الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الشفعة
وهي: استحقاق انتزاع حصة شريكه ممن انتقلت إليه (1) بعوضٍ مالي (2) بثمنه الذي استقر عليه العقد.
فإن انتقل بغير عوضٍ (3)، أو كان عوضه صداقًا أو خلعًا (4)، أو صلحًا عن دم
(1) في هذا التعريف نظرٌ؛ لأن الشفعة - حقيقةً - انتزاع الحصة، وليس استحقاقًا؛ لأن هذا المستحق لو لم ينتزع لم تثبت الشفعة، لكن لا يستحق الانتزاع إلا بشروطٍ.
فالصواب أن يقال في التعريف: (الشفعة: انتزاع حصة الشريك ممن انتقلت إليه
…
إلى آخره) دون أن يقال: (استحقاق).
(2)
إذا انتقل بغير عوضٍ على وجهٍ اختياري - كالهبة -؛ فظاهر كلام المؤلف - بحسب المفهوم - أنه لا شفعة
…
، والصحيح أن فيها الشفعة
…
والذي نرى: أنه كلما خرج الشقص بالاختيار فإن للشريك أن يأخذ الشفعة؛ سواءٌ كان العوض ماليا أو غير مالي، فإن كان العوض ماليا فواضحٌ أنه يأخذه بعوضه، وإن كان غير مالي قدر بقيمته في السوق.
(3)
القول الراجح: أنه إذا انتقلت بغير عوضٍ؛ فإن كان قهريا فلا شفعة، وإن كان اختياريا ففيه الشفعة.
(4)
[إن كان عوضه صداقًا]؛ فالقول الراجح: أن له أن يشفع
…
، ويأخذه الشريك المشفع بقيمته؛ بمعنى أنه يقوم ويؤخذ بقيمته؛ سواءٌ زاد على مثل مهر المرأة أو نقص أو ساوى
…
[وكذلك في الخلع]؛ فالصحيح: أنه يشفع؛ لأن القاعدة التي تظهر لي من السنة أنه متى انتقل الملك على وجهٍ اختياري؛ ففيه الشفعة بأي حالٍ من الأحوال
…
، وتكون القيمة بالتقويم.
عمدٍ (1): فلا شفعة.
ويحرم التحيل لإسقاطها (2).
وتثبت لشريكٍ في أرضٍ (3) تجب قسمتها (4)، ويتبعها: الغراس، والبناء، لا الثمرة والزرع (5)، فلا شفعة لجارٍ (6).
(1) والقول الراجح - الذي رجحناه -: أن فيه الشفعة، وتقدر قيمة هذا الشقص عند أهل الخبرة.
(2)
ولا تسقط [إذا تحيل]؛ بل متى ظهر أن في الأمر حيلةً فإن للشريك أن يشفع.
(3)
خرج بذلك: الشريك في غير الأرض
…
؛ فإنه لا شفعة له
…
ومن [العلماء] من قال: الشفعة في كل شيءٍ إلا ما أمكن قسمته من المنقولات فإنه لا شفعة فيه؛ لإمكان قسمته من دون ضررٍ؛ ككيسٍ من البر - ونحو ذلك -.
وهذا القول أرجح.
(4)
كان الأولى أن يقال: الأرض التي لا تجب قسمتها ولا تقسم إلا بالاختيار أولى بثبوت الشفعة من الأرض التي تقسم إجبارًا، وهذا هو المعقول.
(5)
ظاهر كلام المؤلف: أنه لا فرق بين أن تكون حين البيع مثمرةً أو مزروعةً، أو كان الثمر والزرع بعد ذلك، ولكن الصحيح أنه إذا كانت الثمرة موجودةً حين البيع وشفع الشريك والثمرة موجودةٌ فإنها تتبع، وكذلك يقال في الزرع.
(6)
القول الراجح: أن الجار له الشفعة في حالٍ وليس له الشفعة في حالٍ؛ فإذا كانت الطريق واحدةً، أو الماء الذي يسقى به الزرع واحدًا، أو أي شيءٍ اشتركا فيه من حق الملك فإن الشفعة ثابتةٌ، وإذا لم يكن بينهما حق مشتركٌ فلا شفعة
…
، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وهي على الفور وقت علمه (1)، فإن لم يطلبها إذن بلا عذرٍ بطلت.
