المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم ذبح المسنة: - فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية - جـ ٦

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأطعمة

-

- ‌تحريم كل ذي ناب من السباع:

- ‌تحريم كل ذي مخلب من الطير:

- ‌حكم أكل الحمر الأهلية والخيل:

- ‌حكم أكل الجراد:

- ‌حكم أكل الأرنب:

- ‌حكم النملة والنحلة والهدهد والصرد:

- ‌حكم أكل الضبع:

- ‌حكم أكل القنفذ:

- ‌النهي عن أكل الجلالة:

- ‌حل الحمار الوحشي والخيل:

- ‌حل أكل الضب:

- ‌حكم الضفدع:

- ‌خلاصة كتاب الأطعمة، وخلاصته تدور على أمور:

- ‌1 - باب الصيد والذبائح

- ‌اقتناء الكلب:

- ‌حل صيد الكلب المعلم:

- ‌فائدة: حكم التسمية عند الذبح:

- ‌حكم ما أكل منه كلب الصيد:

- ‌حكم اشتراك كلبين في الصيد:

- ‌صيد المعارض:

- ‌تنبيه:

- ‌الصيد بالسهم وحكمه:

- ‌التسمية على ما لم يسم عليه عند الذبح:

- ‌فائدة: حكم اللحوم المستوردة من بلاد الكفار:

- ‌النهي عن الحذف:

- ‌النهي عن اتخاذ ذي الروح غرضاً:

- ‌حكم ذبح الحجر وذبح المرأة الحائض:

- ‌فائدة في ذبح ملك الغير وحله:

- ‌شروط الذبح:

- ‌النهي عن قتل الدواب صبراً:

- ‌وجوب إحسان القتلة:

- ‌ذكاة الجنين ذكاة أمة:

- ‌حكم نسيان التسمية عند الذبح:

- ‌2 - باب الأضاحي

- ‌شروط الأضحية:

- ‌صفة ذبح النبي صلى الله عليه وسلم للأضحية:

- ‌حكم الأضحية:

- ‌وقت الأضحية

- ‌عيوب الأضحية:

- ‌حكم ذبح المسنة:

- ‌لا يعطي الجزار من الأضحية:

- ‌إجزاء البدنة والبقرة عن سبعة:

- ‌3 - باب العقيقة

- ‌العقيقة عن الغلام والجارية:

- ‌ارتهان الغلام بعقيقة:

- ‌وقت العقيقة والحلق:

- ‌مسألة السقط وأحكامه:

- ‌كتاب الأيمان والنذور

- ‌تعريف الأيمان:

- ‌كراهة الإكثار من اليمين:

- ‌فائدة: قرن اليمين بقول: «إن شاء الله»:

- ‌شروط وجوب الكفارة:

- ‌الحلف بغير الله:

- ‌شبهة والرد عليها:

- ‌اعتبارنية المستحلف في اليمين:

- ‌من حلف فرأى الحنث خيرا كفر عن يمينه:

- ‌الحنث في اليمين على خمسة أقسام:

- ‌الاستثناء في اليمين:

- ‌تحقيق القول في تعليق الحلف بالمشيئة:

- ‌نية الاستثناء لا تغني في اليمين إلا بالتلفظ به:

- ‌لفظ يمين الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌حكم الحلف بصفة من صفاته تعالى:

- ‌اليمين الغموس من كبائر الذنوب:

- ‌لغو اليمين:

- ‌أسماء الله الحسنى:

- ‌الدعاء بخير لصانع المعروف:

- ‌حكم النذر:

- ‌كفارة النذر:

- ‌حكم نذر المعصية وما لا يطاق:

- ‌وفاء نذر الميت:

- ‌حكم نذر المكان المعين:

- ‌حكم الانتقال عن النذر إلى ما هو أفضل منه:

- ‌الوفاء بالنذر بعد الإسلام:

-

- ‌كتاب القضاء

- ‌معنى القضاء والفرق بين القاضي والمفتي:

- ‌تولي القضاء فرض كفاية:

- ‌صفة القاضي الصالح:

- ‌وجوب الحذر من تولي القضاء:

- ‌تبعات الإمارة:

- ‌حكم الحاكم أو القاضي أو المفتي المجتهد:

- ‌النهي عن الحكم حال الغضب:

- ‌لا يقضي القاضي حتى يسمع قول الخصمين:

- ‌حكم الحاكم لا يحل للمحكوم له إذا كان باطلاً:

- ‌حكم القاضي بعلمه وضوابطه:

- ‌الاهتمام بإقامة العدل:

- ‌خطر القضاء وكبر مسئوليته:

- ‌حكم ولاية المرأة أمور المسلمين العامة:

- ‌التحذير من احتجاب الوالي عن حاجة المسلمين:

- ‌الرشوة والهدية للقاضي:

- ‌تسوية القاضي بين الخصوم في المجلس:

- ‌1 - باب الشهادات

- ‌خير الشهود الذي يشهد قبل أن يسأل:

- ‌خير القرون الثلاثة الأولى:

- ‌حكم شهادة الخائن والعدو والقانع:

- ‌لا تقبل شهادة البدوي على صاحبه قرية:

- ‌العبرة في عدالة الشاهد بما يظهر:

- ‌شهادة الزور:

- ‌الشهادة على ما استيقن وبالاستفاضة:

- ‌القضاء باليمين والشاهد:

- ‌البينة على المدعي واليمين على من أنكر:

- ‌القرعة بين الخصوم في اليمين:

- ‌غضب الله على من أخذ مال غيره بغير حق:

- ‌الحكم بحسب البينة:

- ‌تغليظ اليمين بالزمان أو المكان:

- ‌الذين لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم:

- ‌اليد المرجحة للشهادة الموافقة لها:

- ‌رد اليمين على المدعي إذا لم يحلف المدعى عليه:

- ‌الاعتبار بالقيافة في ثبوت النسب:

- ‌كتاب العتق

- ‌تعريف العتق وبيان بعض أحكامه:

- ‌الترغيب في العتق:

- ‌عتق الأنثى:

- ‌عتق الأغلى أفضل من عتق الأدنى:

- ‌حكم من أعتق نصيبه من عبد:

- ‌السعاية:

- ‌حكم من ملك والديه أو ذا رحم محرم:

- ‌حكم التبرع في المرض:

- ‌تعليق العتق:

- ‌الولاء لمن أعتق:

- ‌بيع الولاء وهبته:

- ‌ باب المدبر، والمكاتب، وأم الولد

- ‌المكاتب عبد ما لم يفيا بما كُوتِبَ عليه:

- ‌ المكاتب كالحر إذا ملك ما كوتب عليه:

- ‌دية المكاتب:

- ‌تركة النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌عتق أم الولد بوفاة سيدها:

- ‌كتاب الجامع

- ‌1 - باب الأدب

- ‌معنى الأدب الإسلامي وأنواعه:

- ‌أنواع الأدب:

- ‌اختلاف الأديب باختلاف الأمم:

- ‌حقوق المسلم على أخيه:

- ‌إلقاء السلام ورده:

- ‌حكم إجابة الدعوة والنصيحة للمسلم:

- ‌آداب العطاس والتشميت:

- ‌عيادة المريض:

- ‌آداب اتباع الجنائز:

- ‌وسيلة عدم ازدراء نعمة الله:

- ‌البر والإثم وضوابطهما:

- ‌لا يتناجى اثنان دون الثالث:

- ‌آداب المجلس وأحكامها:

- ‌لعق الأصابع والصحفة:

- ‌آداب السلام وأحكامه:

- ‌سلام الواحد على الجماعة والعكس:

- ‌حكم السلام على أهل الكتاب:

- ‌تشميت العاطس:

- ‌حكم الشرب قائمًا:

- ‌استحباب التيامن في التنعل:

- ‌النهي عن المشي في نعل واحد:

- ‌حكم إسبال الثياب:

- ‌النهي عن الأكل والشرب بالشمال:

- ‌النهي عن الإسراف في كل شيء:

- ‌2 - باب البر والصلة

- ‌البركة في العمر والرزق بصلة الرحم:

- ‌النهي عن قطع الرحم:

- ‌النهي عن عقوق الوالدين:

- ‌التشديد في إضاعة المال:

- ‌بر الوالدين وضوابطه:

- ‌حقوق الجار:

- ‌أعظم الذنوب عند الله:

- ‌من الكبائر سب الرجل أبا الرجل:

- ‌بماذا يزول التهاجر بين الأخوين

- ‌كل معروف صدقة:

- ‌الإحسان إلى الجار ولو بالقليل:

- ‌الترغيب في التفريج عن المسلم والتيسير عليه:

- ‌الدال على الخير كفاعله:

- ‌المكافأة على المعروف:

- ‌3 - باب الزهد والورع

- ‌الحلال والحرام والمشتبهات:

- ‌مبحث حديث الحلال والحرام من جامع العلوم والحكم:

- ‌التحذير من حب الدنيا:

- ‌كن في الدنيا كالغريب:

- ‌الترغيب في المتشبه بالصالحين:

- ‌حفظ الله بحفظ حدوده:

- ‌كيف يكون العبد محبوباً عند الناس

- ‌كيف يكون العبد محبوباً من الله

- ‌من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه:

- ‌النهي عن الإسراف في الأكل:

- ‌التوبة فضلها وشروطها:

- ‌فضل الصمت وقلة الكلام:

- ‌4 - باب الترهيب من مساوئ الأخلاق

- ‌النهي عن الحسد:

- ‌تعريف الحسد وأقسامه:

- ‌ذم الغضب:

- ‌النهي عن الظلم والشح:

- ‌تعريف الظلم لغة وشرعاً:

- ‌الرياء:

- ‌تعريف الرياء لغة وشرعاً:

- ‌خصال النفاق:

- ‌النهي عن السباب:

- ‌التحذير من سوء الظن:

- ‌التحذير من الغش للرعية:

- ‌أمر الوالي بالرفق برعيته:

- ‌النهي عن الغضب:

- ‌مسألة مهمة:

- ‌النهي عن التخوض في أموال الناس بالباطل:

- ‌حرم الله الظلم على نفسه وعلى عباده:

- ‌الغيبة وتغليظ النهي عنها:

- ‌النهي عن أسباب البغض بين المسلمين:

- ‌استعاذة الرسول صلى الله عليه وسلم من سوء الأخلاق والأعمال والأهواء:

- ‌المزاح بين المسلمين وضوابطه:

- ‌الفرق بين المجادلة والمماراة:

- ‌ذم البخل وسوء الخلق:

- ‌النهي عن مضارة المسلم:

- ‌المسلم ليس بذيئاً ولا فاحشاً ولا لعاناً:

- ‌النهي عن سب الأموات:

- ‌النميمية:

- ‌كفُّ الغضب:

- ‌ذم الخداع والبخل:

- ‌تحريم التجسس:

- ‌التحذير من الكبر:

- ‌ذم العجلة:

- ‌الشؤم سوء الخلق:

- ‌التحذير من كثرة اللعن:

- ‌النهي أن يغير المسلم أخاه:

- ‌التحذير من الكذب لإضحاك الناس:

- ‌كفارة الغيبة:

- ‌5 - باب الترغيب في مكارم الأخلاق

- ‌الترغيب في الصدق:

- ‌حقوق الطريق:

- ‌الترغيب في الفقه:

- ‌الترغيب في حسن الخلق:

- ‌الترغيب في الحياء:

- ‌الترغيب في التواضع:

- ‌الترغيب في الصدقة:

- ‌من أسباب دخول الجنة:

- ‌النصيحة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولكل مسلم:

- ‌كيف تكون النصيحة لكتاب الله

- ‌النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم كيف تكون

- ‌النصح للولاة وللعلماء:

- ‌أعظم نصيحة النصح للعلماء:

- ‌النصح للعامة كيف يكون

- ‌الترغيب في تقوى الله:

- ‌حسن الخلق:

- ‌المؤمن مرآة أخيه:

- ‌مخالطة الناس والصبر على أذاهم:

- ‌الدعاء بحسن الخلق:

- ‌6 - باب الذكر والدعاء

- ‌حقيقة الذكر وأنواعه:

- ‌حقيقة الدعاء وشروط الاستجابة:

- ‌آداب الدعاء:

- ‌فضل المداومة على ذكر الله:

- ‌فضل "لا إله إلا الله وحده لا شريك له" ومعناها:

- ‌الفرق بين القدرة والقوة:

- ‌فضل "سبحان الله وبحمده" ومعناها:

- ‌الباقيات الصالحات:

- ‌فضل لا حول ولا قوة إلا بالله:

- ‌الدعاء هو العبادة:

- ‌فضل الدعاء بعد الأذان:

- ‌استحباب رفع اليدين في الدعاء:

- ‌حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء:

- ‌فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌سيد الاستغفار ومعناه:

- ‌سؤال العافية في الدين والدنيا والأهل والمال:

- ‌الاستعاذة من سخط الله:

- ‌الاستعاذة من غلبة الدين والعدو وشماتة الأعداء:

- ‌معنى الصمد:

- ‌دعاء الصباح والمساء:

- ‌الدعاء بالحسنة في الدنيا والآخرة:

- ‌من صيغ الاستغفار:

- ‌الدعاء بخير الدارين:

- ‌ينبغي للمؤمن أن يسأل العلم النافع:

- ‌من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:

الفصل: ‌حكم ذبح المسنة:

‌حكم ذبح المسنة:

1299 -

وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن» رواه مسلم.

«لا تذبحوا» هذا نهي والمراد: لا تذبحوا في الأضاحي وليس نهياً مطلقاً لأن ما هو صغير من المواشي يذبح في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يضر، «إلا مسنة» هذه المسنة فما هو السني من الضأن؟ ما تم له سنة، ومن المعز ما تم له سنة، ومن البقر ما تم له سنتان، ومن الإبل ما تم له خمس سنين، وما دون ذلك لا يجزئ في الأضاحي لكن الرسول صلى الله عليه وسلم استثنى فقال:«إلا أن عسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن» الضأن تختص بما دون السنية وهي الجذعة تجزئ، ولهذا قال: إلا أن تعسر فتذبحوا جذعة من الضأن، والجذع من الضأن ما تم له ستة أشهر، قالوا: وله علامة وهي أن الصغير من الضأن يكون شعر ظهره واقفاً فإذا صار جذعاً فإنه ينام الشعر ينام على الظهر، وهذا ربما تكون علامة مقربة لكن المدار على ما تم له ستة أشهر.

في هذا الحديث: دليل على أنه لابد في الأضاحي من أن تكون الأضحية سنية فأكثر لقوله: «لا تذبحوا إلا مسنة» .

ومن فوائده أيضاً: أنه يجوز التضحية بالجذع من الضأن لكن الحديث كما ترون مشروط بن إذا تعسرت السنية، فهل هذا الشرط شرط للإجزاء أو للكمال؟ ظاهر الحديث أنه شرط للإجزاء لأنه قال: إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن، يعني: فلا حرج، ولكن سيأتينا- إن كان المؤلف قد ذكره- بأنه يجوز التضحية بالجذع مطلقاً فالسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباح التضحية بالجذع من الضأن مطلقاً، وعلى هذا فيكون هذا القيد:«إلا أن تعسر عليكم» قيد للأكمل والأفضل: يعني: أن الأفضل السنية أفضل من الجذعة، لكن إن تعسرت ولم تكن متيسرة فاذبحوا جذعة من الضأن، وإن ذبحتم بدون أن تتعسر فلا بأس، دلت عليه السنة من وجه آخر، إذن أضف إلى الشرطين السابقين شرطاً ثالثاً، وهو بلوغ السن المعتبر شرعاً وهو في الإبل خمس سنين والبقر سنتان والمعز سنة والضأن ستة أشهر.

ص: 84

عيوب الأضحية:

1300 -

وعن علي رضي الله عنه: قال «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن ولا نضحي بعوراء، ولا مقابلة ولا مدابرة، ولا خرقاء ولا ثرماء» أخرجه أحمد والأربعة وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم.

«أمرنا» الأمر طلب الفعل على وجه الاستعلاء وهل يقتضي الوجوب أو الاستحباب؟ هذا محل ذكره أصول الفقه، «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين» أي: طلب شرفهما أي: حسنهما يعني: أن نتفقد العين والأذن وننظر الأحسن في منظره والأحسن في أذنه، وألا نضحي بعوراء يعني: وأمرنا ألا نضحي بعوراء وسبق أن العور فقد البصر في إحدى العينين وأنه ينقسم إلى قسمين بين وغير بين، وحديث على بعوراء يشمل العوراء البين عورها وما لا يبين عورها، وألا نضحي بمقابلة ولا مدابرة هذه هي العيوب المقابلة والمدابرة والخرقاء كلها عيوب في الأذن.

