الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشؤم سوء الخلق:
1451 -
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشؤم سوء الخلق» . أخرجه أحمد، وفي إسناده ضعف.
هنا لابد أن نعرف إعراب الجملة، «الشؤم»: خبر مقدم؛ لأن المعنى: أن سوء الخلق من الشؤم، وليس المعنى: أن الشؤم من سوء الخلق هذا هو الظاهر، لكن لو قال قائل بالعكس فله وجه، على كل حال، أن الشؤم يعني: كون الإنسان مشئوماً هو الذي يكون شيء الخلق، فسوء الخلق من الشؤم، وكم من إنسان حصل له من النكبات والبلاء بسبب اقترانه بسوء الخلق، وكم من إنسان حصل له البلاء والشر والفتنة بسبب سوء الخلق، وليس المراد بهذا: الحصر بل المراد: أن هذا من النوع، يعني: أن سوء الخلق من نوع الشؤم بدليل أن مثل هذه الصورة ترد، ولا يراد بها الحصر، قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«ليس المسكين الذي يتردد على الناس فترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان» المراد: المسكين الذي يطلق علية لفظ المسكنة وهو الذي يتعفف، قال الرسول: «إنما المسكين الذي يتعفف
…
» الحديث.
إذن في هذا الحديث: التحذير من سوء الخلق، وانه شؤم، ضد ذلك حسن الخلق وإذا كان شؤم الخلق محذراً منه كان حسن الخلق مأموراً به ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:«البر حسن الخلق» ، قاله لوابصه بن معبد، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم كم من إنسان حسن الخلق واسع الصدر منشرحه، تجده يحصل له خير كثير في معاملة الناس ومعاملة الله عز وجل إن أصابه بلاء من الله صبر وصار حسن الخلق مع الله، وإن أصابه أذى من الناس صبر وصار حسن الخلق مع الناس، وكم من إنسان سيء الخلق يحصل عليه نكبات عظيمة سواء فيما يتعلق بمعاملة الله أو معاملة الخلق.
التحذير من كثرة اللعن:
1452 -
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «إن اللعانين لا يكونون شفعاء، ولا شهداء يوم القيامة» أخرجه مسلم.
اللعان: صيغة مبالغة، والمراد باللعانين: كثيرو اللعان، يعني: الذي يلعن دائماً، لسانه رطب من اللعان - والعياذ بالله - هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«لا يكونون شفعاء» أي: لا يشفعون في أحد من الناس، «ولا شهداء» أي: لا تقبل شهادتهم يوم القيامة.
ففي هذا الحديث فوائد: منها: التحذير مز كثره اللعن، لأنه ورد فيه هذا العقاب.
وفيه أيضاً من الفوائد: أن كثره اللعن من كبائر الذنوب، وجه ذلك: انه استحق الوعيد بهذا الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث: إثبات يوم القيامة لقوله: «يوم القيامة» وهو يوم البعث، وسمي يوم القيامة لرجوه ثلاثة:
الأول: ان الناس يقومون فيه من قبورهم لرب العالمين ودليله قوله تعالى: {يوم يقوم الناس لرب العالمين} [المطففين: 6].
الثاني: أنه تقام فيه الأشهاد لقوله تعالى: {إنا لننصر رسلنا والذين ءامنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهد} [غافر: 51]. الثالث: أنه يقام فيه العدل لقوله تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيمة} [الأنبياء: 47]
ومن فوائد الحديث: إثبات الشفاعة لغير النبي صلى الله عليه وسلم، أنه لو لم تثبت الشفاعة لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان اللعانون وغيرهم سواء، ولكن ليعلم أن الشفاعة العظمى خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم، وله شفاعات ثلاث خاصة به:
الأولى: الشفاعة العظمى وهى أعظمها وأعمها وأشملها؛ وذلك أن الناس يوم القيامة في الموقف من الكرب والغم ما لا يطيقون، فيستشفعون إلى آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، إلى أن تصل إل محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيشفع، هذه خاصة به، وهي داخلة في قوله تعالى:{عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} [الإسراء: 79].
الثانية: الشفاعة فى أهل الجنة أن يدخلوها، وهذه لا ينالها أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثالثة: شفاعته في عمه أبي طالب، وهي الشفاعة لكافر، ولا تكون لأحد إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الكفار لا تنفع فيهم الشفاعة، لكن أبا طالب نفعت فيه الشفاعة لما حصل منه من تأييد النبي صلى الله عليه وسلم ونصرته إياه والدفاع عنه، من أجل ذلك أذن الله لنبيه أن يشفع لعمه أبي طالب، ولكن هل خريج من النار؟ لا، لأن الله قال:{وما هم منا بمخرجين} [الحجرات: 48]. لكنة وضع في ضحضاح من نار علبة نعلان من نار يغلي منهما دماغه، دماغه أعلى ما في جسده ومع ذلك يغلي من نعال في أسفل جسده، وإذا كان الدماغ يغلي فما بالك بما دون الدماغ سيكون أشد غلياناً، ثم مع هذا العذاب العظيم الدائم المستمر يرى أنه أشد الناس عذاباً؛ لأنه لو رأى أنه أهون الناس عذاباً لاقتنع، لكن يري انه أشدهم عذاباً، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«وإنه لأهونهم عذاباً»