وإن قال للمشتري: (بعني) أو (صالحني)، أو كذب العدل، أو طلب أخذ البعض: سقطت (2).
والشفعة لاثنين: بقدر حقيهما، فإن عفا أحدهما أخذ الآخر الكل أو ترك.
وإن اشترى اثنان حق واحدٍ - أو عكسه -، أو اشترى واحدٌ شقصين من أرضين صفقةً واحدةً: فللشفيع أخذ أحدهما.
وإن باع شقصًا وسيفًا، أو تلف بعض المبيع: فللشفيع أخذ الشقص بحصته من الثمن.
(1) القول الراجح: أنها ليست على الفور؛ بل هي على التراخي، ولا تسقط إلا بما يدل على الرضا.
ووجه هذا القول: أنه حق جعله الشارع للشريك، فلا يسقط إلا برضاه.
(2)
هذه المسقطات مبنيةٌ على أنه لا بد أن يطالب بها فور علمه، [لكن سبق البيان بأن القول الراجح: أنها ليست على الفور؛ بل هي على التراخي].
لكن [حتى على القول بالفورية] فينبغي أن يقال [- في اللوازم المذكورة التي دلت على أنه أقر البيع -]: إذا وقع هذا من عالمٍ فنعم، وإن وقع من جاهلٍ لا يدري وقال: أنا أريد المصالحة دفعًا للمطالبة وكسر قلبه - وما أشبه ذلك -؛ فإنه لا ينبغي أن تسقط الشفعة، فيفرق بين من يفهم ويعلم، وبين من لا يفهم ولا يعلم
…
، وكما عذروا من لم يطلبها على الفور بما عذروه به؛ فهذه مثلها.
والخلاصة: أن الشفعة حق للشفيع، لا تسقط إلا بما يدل على رضاه.
ولا شفعة بشركة وقفٍ (1)، ولا غير ملكٍ سابقٍ، ولا لكافرٍ على مسلمٍ (2).
فصلٌ
وإن تصرف مشتريه بوقفه، أو هبته، أو رهنه (3) - لا بوصيةٍ -: سقطت
(1) القول الراجح في هذه المسألة: أن له الشفعة؛ أي: للشريك الذي نصيبه الوقف أن يأخذ بالشفعة؛ لأن العلة الثابتة فيما إذا كان الملك طلقًا هي العلة الثابتة فيما إذا كان وقفًا؛ بل العلة فيما إذا كان وقفًا أوضح.
(2)
قال بعض أهل العلم: بل للكافر شفعةٌ على المسلم؛ لأن الشفعة من حق التملك وليست من حق المالك، وإذا كان الكافر له الخيار - أي: خيار المجلس -، ويمكن أن يفسخ العقد كرهًا على المسلم؛ لأن هذا حق ملكٍ، فكذلك الشفعة
…
فالمسألة فيها خلافٌ بين العلماء، ولو قلنا برجوع هذا إلى نظر الحاكم - أي القاضي - لكان هذا جيدًا.
ويظهر هذا بالقرائن، فإذا عرفنا أن الكافر سوف يفتخر بأخذ الشفعة من المسلم ويرى أنه علا عليه فحينئذٍ لا نمكنه، أما إذا علمنا أن الكافر مهادنٌ، وأنه لم يأخذ الشفعة إلا لأنه مضطر إليها لمصلحة ملكه؛ فإننا نمكنه منها.
(3)
الصحيح: أنها لا تسقط بالرهن؛ لأن الملك لم ينتقل للمرتهن - وهو المذهب -، لكن يقال: إن أوفى الراهن دينه أخذ الشريك بالشفعة وإن لم يوف وبيع الرهن فحينئذٍ نرجع إلى انتقاله ببيعٍ.
وقيل: بل يأخذه ولا ينتظر، وحينئذٍ ينفسخ الرهن، ولا يكون للمرتهن حق في هذا المرهون؛ لأنه إنما رهن عينه وقد استحقت للغير، فيبطل الرهن
…
ومثل ذلك: لو آجر النصيب الذي اشتراه
…
؛ فالصحيح: أنها لا تنفسخ الإجارة وأنها باقيةٌ، ولكن للشفيع الأجرة من حين أخذه بالشفعة.
الشفعة (1)، وببيعٍ: فله أخذه بأحد البيعين، وللمشتري: الغلة، والنماء المنفصل (2)، والزرع (3)، والثمرة الظاهرة (4).
فإن بنى أو غرس فللشفيع: تملكه بقيمته، وقلعه، ويغرم نقصه، ولربه أخذه بلا ضررٍ (5).
وإن مات الشفيع قبل الطلب بطلت، وبعده: لوارثه (6).
(1) القول الراجح في هذه المسألة: أنه إذا تصرف المشتري بهبته أو وقفه أو جعله صداقًا - أو ما أشبه ذلك - فإن للشفيع أن يشفع.
وفي مسألة الهبة والوقف: لا حق للموهوب له أو للموقوف عليه في الرجوع على الواهب أو الواقف، ولكن إذا جعله الزوج صداقًا وقلنا بالقول الراجح - وهو أن للشريك أن يشفع فشفع - بطل كونه صداقًا، ولكن يقوم الشقص وتعطى ما قوم به.
(2)
علم من قول المؤلف: (النماء المنفصل): أن النماء المتصل يتبع وليس للمشتري منه شيءٌ
…
، لكن القول الراجح - بلا شك -: أن النماء المتصل كالمنفصل؛ يكون لمن انتقل إليه الملك، ولا فرق، وهذا هو العدل؛ لأن الرجل تعب عليه، ونما بسبب عمله.
(3)
الزرع للمشتري ما دام قد ظهر، أما إذا كان حبا مدفونًا في الأرض فإنه يتبعها.
(4)
في هذا الموضع لم يفرقوا بين المؤبر وغير المؤبر، وجعلوا الثمرة الظاهرة نماءً منفصلًا، ولكن الصحيح: أنها إذا لم تؤبر فإنها تتبع قياسًا على البيع.
(5)
[وكذلك] إذا كان المشتري لا ينتفع بها، فنكون زدنا على كلام المؤلف:(بلا ضررٍ): إن كان يمكنه الانتفاع بها؛ لأنه إذا كان ضررٌ فإنه لا يمكن أن يقع الإنسان في ضررٍ لأجل مصلحةٍ؛ لأن دفع الضرر مقدمٌ على المصلحة، وإن لم يكن ضررٌ لكن يفسد هذا الغراس والبناء فإننا لا نمكن المشتري من ذلك؛ لأن هذا من باب إضاعة المال والسفه.
(6)
القول الراجح في هذه المسألة: أنه ينتقل حق المطالبة بالشفعة إلى الوارث؛ لأن هذا تابعٌ للملك، فإذا مات الشفيع ولم يطالب فللوارث أن يطالب؛ لأن هذا من حقوق الملك، وإذا كان من حقوق الملك فإن الملك ينتقل بحقوقه.
ويأخذ بكل الثمن، فإن عجز عن بعضه سقطت شفعته.
والمؤجل يأخذه المليء به، وضده بكفيلٍ مليءٍ.
ويقبل في الخلف مع عدم البينة: قول المشتري (1)، فإن قال:(اشتريته بألفٍ) أخذ الشفيع به ولو أثبت البائع أكثر (2)، وإن أقر البائع بالبيع وأنكر المشتري وجبت (3).
وعهدة الشفيع على المشتري، وعهدة المشتري على البائع (4).
(1) يجب هنا أن ننتبه إلى شيئين:
الأول: كل من قلنا: (القول قوله) فلا بد من يمينه.
الثاني: أن لا تكون دعواه مخالفةً للعرف، فإن كانت مخالفةً للعرف سقطت.
(2)
القول الثاني: أنه إذا ثبت بالبينة أنه بأكثر؛ وجب الأخذ به.
وهذا القول تطمئن إليه النفس؛ لأن النسيان والغلط واردان.
(3)
الصواب أن نقول في التعبير: (المدعى عليه الشراء)؛ لأنه لم يثبت أنه مشترٍ فلا شيء عليه، ولكن تثبت الشفعة، فيقال للبائع:(بكم بعت؟) فإن قال: (بعت بألفٍ)؛ فإن الشفيع يأخذه بألفٍ.
(4)
إلا فيما ادعى البائع البيع وأنكر المشتري؛ فإن الشفيع ليس له عهدةٌ على المشتري.