المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الخيار وهو أقسامٌ: الأول: خيار المجلس: يثبت في: البيع، والصلح بمعناه، - الحاشية العثيمينية على زاد المستقنع

[حازم خنفر]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌كتاب الطهارة

- ‌باب الآنية

- ‌باب الاستنجاء

- ‌باب السواك وسنن الوضوء

- ‌باب فروض الوضوء وصفته

- ‌باب مسح الخفين

- ‌باب نواقض الوضوء

- ‌باب الغسل

- ‌باب التيمم

- ‌باب إزالة النجاسة

- ‌باب الحيض

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌باب شروط الصلاة

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌باب سجود السهو

- ‌باب صلاة التطوع

- ‌باب صلاة الجماعة

- ‌باب صلاة أهل الأعذار

- ‌باب صلاة الجمعة

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة بهيمة الأنعام

- ‌باب زكاة الحبوب والثمار

- ‌باب زكاة النقدين

- ‌باب زكاة العروض

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌باب إخراج الزكاة

- ‌باب أهل الزكاة

- ‌كتاب الصيام

- ‌باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة

- ‌باب ما يكره ويستحب، وحكم القضاء

- ‌باب صوم التطوع

- ‌باب الاعتكاف

- ‌كتاب المناسك

- ‌باب المواقيت

- ‌باب الإحرام

- ‌باب محظورات الإحرام

- ‌باب الفدية

- ‌باب جزاء الصيد

- ‌باب صيد الحرم

- ‌باب دخول مكة

- ‌باب صفة الحج والعمرة

- ‌باب الفوات والإحصار

- ‌باب الهدي والأضحية والعقيقة

- ‌كتاب الجهاد

- ‌باب عقد الذمة وأحكامها

- ‌كتاب البيع

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌باب الخيار

- ‌باب الربا والصرف

- ‌باب بيع الأصول والثمار

- ‌باب السلم

- ‌باب القرض

- ‌باب الرهن

- ‌باب الضمان

- ‌باب الحوالة

- ‌باب الصلح

- ‌باب الحجر

- ‌باب الوكالة

- ‌باب الشركة

- ‌باب المساقاة

- ‌باب الإجارة

- ‌باب السبق

- ‌باب العارية

- ‌باب الغصب

- ‌باب الشفعة

- ‌باب الوديعة

- ‌باب إحياء الموات

- ‌باب الجعالة

- ‌باب اللقطة

- ‌باب اللقيط

- ‌كتاب الوقف

- ‌باب الهبة والعطية

- ‌كتاب الوصايا

- ‌باب الموصى له

- ‌باب الموصى به

- ‌باب الوصية بالأنصباء والأجزاء

- ‌باب الموصى إليه

- ‌كتاب الفرائض

- ‌باب العصبات

- ‌باب أصول المسائل

- ‌باب التصحيح والمناسخات وقسمة التركات

- ‌باب ذوي الأرحام

- ‌باب ميراث الحمل والخنثى المشكل

- ‌باب ميراث المفقود

- ‌باب ميراث الغرقى

- ‌باب ميراث أهل الملل

- ‌باب ميراث المطلقة

- ‌باب الإقرار بمشاركٍ في الميراث

- ‌باب ميراث القاتل والمبعض والولاء

- ‌كتاب العتق

- ‌باب الكتابة

- ‌باب أحكام أمهات الأولاد

- ‌كتاب النكاح

- ‌باب المحرمات في النكاح

- ‌باب الشروط والعيوب في النكاح

- ‌باب نكاح الكفار

- ‌باب الصداق

- ‌باب وليمة العرس

- ‌باب عشرة النساء

- ‌باب الخلع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌باب ما يختلف به عدد الطلاق

