الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب البيع
وهو مبادلة مالٍ - ولو في الذمة -، أو منفعةٍ مباحةٍ - كممر في دارٍ - بمثل أحدهما على التأبيد؛ غير ربًا وقرضٍ.
وينعقد ب-:
- إيجابٍ وقبولٍ بعده وقبله؛ متراخيًا عنه في مجلسه، فإن اشتغلا بما يقطعه بطل (1)، وهي: الصيغة القولية.
- وبمعاطاةٍ، وهي الفعلية.
ويشترط:
- التراضي منهما، فلا يصح من مكرهٍ بلا حق.
- وأن يكون العاقد جائز التصرف؛ فلا يصح تصرف: صبي (2)، وسفيهٍ بغير إذن ولي (3).
(1) وكذلك: لا بد أن يطابق القبول الإيجاب - كميةً وجنسًا ونوعًا -.
(2)
حتى وإن كان مراهقًا له أربع عشرة سنةً وكان حاذقًا جيدًا في البيع والشراء؛ فإنه لا يصح بيعه؛ لأنه صغيرٌ لم يبلغ.
(3)
ظاهر كلام المؤلف: أنه يصح إذن الولي للسفيه بالتصرف المطلق والمعين
…
، ولكن هذا الظاهر غير مرادٍ؛ بل يقال: بغير إذن وليه في الشيء المعين.
- وأن تكون العين مباحة النفع من غير حاجةٍ؛ كالبغل، والحمار، ودود القز، وبزره، والفيل، وسباع البهائم التي تصلح للصيد؛ إلا: الكلب، والحشرات، والمصحف (1)، والميتة (2)، والسرجين النجس، والأدهان النجسة، ولا المتنجسة (3) - ويجوز الاستصباح بها في غير مسجدٍ (4) -.
- وأن يكون من مالكٍ أو من يقوم مقامه، فإن باع ملك غيره، أو اشترى بعين ماله بلا إذنه: لم يصح (5).
(1) الصحيح: أنه يجوز بيع المصحف ويصح؛ للأصل وهو الحل، وما زال عمل المسلمين عليه إلى اليوم.
(2)
يستثنى من الميتة: الميتات الطاهرة التي تؤكل؛ فإن بيعها حلالٌ
…
؛ مثل: السمك
…
، وكذلك الجراد
…
ويستثنى من أجزاء الميتة:
- ما هو في حكم المنفصل؛ مثل: الشعر، والوبر، والصوف، والريش - وما أشبه ذلك -.
- الجلد - على القول الراجح -؛ لأن الجلد يمكن تطهيره؛ فهو كالثوب النجس.
(3)
الصحيح: أن بيع الأدهان المتنجسة جائزٌ؛ لأنه يمكن تطهيرها، فتكون كبيع الثوب المتنجس.
(4)
هذا ينبني على أن النجاسة لا تطهر بالاستحالة، فأما على القول بأن النجاسة تطهر بالاستحالة فإنه يجوز، وللعلماء في ذلك قولان
…
فدخان النجاسة مستحيلٌ من عينٍ إلى دخانٍ، فإذا قلنا بطهارة النجس إذا استحال؛ قلنا: يجوز الاستصباح بالأدهان النجسة والمتنجسة في المسجد وغير المسجد.
(5)
ظاهر كلام المؤلف أن هذا لا يصح وإن كان فيه مصلحةٌ، وظاهر كلامه - أيضًا - أنه لا يصح وإن أجازه المالك؛ لفوات الشرط. والصحيح: أنه إذا أجازه المالك صح البيع.
وإن اشترى له في ذمته بلا إذنه ولم يسمه في العقد (1): صح له بالإجازة، ولزم المشتري بعدمها ملكًا.
ولا يباع غير المساكن مما فتح عنوةً - كأرض الشام ومصر والعراق -؛ بل تؤجر (2).
ولا يصح: بيع نقع البئر (3)، ولا ما نبت في أرضه من كلإٍ وشوكٍ (4)، ويملكه
(1)[ويصح أيضًا إذا سماه في العقد]؛ فتصرف الفضولي إذا أجازه من تصرف له فهو صحيحٌ.
