الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الوكالة
تصح بكل قولٍ يدل على الإذن (1).
ويصح القبول على الفور والتراخي بكل قولٍ أو فعلٍ دال عليه.
ومن له التصرف في شيءٍ فله التوكيل والتوكل فيه (2).
ويصح التوكيل في كل حق آدمي من: العقود، والفسوخ، والعتق، والطلاق، والرجعة، وتملك المباحات من الصيد (3)، والحشيش ونحوه - لا الظهار واللعان
(1) ظاهر كلام المؤلف أن [التوكيل لا يصح بالفعل]
…
والصحيح: أنه يصح التوكيل بالفعل، ويصح التوكيل بالكتابة
…
فالقول الراجح: أن الوكالة تصح بالقول والكتابة والفعل، وتصح مطلقةً ومقيدةً، ومؤقتةً ومؤبدةً.
(2)
فمن ليس له أن يتصرف في شيءٍ فليس له أن يتوكل فيه.
ولكن يستثنى من هذا أشياء؛ فمثلًا: فقيرٌ وكل غنيا في قبض الزكاة له فإنه يجوز، فجاز أن يتصرف لغيره بالوكالة، ولا يجوز أن يتصرف بنفسه.
مثالٌ آخر: امرأةٌ لا يجوز أن تطلق نفسها، فوكلها زوجها في طلاق نفسها، [فهذا] يجوز؛ لأن هذا لمعنًى يتعلق بالزوج، والزوج قد أذن فيه.
فحقوق الآدميين تنقسم إلى ثلاثة أقسامٍ: قسمٌ يصح التوكيل فيه مطلقًا، وقسمٌ لا يصح مطلقًا، وقسمٌ يصح عند العذر.
(3)
القول الثاني: أنه لا يجوز التوكيل في تملك المباحات؛ لأن الموكل حين التوكيل لا يملكها، فلا يملك التصرف فيها.
والأيمان -، وفي كل حق تدخله النيابة من العبادات (1) والحدود في إثباتها واستيفائها.
وليس للوكيل أن يوكل فيما وكل فيه؛ إلا أن يجعل إليه (2).
والوكالة عقدٌ جائزٌ، وتبطل: بفسخ أحدهما (3)، وموته، وعزل الوكيل، وبحجر السفه.
ومن وكل في بيعٍ أو شراءٍ: لم يبع ولم يشتر من نفسه وولده (4).
(1) القاعدة: أن الأصل في العبادات منع التوكيل فيها؛ لأن التوكيل فيها يفوت المقصود من العبادة، وهو التذلل لله عز وجل والتعبد له، ويقتصر فيها على ما ورد.
(2)
[ويدخل في هذا الاستثناء أيضًا حالتان - عرفًا -، وهما: إذا كان مثله لا يتولاه عادةً، وإذا كان يعجز عن القيام بمثله عادةً].
(3)
ظاهر كلام المؤلف رحمه الله: أنها تبطل بفسخ أحدهما مطلقًا ولو مع الضرر، لكن يجب أن نقيد هذا بما إذا لم تتضمن ضررًا، فإن تضمنت ضررًا فإنه ليس لأحدهما أن يضر صاحبه
…
وظاهر [كلامه أيضًا: أنها تبطل بفسخ أحدهما]؛ سواءٌ علم الوكيل أم لم يعلم
…
والقول الثاني: أنه لا ينفسخ إلا بعد العلم
…
، وهذا القول هو الراجح، وهو روايةٌ عن أحمد، لا سيما وهو في هذه الحال تعلق به حق المشتري، أما إذا لم يتعلق به حق أحدٍ فقد يقال بفسخ الوكالة.
(4)
قال بعض العلماء: إنه يجوز أن يبيع على ولده ووالده وأمه وجدته وبنته وبنت بنته، إلا إذا ظهرت المحاباة
…
، وهذا القول هو الصحيح؛ إلا إذا كان شريكًا لهم.
