الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب العدد
تلزم العدة: كل امرأةٍ فارقت زوجًا خلا بها مطاوعةً (1) مع علمه بها وقدرته على وطئها ولو مع ما يمنعه منهما أو من أحدهما حسا أو شرعًا، أو وطئها، أو مات عنها، حتى في نكاحٍ فاسدٍ فيه خلافٌ، وإن كان باطلًا وفاقًا لم تعتد للوفاة.
ومن فارقها حيا قبل وطءٍ وخلوةٍ، أو بعدهما - أو بعد أحدهما - وهو ممن لا يولد لمثله (2)، أو تحملت بماء الزوج (3)، أو قبلها، أو لمسها بلا خلوةٍ: فلا عدة.
فصلٌ
والمعتدات ست:
الحامل، وعدتها: من موتٍ وغيره إلى وضع كل الحمل بما تصير به أمةٌ أم ولدٍ.
فإن لم يلحقه لصغره، أو لكونه ممسوحًا، أو ولدت لدون ستة أشهرٍ منذ نكحها - ونحوه - وعاش لم تنقض به.
(1) هذا فيه نظرٌ؛ لأن الرجل إذا خلا بالمرأة فهو مظنة الجماع؛ سواءٌ كانت مطاوعةً أو غير مطاوعةٍ.
(2)
هذه المسألة في النفس منها شيءٌ؛ لقوله - تعالى -: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} ، وهذا الصبي قد مس وهو زوجٌ، وكوننا نقول:(لا يولد لمثله) ليس هذا هو العلة، ولهذا لو كان عنينًا وجامعها - بل لو خلا بها - فعليها العدة
…
، فعلى الأقل نجعلها كمسألة الخلوة.
(3)
القول الثاني في هذه المسألة - وهو الصواب -: أنه تجب العدة إذا تحملت بماء الزوج.
وأكثر مدة الحمل أربع سنين (1)، وأقلها ستة أشهرٍ، وغالبها تسعة أشهرٍ.
ويباح إلقاء النطفة قبل أربعين يومًا بدواءٍ مباحٍ (2).
فصلٌ
الثانية: المتوفى عنها زوجها بلا حملٍ منه - قبل الدخول أو بعده -: للحرة أربعة أشهرٍ وعشرةٌ، وللأمة نصفها (3).
فإن مات زوج رجعيةٍ في عدة طلاقٍ: سقطت، وابتدأت عدة وفاةٍ منذ مات.
وإن مات في عدة من أبانها في الصحة: لم تنتقل.
وتعتد من أبانها في مرض موته الأطول من عدة وفاةٍ وطلاقٍ (4) ما لم تكن أمةً
(1) الصواب: أنه لا حد لأكثره.
(2)
إلقاء الحمل حال النطفة: إما مكروهٌ أو محرمٌ - على القول الراجح -، وعلى ما مشى به المؤلف في الكتاب: مباحٌ.
وبعد أن يكون علقةً فإلقاؤه محرمٌ - حتى على كلام المؤلف - إلا إذا دعت الضرورة إليه.
وإذا كان مضغةً مخلقةً فإلقاؤه محرمٌ إلا إذا دعت الضرورة إليه.
فإذا نفخت فيه الروح فإلقاؤه محرمٌ ولو دعت الضرورة إليه؛ لأنه قتل نفسٍ.
(3)
الصواب: أنه لا فرق بين الحرة والأمة، إلا إذا منع من ذلك إجماعٌ، ولكن الإجماع لم يمنع منه؛ فإنه قد نقل عن الأصم وعن الحسن أنهما كانا يريان ذلك.
(4)
القول الثاني: أنها تكمل عدة الطلاق؛ لأنه لا علاقة بينه وبينها؛ بدليل أنه لا يرث منها لو ماتت وأنها بائنةٌ منه؛ فلا يجوز أن يخلو بها ولا أن يسافر بها ولا أن تكشف له وجهها
…
وهذا القول قوي جدا.
أو ذميةً أو جاءت البينونة منها فلطلاقٍ لا غير.
وإن طلق بعض نسائه مبهمةً أو معينةً ثم أنسيها، ثم مات قبل قرعةٍ: اعتد كل منهن - سوى حاملٍ - الأطول منهما.
الثالثة: الحائل ذات الأقراء - وهي الحيض - المفارقة في الحياة: فعدتها إن كانت حرةً أو مبعضةً ثلاثة قروءٍ كاملةٌ، وإلا قرءان.
الرابعة: من فارقها حيا ولم تحض لصغرٍ أو إياسٍ: فتعتد حرةٌ ثلاثة أشهرٍ، وأمةٌ شهرين، ومبعضةٌ بالحساب (1) - ويجبر الكسر -.
الخامسة: من ارتفع حيضها ولم تدر سببه: فعدتها سنةٌ؛ تسعة أشهرٍ للحمل وثلاثةٌ للعدة، وتنقص الأمة شهرًا.
وعدة من بلغت ولم تحض، والمستحاضة الناسية (2)، والمستحاضة المبتدأة: ثلاثة أشهرٍ، والأمة شهران.
وإن علمت ما رفعه من مرضٍ أو رضاعٍ - أو غيرهما -: فلا تزال في عدةٍ حتى يعود الحيض فتعتد به، أو تبلغ سن الإياس فتعتد عدته (3).
(1) قال بعض أهل العلم: عدة المبعضة ثلاثة أشهرٍ، وتعليله بأن الأشهر بدلٌ عن القروء.
(2)
قول المؤلف رحمه الله: (والمستحاضة الناسية): ينبغي أن نقول: ما لم يكن تمييزٌ، فإن كان لها تمييزٌ فعدتها ثلاثة قروءٍ كغيرها؛ لأن التمييز يعتبر حيضًا صحيحًا.
(3)
قال بعض أهل العلم: إنها تعتد سنةً بعد زوال السبب المانع؛ لأنها لما زال المانع صارت مثل التي ارتفع حيضها ولم تدر سببه، والتي ارتفع حيضها ولم تدر سببه: تعتد سنةً؛ تسعة أشهرٍ للحمل وثلاثةً للعدة. وهذا القول أقرب للصواب؛ لأن علته معقولةٌ، ولأنه أبعد عن الحرج والمشقة التي لا تأتي بمثلها الشريعة.
ولكن بقي أن يقال: إن التي علمت ما رفعه ينبغي أن نقسمها إلى قسمين:
الأول: أن تعلم أنه لن يعود الحيض.
الثاني: أن تكون راجيةً لعود الحيض.
فإن كانت تعلم أنه لن يعود؛ فهذه لا تعتد سنةً، وإنما تعتد ثلاثة أشهرٍ لأنها آيسةٌ
…
، وإن كانت ترجو أن يعود؛ فهذه تنتظر حتى يزول المانع ثم تعتد بسنةٍ، وقيل: تعتد إذا زال المانع بثلاثة أشهرٍ
…
، لكن الأحوط أن تعتد بسنةٍ.
السادسة: امرأة المفقود تتربص (1) ما تقدم في ميراثه (2) ثم تعتد للوفاة.
وأمةٌ كحرةٍ في التربص، وفي العدة نصف عدة الحرة.
ولا تفتقر إلى حكم حاكمٍ (3) بضرب المدة وعدة الوفاة.
(1) كلام المؤلف - هنا - مقيدٌ بما إذا أرادت أن تتزوج، وأن تتخلص من هذا الزوج المفقود، وأما إذا قالت:(سأنتظر حتى أتيقن موته)؛ فما نلزمها بأن تتربص وتعتد.
(2)
الذي تقدم في ميراثه - على المذهب -: إن كان ظاهر غيبته الهلاك انتظر به أربع سنين منذ فقد، وإن كان ظاهر غيبته السلامة انتظر به تمام تسعين سنةً منذ ولد
…
والصحيح
…
: أن الأمر في ذلك راجعٌ إلى اجتهاد القاضي في كل قضيةٍ بعينها.
(3)
القول الثاني في المذهب - وهو مذهب الأئمة الثلاثة - أنه لا بد من مراجعة القاضي، وهو الذي يتولى هذا الأمر.
وهذا متعينٌ؛ لا سيما على القول الراجح، وهو أنه يرجع في الحكم بموته إلى اجتهاد القاضي.
إلا أنه ربما نقول: إن عدة الوفاة لا تحتاج إلى حكم الحاكم، فإذا ضرب الحاكم مدة التربص فلازم ذلك أنها إذا تمت فتبتدئ عدة الوفاة، ولا حاجة أن يحكم القاضي.
وإن تزوجت فقدم الأول قبل وطء الثاني فهي للأول، وبعده له أخذها زوجةً بالعقد الأول ولو لم يطلق الثاني (1)، ولا يطأ قبل فراغ عدة الثاني (2)، وله تركها معه من غير تجديد عقدٍ، ويأخذ قدر الصداق الذي أعطاها من الثاني، ويرجع الثاني عليها بما أخذه منه (3).
فصلٌ
ومن مات زوجها الغائب، أو طلقها اعتدت منذ الفرقة، وإن لم تحد.
وعدة موطوءةٍ بشبهةٍ، أو زنا، أو بعقدٍ فاسدٍ: كمطلقةٍ (4).
وإن وطئت معتدةٌ بشبهةٍ أو نكاحٍ فاسدٍ: فرق بينهما، وأتمت عدة الأول، ولا يحتسب منها مقامها عند الثاني، ثم اعتدت للثاني، وتحل له بعقدٍ بعد انقضاء العدتين (5).
(1) الصحيح: أن الزوج الأول يخير على كل حالٍ - كما هو الوارد عن الصحابة رضي الله عنهم.
(2)
الصواب: أنها تعتد بحيضةٍ واحدةٍ، ثم يطؤها الزوج الأول.
(3)
الصحيح: أنه لا يرجع عليها بشيءٍ إلا أن تكون قد غرته.
(4)
اختار شيخ الإسلام رحمه الله في هذا كله أنه لا عدة، وإنما هو استبراءٌ.
وهو القول الراجح؛ لأن الله - تعالى - إنما أوجب ثلاث حيضٍ على المطلقات من أزواجهن، وعليه فلا عدة بالقروء الثلاثة إلا للمطلقة فقط.
(5)
ظاهر كلام المؤلف - بل صريحه -: أنها تحل للثاني ولا تحرم عليه
…
وقال بعض العلماء: لا تحل له أبدًا، وهذا مروي عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه؛ عقوبةً له على فعله؛ حيث نكحها وهي في العدة وقال بعض العلماء: تحل له إذا شرعت في عدته، فإذا انقضت عدة الأول حلت للثاني؛ لأن العدة له والماء ماؤه فتحل له
…
ومن حيث القواعد: فالراجح أنها تحل له بعقدٍ بعد انقضاء عدة الأول؛ لا سيما إذا تاب إلى الله عز وجل وأناب لأن العدة له، لكن إذا رأى الإمام أو الحاكم الشرعي أن يمنعه منها مطلقًا على حد ما روي عن عمر رضي الله عنه فإن له ذلك.
وإن تزوجت في عدتها لم تنقطع حتى يدخل بها، فإذا فارقها بنت على عدتها من الأول، ثم استأنفت العدة من الثاني.
وإن أتت بولدٍ من أحدهما: انقضت منه عدتها به، ثم اعتدت للآخر.
ومن وطئ معتدته البائن بشبهةٍ: استأنفت العدة بوطئه، ودخلت فيها بقية الأولى.
وإن نكح من أبانها في عدتها ثم طلقها قبل الدخول بها: بنت.
فصلٌ
يلزم الإحداد - مدة العدة - كل متوفى عنها زوجها في نكاحٍ صحيحٍ (1) - ولو ذميةً (2) -، أو أمةً، أو غير مكلفةٍ.
(1)[أي]: تجب العدة ولا يجب الإحداد إذا كان النكاح فاسدًا.
ولكن ما ذهب إليه المؤلف ليس بصحيحٍ، والصواب: أنه تجب العدة ويجب الإحداد لمن يعتقد صحته، أما من لا يعتقد صحته فلا عدة، لكن إن حصل وطءٌ وجب إما الاستبراء أو العدة - بحسب ما تقدم من الخلاف -.
(2)
قوله: (ولو ذميةً): فيه تساهلٌ، والصواب أن يقال:(ولو كتابيةً) لأنه لا يشترط في جواز نكاح الكتابية أن تكون ذميةً، ولأن الذمة تعقد لغير أهل الكتاب - كالمجوس -، ومع ذلك لا يحل نكاح المجوسية، فهذا التعبير فيه نظرٌ - طردًا وعكسًا -.
ويباح لبائنٍ من حي، ولا يجب على رجعيةٍ وموطوءةٍ بشبهةٍ، أو زنًا، أو في نكاحٍ فاسدٍ، أو باطلٍ، أو ملك يمينٍ.
والإحداد: اجتناب ما يدعو إلى جماعها ويرغب في النظر إليها من الزينة، والطيب (1)، والتحسين، والحناء، وما صبغ للزينة، وحلي، وكحلٍ أسود، لا: توتيا - ونحوها -، ولا نقابٍ، وأبيض - ولو كان حسنًا (2) -.
فصلٌ
وتجب عدة الوفاة في المنزل حيث وجبت، فإن تحولت خوفًا أو قهرًا أو بحق انتقلت حيث شاءت، ولها الخروج لحاجتها نهارًا لا ليلًا، وإن تركت الإحداد أثمت، وتمت عدتها بمضي زمانها.
(1) استثنى الشارع إذا طهرت من الحيض فإنه لا بأس أن تتبخر.
(2)
الصواب - بلا شك -: أن الأبيض لا يجوز للمحادة لبسه إذا عد للزينة.