الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الصداق
يسن: تخفيفه، وتسميته في العقد (1)؛ من أربعمائة درهمٍ إلى خمسمائةٍ.
وكل ما صح ثمنًا أو أجرةً صح مهرًا وإن قل.
وإن أصدقها تعليم قرآنٍ لم يصح (2)؛ بل فقهٍ وأدبٍ وشعرٍ مباحٍ معلومٍ.
وإن أصدقها طلاق ضرتها لم يصح، ولها مهر مثلها.
ومتى بطل المسمى وجب مهر المثل.
فصلٌ
وإن أصدقها ألفًا إن كان أبوها حيا، وألفين إن كان ميتًا: وجب مهر المثل (3).
(1) إذا كنا في بلدٍ لم يعتادوا التسمية ويرون أن في التسمية نقصًا، وأنه إذا سمي الصداق فكأنها أمةٌ بيعت فلا نسميه؛ لأن الله - تعالى - قال:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} .
(2)
القول الثاني: أنه إذا أصدقها تعليم قرآنٍ فإنه يصح؛ لأن التعليم ليس هو القرآن.
نعم؛ لو أراد أن يقرأ شخصٌ بأجرٍ فإنه لا يجوز؛ لأن قراءة القرآن من الأعمال الصالحة، والأعمال الصالحة لا يمكن أن يأخذ الإنسان عليها أجرًا من الدنيا، لكن هذا رجلٌ يريد أن يعلم، والتعليم عملٌ وتفرغٌ للمعلم.
(3)
القول الراجح: أن التسمية صحيحةٌ، وذلك لأن لها غرضًا في هذا، فإذا كان أبوها ميتًا فستحتاج إلى زيادة المهر؛ لأنها قد تحتاج نفقةً أو دواءً لمرضٍ - أو ما أشبه ذلك -، فإذا كان أبوها حيا استغنت به، وكفاها المهر القليل.
وعلى: (إن كانت لي زوجةٌ بألفين، أو لم تكن بألفٍ): يصح بالمسمى.
وإذا أجل الصداق أو بعضه صح، فإن عينا أجلًا وإلا فمحله الفرقة.
وإن أصدقها مالًا مغصوبًا، أو خنزيرًا - ونحوه -: وجب مهر المثل (1).
وإن وجدت المباح معيبًا: خيرت بين أرشه وقيمته (2).
وإن تزوجها على ألفٍ لها وألفٍ لأبيها: صحت التسمية (3)، فلو طلق قبل الدخول وبعد القبض رجع بالألف، ولا شيء على الأب لهما (4)، ولو شرط ذلك لغير
(1)[فإن] كانا يجهلان أنه من المحرم فلها مثله أو قيمته، وكذلك - على القول الراجح - إذا كانت هي تجهله.
(2)
[أي]: إذا أصدقها بعيرًا ثم وجدته يعرج فنقول: لك الخيار، إن شئت أخذت القيمة، وإن شئت أخذت الأرش
…
، وهذا إذا كان متقومًا.
والصحيح: أنه لا خيار لها في الأرش، فيقال:(إما أن تأخذيه معيبًا أو ترديه)، وتعطى بدله؛ لأن الأرش - في الحقيقة - عقدٌ جديدٌ، فكيف نلزم الطرف الثاني به؟! وهذا كما قلنا في البيع.
أما إذا [كان] مثليا فإنها تعطى مثله؛ مثل أن يصدقها مئة صاعٍ من البر فأخذتها على أنها سليمةٌ ثم وجدتها مسوسةً فتعطى مئة صاعٍ سليمةً لأنه مثلي، وإذا قيل بأن الحيوان مثلي - وهو الصحيح - فإنه تعطى مثل البعير.
(3)
وقيل - وهو الصواب -: إن ما كان قبل العقد فهو للزوجة مطلقًا، ثم إذا ملكته فللأب أن يتملك بالشروط المعروفة، وما كان بعده فهو لمن أهدي إليه.
(4)
في المسألة قولٌ آخر: أنه يرجع بنصف المهر، فيأخذ من كل منهما نصف ما دفع
…
وهذا - لا شك - أقرب إلى العدل.
الأب فكل المسمى لها.
ومن زوج بنته - ولو ثيبًا - بدون مهر مثلها صح (1)، وإن زوجها به ولي غيره بإذنها صح، وإن لم تأذن فمهر المثل (2).
وإن زوج ابنه الصغير بمهر المثل أو أكثر (3) صح في ذمة الزوج، وإن كان
(1)[إن كان ذلك] لمراعاة مصلحة البنت، أما مجرد هوًى فإن هذا لا يجوز إلا برضاها؛ سواءٌ كانت بكرًا أم ثيبًا.
