الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في النجوم ما يسمى بالقوس نجوم منحنية كأنها قوس، لو أن الإنسان قال: هذه علامة استفهام هل أحد يطيعه على ذلك؟ وهي في السماء يشاهدونها بعد العشاء على صورة استفهام، لو قال قائل: هذه استفهام من الله عز وجل فلا يصح هذه، لأن هذه مخلوقات خلقها الله على هذا الوجه، كذلك إذا قلنا: القرآن مخلوق صار معناه أنها أشكال خلقها الله على هذا الشكل.
إذن النصيحة لكتاب الله: أن يؤمن الإنسان بأنه كلام الله حقيقة تكلم الله به حرفاً ومعنىً، ومن النصيحة لكتاب الله التصديق بكل ما فيه من الأخبار سواء كان عن الله، أو عن اليوم الآخر، أو عن الأمم الماضية، أو عن الأحوال المستقبلية، بل كل خبر في القرآن فإن من النصيحة أن يؤمن الإنسان به وألا يتردد في قبوله، حتى لو فرضنا أن العقل قد يستبعده فلا يجوز أن تحكم بالعقل على ما في كتاب الله، بل يجب أن نؤمن وإن كان العقل يستبعده، ومن النصيحة لكتاب الله: امتثال أوامر القرآن سواء كانت أدبية أم خلقية أو تعبدية، يجب أن تمتثل أوامر القرآن على حسب ما يقتضيه النص، لأن هذا من النصيحة لكتاب الله، والاجتناب لما نهى عنه القرآن، فمن لم يفعل ذلك فليس بناصح للقرآن.
النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم كيف تكون
؟
النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم والمراد بقوله: "ولرسوله" فيما يظهر العموم، وإن كان يحتمل أن يكون المراد الخصوص، لأن ظاهر قوله:"لكتابه" أنه القرآن، فلنقل أن المراد به الخصوص، فكيف النصيحة لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم؟ أولاً: التصديق أنه رسول من عند الله، تصديقاً جازماً لا يعتريه شك، ثانياً: الإيمان بأنه بشر لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ولا يملك لغيره نفعاً ولا ضراً، فمن قال: إنه يملك النفع والضر فإنه لم ينصح للرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن الرسول قال: «ما أحب أن تنزلوني فوق منزلتي التي أنزلني الله» ، فإذا غلوت فيه فما نصحت له؛ لأنك فعلت ما لا يحبه.
ومنها -أي: من النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم: الإيمان بأنه عبد الله، وكفى به شرفاً أن يكون عبد الله عز وجل، فتؤمن بأنه عبد لا حق له في الربوبية إطلاقاً، وحينئذٍ يبطل تعلق الناس بالرسول ج في دفع ضرر أو جلب نفع إلا ما كان قادراً عليه في حياته فهذا شيء آخر من النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم أن تؤمن بكل خبر أخبر به لتكون ناصحاً له لكن هذا الحكم فيما علمنا أنه قاله؛ لأن بيننا وبين الرسول واسطة، قد يعزى للرسول صلى الله عليه وسلم ما لم يقله، ولهذا ليس الخبر الذي جاء في السنة كالخبر الذي جاء في القرآن، لأن الخبر الذي جاء في السنة يحتاج إلى النظر أولاً في سنده هل صح أم لا، لكن إذا علمت علماً يقينياً أو ظننت ظناً قوياً أن الرسول قاله، فإن من النصيحة له
أن تصدقه وتؤمن بخبره حتى وإن استبعده عقلك؛ لأنك لو أنكرت ما يستبعده عقلك لم تكن مؤمناً في الواقع بل متبعاً لهواك، ومن النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم: طاعته فيما أمر؛ فإن ذلك من النصيحة له، ولا يرد على هذا أن الصحابة رضي الله عنهم أحياناً يعارضون الرسول صلى الله عليه وسلم لكن إذا انكشف لهم الأمر سلموا واستسلموا غاية الاستسلام، مثال ذلك: لما أمرهم حين طاف وسعى في البيت في حجة الوداع أمر من لم يسق الهدي أن يجعلها عمرة فناقشوه في ذلك فقالوا: يا رسول الله قد سمينا الحج كيف تجعلها عمرة؟ وقالوا: يا رسول الله، أنحل الحل كله؟ قال:"نعم"، قالوا: يا رسول الله نأتي النساء؟ قال: "نعم"، قالوا: نذهب إلى منى وذكر أحدنا يقطر منياً"، إلى هذا الحد وهي كلمة قد يستحي منها كثير من الناس، لكن كل هذا يريدون من الرسول أن ينسخ ما أمرهم به لكنه حتم عليهم، قال: افعلوا ما أمرتكم به، فهل فعلوا؟ الجواب: فعلوا، فلا يعد هذا من ترك النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن المراجعة في وقت التشريع جائزة، إذ قد يختلف الشرع، ولهذا لما أثر النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم لحوم الحمر أمر أن تكسر القدور، لأن الحمر الأهلية قد حرمت وهي تفور على النار، قد ذبحوها وقطعوا لحمها وجعلوها في قدور فحرمت وأمر أن تكسر القدور فقالوا: يا رسول الله أونغسلها؟ فقال: "أغسلوها" هنا الأمر نسخ بالثاني، فالصحابة يراجعون الرسول صلى الله عليه وسلم لعل الأمر ينسخ، ومثل ذلك أيضًا تأخرهم عن الحلق في صلح الحديبية حيث تأخروا يرجون النسخ، فلما خرج الرسول صلى الله عليه وسلم بمشورة أم سلمة إليهم دعا بالحلاق وحلق رأسه جعلوا يحلقون رءوسهم حتى كاد بعضهم يقتل البعض غما.
المهم: أن من النصيحة للرسول طاعته فيما أمر، ولا يرد على ذلك أن الصحابة رضي الله عنهم أحياناً يناقشونه؛ لأنهم يناقشونه لا عصياناً، ولكن يرجون النسخ، وقد وقع النسخ بعد مراجعتهم إياها كما في حديث تكسير القدور.
النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم أن يجتنب الإنسان ما نهي عنه، فإذا نهي عن شيء فليجتنبه حتى وإن هوته نفسه؛ لأن الخير فيما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلم أن العافية ستكون حميدة إذا نصحت للرسول صلى الله عليه وسلم، وقد أشار الله إلى النصح له ولرسوله في قوله:{ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله} [التوبة: 91]. فلابد من النصح للرسول.
ومن النصح للرسول صلى الله عليه وسلم: الذب عن سنته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم له أعداء، قال الله تعالى:{وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين} [الفرقان: 31]. فله أعداء، فمن النصيحة له: أن تذب عن سنته