- ‌باب الطلاق في الماضي والمستقبل

- ‌باب تعليق الطلاق بالشروط

- ‌باب التأويل في الحلف

- ‌باب الشك في الطلاق

- ‌باب الرجعة

- ‌كتاب الإيلاء

- ‌كتاب الظهار

- ‌كتاب اللعان

- ‌كتاب العدد

- ‌باب الاستبراء

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب النفقات

- ‌باب نفقة الأقارب والمماليك والبهائم

- ‌باب الحضانة

- ‌كتاب الجنايات

- ‌باب شروط القصاص

- ‌باب استيفاء القصاص

- ‌باب العفو عن القصاص

- ‌باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس

- ‌كتاب الديات

- ‌باب مقادير ديات النفس

- ‌باب ديات الأعضاء ومنافعها

- ‌باب الشجاج وكسر العظام

- ‌باب العاقلة وما تحمل

- ‌باب القسامة

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الزنا

- ‌باب حد القذف

- ‌باب حد المسكر

- ‌باب التعزير

- ‌باب القطع في السرقة

- ‌باب حد قطاع الطريق

- ‌باب قتال أهل البغي

- ‌باب حكم المرتد

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌باب الذكاة

- ‌باب الصيد

- ‌كتاب الأيمان

- ‌باب جامع الأيمان

- ‌باب النذر

- ‌كتاب القضاء

- ‌باب آداب القاضي

- ‌باب طريق الحكم وصفته

- ‌باب كتاب القاضي إلى القاضي

- ‌باب القسمة

- ‌باب الدعاوى والبينات

- ‌كتاب الشهادات

- ‌باب موانع الشهادة وعدد الشهود

- ‌باب اليمين في الدعاوى

- ‌كتاب الإقرار

الفصل: ‌ ‌باب الخيار وهو أقسامٌ: الأول: خيار المجلس: يثبت في: البيع، والصلح بمعناه،

‌باب الخيار

وهو أقسامٌ:

الأول: خيار المجلس: يثبت في: البيع، والصلح بمعناه، وإجارةٍ، والصرف، والسلم - دون سائر العقود -، ولكل من المتبايعين: الخيار ما لم يتفرقا عرفًا بأبدانهما. وإن نفياه أو أسقطاه سقط، وإن أسقطه أحدهما بقي خيار الآخر، وإذا مضت مدته: لزم البيع.

الثاني: أن يشترطاه في العقد (1) مدةً معلومةً (2) ولو طويلةً (3).

(1) قوله: (في العقد): (في) للظرفية، فيقتضي أن يكون هذا الشرط في نفس العقد؛ أي: في صلب العقد، وليس قبله وليس بعده، لكن تقييد ذلك في صلب العقد فيه نظرٌ

[والصواب]: يصح شرط الخيار مع العقد، وبعد العقد، وزمن الخيار - إما خيار الشرط وإما خيار المجلس -.

(2)

لو قال: (إلى وقت الحصاد والجذاذ)؛ فالمذهب: لا يصح

، والقول الثاني: يصح، ويكون الحكم متعلقًا بغالبه أو بأوله، والمسألة متقاربةٌ، وهذا هو الصحيح

واختار ابن القيم أنه تجوز المدة المجهولة إذا كان لها غايةٌ؛ مثل أن يقول: (أبيعك هذا البيت ولكن لي الخيار حتى أشتري بيتًا)؛ فهذا له غايةٌ.

ولكن إن قلنا: (إن هذا له وجهٌ)؛ ينبغي أن يحدد أعلاه بأن يقول: (لي الخيار حتى أشتري بيتًا ما لم تتجاوز الشهر) - مثلًا -؛ دفعًا للمماطلة.

(3)

ظاهر كلام المؤلف: حتى فيما يفسد قبل تمام المدة؛ مثل أن يشتري بطيخًا، وقال:(لي الخيار لمدة أسبوعٍ) فيصح، فإذا خيف فساده بيع، ثم إن أمضي البيع فالقيمة للمشتري، وإن فسخ البيع فالقيمة للبائع، ويرجع المشتري بثمنه، هكذا قالوا.

ولكن لو قيل: أنه (إذا شرط الخيار في شيءٍ يفسد قبل تمام المدة فلا يصح) لكان له وجهٌ؛ لأنه إذا بيع فإن كانت القيمة أكثر فسوف يختار المشتري الإمضاء، وإن كانت أقل فسوف يختار الفسخ، وحينئذٍ يكون ضررٌ على أحد الطرفين.

ص: 295

وابتداؤها: من العقد (1).

وإذا مضت مدته أو قطعاه: بطل.

ويثبت في: البيع والصلح بمعناه، والإجارة في الذمة أو على مدةٍ لا تلي العقد (2).

وإن شرطاه لأحدهما دون صاحبه صح، وإلى الغد أو الليل يسقط بأوله (3).

(1) ابتداؤها من حين الشرط، لكن المؤلف قال:(من العقد)؛ لأنه يرى أن خيار الشرط إنما يكون في صلب العقد، ولهذا قال:(وابتداؤها من العقد).