ولا يبيع بعرضٍ (1)، ولا نساءٍ (2)، ولا بغير نقد البلد (3).
وإن باع بدون ثمن المثل (4)، أو دون ما قدره له، أو اشترى له بأكثر من ثمن المثل، أو مما قدره له: صح، وضمن النقص والزيادة.
وإن باع بأزيد (5)، أو قال:(بع بكذا مؤجلًا) فباع به حالا، أو (اشتر بكذا حالا) فاشترى به مؤجلًا، ولا ضرر فيهما: صح، وإلا فلا.
(1) الفلوس من العرض عند الفقهاء، والأوراق النقدية من العرض؛ لأن النقد عندهم هو الدرهم والدينار فقط؛ يعني: الذهب والفضة، وعلى هذا فالأوراق النقدية عند الفقهاء عرضٌ
…
، ولكننا نقول: أصبحت النقود الورقية الآن عند الناس نائبةً مناب الدينار والدرهم، فإذا باعها بالفلوس التي هي الأوراق صح البيع.
(2)
لكن كلام المؤلف هنا ينبغي أن يقيد بما إذا لم يدل العرف على التأخير، والآن عند الناس لو بعت عليك شيئًا اليوم [فإنك] يمكن أن تذهب به ولا آخذ الثمن منك إلا بعد يومٍ أو يومين، [وذلك] بحسب كثرة الثمن وقلته، وبحسب حال المشتري، إلا إذا كان المشتري لا يعرف؛ فإنه إذا لم يبعه نقدًا يدًا بيدٍ فهو ضامنٌ؛ لأنه مفرطٌ.
(3)
ظاهر كلام المؤلف: أنه لا يبيع بغير نقد البلد ولو باع بنقدٍ أغلى
…
[والصواب]: أنه إذا كان تصرف الوكيل فيه خيرٌ للموكل فينبغي أن ينفذ؛ لأن مطالبة الموكل بنقد البلد مع أن ما باع به أغلى: ما هو إلا إضرارٌ.
(4)
ظاهر كلام المؤلف: أنه ضامنٌ مطلقًا حتى وإن اجتهد وتصرف تصرفًا تاما لكن تبين أن السلع قد زادت وهو لا يعلم.
والصحيح: أنه لا يضمن في هذه الحال؛ لأنه مجتهدٌ وحريصٌ.
(5)
لكن لو عين من يبيعها عليه، فقال:(بعها على فلانٍ بأربعين)، ثم باعها بخمسةٍ وأربعين؛ فهنا لا يصح.
فصلٌ
وإن اشترى ما يعلم عيبه لزمه إن لم يرض موكله، فإن جهل رده.
ووكيل البيع يسلمه، ولا يقبض الثمن بغير قرينةٍ (1)، ويسلم وكيل المشتري الثمن (2)، فلو أخره بلا عذرٍ وتلف ضمنه (3).
وإن وكله في بيعٍ فاسدٍ فباع صحيحًا، أو وكله في كل قليلٍ وكثيرٍ (4)، أو شراء ما شاء (5)، أو عينًا بما شاء ولم يعين (6): لم يصح.
والوكيل في الخصومة لا يقبض (7).
(1) الذي عليه عمل الناس أن الوكيل وكيلٌ في البيع وقبض الثمن، وهذا هو القول الراجح.
(2)
وهل يقبض المبيع أم لا؟ المذهب: لا يقبضه إلا بإذنٍ أو قرينةٍ، والصحيح: أنه يستلمه مطلقًا.
(3)
الصواب أن يقال: إن أخر تسليم الثمن تأخيرًا يعد به مفرطًا فهو ضامنٌ، وإلا فلا.
(4)
أما لو عين النوع، وقال - مثلًا -:(اشتر لي أرزا قليلًا كان أو كثيرًا، ولو أتيت لي بكل ما في السوق)، فهنا الخطر قليلٌ؛ فالصحيح أنه جائزٌ؛ لأن الموكل أراد أن يشتري جميع ما في السوق لأجل أن يوزعه على الفقراء في وقت الحاجة.
(5)
أما لو عين النوع، وقال - مثلًا -:(أنا وكلتك لتشتري شاةً لوليمةٍ)، فيشمل الصغيرة والكبيرة والسمينة والهزيلة؛ فهذا الخطر فيه قليلٌ، ويتسامح فيه؛ لأنه مما جرت به العادة.
(6)
[قوله: (أو عينًا بما شاء ولم يعين)]:
…
فيه نظرٌ
…
والضابط في ذلك: أن كل ما دل عليه العرف أو القرينة مما يحتمله كلام الموكل وليس فيه محظورٌ شرعي فإنه صحيحٌ.
(7)
على القول الراجح: لا تخلو المسألة من ثلاث حالاتٍ: الأولى: أن يقول: (أنت وكيلي في الخصومة والقبض)؛ فهنا يملك الخصومة والقبض.
الثانية: أن يقول: (أنت وكيلي في الخصومة لا في القبض)؛ فيكون وكيلًا في الخصومة ولا يقبض.
الثالثة: أن يسكت؛ فالمؤلف يرى أنه لا يقبض.
والراجح: أنه يرجع في ذلك إلى قرائن الأحوال، فإن دلت القرينة على أنه يقبض قبض، وإلا فلا.
وإذا قلنا بهذا القول ولم يقبض صار مفرطًا، فيكون عليه الضمان.
والعكس بالعكس (1)، و (اقبض حقي من زيدٍ) لا يقبض من ورثته، إلا أن يقول:(الذي قبله).
ولا يضمن وكيل الإيداع إذا لم يشهد (2).
فصلٌ
والوكيل أمينٌ؛ لا يضمن ما تلف بيده بلا تفريطٍ (3)، ويقبل قوله في نفيه
(1)[أي]: الوكيل في القبض له أن يخاصم
…
وهذا الكلام الذي قاله المؤلف فيه نظرٌ؛ بل نقول: إذا وكله في القبض فإنه لا يملك الخصومة، إلا إذا قال: وإن احتجت إلى خصومةٍ فخاصم.
(2)
في كلامه نظرٌ، والصحيح: أنه يضمن، إلا في حالين:
الأولى: إذا كان المودع شيئًا زهيدًا لم تجر العادة بالإشهاد عليه.
الثانية: إذا كان المودع رجلًا مبرزًا في العدالة، وجرت العادة ألا يشهد عليه إذا أودع؛ لأنه أمينٌ عند الناس كلهم
…
فالصواب أن يقال: إن الوكيل في الإيداع إذا لم يشهد: إن عد مفرطًا فهو ضامنٌ وإلا فلا.
(3)
ولا تعد، وإنما لم يذكر المؤلف التعدي لأنه إذا كان يضمن بالتفريط فضمانه بالتعدي من باب أولى، ولكن مع هذا: الأولى أن يذكر.
والهلاك مع يمينه (1).
ومن ادعى وكالة زيدٍ في قبض حقه من عمرٍو لم يلزمه دفعه إن صدقه ولا اليمين إن كذبه، فإن دفعه فأنكر زيدٌ الوكالة حلف وضمنه عمرٌو، وإن كان المدفوع وديعةً أخذها، فإن تلفت ضمن أيهما شاء.
(1) لكن لو أنه ادعاه بسببٍ ظاهرٍ، وقال:(الدكان احترق)، أو (الأمطار هطلت وهدمت البناء) - أو ما أشبه ذلك -؛ نقول: أقم بينةً على أنه حصل الحريق، أو أقم بينةً أنه حصل الهدم.
فإذا ادعى الموكل أن المال لم يكن مع ما احترق؛ فالقول قول الوكيل؛ لأنه مؤتمنٌ.