما لا يمكن عقلاً كالعزق مثلاً أو ما لا يمكن شرعاً كالظلم فإنه لا يمكن أن نقول: إن الله يظلم مع أنه قادر على ذلك لكنه حرمه على نفسه تبارك وتعالى.
وقوله: وله الشاهد، اعلم أن الأحاديث الضعيفة تحتاج إلى تقوية، والتقوية إما أن تكون للمتن وإما أن تكون للسند فإن، كانت للمتن سُمَّيت شاهداً بمعنى: أن يأتي هذا الحديث أو هذا المتن من طريق آخر يقوي الطريق الأول هذا يسمى شاهداً.
وأما أن، تكون، في السند فهذا يُسمى متابعة بمعني: أن راوياً ضعيفاً يروي عن شخص ثم وجدنا آخر ضعيفاً يروي عن هذا الشخص أيضاً نسمي هذا متابعاً ونسمي الموافقة متابعة، ثم إن كانت من أول السند فهي متابعة تامة يعني: أن هذا روي عن شيخه الضعيف مباشرة ثم ساق السند نُسمي هذه متابعة تامة؛ لأنه تابع الضعيف في كل الإسناد وإن كانت فيمن فوق شيخه فهي متابعة قاصرة، لكن على كل حال نحن لا نحتاج في قوة الحديث أو تصحيحه إل شاهد أو متاح إلا عند الضعف.