الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن فوائده: أنه لا يشترط إنهار الدم بعد خروجه، أي: بعد إخراجه من بطن أمه بعد أن يذكي لا يشترط إخراج الدم لأن ذكاته قد تمت من قبل، ولكن قال بعض أهل العلم: ينبغي أن ينهر دمه حتى يطهر من الدم الذي لم يخرج.
ومن فوائد الحديث: تيسير هذه الشريعة لأنه كل ما كان الأمر شاقا حل التخفيف لأن العثور على الجنين أمر لا يمكن إلا بشق بطن الأم وشق بطن الأم إن كان قبل أن تذبح فهو إضاعة لماليتها وإن كان بعد ذكاتها فربما لا يدرك الجنين حتى يذكى فكان من يتسير هذه الشريعة أن ذكاة أمه ذكاة له.
ومن فوائد الحديث: سمو الشريعة وبيانها لكل شيء من دقيق وجليل؛ لأن مثل هذه الصورة - أعني: أن يذكى الحيوان في بطن الحمل- نادرة الوقوع؛ يعني: يمكن [أن يقع في] كل مائة خمسة أو أقل لكن لما كانت الشريعة شاملة لكل شيء نبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.
حكم نسيان التسمية عند الذبح:
1293 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم يكفيه اسمه، فإن نسي أن يسمي حين يذبح، فليسم ثم ليأكل» أخرجه الدارقطني وفيه راو في حفظه ضعف وفي إسناده محمد بن يزيد بن سنان، وهو صدوق ضعيف الحفظ.
«المسلم يكفيه اسمه» يعني: يكفيه أن يكون مسلماً في حل الذبيحة لأنه مسلم فيكفيه أن يكون مسلماً «فإن نسي أن يسمى حين يذبح فليسم» يعني: عند الأكل «ثم ليأكل» وهذا اللفظ كما ترى لفظ لا تشعر بأنه خارج من مشكاة النبوة لأن فيه ركاكة لأن المسلم يكفيه اسمه إذ قلنا إن وصف الإسلام كاف عن التسمية فيعني هذا أنه لا يشترط في المسلم أن يسمي كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء.
وإن قلنا: إن الإسلام غير كاف قلنا: إذن ذبيحة الكتابي إذا نسى فإنها تكون كذبيحة المسلم لأن العلة هي النسيان، ثم إن سياق الحديث وصيغته تدل على أنه لم يخرج من فم النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال المؤلف: أخرجه الدارقطني وفيه راو
…
إلخ، إذا قالوا:«صدوق» عند المحدثين فيعني أنه ضعيف يحتاج إلى من يقويه ولهذا قال:
-وأخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما موقوفاً عليه.
-وله شاهد عند أبي داود في مراسيله بلفظ: «ذبيحة المسلم حلال، ذكر اسم الله عليها أو لم يذكر» ورجاله موثقون.
كل هذه الأحاديث كما ترون ضعيفة جداً ولا يقوي بعضها بعضا بحيث تعارض الآيات والأحاديث الدالة على وجوب التسمية فضلاً عن كونها تقاومها وتبطل دلالتها فمثلاً الحديث الأول فيه راو في حفظه ضعف وفيه أيضا من هو صدوق ضعيف في حفظه ففيه راويان ضعيفان.
والثاني: عبد الرزاق بإسناد صحيح إلى ابن عباس فيه علة وهي أنه موقوف على ابن عباس فيكون رأيا لصحابي وهذا الرأي مخالف لمقتضى الكتاب والسنة فلا يعارض الكتاب والسنة ولا يقاومها.
الثالث: فيه علة أيضا ً وهي الإرسال والمرسل من قبيل الضعيف، ولضعف هذه الأشياء سنداً أو متنا نقول: لا يمكن أن تعارض بها النصوص الواضحة الصريحة لأنه لابد من التسمية، وقد ذكرناها فيما سبق وبينا أنها واجبة.
فإن قال قائل: إن ابن جرير رحمه الله نقل الإجماع على سقوط التسمية بالنسيان، قلنا: أجاب عن هذا ابن كثير رحمه الله في تفسيره بأن ابن جرير يرى أن مخالفة الواحد والاثنين لا تخدش الإجماع ولا تمنع منه، ولكن رأيه رحمه الله ضعيف، لاسيما إذا كان رأي الأقل هو الذي تقتضيه الأدلة.
فالمسألة ليس فيها إجماع والأدلة تدل على أنه لابد من التسمية، وهذا هو الذي ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وإذا تأمل الإنسان الأدلة تبين له أنه الصواب أما كونه لا يؤاخذ بالنسيان فنعم لا يؤاخذ، ولهذا لو ذبح بدون تسمية عمداً كان آثما لكن هنا ذبح وهنا أكل فالذابح إذا نسي لا إثم عليه لكن الآكل من هذه الذبيحة وهي لم يسم الله عليها يأثم فإن أكل ناسياً فلا إثم عليه فهذا القول لا يخرج عن هذه القاعدة {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} وهو الصواب.