المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صفة ذبح النبي صلى الله عليه وسلم للأضحية: - فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية - جـ ٦

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأطعمة

-

- ‌تحريم كل ذي ناب من السباع:

- ‌تحريم كل ذي مخلب من الطير:

- ‌حكم أكل الحمر الأهلية والخيل:

- ‌حكم أكل الجراد:

- ‌حكم أكل الأرنب:

- ‌حكم النملة والنحلة والهدهد والصرد:

- ‌حكم أكل الضبع:

- ‌حكم أكل القنفذ:

- ‌النهي عن أكل الجلالة:

- ‌حل الحمار الوحشي والخيل:

- ‌حل أكل الضب:

- ‌حكم الضفدع:

- ‌خلاصة كتاب الأطعمة، وخلاصته تدور على أمور:

- ‌1 - باب الصيد والذبائح

- ‌اقتناء الكلب:

- ‌حل صيد الكلب المعلم:

- ‌فائدة: حكم التسمية عند الذبح:

- ‌حكم ما أكل منه كلب الصيد:

- ‌حكم اشتراك كلبين في الصيد:

- ‌صيد المعارض:

- ‌تنبيه:

- ‌الصيد بالسهم وحكمه:

- ‌التسمية على ما لم يسم عليه عند الذبح:

- ‌فائدة: حكم اللحوم المستوردة من بلاد الكفار:

- ‌النهي عن الحذف:

- ‌النهي عن اتخاذ ذي الروح غرضاً:

- ‌حكم ذبح الحجر وذبح المرأة الحائض:

- ‌فائدة في ذبح ملك الغير وحله:

- ‌شروط الذبح:

- ‌النهي عن قتل الدواب صبراً:

- ‌وجوب إحسان القتلة:

- ‌ذكاة الجنين ذكاة أمة:

- ‌حكم نسيان التسمية عند الذبح:

- ‌2 - باب الأضاحي

- ‌شروط الأضحية:

- ‌صفة ذبح النبي صلى الله عليه وسلم للأضحية:

- ‌حكم الأضحية:

- ‌وقت الأضحية

- ‌عيوب الأضحية:

- ‌حكم ذبح المسنة:

- ‌لا يعطي الجزار من الأضحية:

- ‌إجزاء البدنة والبقرة عن سبعة:

- ‌3 - باب العقيقة

- ‌العقيقة عن الغلام والجارية:

- ‌ارتهان الغلام بعقيقة:

- ‌وقت العقيقة والحلق:

- ‌مسألة السقط وأحكامه:

- ‌كتاب الأيمان والنذور

- ‌تعريف الأيمان:

- ‌كراهة الإكثار من اليمين:

- ‌فائدة: قرن اليمين بقول: «إن شاء الله»:

- ‌شروط وجوب الكفارة:

- ‌الحلف بغير الله:

- ‌شبهة والرد عليها:

- ‌اعتبارنية المستحلف في اليمين:

- ‌من حلف فرأى الحنث خيرا كفر عن يمينه:

- ‌الحنث في اليمين على خمسة أقسام:

- ‌الاستثناء في اليمين:

- ‌تحقيق القول في تعليق الحلف بالمشيئة:

- ‌نية الاستثناء لا تغني في اليمين إلا بالتلفظ به:

- ‌لفظ يمين الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌حكم الحلف بصفة من صفاته تعالى:

- ‌اليمين الغموس من كبائر الذنوب:

- ‌لغو اليمين:

- ‌أسماء الله الحسنى:

- ‌الدعاء بخير لصانع المعروف:

- ‌حكم النذر:

- ‌كفارة النذر:

- ‌حكم نذر المعصية وما لا يطاق:

- ‌وفاء نذر الميت:

- ‌حكم نذر المكان المعين:

- ‌حكم الانتقال عن النذر إلى ما هو أفضل منه:

- ‌الوفاء بالنذر بعد الإسلام:

-

- ‌كتاب القضاء

- ‌معنى القضاء والفرق بين القاضي والمفتي:

- ‌تولي القضاء فرض كفاية:

- ‌صفة القاضي الصالح:

- ‌وجوب الحذر من تولي القضاء:

- ‌تبعات الإمارة:

- ‌حكم الحاكم أو القاضي أو المفتي المجتهد:

- ‌النهي عن الحكم حال الغضب:

- ‌لا يقضي القاضي حتى يسمع قول الخصمين:

- ‌حكم الحاكم لا يحل للمحكوم له إذا كان باطلاً:

- ‌حكم القاضي بعلمه وضوابطه:

- ‌الاهتمام بإقامة العدل:

- ‌خطر القضاء وكبر مسئوليته:

- ‌حكم ولاية المرأة أمور المسلمين العامة:

- ‌التحذير من احتجاب الوالي عن حاجة المسلمين:

- ‌الرشوة والهدية للقاضي:

- ‌تسوية القاضي بين الخصوم في المجلس:

- ‌1 - باب الشهادات

- ‌خير الشهود الذي يشهد قبل أن يسأل:

- ‌خير القرون الثلاثة الأولى:

- ‌حكم شهادة الخائن والعدو والقانع:

- ‌لا تقبل شهادة البدوي على صاحبه قرية:

- ‌العبرة في عدالة الشاهد بما يظهر:

- ‌شهادة الزور:

- ‌الشهادة على ما استيقن وبالاستفاضة:

- ‌القضاء باليمين والشاهد:

- ‌البينة على المدعي واليمين على من أنكر:

- ‌القرعة بين الخصوم في اليمين:

- ‌غضب الله على من أخذ مال غيره بغير حق:

- ‌الحكم بحسب البينة:

- ‌تغليظ اليمين بالزمان أو المكان:

- ‌الذين لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم:

- ‌اليد المرجحة للشهادة الموافقة لها:

- ‌رد اليمين على المدعي إذا لم يحلف المدعى عليه:

- ‌الاعتبار بالقيافة في ثبوت النسب:

- ‌كتاب العتق

- ‌تعريف العتق وبيان بعض أحكامه:

- ‌الترغيب في العتق:

- ‌عتق الأنثى:

- ‌عتق الأغلى أفضل من عتق الأدنى:

- ‌حكم من أعتق نصيبه من عبد:

- ‌السعاية:

- ‌حكم من ملك والديه أو ذا رحم محرم:

- ‌حكم التبرع في المرض:

- ‌تعليق العتق:

- ‌الولاء لمن أعتق:

- ‌بيع الولاء وهبته:

- ‌ باب المدبر، والمكاتب، وأم الولد

- ‌المكاتب عبد ما لم يفيا بما كُوتِبَ عليه:

- ‌ المكاتب كالحر إذا ملك ما كوتب عليه:

- ‌دية المكاتب:

- ‌تركة النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌عتق أم الولد بوفاة سيدها:

- ‌كتاب الجامع

- ‌1 - باب الأدب

- ‌معنى الأدب الإسلامي وأنواعه:

- ‌أنواع الأدب:

- ‌اختلاف الأديب باختلاف الأمم:

- ‌حقوق المسلم على أخيه:

- ‌إلقاء السلام ورده:

- ‌حكم إجابة الدعوة والنصيحة للمسلم:

- ‌آداب العطاس والتشميت:

- ‌عيادة المريض:

- ‌آداب اتباع الجنائز:

- ‌وسيلة عدم ازدراء نعمة الله:

- ‌البر والإثم وضوابطهما:

- ‌لا يتناجى اثنان دون الثالث:

- ‌آداب المجلس وأحكامها:

- ‌لعق الأصابع والصحفة:

- ‌آداب السلام وأحكامه:

- ‌سلام الواحد على الجماعة والعكس:

- ‌حكم السلام على أهل الكتاب:

- ‌تشميت العاطس:

- ‌حكم الشرب قائمًا:

- ‌استحباب التيامن في التنعل:

- ‌النهي عن المشي في نعل واحد:

- ‌حكم إسبال الثياب:

- ‌النهي عن الأكل والشرب بالشمال:

- ‌النهي عن الإسراف في كل شيء:

- ‌2 - باب البر والصلة

- ‌البركة في العمر والرزق بصلة الرحم:

- ‌النهي عن قطع الرحم:

- ‌النهي عن عقوق الوالدين:

- ‌التشديد في إضاعة المال:

- ‌بر الوالدين وضوابطه:

- ‌حقوق الجار:

- ‌أعظم الذنوب عند الله:

- ‌من الكبائر سب الرجل أبا الرجل:

- ‌بماذا يزول التهاجر بين الأخوين

- ‌كل معروف صدقة:

- ‌الإحسان إلى الجار ولو بالقليل:

- ‌الترغيب في التفريج عن المسلم والتيسير عليه:

- ‌الدال على الخير كفاعله:

- ‌المكافأة على المعروف:

- ‌3 - باب الزهد والورع

- ‌الحلال والحرام والمشتبهات:

- ‌مبحث حديث الحلال والحرام من جامع العلوم والحكم:

- ‌التحذير من حب الدنيا:

- ‌كن في الدنيا كالغريب:

- ‌الترغيب في المتشبه بالصالحين:

- ‌حفظ الله بحفظ حدوده:

- ‌كيف يكون العبد محبوباً عند الناس

- ‌كيف يكون العبد محبوباً من الله

- ‌من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه:

- ‌النهي عن الإسراف في الأكل:

- ‌التوبة فضلها وشروطها:

- ‌فضل الصمت وقلة الكلام:

- ‌4 - باب الترهيب من مساوئ الأخلاق

- ‌النهي عن الحسد:

- ‌تعريف الحسد وأقسامه:

- ‌ذم الغضب:

- ‌النهي عن الظلم والشح:

- ‌تعريف الظلم لغة وشرعاً:

- ‌الرياء:

- ‌تعريف الرياء لغة وشرعاً:

- ‌خصال النفاق:

- ‌النهي عن السباب:

- ‌التحذير من سوء الظن:

- ‌التحذير من الغش للرعية:

- ‌أمر الوالي بالرفق برعيته:

- ‌النهي عن الغضب:

- ‌مسألة مهمة:

- ‌النهي عن التخوض في أموال الناس بالباطل:

- ‌حرم الله الظلم على نفسه وعلى عباده:

- ‌الغيبة وتغليظ النهي عنها:

- ‌النهي عن أسباب البغض بين المسلمين:

- ‌استعاذة الرسول صلى الله عليه وسلم من سوء الأخلاق والأعمال والأهواء:

- ‌المزاح بين المسلمين وضوابطه:

- ‌الفرق بين المجادلة والمماراة:

- ‌ذم البخل وسوء الخلق:

- ‌النهي عن مضارة المسلم:

- ‌المسلم ليس بذيئاً ولا فاحشاً ولا لعاناً:

- ‌النهي عن سب الأموات:

- ‌النميمية:

- ‌كفُّ الغضب:

- ‌ذم الخداع والبخل:

- ‌تحريم التجسس:

- ‌التحذير من الكبر:

- ‌ذم العجلة:

- ‌الشؤم سوء الخلق:

- ‌التحذير من كثرة اللعن:

- ‌النهي أن يغير المسلم أخاه:

- ‌التحذير من الكذب لإضحاك الناس:

- ‌كفارة الغيبة:

- ‌5 - باب الترغيب في مكارم الأخلاق

- ‌الترغيب في الصدق:

- ‌حقوق الطريق:

- ‌الترغيب في الفقه:

- ‌الترغيب في حسن الخلق:

- ‌الترغيب في الحياء:

- ‌الترغيب في التواضع:

- ‌الترغيب في الصدقة:

- ‌من أسباب دخول الجنة:

- ‌النصيحة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولكل مسلم:

- ‌كيف تكون النصيحة لكتاب الله

- ‌النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم كيف تكون

- ‌النصح للولاة وللعلماء:

- ‌أعظم نصيحة النصح للعلماء:

- ‌النصح للعامة كيف يكون

- ‌الترغيب في تقوى الله:

- ‌حسن الخلق:

- ‌المؤمن مرآة أخيه:

- ‌مخالطة الناس والصبر على أذاهم:

- ‌الدعاء بحسن الخلق:

- ‌6 - باب الذكر والدعاء

- ‌حقيقة الذكر وأنواعه:

- ‌حقيقة الدعاء وشروط الاستجابة:

- ‌آداب الدعاء:

- ‌فضل المداومة على ذكر الله:

- ‌فضل "لا إله إلا الله وحده لا شريك له" ومعناها:

- ‌الفرق بين القدرة والقوة:

- ‌فضل "سبحان الله وبحمده" ومعناها:

- ‌الباقيات الصالحات:

- ‌فضل لا حول ولا قوة إلا بالله:

- ‌الدعاء هو العبادة:

- ‌فضل الدعاء بعد الأذان:

- ‌استحباب رفع اليدين في الدعاء:

- ‌حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء:

- ‌فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌سيد الاستغفار ومعناه:

- ‌سؤال العافية في الدين والدنيا والأهل والمال:

- ‌الاستعاذة من سخط الله:

- ‌الاستعاذة من غلبة الدين والعدو وشماتة الأعداء:

- ‌معنى الصمد:

- ‌دعاء الصباح والمساء:

- ‌الدعاء بالحسنة في الدنيا والآخرة:

- ‌من صيغ الاستغفار:

- ‌الدعاء بخير الدارين:

- ‌ينبغي للمؤمن أن يسأل العلم النافع:

- ‌من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:

الفصل: ‌صفة ذبح النبي صلى الله عليه وسلم للأضحية:

بالمثلثة بدل السين، أي: كثيري الثمن والغالب أنه كلما عظمت البهيمة كثر ثمنها، وقد يكثر ثمنها لجمالها وقد يكثر ثمنها لنوعيتها كما هو الآن مجود ضأن مثلاً مسمى باسم وضأن آخر مسمى باسم آخر وتجد الفرق بين أثمانها كثيراً.

‌صفة ذبح النبي صلى الله عليه وسلم للأضحية:

1295 -

وله: من حديث عائشة رضي الله عنها: «أمر بكبش أقرن، يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد؛ فأتي به ليضحى به، فقال لها: يا عائشة، هلمي المدية. ثم قال: اشحذيها بحجر. ففعلت، ثم أخذها وأخذه فأضجعه، ثم ذبحه، ثم قال: باسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد، ثم ضحى به» .

قوله: «وله» لمسلم، وفي حديث أنس السابق يقول: كان يضحى بكذا، وحديث عائشة هنا يدل على أنه ضحى بواحد، فهل نقول بما رواه أنس ونقول: لعل عائشة رضي الله عنها لم تعلم بالثاني أو نقول: إنه أحياناً يفعل كذا، وأحياناً يفعل كذا؟

الثاني، قوله:«أمر بكبش أقرن» يطابق قوله: «بكبشين أقرنين يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد» «يطأ في سواد» يعني: أن مقدم يديه ورجليه أسود، فيكون ما يلي الأرض من الرجلين واليدين أسود، «يبرك في سواد» يعني: أن بطنه أسود؛ لأنه هو الذي يبرك عليه، «ينظر في سواد» يعني: أن ما حول عينيه أسود، فهل الرسول قال: ائتوني بما هذا وصفه، أو أنه أمر بكبش أقرن ووصفته عائشة بأنه يطأ في سواد

إلخ؟ وعندي محتمل أن الرسول أمر بكبش هذا وصفه أقرن يطأ في سواد، ويبرك في سواد وينظر في سواد، ويحتمل أنه أمر بكبش أقرن، فجيء به فإذا هو ملون بهذا التلوين يطأ في سود .. إلخ، وعندي أن هذا أقرب؛ وذلك لأنه إذا أمر بكبش هذا وصفه فقد يكون صعباً جداً، ثم إن الإنسان لعقله القاصر يقول: أي فرق بين هذا اللون واللون الثاني.

«فأتي به ليضحي به» ، وهذا قد يؤيد أنه أمر به على هذا الوصف لقوله:«فأتي به ليضحي به، فقال لها: يا عائشة، هلمي المدية» يعني: أعطيني إياها، و «هلم» هل هي اسم فعل أو فعل؟ فعل لأن كل ما دل على الأمر ولم يقبل علامته فهو اسم فعل، ، ، فإن قبل علامته فهو فعل، «هلمي المدية» وهي السكين، ثم قال «اشحذيها بحجر» يعني: حدديها بخجر، وفي ذلك الوقت فيما يظهر- والله أعلم- ليس عندهم هذه المبارد المعروفة عندنا لكن حجر، وكان الناس فيما سبق يحدون الشفار بالحجر.