أما المقابلة فهي التي يقابلك عيبها والمدابرة هي التي يدابرك عيبها والخرقاء مخروقة الأذن، المقابلة هي أن تشق أذنها عرضا من قدام، المدابرة عكسها تشق الأذن عرضا من الخلف، الخرقاء ما خرقت أذنها سواء خرقت من أعلى أو أسفل أو الوسط أو اليمين أو اليسار، أي: خرق وسواء كان الخرق من الوسم أو من حادث أصابها.

ولا ثرمي وهي التي سقط من أسنانها شيء، ويوشك أن تكون هذه الكلمة غير محفوظة لأنه ليس لها علاقة بالعيب والأذن، والحديث يقول: أن نستشرف العين والأذن، ولذلك [جاء في] بعض ألفاظ الحديث:«لا شرقي» وهي التي تشق أذنها من الوسط طولاً.

هذا الحديث: يدل على أنه ينبغي للإنسان أن يتفقد أضحيته حتى الأعضاء الصغيرة فيها وهي العين والأذن يتفقدها ويختار الأحسن والأجمل لقوله: «أمرنا أن نستشرف العين والأذن» وهل هذا الأمر للوجوب بمعنى أن تكون العين شريفة والأذن شريفة؟ لا، هذا على سبيل الاستحباب ويدل لذلك حديث البراء أن الممنوع من التضحية به هي الأربع، أما هذا فهو على سبيل الكمال ألا نضحي بعوراء، هذا يستفاد منه أيضاً:«أمر النبي صلى الله عليه وسلم ألا نضحي بعوراء» ،

ص: 85

وهل هذا الأمر على الوجوب؟ نقول: لا، فيه تفصيل، أما العوراء البين عورها فإننا لا نضحي بها وجوبا ويفيده حديث البراء، وأما العوراء التي ليس عورها بيناً فإننا نضحي بها لكن الأفضل الا أن التضحية بها تكون مكروهة.

كذلك يستفاد من هذا الحديث: جواز التضحية بما اختل أذنه من البهائم، يستفاد من هذا الحديث: جواز التضحية لكن على خلاف الأفضل والأكمل وعليه فينبغي أن تكون الأذن سليمة ليس فيها خروق ولا شقوق ولا غير ذلك.

فإن قال قائل: إذا قطعت الأذن للمصلحة فهل تدخل في هذا الحديث.

نقول: نعم تدخل لأن المصلحة التي قطعت لها الأذن ليس لمصلحة البهيمة ولكنها لمصلحة صابحها لكثرة الدراهم بخلاف الخصي، تجوز التضحية به، وقد ضحى به النبي صلى الله عليه وسلم لأن الخصي إنما قطعت خصيتاه لمصلحة البهيمة فهو يكون سبباً لحسن اللحم وكثرته.

ومن فوائد الحديث: ألا نضحي بالمقابلة والمدابرة والخرقاء، بل يضحي بما أذنه سليمة أسنانه شيء سواء الثنايا أو الرباعيات أو الأضراس فإنه لا يضحي به، وذلك لنقص خلقته، ولكن هل هذا على سبيل الوجوب؟ لا، ، هو على سبيل الكمال لأنه كلما كانت أسنانها أكمل فهي أفضل.

بقي لنا لو انكسر قرنها فهل تجزئ؟ الجواب: نعمن تجزئ حتى لو انكسر القرن كله فإنها تجزئ: لأن القرن لا يؤكل ولا يستفيد الناس منه بالأكل، ولا يضر البهيمة إذا انكسر، لكن إن كان انكساره طريا والبهيمة متأثرة به فإننا نقول: إن كان تأثرها بيناً لم تجزئ لدخولها في قوله: «المريض البين مرضها» وأما إذا لم يكن مؤثراً فلا حرج فيها إطلاقاً أيضا: هل مقطوعة الذنب تجزئ أو لا؟