(2)
قد يقال: إن الزوج مفرطٌ؛ لأنه ينبغي إذا قال له الولي: (سأزوجك بدون مهر المثل) أن يسأل: هل هي راضيةٌ أو لم ترض؟
وقد يقال - هنا -: إن الولي حصل منه غرورٌ، لكن - أيضًا - حصل منه تفريطٌ
…
وهذه المسألة - في الحقيقة - اكتنفها التغرير من الولي بتزويجه بأقل، والأمر الثاني: تفريط الزوج.
وعلى كل حالٍ: ما دامت المسألة يكتنفها هذان الأمران فالأصل أن الزوج يلزمه المهر كاملًا، ولو أن الزوج أبى وقال [- مثلًا -]:(أنت زوجتني بخمسة آلافٍ، أنا لا أعطيك عشرة آلافٍ)، فنقول حينئذٍ: ترجع على الولي
…
؛ فأقرب الأقوال: أنه يلزم الزوج؛ لأنه لا يوجد نكاحٌ إلا بمهرٍ
…
فعلى هذا نقول
…
: ترجع هي على الزوج بتتمة مهرها، فإن لم يمكن وتعذر لفقره أو مماطلته فإنها ترجع على وليها.
(3)
كونه يصح بأكثر من مهر المثل في ذمة الزوج: فيه نظرٌ.
بل الصواب: أنه لا يصح في ذمة الزوج إلا مهر المثل، والزائد يتحمله الأب لأنه هو الذي التزم به، [إلا إذا كان] من مصلحة الابن
…
؛ فحينئذٍ يكون الأب تصرف لمصلحة الابن، فيجب المهر المسمى على الابن ولو زاد على مهر المثل
…
، فيكون في ذمة الزوج لازمًا له.
معسرًا لم يضمنه الأب (1).
فصلٌ
وتملك المرأة صداقها بالعقد، ولها نماء المعين قبل القبض، وضده بضده.
وإن تلف فمن ضمانها إلا أن يمنعها زوجها قبضه فيضمنه.
ولها التصرف فيه، وعليها زكاته (2).
وإن طلق قبل الدخول أو الخلوة فله نصفه حكمًا دون نمائه المنفصل، وفي المتصل له نصف قيمته بدون نمائه.
وإن اختلف الزوجان أو ورثتهما في قدر الصداق، أو عينه (3)، أو فيما يستقر
(1) الصواب: أنه إذا كان الأب قد أبلغ الزوجة أو أولياءها بأن ابنه معسرٌ وأنه ليس ضامنًا فهنا قد دخلوا على بصيرةٍ؛ فليس لهم شيءٌ، أما إذا لم يخبرهم فلا شك أنه ضامنٌ؛ لأننا نعلم علم اليقين أن الزوجة وأولياءها لو علموا بإعسار الابن ما زوجوه.
(2)
المذهب يقولون: الطلاق عارضٌ، والأصل بقاء العقد، والطلاق الذي يسقط النصف أمرٌ نادرٌ فلا عبرة به.
ومن ثم ذهب الأصحاب رحمهم الله إلى أن الزوجة لا تملك إلا نصفه فقط، والباقي يكون مراعًى، فإن ثبت ما يقرر المهر تبين أنها ملكته جميعه وإلا فالنصف هو المتيقن.
وهذا القول له وجهة نظرٍ قويةٌ.
(3)
لو عينت شيئًا يمكن أن يكون مهر مثلها وعين هو شيئًا دون مهر مثلها فلا شك أن القول قولها
…
فينبغي أن يقال: إن كلام المؤلف على إطلاقه فيه نظرٌ؛ فينظر إلى ما هو أقرب إلى مهر المثل.
به (1): فقوله، وفي قبضه: فقولها (2).
فصلٌ
يصح تفويض البضع بأن يزوج الرجل ابنته المجبرة (3)، أو تأذن امرأةٌ لوليها أن يزوجها بلا مهرٍ.
وتفويض المهر: بأن يزوجها على ما يشاء أحدهما أو أجنبي، فلها مهر المثل بالعقد، ويفرضه الحاكم بقدره، وإن تراضيا قبله جاز، ويصح إبراؤها من مهر المثل قبل فرضه.
ومن مات منهما قبل الإصابة والفرض: ورثه الآخر، ولها مهر نسائها.
وإن طلقها قبل الدخول (4) فلها المتعة بقدر يسر زوجها وعسره، ويستقر مهر المثل بالدخول، وإن طلقها بعده فلا متعة (5).
(1) إن وجدت قرينةٌ على [ما يستقر به المهر] ثم [أنكر] فالقول قول الزوجة بالقرينة.
(2)
هذا - أيضًا - ينظر فيه إلى القرائن.