ص: 70

إذن «اشحذيها» أمريها على الحجر لتكون حادة، وقوله:«بحجر» لئلا تشحذها بمدر، «المدر» هو الطين اليابس هو لا يشحذ الشفرة؛ لأنه إذا أمررت الشفرة عليه تفتت ولم يؤثر فيها شيء، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:«اشحذيها بحجر» لئلا تبادر فتشحذها بمدر أو على الأرض مثلاً، ففعلت ثم أخذها فأخذه فأضجعه، أخذ المدية أولاً ثم أخذه فأضجعه، وهذا هو الأولى إلا إذا كان الإنسان غير قوي بحيث يخشى أنه إذا حاول إضجاع البهيمة بدأت تتحرك وتضطرب فربنا عاد السكين إلى يده لعلم قوته وشده إياه، ففي هذه الحال نقول: أضجعها أولاً ثم خذ المدية، ثانياً: تقول: «ثم ذبحها ثم قال: بسم الله» ثم هنا للترتيب الذكري وليست للترتيب المعنوي لأن التسمية تكون قبل الذبح لا شك، يذكر اسم الله ثم تمر السكين ثم ذبحه، ثم قال: بسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد ثلاثاً محمد صلى الله عليه وسلم وآل محمد، وأمة محمد، أما محمد فهو نفسه الكريمة صلى الله عليه وسلم وأما آل محمد فهم المؤمنون من قرابته وليسوا كل قرابة؛ لأن أبا لهب وأبا طالب ليسا من آله، أما العباس وحمزة فمن آله، ، ، ، فالمراد بآله المؤمنون من قرابته في مثل هذا السياق، ومن أمة محمد، يعني: أمة الإجابة الذين أجابوه واتبعوه واقتدوا به في النحر فسأل الله أن يتقبل من أمة محمد، والأمة تطلق على معان متعددة منها: الطائفة، ومنها: الزمن، ومنها: الإمامة، ومنها: الملة، هذه أربعة أشياء.

مثال إطلاق الأمة على الملة {إنا وجدنا آباءنا على امة} [الزخرف: 23]{إن هذه أمتكم أمة واحدة} [الأنبياء: 92] إذا قلنا: أمة بمعنى ملة، ويحتمل أن تكون بمعنى طائفة في الآية، وبمعنى الإمام {إن إبراهيم كان أمة} [النحل: 12] أمة بمعنى: زمن {وقال الذي نجا منهما وأذكر بعد أمة} [يوسف: 45]. الرابع بمعنى الطائفة {وإن هذه أمتكم أمة واحدة} [المؤمنون: 52].

ثم ضحى به أيضا هذا ترتيب ذكري هذا الظاهر؛ لأن التضحية به كانت بذبحه.

من فوائد الحديث الأول- حديث أنس-: مشروعية التضحية لقوله: «كان يضحى» وقد ثبتت مشروعية التضحية بأنواع السنة الثلاثة بقوله وفعله وإقراره، أما قوله فإن حث صلى الله عليه وسلم على الأضحية وأمر بها وهذا في عدة أحاديث، وأما فعله فكما في هذا الحديث، وأما إقراره فإنه يرى أصحابه يضحون ويقرهم على ذلك.

أما القرآن فقد دل على عموم التقرب إلى الله تعالى بالذبح في قوله تعالى: {ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكروا أسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} [الحج: 34].

ومن فوائد الحديث: كرم النبي صلى الله عليه وسلم حيث يختار الأفضل لقوله: «بكبشين» ووجه الكرم التعدد، والثاني: كونهما كبشين فهذا كرم بالكمية وكرم بالكيفية، فهل نقول: إنه كلما تعددت الأضحية كانت أفضل أو نقول: الأفضل الاتباع؛ لأنها عبادة؟ الظاهر الثاني وهو أن الأفضل

ص: 71

الاقتصار على ما ورد، والنبي صلى الله عليه وسلم ضحى عنه وعن أهل بيته بكبش وعن أمته بكبش ومن لا أمة له يضحي بكبش.

فإن ضحى الإنسان عنه عن طلابه فهل يكون كتضحية الرسول عنه وعن أمته؟ لا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يجب على أمته اتباعه، والمعلم لا يجب على طلابه أتباعه، وفي هذه المناسبة أود أن أذكر الطلبة عموماً أنه ينبغي للطالب أن يتعلم على معلمه على أنه يأخذ بقوله وعلى أنه إمامه، ومعلمه ولا على انه ند له، لأنه إن سلك المنهج الثاني لم يستفيد منه كثيراً؛ إذ إنه كلما أورد معلمه مسألة وقع في نفسه معارضة هذه المسألة وحينئذ لا يستفيد، ولست أريد بهذا أن أسد باب الاجتهاد على الطلبة، باب الاجتهاد وحرية الفكر طيب، ولكن الطالب إلى الآن لم يصل إلى هذا الحد، فما دام طالباً متلقياً فالذي ينبغي أن يعتمد قول معلمه على أنه إمام له، ولذلك نجد الطلبة ونحن منهم لما كنا طلبة عند الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله نقتدي حتى في أفعاله وحركاته حتى خطي كان طيباً قبل أن أبدأ الدراسة عليه فلما بدأت الدراسة عليه صرت أقلد كتابته كتابة رديئة فتركت خطي كل ذلك من محبتنا له، واتخاذه قدوة لنا اقتدينا حتى في الكتابة حتى في المشي وحتى في كل شيء، لأن الإنسان إذا لم يعتقد في معلمه هذا الاعتقاد فإنه لا ينتفع به إذا نصب نفسه جالسا عنده للتعلم يريد أن يجعل في نفسه شيئاً من المعارضة لما يقول أستاذه، فأنا أقول: لا ينتفع به، وإن انتفع به فهو قليل.