(2)
الصواب: أن بيعها حلالٌ جائزٌ وصحيحٌ، وسواءٌ المساكن أو الأراضي.
(3)
أما إذا ملكه وحازه وأخرجه ووضعه في البركة فإنه يجوز بيعه؛ لأنه صار ملكًا له بالحيازة.
(4)
إن كنت أحتاجه لرعي إبلي أو بقري أو غنمي فأنا أحق به، ولي أن أمنع منه؛ لأنني أحق به، أما إذا كنت لا أحتاجه فليس لي أن أمنع من يريد أخذه، إلا إذا كان يلحقني في ذلك ضررٌ فلي أن أمنعه؛ لأنه لا يمكن أن يرتكب الضرر لمصلحة الغير وصاحب الأرض أحق به
…
وما نبت في أرضه من الزرع والشجر: في بيعه تفصيلٌ:
القول الأول: إذا أنبته هو فهو ملكه، ويجوز بيعه .... ، وإذا كان من عند الله لم يتسبب فيه فإنه لا يجوز؛ لأن الناس شركاء فيه
…
القول الثاني: أنه إذا استنبته فهو له؛ يملكه ويجوز بيعه وإلا فلا، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
ومعنى استنباته: أن يحرث الأرض حتى تكون قابلةً للنبات إذا نزل المطر، أو أن يدع الأرض لا يحرثها لزرعه الخاص ترقبًا لما ينبت عليها من الكلإ والحشيش؛ لأنه الآن باختياره أن يحرث الأرض ولا تنبت إلا ما زرعه هو
…
القول الثالث: أن له بيعه
…
، [لأن] ما نبت على [الأرض المملوكة] يتبعها، فيكون ملكًا [لصاحبها].
فالأقوال
…
ثلاثةٌ.
آخذه.
- وأن يكون مقدورًا على تسليمه؛ فلا يصح بيع:
- آبقٍ (1).
- وشاردٍ (2).
- وطيرٍ في هواءٍ (3).
(1) ظاهره: سواءٌ كان المشتري قادرًا على رده أم غير قادرٍ.
وقيل: إن كان قادرًا على رده فإن البيع صحيحٌ؛ لأن الحكم يثبت بعلته ويزول بزوال العلة، فإذا كان هذا الرجل يعلم مكان الآبق وهو قادرٌ على أخذه بكل سهولةٍ؛ فما المانع من صحة البيع؟ لكن بشرط ألا يغر البائع؛ أي: ألا يوهمه أنه لا يقدر العثور عليه، وذلك لأنه إذا أعلمه أنه قادرٌ عليه فسوف يرفع السعر - أي: ثمنه -، وإذا لم يعلم فسوف يخفض السعر، فلا بد من أن يعلمه.
(2)
هذا مثالٌ، وإلا فلو أن بقرةً هربت أو شاةً - أو ما أشبه ذلك -، وعجز عنها؛ فهي داخلةٌ في هذا.
(3)
مثل: أن يكون عند الإنسان حمامٌ، وليس الآن في مكانه، فيبيعه صاحبه
…
وظاهر كلام المؤلف: أنه لا يصح بيعه ولو ألف الرجوع، وكان من عادته أن يأتي في الليل ويبيت في مكانه وقيل: إن ألف الرجوع صح البيع، ثم إن رجع، وإلا فللمشتري الفسخ.
وهذا القول أصح.
فإذا حضر وأراد البائع ألا يسلمه إياه أجبرناه على تسليمه إياه؛ لأن البيع وقع صحيحًا، وإن لم يحضر فإن للمشتري الفسخ؛ لأن المشتري لم يشتر شيئًا لا ينتفع به ولا يعود عليه.
- وسمكٍ في ماءٍ (1).
- ولا مغصوبٍ من غير غاصبه (2) أو قادرٍ على أخذه (3).
- وأن يكون معلومًا برؤيةٍ أو صفةٍ (4).
