الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالمثلثة بدل السين، أي: كثيري الثمن والغالب أنه كلما عظمت البهيمة كثر ثمنها، وقد يكثر ثمنها لجمالها وقد يكثر ثمنها لنوعيتها كما هو الآن مجود ضأن مثلاً مسمى باسم وضأن آخر مسمى باسم آخر وتجد الفرق بين أثمانها كثيراً.
صفة ذبح النبي صلى الله عليه وسلم للأضحية:
1295 -
وله: من حديث عائشة رضي الله عنها: «أمر بكبش أقرن، يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد؛ فأتي به ليضحى به، فقال لها: يا عائشة، هلمي المدية. ثم قال: اشحذيها بحجر. ففعلت، ثم أخذها وأخذه فأضجعه، ثم ذبحه، ثم قال: باسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد، ثم ضحى به» .
قوله: «وله» لمسلم، وفي حديث أنس السابق يقول: كان يضحى بكذا، وحديث عائشة هنا يدل على أنه ضحى بواحد، فهل نقول بما رواه أنس ونقول: لعل عائشة رضي الله عنها لم تعلم بالثاني أو نقول: إنه أحياناً يفعل كذا، وأحياناً يفعل كذا؟
الثاني، قوله:«أمر بكبش أقرن» يطابق قوله: «بكبشين أقرنين يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد» «يطأ في سواد» يعني: أن مقدم يديه ورجليه أسود، فيكون ما يلي الأرض من الرجلين واليدين أسود، «يبرك في سواد» يعني: أن بطنه أسود؛ لأنه هو الذي يبرك عليه، «ينظر في سواد» يعني: أن ما حول عينيه أسود، فهل الرسول قال: ائتوني بما هذا وصفه، أو أنه أمر بكبش أقرن ووصفته عائشة بأنه يطأ في سواد
…
إلخ؟ وعندي محتمل أن الرسول أمر بكبش هذا وصفه أقرن يطأ في سواد، ويبرك في سواد وينظر في سواد، ويحتمل أنه أمر بكبش أقرن، فجيء به فإذا هو ملون بهذا التلوين يطأ في سود .. إلخ، وعندي أن هذا أقرب؛ وذلك لأنه إذا أمر بكبش هذا وصفه فقد يكون صعباً جداً، ثم إن الإنسان لعقله القاصر يقول: أي فرق بين هذا اللون واللون الثاني.
«فأتي به ليضحي به» ، وهذا قد يؤيد أنه أمر به على هذا الوصف لقوله:«فأتي به ليضحي به، فقال لها: يا عائشة، هلمي المدية» يعني: أعطيني إياها، و «هلم» هل هي اسم فعل أو فعل؟ فعل لأن كل ما دل على الأمر ولم يقبل علامته فهو اسم فعل، ، ، فإن قبل علامته فهو فعل، «هلمي المدية» وهي السكين، ثم قال «اشحذيها بحجر» يعني: حدديها بخجر، وفي ذلك الوقت فيما يظهر- والله أعلم- ليس عندهم هذه المبارد المعروفة عندنا لكن حجر، وكان الناس فيما سبق يحدون الشفار بالحجر.
إذن «اشحذيها» أمريها على الحجر لتكون حادة، وقوله:«بحجر» لئلا تشحذها بمدر، «المدر» هو الطين اليابس هو لا يشحذ الشفرة؛ لأنه إذا أمررت الشفرة عليه تفتت ولم يؤثر فيها شيء، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:«اشحذيها بحجر» لئلا تبادر فتشحذها بمدر أو على الأرض مثلاً، ففعلت ثم أخذها فأخذه فأضجعه، أخذ المدية أولاً ثم أخذه فأضجعه، وهذا هو الأولى إلا إذا كان الإنسان غير قوي بحيث يخشى أنه إذا حاول إضجاع البهيمة بدأت تتحرك وتضطرب فربنا عاد السكين إلى يده لعلم قوته وشده إياه، ففي هذه الحال نقول: أضجعها أولاً ثم خذ المدية، ثانياً: تقول: «ثم ذبحها ثم قال: بسم الله» ثم هنا للترتيب الذكري وليست للترتيب المعنوي لأن التسمية تكون قبل الذبح لا شك، يذكر اسم الله ثم تمر السكين ثم ذبحه، ثم قال: بسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد ثلاثاً محمد صلى الله عليه وسلم وآل محمد، وأمة محمد، أما محمد فهو نفسه الكريمة صلى الله عليه وسلم وأما آل محمد فهم المؤمنون من قرابته وليسوا كل قرابة؛ لأن أبا لهب وأبا طالب ليسا من آله، أما العباس وحمزة فمن آله، ، ، ، فالمراد بآله المؤمنون من قرابته في مثل هذا السياق، ومن أمة محمد، يعني: أمة الإجابة الذين أجابوه واتبعوه واقتدوا به في النحر فسأل الله أن يتقبل من أمة محمد، والأمة تطلق على معان متعددة منها: الطائفة، ومنها: الزمن، ومنها: الإمامة، ومنها: الملة، هذه أربعة أشياء.