لكن إذا قدرنا أن هذا الطالب عنده من العلم ما ليس عند معلمه وهذا شيء واقع لا ينكر، فيقال: نعم، إذا كان عنده من العلم بدلالة الكتابة والسنة ما ليس عند معلمه فإنه لا يمكن أن يأخذ بقول معلمه ويدع ما دل عليه الكتاب والسنة، لكن هنا يجب أن يناقش المعلم إما في الجلسة إذا رأى مناسبة، وإما فيما بينه وبينه.

والواجب على المعلم إذا تبين له الحق أن يرجع لأن الحق ضالة المؤمن فتمسكوا بهذا على ان المتعلم آخذ عن معلمه يأخذ عن معلمه حتى يستفيد، أنت الآن لو تطالع كتاباً لكي تناقش ما في الكتاب هل تستفيد منه كما لو طالعته لتكسب منه علما؟ لا، بينهما فرق، ولهذا أنا أجد في نفسي فرقاً بين أن أقرأ مؤلفاً لشيخ الإسلام ابن تيمية أو مؤلفاً لغيره، أجد نفسي في الأول متلقياً مستلهماً مستفيداً.

أما في الثاني فقد يكون مراجعتي له من باب الإطلاع على خلاف في المسألة إن كانت المسألة تحتاج إلى معرفة خلاف وما أشبه ذلك فالآن هذه نصيحة لكم وجربوها تجدوها.

ومن فوائد الحديث: أنه كلما كانت البهيمة أكمل خلقة فهي أفضل لقوله: «أقرنين» والقرن من كمال البهيمة، وكذلك أيضا الأذن إذا كانت الأذن تامة ليس فيها خرف ولا شق ولا قطع فهو أفضل.

ص: 72

ومن فوائد الحديث: التسمية والتكبير عند الذبح لقوله: «يسمى ويكبر» فالتسمية سبق لنا أنها شرط لحل الذبيحة، والتكبير سنة وليس بشرط، ولكن هل هو سنة على ما ذبح لغير العبادة أو هو سنة فيما ذبح للعبادة فقط؟ فيه احتمالان، الأول: أنه سنة فيما ذبح على أنه عبادة فقط، وأما ما ذبح على أنه ليس للعبادة فهو تسمية بدون تكبير، ولكن ما دام الأمر متردداً فقد يقال: إن الأتباع أولى وهو الجمع بين التسمية والتكبير.

ومن فوائد الحديث: استحباب وضع الرجل على الصفاح يعني: على صفحة الرقبة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله، ولأن فيه إراحة للحيوان؛ ولأن فيه تمام قدرة المذكي على التذكية.

ومن فوائد الحديث: أنه لا يسن الإمساك بأرجلها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ولم يأمر بذلك، فإن قال قائل: وعلى أي جنب يضجع؟ قلنا: على ما هو أسهل وأيسر فالذي يذبح باليمنى، الأفضل أن يضجعه على الجانب الأيسر، والذي يذبح باليسرى، الأفضل أن يضجعه على الجانب الأيمن؛ لأن علة هذا معقولة ليست تعبدية بإضجاعه على الجانب الأيسر بل هي معقولة المعنى وداخلة في قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«وليرح ذبيحته» .

ومن فوائد الحديُ: أنه ينبغي للمضحي أن يذبح بيده لقوله: «ذبحهما بيده» لأن في ذلك كمال لتعبيد لله عز وجل فيكون متقربا لله بالذكر والفعل والمال الذكر في التسمية والتكبير، والفعل ذبحهما بيده، والمال أنه اشتراهما، فالإنسان إذا ذبح بيده مع التسمية والتكبير استفاد هذه الفوائد الثلاث.