(1) ظاهر كلام المؤلف: ولو كان مرئيا بمكانٍ يمكن أخذه منه
…
.
ولكن الصحيح
…
: أنه إذا كان مرئيا يسهل أخذه فإنه يجوز بيعه؛ كالسمك الذي يكون في برك بعض البساتين، [أما] سمكٌ في البحر أو في نهرٍ فلا يصح بيعه، أو في مكانٍ ليس بحرًا ولا نهرًا لكن يصعب أخذه فإنه لا يصح بيعه.
(2)
لكن بشرط ألا يمنعه إياه بدون البيع، فإن منعه الغاصب إياه إلا بالبيع؛ فالبيع غير صحيحٍ؛ لأنه بغير رضًا، ومن شرط البيع: الرضا.
(3)
إن كان المشتري اشتراه بناءً على أنه قادرٌ على أخذه ولكنه عجز فيما بعد؛ فله الفسخ؛ لأنه تعذر الحصول على مقصودهم.
(4)
هذا فيه قصورٌ؛ فطرق العلم متعددةٌ: الرؤية، والسمع، والشم، والذوق، واللمس، والوصف.
فالرؤية فيما يكون الغرض منه رؤيته، والسمع فيما يكون الغرض منه سماعه، والشم فيما يكون الغرض منه ريحه، والذوق فيما يكون الغرض منه طعمه، واللمس فيما يكون الغرض منه ملمسه؛ هل هو لينٌ أم خشنٌ - أو ما أشبه ذلك -
…
أما العلم بالوصف؛ فلا بد من شرطين: الأول: أن يكون الموصوف مما يمكن انضباطه بالصفة.
الثاني: أن يضبط بالصفة.
أما ما لا يمكن انضباطه بالصفة؛ كالجواهر واللآلئ - وما أشبه ذلك -؛ فإنه لا يجوز أن يباع بالوصف.
فإن اشترى ما لم يره (1)، أو رآه وجهله، أو وصف له بما يكفي سلمًا (2): لم يصح.
ولا يباع حملٌ في بطنٍ ولبنٌ في ضرعٍ منفردين، ولا مسكٌ في فأرته (3)، ولا نوى في تمره (4)، وصوفٌ على ظهرٍ (5)، وفجلٌ - ونحوه - قبل قلعه (6).
(1) أما لو وصفه صح البيع إذا كان مما يمكن انضباطه بالصفة.
(2)
وقيل: إنه يصح أن يبيع ما لم يره ولم يوصف له، ولمشترٍ الخيار إذا رآه
…
، وهذا هو الصحيح، وهو شبيهٌ ببيع الفضولي؛ لأنه إذا كان له الخيار إذا رآه؛ فليس عليه نقصٌ.
(3)
القول الثاني: أنه يصح بيع [المسك] في فأرته؛ لأن هذه الفأرة وعاءٌ طبيعي؛ فهي كقشرة الرمانة، ومن المعلوم أن الرمانة يصح بيعها، ووعاؤها قشرها؛ فقد يكون فيه شيءٌ من الشحم كثيرٌ، وقد يكون فيه شيءٌ قليلٌ، ثم إن أهل الخبرة في هذا يعرفونه إما باللمس والضغط عليه، أو بأي شيءٍ، وهم يقولون: إن هذا مستترٌ بأصل الخلقة
…
وهذا الذي ذهب إليه ابن القيم؛ فهو مستترٌ بأصل الخلقة - كالبطيخ والرمان وما أشبه ذلك -، وهذا هو الصحيح.
(4)
فهم من كلامه: أنه لو أخرج النوى من التمر ثم باعه؛ فالبيع صحيحٌ؛ لأنه معلومٌ.
(5)
القول الثاني: أنه يصح بيع الصوف على الظهر بشرط الجز في الحال وألا تتضرر به البهيمة؛ لأنه مشاهدٌ معلومٌ
…
، وهذا القول هو الصحيح.
