الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب النفقات
يلزم الزوج نفقة زوجته: قوتًا، وكسوةً، وسكناها بما يصلح لمثلها.
ويعتبر الحاكم ذلك بحالهما (1) عند التنازع.
فيفرض للموسرة تحت الموسر قدر كفايتها من أرفع خبز البلد، وأدمه، ولحمًا عادة الموسرين بمحلهما، وما يلبس مثلها من حريرٍ وغيره، وللنوم فراشٌ ولحافٌ وإزارٌ ومخدةٌ، وللجلوس حصيرٌ جيدٌ وزلي.
وللفقيرة تحت الفقير من أدنى خبز البلد، وأدمٍ يلائمه، وما يلبس مثلها، ويجلس عليه.
وللمتوسطة مع المتوسط، والغنية مع الفقير - وعكسها -: ما بين ذلك عرفًا.
وعليه مؤونة نظافة زوجته دون خادمها، لا دواءٌ (2)، وأجرة طبيبٍ (3).
فصلٌ
ونفقة المطلقة الرجعية، وكسوتها، وسكناها: كالزوجة، ولا قسم لها.
(1) الصواب: أن المعتبر حال الزوج عند النزاع، وهو مذهب الشافعي.
(2)
لو قيل: إن الدواء يلزمه إلا إذا كان الدواء كثيرًا فهذا قد نقول: إنه لا يلزم به؛ كأن تحتاج إلى السفر إلى الخارج؛ فهنا قد تكلفه مشقةٌ كبيرةٌ، أما الشيء اليسير الذي يعتبر الامتناع عنه من ترك المعاشرة بالمعروف فإنه ينبغي أن يلزم به.
(3)
الصحيح: أنه يلزم بذلك؛ لأنه من المعاشرة بالمعروف.
والبائن بفسخٍ أو طلاقٍ: لها ذلك إن كانت حاملًا (1)، والنفقة للحمل لا لها من أجله.
ومن حبست - ولو ظلمًا - (2)، أو نشزت، أو تطوعت بلا إذنه بصومٍ (3) أو حج، أو أحرمت بنذر حج (4) أو صومٍ، أو صامت عن كفارةٍ (5) أو قضاء رمضان مع سعة وقته (6)، أو سافرت لحاجتها ولو بإذنه (7): سقطت.
(1) أي: للبائن بفسخٍ أو طلاقٍ النفقة إن كانت حاملًا، وإن لم تكن حاملًا فلا شيء لها.
[وقال بعض أهل العلم]: أن لها السكنى دون النفقة، إلا أن تكون حاملًا، وهذا مذهب مالكٍ والشافعي
…
وهذا - لا شك - أنه أقرب الأقوال؛ لأنه ظاهر سياق القرآن، وإن كانت المسألة لم تتضح عندي بعد، ولم أجزم فيها برأيٍ.
(2)
الصحيح: أن [من حبست ظلمًا] لا تسقط نفقتها؛ لأن تعذر استمتاعه بها ليس من قبلها، فيكون كما لو تعذر استمتاعه بها لمرضٍ - أو نحو ذلك -.
(3)
إذا كان حاضرًا وتطوعت بالصوم بغير إذنه فإن سقوط نفقتها ظاهرٌ، لكن إذا كان غائبًا فإنه لا تسقط النفقة.
(4)
إن أذن لها بالنذر فليس لها النفقة - على المذهب -، والصحيح: أن لها النفقة.
(5)
الصواب: أنه لا تسقط نفقتها بالكفارة.
(6)
الصواب: أنه إذا صامت لقضاء رمضان فلا تسقط نفقتها؛ سواءٌ كان ذلك مع سعة الوقت أو ضيقه، وهذا قولٌ في مذهب الإمام أحمد.
وكل ما سبق فيما لو كان بدون إذن الزوج، أما مع إذنه فإنه لا تسقط نفقتها لأنه هو الذي رضي بنقص استمتاعه من زوجته، والحق له.
(7)
الصواب: أنه إذا أذن فإن نفقتها باقيةٌ؛ لأنه هو الذي وافق.
ولا نفقة ولا سكنى لمتوفى عنها.
ولها أخذ نفقة كل يومٍ من أوله (1)، لا قيمتها ولا عليها أخذها (2).
فإن اتفقا عليه، أو على تأخيرها، أو تعجيلها - مدةً طويلةً أو قليلةً -: جاز.