الأحاديث ليس فيها شيء يدل على هذا، لكن يؤخذ من القياس أنها مكروهة لأنها كمقطوعة الأذن، ولكنها مجزئة، وإذا كانت مقطوعة الإلية فإنها لا تجزئ، وذلك لأن الإلية لحم مقصود ومؤثر في البهيمة، وإذا كانت البهيمة مما لا ألية له خلقة فهل تجزئ؟ نعم، تجزئ، لأن هذا بأصل الخلقة، من ذلك الضأن الاسترالي فإن الأسترالي ليس له ذنب بل هو مقطوع الذنب فهو مجزئ لأنهم يقطعونه من أجل طيب اللحم وكثرة اللحم وهو يشبه ذنب البقرة ولا يشبه ألية الضأن، وقد رأينا ذلك في التي تولدت من الاستراليات ووجدنا أن ذنبها مستطيل كذنب البقرة تماماً يعني: ليس كالضأن الذي قطعت أليته، وعلى هذا فيكون مجزءاً الخصي يجزئ مقطوع الذكر يجزئ، لكن كلما كانت البهيمة أكمل فهي أفضل.

ص: 86

نعود إلى شروط الأضحية هي أربعة أولا: أن تكون من بهيمة الأنعام، ثانياً: تبلغ السن المعتبرة شرعاً، ثالثاً: أن تكون سلمية من العيوب المانعة من الإجزاء رابعاً: أن يكون في وقت الأضحية وهو ما بين انتهاء الإمام من صلاة العيد يوم النحر إلى أن تغرب الشمس في اليوم الثالث عشر على القول الراجح.

ومن العلماء من قال: إنه يوم النحر فقط، ومنهم من قال: إنه يوم النحر ويومان بعده، ولكن القول الراجح: أنها ثلاثة أيام بعد العيد، فتكون أيام الذبح أربعة ويجزئ الذبح ليلاً ونهاراً بلا كراهة، على هذا فقوله تعالى:{واذكروا الله في أيام معدودات} [البقرة: 203] لا يمنع من دخول الليالي، لأن العرب تطلق الأيام على الليالي والليالي على الأيام.

هل يشترط أن تكون ملكاً للإنسان؟ نعم، يشترط، فلو أن أحداً غصب شاة شخص ثم ضحى بها فإنها لا تجزئه لقول النبي صلى الله عليه وسلم «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا» وهذه ليست طيبة بل هي خبيثة وكذلك ما تعلق بها حق الغير كالمرهونة فإنه لو ضحى بها لم تجزئ، لأنه لا يمكن التصرف فيها.

وهناك بحث: هل الأضحية للأموات أو للأحياء؟ الأضحية للأحياء وليست للأموات، ولهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه أنهم ضحوا عن ميت إطلاقاً، فالرسول صلى الله عليه وسلم توفيت زوجته خديجة وهي من أحب الناس إليه وتوفي جميع أولاده ما عدا فاطمة وتوفي عمه حمزة بن عبد المطلب ولم يضح عن أحد منهم أيداً، ولو كان هذا من شرع الله لفعله النبي صلى الله عليه وسلم أو أرشد الأمة إليه أو فعل بحضرته وأقدره فدل ذلك على أن الأضحية سنة تتعلق ببدن الفاعل كالصلاة وغيرها من العبادات، وقد قرنها الله تعالى بالصلاة فقال:{فصل لربك وأنحر} [الكوثر: 2]

وأما عن الأموات فلم يرد، لكن لو أن الإنسان تبرع لوالده بأضحية فنرجو ألا يكون في هذا بأس، وإن كان بعض العلماء يقول: لا يجوز، ، ولا تنفع الميت على أنها أضحية ولكن تنفعه على أنها صدقة؛ لأن الأضحية إنما تشرع للأحياء فقط، وأما ما يفعله بعض العامة عندنا يجعلون الأضاحي كلها للأموات يعني: مر علينا أعوام سابقة لا يعرف الناس الأضحية إلا للأموات، لا تجد أحداً يضحي عن نفسه وأهل بيته، حتى في بيتنا أذكر أنه يكون عندنا عشر أو إحدى عشرة أضحية كلها للأموات لكنها وصاياً، أما الأحياء فما كان يطرأ على بالهم أن الحي يضحى له إطلاقا.

فإن قال قائل: هل يجوز أن يضحى عن الميت تبعاً؟

فالجواب: نعم، بأن يقول الإنسان: هذا عني وعن أهل بيتي ويدخل في ذلك الأحياء

ص: 87