(6)
القول الثاني: أنه يصح بيعه؛ لأنه وإن كان المقصود منه مستترًا فإنه يكون معلومًا عند ذوي الخبرة فيعرفونه
…
، وهذا القول أصح.
ولا يصح: بيع الملامسة (1)، والمنابذة، ولا عبدٌ من عبيده - ونحوه - (2)، ولا استثناؤه إلا معينًا، وإن استثنى من حيوانٍ - يؤكل - رأسه وجلده وأطرافه: صح، وعكسه: الشحم، والحمل (3).
(1) مثل: أن يقول البائع للمشتري: (أي ثوبٍ تلمسه فهو عليك بكذا)
…
وهناك معنًى آخر للملامسة، وهو أن يقول:(أي ثوبٍ تلمسه فهو عليك بعشرةٍ ولو كانت الثياب من نوعٍ واحدٍ وعلى تفصيلٍ واحدٍ).
وهذا الوجه مبني على عدم صحة تعليق البيع بالشرط؛ لأن (أي ثوبٍ تلمسه) هذه جملةٌ شرطيةٌ، ولكن هذا المثال الأخير إنما يصح على قول من يقول: إن تعليق البيع بالشرط لا يصح، وهي مسألةٌ خلافيةٌ، والصحيح: أنه يصح تعليق العقد بالشرط.
(2)
ظاهر كلام المؤلف رحمه الله: أنه لا يصح البيع ولو كانت القيمة واحدةً.
وهذا فيه خلافٌ بين أهل العلم:
فإن منهم من قال: إذا تساوت القيم صح البيع.
وفي هذا القول - أيضًا - شيءٌ من النظر؛ لأنها قد تتساوى القيم مع اختلاف الصفات؛ فمثلًا: هذا قيمته مئةٌ لأنه سمينٌ، والثاني قيمته مئةٌ لأنه حاملٌ، والثالث: قيمته مئةٌ لأنه كبير الجسم.
فتساوي القيم - في الواقع - لا يرفع الجهالة إذا كان المقصود عين المبيع.
أما إذا كان المقصود التجارة فإنه إذا تساوت القيم فلا جهالة؛ لأن التجارة يراد بها الثمن أو القيمة، فإذا تساوت القيم فلا بأس أن نقول: إنه يصح البيع إذا كان المقصود التجارة، أما إذا كان المقصود عين المبيع فإنه لا بد أن يعين.
(3)
القول الثاني: صحة استثناء الحمل؛ لأن الحمل جزءٌ منفصلٌ، وإذا استثنيت الحمل فكأنني بعت عليك شاةً حائلًا ليس فيها حملٌ فالصواب: جواز استثناء الحمل.
ويصح بيع: ما مأكوله في جوفه - كرمانٍ وبطيخٍ -، وبيع الباقلاء - ونحوه - في قشره، والحب المشتد في سنبله.
- وأن يكون الثمن معلومًا، فإن باعه برقمه (1)، أو بألف درهمٍ ذهبًا وفضةً، أو بما ينقطع به السعر، أو بما باع به زيدٌ وجهلاه أو أحدهما (2): لم يصح.
وإن باع ثوبًا أو صبرةً أو قطيعًا؛ كل ذراعٍ أو قفيزٍ أو شاةٍ بدرهمٍ: صح.
وإن باع من الصبرة كل قفيزٍ بدرهمٍ (3)، أو بمئة درهمٍ إلا دينارًا - وعكسه - (4)، أو باع معلومًا ومجهولًا، يتعذر علمه ولم يقل كل منهما
(1) القول الثاني: أنه يصح البيع بالرقم إذا كان من قبل الدولة؛ بل هذا ربما يكون أشد اطمئنانًا للبائع والمشتري، أما إذا كان البائع نفسه هو الذي يرقم ما شاء على سلعته؛ فهذا لا بد أن يكون معلومًا.
(2)
وقيل: إن كان زيدٌ ممن يعتبر بتقديره الثمن؛ فإن البيع بما يبيع به صحيحٌ
…
؛ لأن هذا أوثق ما يكون؛ أي: اعتبار الناس بالرجل المشهور الذي قد نصب نفسه لبيع البضائع أكثر من اعتبارهم ببيع المساومة.
فالصحيح في هذه المسألة: أنه يصح، أما إذا كان زيدٌ من عامة الناس الذين لا يعرفون التجارة؛ فلا يصح أن يقول:(بعتك بما باع زيدٌ)؛ لأن زيدًا قد يغبن فيشتري بأقل أو بالعكس.
(3)
القول الثاني في المسألة
…
: أن هذا صحيحٌ
…
، وهذا القول هو القول الراجح في هذه المسألة، أنه إذا باعه من القطيع كل شاةٍ بدرهمٍ، أو من الثوب كل ذراعٍ بدرهمٍ، أو من الصبرة كل قفيزٍ بدرهمٍ؛ فإن البيع صحيحٌ كما لو باعه الكل.
(4)
ونقيد ذلك بما إذا كانت القيمة قابلةً للزيادة والنقص، أما إذا كانت القيمة مقررةً بحيث يكون كل عشرة دراهم دينارًا فالاستثناء صحيحٌ.
بكذا (1): لم يصح، فإن لم يتعذر صح في المعلوم بقسطه.
ولو باع مشاعًا بينه وبين غيره كعبدٍ، أو ما ينقسم عليه الثمن بالأجزاء: صح في نصيبه بقسطه.
وإن باع عبده وعبد غيره بغير إذنه، أو عبدًا وحرا، أو خلا وخمرًا - صفقةً واحدةً -: صح في عبده، وفي الخل بقسطه، ولمشترٍ الخيار إن جهل الحال.
فصلٌ
ولا يصح البيع ممن تلزمه الجمعة بعد ندائها الثاني، ويصح النكاح وسائر العقود (2).
ولا يصح بيع: عصيرٍ ممن يتخذه خمرًا، ولا سلاحٍ في فتنةٍ، ولا عبدٍ مسلمٍ لكافرٍ إذا لم يعتق عليه، وإن أسلم في يده أجبر على إزالة ملكه (3)، ولا تكفي مكاتبته، وإن جمع بين بيعٍ وكتابةٍ أو بيعٍ وصرفٍ: صح في غير الكتابة (4)، ويقسط
(1) سبق أن بيع الحامل مع استثناء حملها - على المذهب - لا يصح.
وبناءً على ما رجحناه من أن الإنسان إذا باع حاملًا واستثنى الحمل فالبيع صحيحٌ؛ فإنه يصح هنا.
(2)
الصواب: أن جميع العقود لا تصح، وأنها حرامٌ، لا يستثنى من ذلك: النكاح، ولا القرض، ولا الرهن - ولا غيرها -.
(3)
لكن بشرط ألا يبيعه ولا يهبه لكافرٍ، فإن باعه على كافرٍ فالبيع حرامٌ، ولا يصح.
(4)
قال بعض الفقهاء: إنه يصح الجمع بين البيع والكتابة، ولا مانع من أن يجتمع الشرط مع المشروط؛ لأن المحذور أن يتأخر الشرط عن المشروط، أما إذا اقترن به فلا حرج.
وهذا القول أقرب للصحة عندي، ولا مانع.
العوض عليهما.
ويحرم: بيعه على بيع أخيه (1) - كأن يقول لمن اشترى سلعةً بعشرةٍ: (أنا أعطيك مثلها بتسعةٍ)(2) -، وشراؤه على شرائه - كأن يقول لمن باع سلعةً بتسعةٍ:(عندي فيها عشرةٌ) ليفسخ (3) ويعقد معه (4) -، ويبطل العقد فيهما.
(1) علم من كلامه أنه يجوز أن يبيع على بيع الكافر ولو كان له عهدٌ وذمةٌ؛ لأنه ليس أخًا له
…
والقول الثاني في المسألة: أنه يحرم البيع على بيع المعصوم؛ سواءٌ كان مسلمًا أو كافرًا أو ذميا؛ لأن العدوان على الكافر الذمي حرامٌ لا يحل
…
، وتقييد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بالأخ بناءً على الأغلب أو من أجل العطف على أخيك وعدم التعرض له، وهذا القول أقرب للعدل.