مثال إطلاق الأمة على الملة {إنا وجدنا آباءنا على امة} [الزخرف: 23]{إن هذه أمتكم أمة واحدة} [الأنبياء: 92] إذا قلنا: أمة بمعنى ملة، ويحتمل أن تكون بمعنى طائفة في الآية، وبمعنى الإمام {إن إبراهيم كان أمة} [النحل: 12] أمة بمعنى: زمن {وقال الذي نجا منهما وأذكر بعد أمة} [يوسف: 45]. الرابع بمعنى الطائفة {وإن هذه أمتكم أمة واحدة} [المؤمنون: 52].
ثم ضحى به أيضا هذا ترتيب ذكري هذا الظاهر؛ لأن التضحية به كانت بذبحه.
من فوائد الحديث الأول- حديث أنس-: مشروعية التضحية لقوله: «كان يضحى» وقد ثبتت مشروعية التضحية بأنواع السنة الثلاثة بقوله وفعله وإقراره، أما قوله فإن حث صلى الله عليه وسلم على الأضحية وأمر بها وهذا في عدة أحاديث، وأما فعله فكما في هذا الحديث، وأما إقراره فإنه يرى أصحابه يضحون ويقرهم على ذلك.
أما القرآن فقد دل على عموم التقرب إلى الله تعالى بالذبح في قوله تعالى: {ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكروا أسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} [الحج: 34].
ومن فوائد الحديث: كرم النبي صلى الله عليه وسلم حيث يختار الأفضل لقوله: «بكبشين» ووجه الكرم التعدد، والثاني: كونهما كبشين فهذا كرم بالكمية وكرم بالكيفية، فهل نقول: إنه كلما تعددت الأضحية كانت أفضل أو نقول: الأفضل الاتباع؛ لأنها عبادة؟ الظاهر الثاني وهو أن الأفضل
الاقتصار على ما ورد، والنبي صلى الله عليه وسلم ضحى عنه وعن أهل بيته بكبش وعن أمته بكبش ومن لا أمة له يضحي بكبش.
فإن ضحى الإنسان عنه عن طلابه فهل يكون كتضحية الرسول عنه وعن أمته؟ لا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يجب على أمته اتباعه، والمعلم لا يجب على طلابه أتباعه، وفي هذه المناسبة أود أن أذكر الطلبة عموماً أنه ينبغي للطالب أن يتعلم على معلمه على أنه يأخذ بقوله وعلى أنه إمامه، ومعلمه ولا على انه ند له، لأنه إن سلك المنهج الثاني لم يستفيد منه كثيراً؛ إذ إنه كلما أورد معلمه مسألة وقع في نفسه معارضة هذه المسألة وحينئذ لا يستفيد، ولست أريد بهذا أن أسد باب الاجتهاد على الطلبة، باب الاجتهاد وحرية الفكر طيب، ولكن الطالب إلى الآن لم يصل إلى هذا الحد، فما دام طالباً متلقياً فالذي ينبغي أن يعتمد قول معلمه على أنه إمام له، ولذلك نجد الطلبة ونحن منهم لما كنا طلبة عند الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله نقتدي حتى في أفعاله وحركاته حتى خطي كان طيباً قبل أن أبدأ الدراسة عليه فلما بدأت الدراسة عليه صرت أقلد كتابته كتابة رديئة فتركت خطي كل ذلك من محبتنا له، واتخاذه قدوة لنا اقتدينا حتى في الكتابة حتى في المشي وحتى في كل شيء، لأن الإنسان إذا لم يعتقد في معلمه هذا الاعتقاد فإنه لا ينتفع به إذا نصب نفسه جالسا عنده للتعلم يريد أن يجعل في نفسه شيئاً من المعارضة لما يقول أستاذه، فأنا أقول: لا ينتفع به، وإن انتفع به فهو قليل.