(2)

الصحيح: أنه يجوز اشتراط الخيار ولو على مدةٍ تلي العقد، ولو في خيارٍ لا ينتهي إلا بعد بدء المدة التي لا تلي العقد

وسكت المؤلف عن أشياء مرت في خيار المجلس ولم يذكرها؛ مثل الصرف، فذكر أن خيار الشرط يثبت في البيع ولم يذكر أن خيار الشرط يثبت في الصرف؛ لأنه يشترط في الصرف التقابض قبل التفرق

ولكن الصحيح: ثبوته في الصرف.

(3)

قال بعض العلماء: يرجع في ذلك إلى العرف، فإذا قال:(إلى الغد) فيمكن أن يحمل على ابتداء السوق، وابتداء الأسواق في الغالب لا يكون من أذان الفجر؛ بل من ارتفاع الشمس

وهذا هو الصحيح، فإذا كان عرف التجار أنهم إذا قالوا:(إلى الغد)؛ أي: إلى افتتاح السوق؛ فالأمد إلى افتتاح السوق.

ص: 296

ولمن له الخيار: الفسخ ولو مع غيبة الآخر وسخطه (1)، والملك مدة الخيارين للمشتري، وله نماؤه المنفصل وكسبه (2).

ويحرم - ولا يصح -: تصرف أحدهما في المبيع (3) وعوضه المعين فيها بغير إذن الآخر بغير تجربة المبيع؛ إلا عتق المشتري (4).

وتصرف المشتري: فسخٌ لخياره (5).

(1) لكن ينبغي أن يقال: يشهد على الفسخ؛ لئلا يقع النزاع بين البائع والمشتري، فيحصل في ذلك فتنةٌ وعداوةٌ وبغضاء.

(2)

وعن الإمام أحمد روايةٌ: أن النماء المتصل لمن حصل في ملكه، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

(3)

ظاهر كلام المؤلف: أنه لا يصح مطلقًا حتى في التأجير، وأن ما يمكن تأجيره يبقى معطلًا

ولكن الصحيح: أنه يصح تأجيره؛ لأن تأجيره خيرٌ من بقائه هدرًا، ثم إن أمضي فالأجرة للمشتري وإن فسخ فالأجرة للبائع.

(4)

ظاهر كلام المؤلف [في قوله: إلا عتق المشتري]: أنه لا يحرم، ويصح

ولكن الصحيح: أنه يحرم ولا يصح، ولا يستثنى العتق؛ فالعتق كغيره من التصرفات، أما كونه يحرم فلأنه اعتداءٌ على حق صاحبه.

(5)

يستثنى من هذا: ما سبق من تجربة المبيع؛ فإن تصرف المشتري بتجربة المبيع لا يفسخ خياره ولو كان الخيار له وحده؛ لأن هذا هو المقصود من الشرط؛ أن ينظر هل يصلح له أو لا

وظاهر كلامه أن تصرف البائع ليس فسخًا لخيار المشتري؛ لأن المشتري حقه باقٍ، أما لو كان الخيار للبائع وحده فلا يجوز أن يتصرف، وإذا تصرف فلا يصح تصرفه؛ لأن ملك المبيع للمشتري، ولكن يستطيع أن يقول:(فسخت البيع) ثم يتصرف.

والصحيح: أنه فسخٌ لخياره.

ص: 297

ومن مات منهما: بطل خياره (1).

الثالث: إذا غبن في المبيع (2) غبنًا يخرج عن العادة، وبزيادة الناجش والمسترسل.

الرابع: خيار التدليس؛ كتسويد شعر الجارية وتجعيده، وجمع ماء الرحى وإرساله عند عرضها.

الخامس: خيار العيب، وهو ما ينقص قيمة المبيع؛ كمرضه، وفقد عضوٍ (3)، أو سن، أو زيادتهما، وزنا الرقيق، وسرقته، وإباقه، وبوله في الفراش (4).

(1) القول الثاني: أن [الخيار] يورث؛ سواءٌ طالب به [المشتري قبل موته] أم لم يطالب

وهذا هو القول الصحيح: أنه ينتقل الحق إلى الورثة، ولهم الخيار بين الإمضاء أو الفسخ؛ لأنهم ورثوه من مورثهم على هذا الوجه.

(2)

وكذلك إذا غبن في الثمن، فإذا كان الثمن غير نقودٍ أو كان نقودًا مغشوشةً - أو ما أشبه ذلك -؛ فالمهم أنه غبن في المبيع غبنًا يخرج عن العادة.

(3)

ظاهر كلامه رحمه الله: ولو كان خصاءً

والصحيح: أنه ليس بعيبٍ مطلقًا وليس سلامةً مطلقًا؛ بل على حسب مقاصد المشترين؛ إذا قصدوا فحلًا فتبين خصيا فهو عيبٌ، وإن كان الأمر بالعكس فليس بعيبٍ.

(4)

لكن يجب أن يقيد بكونه في سن لا يبول في الفراش.

ص: 298

فإذا علم المشتري العيب بعد: أمسكه بأرشه - وهو قسط ما بين قيمة الصحة والعيب -، أو رده وأخذ الثمن (1).

وإن تلف المبيع أو عتق العبد: تعين الأرش (2).

وإن اشترى ما لم يعلم عيبه بدون كسره - كجوز هندٍ، وبيض نعامٍ -، فكسره، فوجده فاسدًا، فأمسكه: فله أرشه، وإن رده: رد أرش كسره (3)، وإن كان كبيض دجاجٍ: رجع بكل الثمن.

وخيار عيبٍ متراخٍ (4) ما لم يوجد دليل الرضا، ولا يفتقر إلى حكمٍ ولا رضا ولا حضور صاحبه.

(1) لكن شيخ الإسلام يقول: إما أن يأخذه مجانًا وإما أن يرده، أما الأرض فلا بد من رضا البائع لأنه معاوضةٌ

، وما ذهب إليه الشيخ وجيهٌ؛ إلا إذا علمنا أن البائع مدلسٌ - أي عالمٌ بالعيب لكنه دلس -؛ فهنا يكون بالخيار بين الإمساك مع الأرض وبين الرد؛ معاملةً له بأضيق الأمرين.

(2)

ويتعين الرد إذا لزم من الأرش الربا؛ مثل: أن يبيع حليا من الذهب بوزنه دنانير ثم يجد في الحلي عيبًا؛ فهنا لا يمكن أن يأخذ الأرض؛ لأنه يلزم منه الوقوع في الربا؛ إذ سيكون للمشتري ذهبٌ بوزن الذهب الذي دفع، ثم يزاد على ذلك الأرش.

(3)

ظاهر كلام المؤلف: أنه إذا لم يكن هناك فسادٌ في الكسر فإنه لا يرد أرش الكسر

ثم نقول: إذا كسره كسرًا لا يبقى له قيمةٌ بعده - مثل أن يكسره فيرضه رضا - فإنه حينئذٍ يتعين الأرش؛ لأنه تعذر الرد.

(4)

بعض أهل العلم يقول: إنه على التراخي ما لم يؤخر تأخيرًا يضر البائع، وهذا أرجح.

ص: 299

وإن اختلفا عند من حدث العيب: فقول مشترٍ مع يمينه (1)، وإن لم يحتمل إلا قول أحدهما: قبل بلا يمينٍ.

السادس: خيارٌ في البيع بتخبير الثمن، متى بان أقل أو أكثر (2).

ويثبت في: التولية، والشركة، والمرابحة، والمواضعة.

ولا بد في جميعها من معرفة المشتري رأس المال (3).

(1) القول الثاني: أن القول قول البائع، وهو مذهب الأئمة الثلاثة رحمهم الله، وهو القول الراجح؛ للأثر والنظر

، لكن يجب أن نعلم أن كل من قلنا:(القول قوله) فإنه لا بد من اليمين، وهذه قاعدةٌ عامةٌ.

(2)

إذا بان أكثر فليس بمغبونٍ، اللهم إلا إذا قال المشتري:(أنا لا أريد أن يمن علي، أنا أريد الثمن الحقيقي بلا زيادةٍ)؛ فهذه ربما تكون صورة المسألة، وأما من الناحية المالية فمتى بان أكثر فالواقع أن الحظ في جانب المشتري، فكيف يثبت له الخيار؟!.

(3)

المذهب: أنه لا خيار، فيقال له:(نضع عنك الزائد وتلزمك)؛ لأن هذا من مصلحته

[والقول الوسط]: أنه إذا ثبت أن البائع كاذبٌ متعمدٌ؛ فإنه ينبغي أن يمكن المشتري من الخيار؛ تأديبًا للبائع وعقوبةً له.

وظاهر كلام المؤلف: [أنه لا بد أن يعرف المشتري رأس المال] حتى ولو كان البائع ممن عرف بالمتاجرة، ووثق من شرائه؛ فإنه لا بد أن يعرف المشتري رأس المال

ويتخرج القول بالجواز على جواز البيع بمثل ما باع به فلانٌ إذا كان المشتري معروفًا بالحذق في البيع والشراء، والمشتري الذي هو البائع في المسألة الثانية

؛ لأن كثيرًا من الناس إذا عرف أن هذا الرجل ممن يتاجرون بالسلعة، وأنه حاذقٌ فيها يثق به؛ بل ربما لو أراد أن يشتريها لجاء إليه يستشيره، ولكن لا شك أن الأولى والأحسن أن يعلم بالثمن؛ لأن الإنسان قد يقدر ثمن هذه السلعة قليلًا ويكون كثيرًا، وهذا يقع بكثرةٍ.

ص: 300

وإن اشترى بثمنٍ مؤجلٍ، أو ممن لا تقبل شهادته له (1)، أو بأكثر من ثمنه حيلةً، أو باع بعض الصفقة بقسطها من الثمن ولم يبين ذلك في تخبيره بالثمن (2): فلمشترٍ الخيار بين الإمساك والرد.

وما يزاد في ثمنٍ، أو يحط منه في مدة خيارٍ، أو يؤخذ أرشًا لعيبٍ، أو جنايةٍ عليه: يلحق برأس ماله ويخبر به، وإن كان ذلك بعد لزوم البيع: لم يلحق به، وإن أخبر بالحال: فحسنٌ.

السابع: خيارٌ لاختلاف المتبايعين، فإذا اختلفا في قدر الثمن تحالفا (3)؛ فيحلف بائعٌ أولًا:(ما بعته بكذا، وإنما بعته بكذا)، ثم يحلف المشتري:(ما اشتريته بكذا، وإنما اشتريته بكذا)(4).

(1) ظاهر كلامه: أن له الخيار؛ سواءٌ غبن أم لم يغبن؛ بناءً على أن العادة أن الإنسان لا يستقصي فيما إذا اشترى ممن لا تقبل شهادته له

والصحيح في هذه المسألة: أنه لا يثبت له الخيار إلا إذا ظهر في ذلك غبنٌ؛ فله الخيار، ويكون من باب خيار الغبن، أما إذا لم يكن هناك غبنٌ فإنه كثيرًا ما يشتري الإنسان من أصوله أو فروعه، ويستقصي في الثمن.

(2)

المذهب: أنه إذا كان الثمن ينقسم على المبيع بالأجزاء فلا خيار؛ لأنه ليس فيه ضررٌ، وإن كان ينقسم عليه بالقيمة ففيه الخيار؛ لأنه إذا كان ينقسم عليه بالقيمة؛ فالقيمة قد تزداد إذا زاد المبيع وقد تنقص، - كما هو معروفٌ في بيع الجملة والتفريد -

وهذا التفصيل أقرب إلى الصواب.

(3)

هذا مشروطٌ بما إذا لم يكن بينةٌ أو قرينةٌ تكذب قول أحدهما.

(4)

قال بعض أهل العلم: إن القول قول البائع

وهذا القول أقوى

، ويقال للمشتري: إن رضيت بما قال البائع وإلا فملكه باقٍ، إلا إذا ادعى البائع ثمنًا خارجًا عن العادة فحينئذٍ لا يقبل؛ بأن قال:(بعتها بمئةٍ)، وهي لا تساوي خمسين في السوق

وظاهر كلام المؤلف: أنه لا بد من تقدم حلف البائع [على القول بأنه لا بد أن يحلف

البائع والمشتري]

وظاهر كلام المؤلف - أيضًا -: أنه لا بد من الجمع بين النفي والإثبات

والصحيح: أنه لا يحتاج إلى الجمع بين النفي والإثبات، والمقصود هو نفي ما ادعاه صاحبه فقط، أو إثبات ما ادعاه هو، وهذا يحصل بإفراد النفي أو إفراد الإثبات، والجمع بينهما ليس بلازمٍ، وهذا - أيضًا - أقوى من وجوب الجمع بينهما

وإذا قلنا بالجمع - أيضًا -[وقد سبق أن قررنا أنه ليس بلازمٍ]؛ فالقول الراجح - أيضًا -: أنه لا يشترط تقديم النفي، وأنه لو قال:(والله لقد بعته بمئةٍ، وما بعته بثمانين) كفى؛ لأن المقصود حصل.

ص: 301

ولكل الفسخ إذا لم يرض أحدهما بقول الآخر.

فإن كانت السلعة تالفةً رجعا إلى قيمة مثلها (1)، فإن اختلفا في صفتها فقول مشترٍ (2).

وإذا فسخ العقد: انفسخ ظاهرًا وباطنًا (3).

(1) قال بعض أهل العلم: إذا صارت القيمة أكثر مما قال البائع فإنه لا يستحق أكثر مما ادعى، وإن كانت القيمة أقل مما قال المشتري ألزم بما أقر به.

ولا شك أن هذا هو الورع؛ ألا يأخذ البائع أكثر مما ادعى أنه باع به، والمشتري يدفع ما أقر أنه اشترى به، لكن هل يلزم حكمًا؟ هذا محل خلافٍ.

(2)

وإذا اختلفا [أيضًا] في قدر المبيع

؛ فالقول قول المشتري.

(3)

الصواب: أن الكاذب منهما لا ينفسخ العقد في حقه باطنًا، وأنه لا يحل له أن يتصرف فيه - أي: فيما رجع إليه من ثمنٍ إن كان مشتريًا، أو من سلعةٍ إن كان بائعًا -.

ص: 302

وإن اختلفا في أجلٍ أو شرطٍ: فقول من ينفيه (1).

وإن اختلفا في عين المبيع: تحالفا (2)، وبطل البيع (3).

وإن أبى كل منهما تسليم ما بيده حتى يقبض العوض - والثمن عينٌ -: نصب عدلٌ يقبض منهما، ويسلم المبيع ثم الثمن.

وإن كان دينًا حالا: أجبر بائعٌ ثم مشترٍ إن كان الثمن في المجلس.

وإن كان غائبًا في البلد: حجر عليه في المبيع وبقية ماله حتى يحضره.

وإن كان غائبًا بعيدًا عنها، والمشتري معسرٌ (4): فللبائع الفسخ (5).

(1) ما لم تقم قرينةٌ على أن القول قول من يثبته، فيحكم بهذه القرينة

[وظاهر كلامه: قول من ينفيه] بلا يمينٍ، ولكن ليس مرادًا؛ بل قول من ينفيه بيمينه، فيقول:(والله ما بعته مؤجلًا، وإنما بعته حالا)، ويقول الآخر:(والله ما اشتريته حالا، وإنما اشتريته مؤجلًا).

(2)

القول الثاني في المسألة: أن القول قول البائع، وهذا هو الراجح، وهو المذهب - أيضًا -، وهذه المسألة مما خالف فيها «الزاد» المشهور من المذهب.

(3)

في هذا التعبير نظرٌ عند أهل البيع بحسب المصطلح بينهم؛ لأن البيع لم يبطل ولكن فسخ، وفرقٌ بين البطلان والفسخ، فصواب العبارة أن يقال:(وانفسخ البيع).

(4)

وإن ظهر أنه مماطلٌ وليس معسرًا؛ فله الفسخ - على القول الراجح -.

(5)

هذه الصور التي ذكرها المؤلف فيها مشقةٌ على الناس؛ فإذا افترضنا أن المحكمة عندها مئة معاملةٍ، تنجز منها كل يومٍ معاملتين؛ فعليه أن ينتظر خمسين يومًا حتى يقال للحاكم:(انصب عدلًا يقبض منهما)، وهذا لا تستقيم به أحوال الناس. فالصواب أن يقال: إذا أبى كل واحدٍ منهما أن يسلم ما بيده؛ فللبائع أن يحبس المبيع، وإذا كان كل منهما لا يثق بالآخر فهما بأنفسهما ينصبان عدلًا، فيقول:(أنت لا تثق بي، وأنا لا أثق بك؛ نذهب إلى فلانٍ ونعطيه الثمن والسلعة ويسلمنا)، هذا هو القول الراجح.

ص: 303

ويثبت الخيار للخلف في: الصفة، ولتغير ما تقدمت رؤيته (1).

فصلٌ

ومن اشترى مكيلًا - ونحوه -: صح ولزم بالعقد، ولم يصح تصرفه فيه حتى يقبضه (2).

وإن تلف قبل قبضه: فمن ضمان البائع، وإن تلف بآفةٍ سماويةٍ: بطل البيع، وإن أتلفه آدمي: خير مشترٍ بين فسخٍ، وإمضاءٍ ومطالبة متلفه ببدله.

وما عداه: يجوز تصرف المشتري فيه قبل قبضه (3).

(1) القول الراجح: ما سبق من أن القول قول البائع، أو يترادان، فيقال:(إما أن تقتنع بقول البائع، وإلا فالملك ملكه).

(2)

المراد: التصرف العوضي؛ أي: أن يكون تصرفه بعوضٍ؛ مثل: البيع، والهبة بعوضٍ، وجعله أجرةً.

أما تصرفه فيه بهبةٍ أو صدقةٍ أو هديةٍ - أو ما أشبه ذلك - فلا بأس، هذا هو المراد، وهو المذهب - أيضًا -

وظاهر كلام المؤلف: أنه لا يصح التصرف حتى مع البائع.

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه يصح تصرفه مع البائع

، وهذا هو الصحيح.

(3)

القول الثاني: أنه لا يجوز أن يتصرف في المبيع قبل قبضه مطلقًا في كل شيءٍ.

وهذا ما ذهب إليه عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما، وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

ص: 304

وإن تلف ما عدا المبيع بكيلٍ - ونحوه -: فمن ضمانه (1)؛ ما لم يمنعه بائعٌ من قبضه (2).

ويحصل قبض ما بيع بكيلٍ أو وزنٍ أو عد أو ذرعٍ بذلك (3)، وفي صبرةٍ وما ينقل بنقله وما يتناول بتناوله وغيره بتخليته (4).

(1) قوله: (ما عدا المبيع بكيلٍ ونحوه): فيه قصورٌ، والصواب: أن يزاد ثلاثة أشياء:

المبيع برؤيةٍ سابقةٍ، أو بصفةٍ، والثمر على الشجر.

(2)

اختار شيخ الإسلام رحمه الله أن المدار على التمكن من القبض؛ فما تمكن المشتري من قبضه فعليه، وما لم يتمكن من قبضه فعلى البائع

، وكلامه أقيس.

(3)

ظاهر كلام المؤلف: أنه إذا حصل الكيل والوزن والعد والذرع جاز التصرف فيه وإن لم ينقله عن مكانه لأنه حصل القبض.

ولكن سبق لنا أن القول الراجح أن السلع لا تباع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، وعلى هذا فلا يكفي الكيل حتى يقبضه، فيكون ما بيع بكيلٍ أو وزنٍ أو عد أو ذرعٍ بذلك لا يتم قبضه إلا بأمرين:

الأول: حيازته.

الثاني: استيفاؤه بالكيل أو الوزن أو العد أو الذرع.

هذا هو القول الراجح في هذه المسألة.

أما على كلام المؤلف - وهو المذهب -: فإنه متى حصل الكيل أو الوزن أو العد أو الذرع ولو في مكانه فهذا قبضٌ.

(4)

إذا قال قائلٌ: (إنه يرجع في ذلك إلى العرف) لكان صحيحًا ما دام يحتاج إلى حق استيفاءٍ؛ أي: لا يحتاج إلى كيلٍ أو وزنٍ أو عد أو ذرعٍ، فنرجع إلى العرف، فما عده الناس قبضًا فهو قبضٌ، وما لم يعدوه قبضًا فليس بقبضٍ، لكن المؤلف رحمه الله عين ما ذكره بناءً على أن هذا هو العرف في هذه الأشياء.

ص: 305

والإقالة فسخٌ؛ تجوز قبل قبض المبيع بمثل الثمن (1)، ولا خيار فيها، ولا شفعة.

(1) أي: إنها لا تجوز إلا بمثل الثمن، فلا تجوز بزيادةٍ ولا نقصٍ ولا اختلاف نوعٍ أو اختلاف جنسٍ

ولكن القول الراجح: أنه تجوز بأقل وأكثر إذا كان من جنس الثمن؛ لأن محذور الربا في هذا بعيدٌ؛ فليست كمسألة العينة؛ لأن مسألة العينة محذور الربا فيها قريبٌ.

ص: 306