(3)
ينبغي أن يلاحظ أنه على القول الصحيح لا إجبار، لكن على المذهب تقدم أن الأب يجوز له أن يجبر البكر.
(4)
هذا فيه شيءٌ من القصور؛ لأنه تقدم لنا أن الخلوة والنظر إلى فرجها ومسها وتقبيلها بشهوةٍ يثبت المهر، ولو قال المؤلف:(وإن طلقها قبل استقرار المهر) أو (قبل وجود ما يستقر به المهر) لكان أحسن وأشمل.
(5)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: تجب المتعة لكل مطلقةٍ حتى بعد الدخول
…
وما قاله الشيخ رحمه الله قوي جدا فيما إذا طالت المدة، أما إذا طلقها في الحال فهنا نقول:
أولًا: أن تعلق المرأة بالرجل في المدة اليسيرة قليلٌ جدا.
ثانيًا: أن المهر حتى الآن لم يفارق يدها
…
أما إذا طالت المدة سنةً أو سنتين أو أشهرًا؛ فهنا يتجه ما قاله شيخ الإسلام رحمه الله، فيكون هذا القول وسطًا بين قولين: الاستحباب مطلقًا، والوجوب مطلقًا، وهذا هو الراجح.
وإذا افترقا في الفاسد قبل الدخول والخلوة فلا مهر، وبعد أحدهما يجب المسمى (1).
ويجب مهر المثل لمن وطئت بشبهةٍ (2)، أو زنًا كرهًا (3) - ولا يجب معه أرش
(1) اختار الموفق وجماعةٌ من الأصحاب أنه لا يجب لها شيءٌ بالخلوة؛ لأن هذا عقدٌ فاسدٌ، لا أثر له، وهو كما لو خلا بامرأةٍ لم يعقد عليها.
وهذا القول هو الصحيح؛ أن الخلوة في العقد الفاسد لا توجب شيئًا لأنه لا يمكن إلحاق الفاسد بالصحيح.
(2)
الصواب: أنه إذا كانت الشبهة شبهة عقدٍ، وسمى لها صداقًا فلها صداقها المسمى؛ سواءٌ كان مثل مهر المثل، أو أكثر، أو أقل.
أما الموطوءة بشبهة اعتقادٍ فيجب لها مهر المثل؛ لأنه ليس لها مهرٌ مسمى للإجماع، ولولا الإجماع لكان القياس يقتضي أن لا شيء لها؛ لأن هذا وطءٌ بغير عقدٍ، وهو معذورٌ فيه، فكيف يجب عليه مهر المثل؟! فإن كان أحدٌ يقول: إنه لا شيء لها فهو أحق بالاتباع.
(3)
هذا ما قرره المؤلف منطوقًا ومفهومًا؛ فالمنطوق وجوب المهر لمن زني بها كرهًا، والمفهوم عدم وجوب المهر لمن زني بها مطاوعةٍ. والصحيح: أنه لا مهر لها؛ لا في هذا، ولا في هذا
…
، لأن الله - تعالى - أوجب في الزنا
حدا معلومًا، فلا نزيد على ما أوجب الله، ولا يمكن أن نقيس هذا الجماع الذي يعتقد المجامع أنه حرامٌ على الحلال.
بكارةٍ (1) -.
وللمرأة منع نفسها حتى تقبض صداقها الحال، فإن كان مؤجلًا أو حل قبل التسليم (2) أو سلمت نفسها تبرعًا (3) فليس لها منعها، فإن أعسر بالمهر الحال فلها الفسخ (4) ولو بعد الدخول، ولا يفسخه إلا حاكمٌ (5).
(1) على القول الذي رجحنا - وهو أن المزني بها كرهًا أو طوعًا لا مهر لها - نقول: يجب عليه أرش البكارة إذا كانت بكرًا وزنى بها كرهًا لأنه أتلف البكارة بسببٍ يتلفها عادةً.
(2)
القول الثاني في المسألة: أن الحال قبل التسليم كغير المؤجل؛ يعني: إذا حل الأجل ولم تسلم نفسها وطلب التسليم فلها أن تمنع نفسها.
(3)
إذا سلمت نفسها تبرعًا
…
؛ فالصحيح: أن لها أن تمنع نفسها.
(4)
قد تقدم أن الفراق إذا كان لعيبه فالفرقة من قبله هو - على الصحيح -، والمذهب أنه من قبلها.
(5)
سبق لنا أن شيخ الإسلام رحمه الله قال: لو قيل: إن الفسخ يثبت بتراضيهما وبفسخ الحاكم لكان له وجهٌ.
يعني: إذا رضي الزوج والزوجة بالفسخ فلا حاجة للحاكم.
وما قاله شيخ الإسلام هو الصحيح.