ومن هنا نأخذ أن ما استحسنه بعض الناس في هذه الأيام من إرسال قيمة الذبائح إلى جهات بعيدة تذبح ويتصدق بها على الفقراء هناك خطأ؛ لأنه ليس المقصود من الأضحية الانتفاع باللحم لقول الله تعالى: {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها} [الحج: 37] المقصود التقرب إلى الله بالذبح، فالذبح نفسه عبادة محبوبة إلى الله مقصودة بالذات، ولكن لو فرضنا أن بالمسلمين حاجة شديدة في بلادهم فهنا نقول: إن كنت ذا جدة فأرسل إليهم ما يسد حاجتهم، وإن لم تكن ذا جدة فينظر هل الأفضل أن تضحي أو أن تسد جوع إخوانك؟ إذا كان الثاني فأرسل لهم دراهم تنفق عليهم لا على أنها أضحية ويكون هذا من باب تفضيل الصدقة على الأضحية.

ومن فوائد الحديث: استحباب مباشرة المضحي للذبح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم باشر ذلك، ذبحها بيده، فإن كان لا يحسن أو كان عاجزاً فقد قال العلماء: ينبغي أن يوكل واحداً يذبح ويكون حاضراً.

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي اصطياد السمين لقوله: «سمينين» واختلف العلماء أيما أفضل التعدد أو الحسن، يعني: السمين أو التعدد، فمثلاً: إذا كان الإنسان يريد أن يضحى

ص: 73

بواحدة لكنها سمينة جيدة أو يضحي باثنتين دونها لكنها في الثمن توافيهما، اختلف العلماء في ذلك: والصحيح التفصيل، وهو أن الناس إذا كانوا في رغد من العيش وسعة فإن الأسمن أفضل، وإذا كانوا في ضيق من العيش فكلما تعددت كان أحسن لأجل أن ينتشر انتفاع الناس بالأضحية.

ومن فوائد الحديث: استحباب ما كان ثمنه أكثر لقوله في رواية أبي عوانة: «ثمينين» والغالب أن ما زاد ثمنه فإنما يزيد لحسنه إما للسمن أو للكبر أو لغير ذلك.

ومن فوائد الحديث: أنه يسمي ويقول: الله أكبر، أمال التسمية فظاهر أنها واجبة وأنها لا تحل ذبيحة بدونها، وأما التكبير فسنة، ومناسبته هنا واضحة، لأن الذبح تعظيم لله تعالى بالفعل والتكبير تعظيم له بالفعل.

أما حديث عائشة ففيه فوائد: منها: جواز إصدار الأمر إلى الغير، ومعلوم أن إصدار الأمر سؤال مع أنه ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبايع أصحابه على ألا يسألوا الناس شيئاً فكيف الجمع؟ الجمع سهل يقال: أما من كان يستثقل أمره ولا يمتثل المأمور إلا على إغماط فهذا لا يسال، وأما من كان يفرح بأمره بحيث إنه إذا أمر يعتقد المأمور بأن له الفضل عليه فإن هذا لا بأس به، ومعلوم أن كل واحد يحب أنه يوجه النبي صلى الله عليه وسلم إليه أمراً وأنه يفرح بذلك، ولهذا أمر بكبش أقرن.

ومن فوائد الحديث: اختيار الكبش وهو الكبير من الخراف واختيار الأقرن، لأنه أكمل خلقة وأقوى غالباً.

ومن فوائد الحديث: اختيار هذا اللون أن يكون أبيض لكن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد كما سبق، وقد يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أمراً معيناً على كبش صادف أنه يطأ في سواد

إلخ، بمعنى أن اختيار اللون لا أثر له، لكن الأصل أن قوله:«أنه أمر بكبش» هذا وصفه وأنه لم يقع اتفاقاً.

وكيفية وقوع الاتفاق يكون مثلاً قطيع من الغنم فقال الرسول صلى الله عليه وسلم هاتوا هذا نضحي به، فصادف أنه على هذا الوصف يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد، وأن الرسول أختاره لا لأجل هذا اللون المعين، ولكن لعله أفضل ما يكون في هذا القطيع.

ومن فوائد الحديث: أنه يجوز الاستعانة بالغير في الذبح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم استعان بعائشة.

ومن فوائده: أنه ينبغي شحذ المدية بحجر أو ما يقوم مقامه مما هو أشد لأجل إراحة الذبيحة، وظاهر هذا الحديث أنها شحذتها والبهيمة تنظر مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تحد الشفار

ص: 74