الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا جمع بين عدة مسائل «كل غلام» وهل مثله الأنثى؟ نعم مثله، «مرتهن بعقيقته» المرتهن هو المأخوذ رهنا والرهن هو الحبس، مثال ذلك رهنت عندي ساعة أخذت الساعة منك فالساعة الآن مرتهنة «كل غلام مرتهن» أي: محبوس بعقيقته وما معنى الحبس هنا أو الارتهان؟ ذكر عن الإمام أحمد رحمه الله أنه محبوس عن الشفاعة لوالديه؛ لأن الغلمان إذا ماتوا صاروا حجابا من النار لوالديهم فيكون مرتهنا أي: محبوسا عن الشفاعة لوالديه.
ولكن ابن القيم رحمه الله نظر في هذا القول، وقال: إن المعنى هو أنه محبوس عن مصالحه هو نفسه وأن للعقيقة تاثيرا في انطلاقة الطفل وانشراحه وسعة إدراكه؛ لأن العقيقة شكر لله عز وجل على هذا الولد، والشكر للنعم يزيدها فيزداد هذا الغلام سواء ذكرا أو أنثى يزداد عقلا وفهما، ويسلم من الشرور بسبب العقيقة.
قال: «تذبح عنه يوم سابعه» ، تذبح الفعل هنا مبني لما لم يسم فاعله؛ لأنه قد يكون الفاعل معلوما لكن بنيناه للمجهول لإخفائه كقوله تعالى:{وخلق الإنسن ضعيفا} [النساء: 28]. الله يعلم من الخالق فالفعل هنا مبني لما لم يسم فاعله، وهذا هو الذي عبر عنه ابن مالك في الألفية قال: ما لم يسم فاعله.
إذن تذبح مبنية لما لم يسم فاعله فمن الذي يذبحها؟ الأصل أن المطالب بها الأب هذا الأصل، فإن لم يكن أب فالجد من قبل الأب، فإن لم يكن فعلى من تلزمه نفقته.
وقت العقيقة والحلق:
وقوله: يوم سابعه أي: يوم سابع ولادته بأن تذبح قبل يوم من ولادته في اليوم الذي يسبق يوم ولادته، ، فمثلا: إذا ولد يوم الأربعاء متى تذبح؟ يوم الثلاثاء وإذا ولد يوم الاثنين تذبح يوم الأحد وهلم جرا.
وإنما اختير أن تذبح في هذا اليوم لأنه مرت عليه أيام الدهر كلها مثلا إذا قلنا: إنه ولد يوم الأربعاء نعد الخميس، والجمعة، والسبت، والأحد، والأثنين، والثلاثاء كل أيام الدهر مرت عليه فيكون ذبحها في هذا اليوم تفاؤلا بطول عمره وأن يبقى ما بقيت هذه الأيام، ومن المعلوم أن كل شيء له أجل، لكن من باب التفاؤل تذبح يوم سابعه، ويحلق أي: الغلام يحلق رأسه ويتصدق بوزنه ورقا أي: فضة، ولكن لابد أن يكون الحالق حاذقا لأن الرأس لين ربما يأتي إنسان فيه غشم فيحلقه ويجرح رأسه، لكن اجعل الذي يحلقه رجلا عنده خبرة وتأني فإن لم تجد وقلت: أريد أن أتصدق بما أظن على وزن الشعر من الورق أي: من الفضة هل يجزئ؟
يجزئ {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: 16]. ما دمت لم أجد من يحلقه وأنا لا أحسن الحلق فلا حرج أن أقدر وزنه وأتصدق به ويسمى أي: يوم السابع.
وظاهر الحديث أن التسمية تؤخر إلى اليوم السابع حتى وإن كانت أعدت وعينت فإنها تؤخر إلى اليوم السابع ولكن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأهله: «ولد لي الليلة ولد وسميته إبراهيم» فسماه حين ولادته فما الجمع بين هذا وهذا؟
نقول: الجمع بينهما أنه إذا كان الأسم مهيئا من قبل فالأفضل أن يسمى حين الولادة لئلا يمر عليه يوم من الدهر وليس له اسم، أما إذا كان الأهل يتشاورون في الاسم ولم يتهيئأ لهم أن يسموا في أول ولادته فإنهم يؤخرونه إلى اليوم السابع ليتوافق مع العقيقة.
يستفاد من هذا الحديث فوائد: أولا: البحث على العقيقة لقوله: «كل غلام مرتهن» ، والعقيقة تفك رهنه فيكون في هذا حث عليها.
ومن فوائده: أن العقيقة يذبحها أي إنسان يقوم بها لكن يبدأ بالأولى، فالأولى الأب ثم الجد من قبله ثم الإخوان ثم من تلزمه نفقته.