(2)
الصحيح: العموم؛ يعني: سواءٌ زاده كميةً أو كيفيةً، أو لم يزده، حتى بالثمن المساوي.
(3)
ظاهر كلام المؤلف: أن البيع على بيع أخيه جائزٌ بعد زمن الخيار
…
والقول الثاني في المسألة: أن ما بعد زمن الخيار كالذي في زمن الخيار؛ يعني: أنه يحرم ولو بعد زمن الخيار
…
، وهذا القول هو الراجح.
(4)
علم منه: أنه لو كان على غير هذا الوجه؛ بأن كان المشتري يريد سلعًا كثيرةً واشترى من فلانٍ عشر سلعٍ على عشرةٍ، ولكنه ما زال يطلبها من الناس، فقال له إنسانٌ:(أنا أعطيك بتسعةٍ) وهو يعلم أنه لن يفسخ العقد الأول لأنه يريد سلعًا كثيرةً؛ فهذا لا بأس به
…
، لكن هنا قد نقول: إنه لن يفسخ العقد.
لكن ربما يجد في نفسه شيئًا على البائع الأول لكونه غبنه، فالتحرز عن هذا - مطلقًا - أولى، وهو الموافق لظاهر الحديث، وهو الأبعد عن حلول العداوة والبغضاء بين المسلمين.
ومن باع ربويا بنسيئةٍ واعتاض عن ثمنه ما لا يباع به نسيئةً (1)، أو اشترى شيئًا نقدًا (2) بدون ما باع به نسيئةً - لا بالعكس -: لم يجز.
وإن اشتراه بغير جنسه (3)، أو بعد قبض ثمنه، أو بعد تغير صفته (4)، أو من
(1) قال الموفق - صاحب «المغني» -: يجوز بيع ربوي بنسيئةٍ، وأن تعتاض عن ثمنه ما لا يباع به نسيئةً؛ لأن الحيلة - هنا - بعيدةٌ
…
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: يجوز للحاجة
…
وهذا عندي أنه أحسن الأقوال؛ دفعًا للشبهة، ولئلا ينفتح الباب لغيرنا؛ فنحن لا نفعل ذلك حيلةً، لكن غيرنا قد يتحيل.
بقي علينا شرطٌ لا بد منه على القول بالجواز، وهو: ألا يربح المستوفي.
(2)
علم منه أن الشراء هو المحرم، وأما البيع الأول فكلام المؤلف يدل على أنه حلالٌ، لكن إذا علمنا أنهم اتخذوا ذلك حيلةً فإن البيع الأول يكون باطلًا - أيضًا -؛ لأنه صار وسيلةً إلى محرمٍ، ووسائل الحرام حرامٌ.
(3)
ظاهر كلام المؤلف: ولو كان جنسه مما يجري ربا النسيئة فيه بينه وبين الثمن؛ فإنه يجوز
…
ولكن الصحيح: أنه لا يجوز إذا اشتراه بثمنٍ يجري ربا النسيئة بينه وبين الثمن الذي باعه به؛ لأننا نقول: وإن انتفى ربا الفضل فعندنا ربا النسيئة، وهو ممنوعٌ شرعًا، وقد يتحيل الإنسان عليه بمثل هذه الصورة
…
وهذا قد يتخذ حيلةً على بيع الذهب بالفضة مع التأجيل، وهو غير جائزٍ.
(4)
لكن ينبغي أن يقيد هذا بما كان الفرق بين الثمنين هو ما نقصت به العين بسبب التغير لا من أجل التأجيل والنقد؛ فلا بد أن يكون نقص الثمن بمقدار نقص الصفة.
غير مشتريه، أو اشتراه أبوه (1) أو ابنه (2): جاز.
(1) إلا إذا كان للأب شركةٌ [فيه]؛ فإنه لا يجوز.
(2)
بشرط أن لا يكون شريكًا فيه.