لكن إذا قدرنا أن هذا الطالب عنده من العلم ما ليس عند معلمه وهذا شيء واقع لا ينكر، فيقال: نعم، إذا كان عنده من العلم بدلالة الكتابة والسنة ما ليس عند معلمه فإنه لا يمكن أن يأخذ بقول معلمه ويدع ما دل عليه الكتاب والسنة، لكن هنا يجب أن يناقش المعلم إما في الجلسة إذا رأى مناسبة، وإما فيما بينه وبينه.
والواجب على المعلم إذا تبين له الحق أن يرجع لأن الحق ضالة المؤمن فتمسكوا بهذا على ان المتعلم آخذ عن معلمه يأخذ عن معلمه حتى يستفيد، أنت الآن لو تطالع كتاباً لكي تناقش ما في الكتاب هل تستفيد منه كما لو طالعته لتكسب منه علما؟ لا، بينهما فرق، ولهذا أنا أجد في نفسي فرقاً بين أن أقرأ مؤلفاً لشيخ الإسلام ابن تيمية أو مؤلفاً لغيره، أجد نفسي في الأول متلقياً مستلهماً مستفيداً.
أما في الثاني فقد يكون مراجعتي له من باب الإطلاع على خلاف في المسألة إن كانت المسألة تحتاج إلى معرفة خلاف وما أشبه ذلك فالآن هذه نصيحة لكم وجربوها تجدوها.
ومن فوائد الحديث: أنه كلما كانت البهيمة أكمل خلقة فهي أفضل لقوله: «أقرنين» والقرن من كمال البهيمة، وكذلك أيضا الأذن إذا كانت الأذن تامة ليس فيها خرف ولا شق ولا قطع فهو أفضل.
ومن فوائد الحديث: التسمية والتكبير عند الذبح لقوله: «يسمى ويكبر» فالتسمية سبق لنا أنها شرط لحل الذبيحة، والتكبير سنة وليس بشرط، ولكن هل هو سنة على ما ذبح لغير العبادة أو هو سنة فيما ذبح للعبادة فقط؟ فيه احتمالان، الأول: أنه سنة فيما ذبح على أنه عبادة فقط، وأما ما ذبح على أنه ليس للعبادة فهو تسمية بدون تكبير، ولكن ما دام الأمر متردداً فقد يقال: إن الأتباع أولى وهو الجمع بين التسمية والتكبير.
ومن فوائد الحديث: استحباب وضع الرجل على الصفاح يعني: على صفحة الرقبة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله، ولأن فيه إراحة للحيوان؛ ولأن فيه تمام قدرة المذكي على التذكية.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يسن الإمساك بأرجلها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ولم يأمر بذلك، فإن قال قائل: وعلى أي جنب يضجع؟ قلنا: على ما هو أسهل وأيسر فالذي يذبح باليمنى، الأفضل أن يضجعه على الجانب الأيسر، والذي يذبح باليسرى، الأفضل أن يضجعه على الجانب الأيمن؛ لأن علة هذا معقولة ليست تعبدية بإضجاعه على الجانب الأيسر بل هي معقولة المعنى وداخلة في قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«وليرح ذبيحته» .
ومن فوائد الحديُ: أنه ينبغي للمضحي أن يذبح بيده لقوله: «ذبحهما بيده» لأن في ذلك كمال لتعبيد لله عز وجل فيكون متقربا لله بالذكر والفعل والمال الذكر في التسمية والتكبير، والفعل ذبحهما بيده، والمال أنه اشتراهما، فالإنسان إذا ذبح بيده مع التسمية والتكبير استفاد هذه الفوائد الثلاث.
ومن هنا نأخذ أن ما استحسنه بعض الناس في هذه الأيام من إرسال قيمة الذبائح إلى جهات بعيدة تذبح ويتصدق بها على الفقراء هناك خطأ؛ لأنه ليس المقصود من الأضحية الانتفاع باللحم لقول الله تعالى: {لن ينال الله لحومها ولا دماؤها} [الحج: 37] المقصود التقرب إلى الله بالذبح، فالذبح نفسه عبادة محبوبة إلى الله مقصودة بالذات، ولكن لو فرضنا أن بالمسلمين حاجة شديدة في بلادهم فهنا نقول: إن كنت ذا جدة فأرسل إليهم ما يسد حاجتهم، وإن لم تكن ذا جدة فينظر هل الأفضل أن تضحي أو أن تسد جوع إخوانك؟ إذا كان الثاني فأرسل لهم دراهم تنفق عليهم لا على أنها أضحية ويكون هذا من باب تفضيل الصدقة على الأضحية.
ومن فوائد الحديث: استحباب مباشرة المضحي للذبح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم باشر ذلك، ذبحها بيده، فإن كان لا يحسن أو كان عاجزاً فقد قال العلماء: ينبغي أن يوكل واحداً يذبح ويكون حاضراً.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي اصطياد السمين لقوله: «سمينين» واختلف العلماء أيما أفضل التعدد أو الحسن، يعني: السمين أو التعدد، فمثلاً: إذا كان الإنسان يريد أن يضحى
بواحدة لكنها سمينة جيدة أو يضحي باثنتين دونها لكنها في الثمن توافيهما، اختلف العلماء في ذلك: والصحيح التفصيل، وهو أن الناس إذا كانوا في رغد من العيش وسعة فإن الأسمن أفضل، وإذا كانوا في ضيق من العيش فكلما تعددت كان أحسن لأجل أن ينتشر انتفاع الناس بالأضحية.
ومن فوائد الحديث: استحباب ما كان ثمنه أكثر لقوله في رواية أبي عوانة: «ثمينين» والغالب أن ما زاد ثمنه فإنما يزيد لحسنه إما للسمن أو للكبر أو لغير ذلك.
ومن فوائد الحديث: أنه يسمي ويقول: الله أكبر، أمال التسمية فظاهر أنها واجبة وأنها لا تحل ذبيحة بدونها، وأما التكبير فسنة، ومناسبته هنا واضحة، لأن الذبح تعظيم لله تعالى بالفعل والتكبير تعظيم له بالفعل.
أما حديث عائشة ففيه فوائد: منها: جواز إصدار الأمر إلى الغير، ومعلوم أن إصدار الأمر سؤال مع أنه ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبايع أصحابه على ألا يسألوا الناس شيئاً فكيف الجمع؟ الجمع سهل يقال: أما من كان يستثقل أمره ولا يمتثل المأمور إلا على إغماط فهذا لا يسال، وأما من كان يفرح بأمره بحيث إنه إذا أمر يعتقد المأمور بأن له الفضل عليه فإن هذا لا بأس به، ومعلوم أن كل واحد يحب أنه يوجه النبي صلى الله عليه وسلم إليه أمراً وأنه يفرح بذلك، ولهذا أمر بكبش أقرن.
ومن فوائد الحديث: اختيار الكبش وهو الكبير من الخراف واختيار الأقرن، لأنه أكمل خلقة وأقوى غالباً.
ومن فوائد الحديث: اختيار هذا اللون أن يكون أبيض لكن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد كما سبق، وقد يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أمراً معيناً على كبش صادف أنه يطأ في سواد
…
إلخ، بمعنى أن اختيار اللون لا أثر له، لكن الأصل أن قوله:«أنه أمر بكبش» هذا وصفه وأنه لم يقع اتفاقاً.
وكيفية وقوع الاتفاق يكون مثلاً قطيع من الغنم فقال الرسول صلى الله عليه وسلم هاتوا هذا نضحي به، فصادف أنه على هذا الوصف يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد، وأن الرسول أختاره لا لأجل هذا اللون المعين، ولكن لعله أفضل ما يكون في هذا القطيع.
ومن فوائد الحديث: أنه يجوز الاستعانة بالغير في الذبح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم استعان بعائشة.
ومن فوائده: أنه ينبغي شحذ المدية بحجر أو ما يقوم مقامه مما هو أشد لأجل إراحة الذبيحة، وظاهر هذا الحديث أنها شحذتها والبهيمة تنظر مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تحد الشفار