ولها الكسوة كل عامٍ مرةً في أوله (3).
وإذا غاب ولم ينفق لزمته نفقة ما مضى.
وإن أنفقت في غيبته من ماله فبان ميتًا: غرمها الوارث ما أنفقته بعد موته.
(1)[أي]: يأتيها بالفطور والغداء والعشاء من أول اليوم؛ يعني: إذا طلعت الشمس تقول لزوجها: أريد الفطور والغداء والعشاء الآن!.
لكن هذا قولٌ بعيدٌ من الصواب
…
، والصواب في هذه المسألة: أنه يرجع في ذلك إلى العرف.
(2)
لكن لو جرى العرف بأن الرجل يعطي زوجته قيمة النفقة فهنا لا بأس، لكن المحظور أن يلزم الحاكم أو القاضي الزوج بالقيمة.
(3)
لو دخل عامٌ جديدٌ وكسوتها للعام الماضي باقيةٌ فالمذهب: أنها تلزمه بكسوةٍ جديدةٍ
…
ولكن هذا قولٌ ضعيفٌ، والصواب: أن نرجع في ذلك إلى ما دل عليه الكتاب والسنة، وهو الإنفاق بالمعروف، وليس هذا من المعروف؛ فليس من المعروف أن يأتي الإنسان لزوجته بالثياب مع صلاحية الثياب الأولى للاستعمال، والعادة والعرف أنه كلما صارت الثياب لا تصلح للاستعمال جددها الزوج
…
فالصحيح: أن المرجع إلى العرف، وأنه متى كانت المرأة محتاجةً إلى الكسوة أو النفقة تبذل لها.
فصلٌ
ومن تسلم زوجته أو بذلت نفسها - ومثلها يوطأ -: وجبت نفقتها (1) ولو مع صغر زوجٍ ومرضه وجبه وعنته، ولها منع نفسها حتى تقبض صداقها الحال، فإن سلمت نفسها طوعًا ثم أرادت المنع لم تملكه (2).
وإذا أعسر بنفقة القوت، أو الكسوة، أو ببعضها، أو المسكن (3): فلها فسخ النكاح (4).
(1)[أي]: إذا كانت هي صغيرةً لا يوطأ مثلها فلا تجب عليه النفقة لعدم تمكنه من الاستمتاع، ولكننا إذا نظرنا إلى ظاهر الكتاب والسنة وقلنا: إن هذه زوجةٌ؛ فالقرآن والسنة ليس فيهما تقييدٌ بأنه يوطأ مثلها
…
ثم إن هذا الزوج الذي عقد على هذه الصغيرة دخل على بصيرةٍ، ويعرف أنه لن يستمتع بها، لكنه يريد أن يحجزها حتى لا تتزوج غيره.
وهذا كله مبني على أنه يصح تزويج الصغيرة، وقد سبق الخلاف في هذه المسألة، لكن على تقدير صحة تزويج الصغيرة في بعض الصور فإن ظاهر الكتاب والسنة يدل على أنه يجب الإنفاق عليها لأنه دخل على بصيرةٍ وهي زوجةٌ.
(2)
ظاهر كلام المؤلف: أنها إذا مكنته - حتى لو خدعها - أنه لا حق لها.
ولكن الصحيح: أنه إذا خدعها فلها الحق.
(3)
المراد: إذا أعسر عن المسكن - ملكًا أو استئجارًا -؛ فإذا استأجر لها بيتًا فليس لها حق المطالبة ببيت ملكٍ.
(4)
الأحوال ثلاثةٌ:
الحال الأولى: أن يكون معسرًا ولم تعلم بإعساره
…
الحال الثانية: إذا تزوجها وهو معسرٌ عالمةٌ بعسرته الحال الثالثة: تزوجته وهو موسرٌ ثم افتقر بأمر الله لا بيده
…
واختار ابن القيم رحمه الله أنه لا فسخ لها إلا في الصورة الأولى
…
والقول الذي أطمئن إليه: أنها لا تملك الفسخ، لكن لا يملك منعها من التكسب، وهذا في غير الصورة الأولى، وهي ما إذا تزوجته ولم تعلم بإعساره.
فإن غاب ولم يدع لها نفقةً، وتعذر أخذها من ماله، واستدانتها عليه (1): فلها الفسخ بإذن الحاكم.
(1) ظاهر كلام المؤلف: أنها لا بد أن تحاول الاستدانة، وفي النفس من هذا شيءٌ.