الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آخر نقول: أن الصيد نجس؛ لأنه ميتة، فيكون النهي فيما أنتن لضرره، والنهي فيما إذا ما وجد فيه سهماً آخر لخبثه ونجاسته وكونه ميتة.
يُستفاد من هذا الحديث فوائد: منها: أن الصيد إذا غاب ثم وجد الصائد فإنه يحل أكله إلا إذا أنتن.
ويستفاد منه: أن أكل اللحم المنتن ممنوع، إما منع تحريم، وإما منع كراهة، فإن كان النتن قوياً فإنه يكون حراماً، لأنه ظاهر، وإن كان خفيفاً فإن الغالب ولاسيما فيما سبق أن اللحم في أيام الصيف يسرع إليه التغير فلا يكون محرماً، بل يكون مكروهاً.
فإن قال قائل: هل علاج لهذا النتن أن يذهب؟
الجواب: نعم، إذا طبخ طبخاً تاماً يزول النتن، فإن بقي له أثر فإنه ينهى عن أكله.
ومن فوائد الحديث: حرص الشريعة الإسلامية على حفظ الصحة لقوله: «ما لم ينتن» ، وعلى هذا فيجب على الإنسان المحافظة على صحته، ولا يقول: أنا حر إن شئت فعلت ما يضر بصحتي، وإن شئت لم أفعل، نقول: ليس كذلك، إن بدنك أمانة عندك ويجب عليك أن ترعاه أحسن رعاية، ولهذا قال الله تعالى:{ولا تقتلوا أنفسكم} [النساء: 29]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ولا ضرر ولا ضرار» ، بل أسقط الله عن الإنسان شرطاً من شروط الصلاة خوف الضرر كالطهارة بالماء، فإن الإنسان إذا خاف الضرر سقط عنه أن يتطهر بها سواء من الجنابة أو من الحدث الأصغر؛ لأنك مأمور بحفظ بدنك، ولهذا وجب على الإنسان المضطر أن يأكل وليس بالخيار، فإن يم يأكل فقد تعرض لقتل نفسه.
التسمية على ما لم يسم عليه عند الذبح:
1285 -
وعن عائشة رضي الله عنها: «أن قوماً قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن قوماً يأتوننا باللحم، ولا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال: سموا الله عليه أنتم وكلوه» . "رواه البخاري".
وفي لفظ آخر: «وكانوا حديثي عهد بكفر» أي: أسلموا قريباً، قولها:«كانوا حديثي عهد بكفر» كأنها تبين سبب السؤال لأنه لولا هذه الحال لكان سؤالهم: هل يأكلون اللحم أو لا تنطعاً وتعنتاً لكن إذا كانوا حديثي عهد بكفر فإنه قد يغلب على الظن أنهم لا يعرفون أن التسمية واجبة فيكون عند الإنسان شك.
هذا الحديث استدل به بعض العلماء على أن التسمية ليست بشرط لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
«سموا أنتم وكلوا» ، مع أن السائلين قد شكوا في كون هؤلاء قد سموا أو لا، وهذا شك في شرط الحل لو كان شرطاً فلا تحل الذبيحة إذا شككنا هل الذابح قد سمى أو لا، ولكنه لا وجه للاستدلال بهذا الحديث على هذه المسألة لوجهين: الوجه الأول: أن هذا الحديث يحتمل ما قبل، ويحتمل أمراً آخر وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم أذن لهم في أكله؛ لأن الأصل في الفعل الواقع من أهله أنه واقع على السلامة والصحة لا لأن التسمية ليست شرطاً، وعندنا أدلة أخرى صريحة في اشتراط شرط التسمية لحل الذبيحة، والقاعدة الشرعية: أنه إذا وردت نصوص فيها احتمال ونصوص أخرى لا احتمال فيها فالواجب حمل المحتمل على ما لا يحتمل وهو من المتشابه إلى المحكم وهذه طريقة أهل العلم والإيمان، أما أتباع المتشابه فهي طريقة أهل الزيغ، ولكن لا ينبغي أن يؤخذ من هذه العبارة أن المخالفين في وجوب التسمية المستدلين بهذا الحديث أنهم أهل زيغ؛ لأن منهم علماء أجلة نعلم أن عندهم من النصح للأمة والنصل لله ولكتابه ما ليس عند غيرهم، لكن نقول: هذه الطريق طريق زيغ ضالة غير صحيحة، عندك نصوص محكمة واضحة تريد أن تحملها على المتشابه هذا عكس ما يقتضيه الشرع والعقل، بل احمل المتشابه على المحكم حتى يصير الجميع محكماً، وحينئذ يترجح احتمال أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لهم في أن هذا الفعل وقع من أهله، والأصل فيما وقع من أهله أنه على السلامة حتى يتبين الفساد.
في هذا الحديث فوائد: منها: اشتراط التسمية لحل الذبيحة، وجه ذلك: أن الصحابة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا، ولولا أنهم قد تقرر عندهم أن اللحم لا يؤكل إلا إذا ذكر اسم الله على الذبيحة ما سألوا، ولكن هذا متقرر عندهم.
ومنها: ورع الصحابة- رضي الله عنهم؛ حيث سألوا عن هذه المسألة المشكلة، وهذا يدل على ورعهم وتحريهم، فالورع من طريق الصالحين، وحقيقته: أن يدع الإنسان ما فيه مضرة في الآخرة، كل إنسان يدع ما فيه مضرة فإنه يعتبر ورعاً، والزهد أكمل من الورع، الزهد أن يدع ما لا نفع فيه في الآخرة، فكل ما لا نفع فيه من أمور الدنيا إذا تركه الإنسان فهذا زاهد، وكل ما فيه ضرر إذا تركه الإنسان فهو ورع.
ومن فوائد الحديث: أن الفعل إذا وقع من أهله فإنه لا يسأل عنه؛ لأن الأصل السلامة، وإذا كان الأصل السلامة كان السؤال عنه تعتنا، ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عرض بهؤلاء السائلين حيث قال:«سموا أنتم وكلوا» كأنه يقول: لستم مسئولين عن فعل غيركم، فعل غيركم المسئول عنه الفاعل، أما أنتم فمسئولون عن فعلكم، ولهذا قال:«سموا أنتم وكلوا» .
ومن فوائد الحديث: وجوب التسمية على الأكل لقوله: «سموا أنتم وكلوا» وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء، فمنهم من قال إن التسمية على الأكل والشرب سنة، ومنهم من قال: