الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب العفو عن القصاص
يجب بالعمد: القود، أو الدية، فيخير الولي بينهما، وعفوه مجانًا أفضل (1).
فإن اختار القود، أو عفا عن الدية فقط: فله أخذها، والصلح على أكثر منها (2).
وإن اختارها، أو عفا مطلقًا (3)، أو هلك الجاني: فليس له غيرها.
(1) ظاهر كلامه أنه أفضل مطلقًا؛ سواءٌ كان هذا الجاني ممن عرف بالظلم والفساد، أم ممن لم يعرف بذلك.
لكن الصواب - بلا شك - ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -؛ حيث قال: إن العفو إحسانٌ، والإحسان لا يكون إحسانًا حتى يخلو من الظلم والشر والفساد، فإذا تضمن هذا الإحسان شرا وفسادًا أو ظلمًا لم يكن إحسانًا ولا عدلًا.
وعلى هذا: فإذا كان هذا القاتل ممن عرف بالشر والفساد فإن القصاص منه أفضل.
(2)
رجح ابن القيم رحمه الله أنه ليس له إلا الدية فقط؛ لأنه ورد في حديثٍ رواه الإمام أحمد - لكن في سنده محمد ابن إسحاق وقد عنعن - أن الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: القود أو الدية أو العفو، ثم قال:«فإن اختار الرابعة فخذوا على يديه» ؛ أي: لا توافقوه.
ولهذا رجح ابن القيم أنه ليس له أن يصالح بأكثر من الدية؛ لأن الشرع ما جعل له إلا هذا أو هذا؛ فإما أن تقتص أو الدية، والغالب في هذا أنه إذا قيل له:(ما لك إلا الدية)؛ فإنه يختار القود.
(3)
ربما نقول: إذا وجدت قرينةٌ تدل على أن المراد بالعفو العفو عن القصاص لا مطلقًا عمل بها.
وأما إذا نظرنا إلى مجرد اللفظ فإن مجرد اللفظ يقتضي العفو مطلقًا؛ فلا يستحق ديةً ولا قصاصًا.
وإذا قطع إصبعًا عمدًا فعفا عنها، ثم سرت إلى الكف أو النفس، وكان العفو على غير شيءٍ فهدرٌ، وإن كان العفو على مالٍ فله تمام الدية.
وإن وكل من يقتص ثم عفا، فاقتص وكيله ولم يعلم: فلا شيء عليهما.
وإن وجب لرقيقٍ قودٌ (1)، أو تعزير قذفٍ (2): فطلبه وإسقاطه إليه، فإن مات فلسيده.
(1)[لكن] ليس له أن يعفو مجانًا؛ بل لا بد أن يكون عفوه على مالٍ؛ لأننا إنما أبحنا له القصاص لأجل التشفي، فإذا لم يرد التشفي فلا يمكن أن تضيع المالية على سيده.
(2)
هذه المسألة في النفس منها شيءٌ؛ أي كوننا نجعل للعبد الخيار بين إسقاط تعزير القذف وعدم إسقاطه.
ووجه ذلك: أن الضرر ليس عليه وحده؛ بل الضرر عليه وعلى سيده؛ فإنه إذا قيل: (إنه قد زنا) ولم يأخذ بحقه بتعزير القاذف؛ فإنه سيرخص في أعين الناس ولا يريده أحدٌ
…
فالصواب: أن الحق للعبد ولكن ليس له إسقاطه.