ومن فوائد الحديث: أنه قد يكون في قوة فحواه أن الذي يباشر الذبح هو الذي يعق وهذا مشروط بما إذا كان عارفا بالذبح، أما إذا لم يكن عارفا فإنه لا يمكن أن يذبح بل يوكل من يذبح ويحضر.
ومن فوائد الحديث: الإشارة إلى أنه ينبغي عند الذبح أن تقول: هذه عقيقة فلان لقوله: تذبح عنه فتنوي أنها عقيقة عن هذا الصبي أو الطفلة.
ومن فوائد الحديث: اختيار اليوم السابع لذبح العقيقة: «تذبح عنه يوم سابعه» فإن ذبحت من قبل فلا بأس؛ لأن توقيتها بالسابع على سبيل الأفضلية فقط، فإن ذبحها في الخامس أو في الرابع أو في أول يوم فلا بأس، لكن بعد السابع أحسن لتمر عليه أيام الدهر كلها فإن لم يتيسر في اليوم السابع ففي الرابع عشر، فإن لم يتيسر ففي الحادي والعشرين، هكذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا في صحته نظر، لكن العلماء مشوا على هذا.
الرابع عشر قبل يوم الولادة بيوم يعني مثلا: ولد يوم الأربعاء فالسابع يوم الثلاثاء، الرابع عشر يوم الثلاثاء، الحادي والعشرون يوم الثلاثاء أيضا.
ومن فوائد الحديث: أنه يسن حلق الرأس في اليوم السابع، ويتصدق بوزنه ورقا أي: فضة بقوله: «ويحلق» .
ومن فوائد الحلق: في اليوم السابع أنه يقوي أصول الشعر، والإنسان مطلوب منه أن يقوي أصول شعر أبنائه.
فائدة الأسماء المستحبة والأسماء الممنوعة:
ومن فوائد الحديث: التسمية أن يسمى في اليوم السابع وقلنا: إن الجمع بينه وبين تسمية النبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم في ليلة ولادته الجمع هو: أنه إذا كان قد هياء فالأولى المبادرة؛ لئلا يمضي عليه يوم وليس له اسم، وأما إذا كانوا مترددين فإنهم يؤخرونها إلى اليوم السابع.
ولم يبين النبي صلى الله عليه وسلم لماذا يسمى؟ لكن قد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وهل أحد يعدل عن ذلك إلى أسماء أخرى مع أن هذين الاسمين هما المحبوبان إلى الله؟ أعتقد أن أحدا لا يفعل، ولذلك ينبغي لك أن تسمى ولدك بعبد الله، والثاني بعبد الرحمن لأنهما أحب الأسماء إلى الله عز وجل وإذا كانوا أحب الأسماء وإذا سميت بهما طلبا لما يحبه الله عز وجل فقد يكون هذا من بركة الولد أن الله يبارك فيه ويجعله من عباد الله وعباد الرحمن.
وأما ما يفعله الناس الآن يبحثون عن أسماء ما ترد على الذهن إطلاقا فهذا من العجائب تجد الإنسان يمسك القرآن من أوله إلى آخره يطلب كلمة يسمي بها، حتى قيل لي: إن بعض الناس سمى ابنه «نكتل» قال في القرآن: {فأرسل معنا أخانا نكتل} [يوسف: 63]. يعني: كأنه قرأ «نكتل» نكتلا جعلها منصوبة هذا عجيب وأكثر ما يكون هذا في النساء، تجد الناس يتعجبون كيف تسميه المرأة مع أن الأسماء الكثيرة الخفيفة الطيبة موجودة بأكثر لكن تجده يمسك الإصابة في تمييز الصحابة يمسك أسماء النساء من أوله إلى آخره عله يجد اسما يختاره وهذا طيب لا بأس نحن لا ننكر على هذا لكن ننكر على من يتخذ أسماء اليهود والنصارى والأوروبيين يسمي بها أولاده فإن هذا خطر عظيم وضعف في الشخصية.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أصدق الأسماء حارث وهمام» كيف ذلك؟ لأن كل إنسان له همة، كل إنسان حارث عامل {يأيها الإنسن إنك كادح إلى ربك كدحا فملقيه} [الانشقاق: 6]. هذا أصدقها، لكن أنا لا أختار أصدقها وأنا يمكنني أن أحصل على أحب الأسماء إلى الله، بل أختار أحب الأسماء إلى الله عز وجل ولابد في الاسم من أن يعبد لله إذا عبد فلا يجوز أن يعبد لغير الله، قال ابن حزم رحمه الله: