الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الديات
كل من أتلف إنسانًا بمباشرةٍ أو سببٍ: لزمته ديته.
فإن كانت عمدًا محضًا: ففي مال الجاني حالةً، وشبه العمد والخطأ على عاقلته.
وإن غصب حرا صغيرًا فنهشته حيةٌ، أو أصابته صاعقةٌ، أو مات بمرضٍ (1)، أو غل حرا مكلفًا وقيده فمات بالصاعقة أو الحية: وجبت الدية (2).
فصلٌ
وإذا أدب الرجل ولده، أو سلطانٌ رعيته، أو معلمٌ صبيه (3)، ولم يسرف: لم يضمن ما تلف به.
ولو كان التأديب لحاملٍ فأسقطت جنينًا: ضمنه المؤدب.
(1) إطلاق كلام المؤلف مرجوحٌ، والصواب: إذا مات بمرضٍ يختص بتلك البقعة؛ لأنه هو السبب في مجيئه لهذه البقعة الموبوءة، وهذا إذا كان حرا، أما إن كان عبدًا فإنه يضمنه مطلقًا؛ لأن ضمان العبد ضمان أموالٍ.
(2)
إن مات بمرضٍ فظاهر كلام المؤلف أنه لا ضمان؛ لأنه قال: (فمات بالصاعقة أو الحية)، ولكن الصحيح أنه إن مات بمرضٍ يختص بتلك البقعة فإنه يضمنه؛ لأنه لا فرق بين الصغير وبين المكلف الذي غله وقيده.
(3)
أما تأديب المعلم صبيه فالظاهر لي: أن المعلم له أن يؤدب كل من يدرس عنده؛ حتى لو كان أكبر منه.
وإن طلب السلطان امرأةً لكشف حق الله - تعالى - (1)، أو استعدى عليها رجلٌ بالشرط في دعوى له (2) فأسقطت: ضمنه السلطان، والمستعدي، ولو ماتت فزعًا لم يضمنا.
ومن أمر شخصًا مكلفًا أن ينزل بئرًا، أو يصعد شجرةً فهلك به: لم يضمنه (3).
(1) ظاهر كلام المؤلف: سواءٌ طلبها لحق الله عز وجل وهي ظالمةٌ، أو طلبها وهو الظالم، أو طلبها قبل أن يتبين الأمر، فيضمنها السلطان مطلقًا في الأحوال الثلاثة.
ولكن بعض أصحابنا رحمه الله قيد هذا بما إذا لم تكن ظالمةً
…
، وهذا القول له وجهٌ قوي
…
.
ثم على القول بالضمان فظاهر كلام المؤلف: أن السلطان يضمنها ضمانًا شخصيا، لا ضمان ولايةٍ
…
، ولكن القول الراجح
…
: أن الدية في بيت المال؛ لأن السلطان يتصرف لحقوق المسلمين بالولاية
…
نعم؛ لو تيقنا أن السلطان ظالمٌ فهنا يتوجه أن يكون الضمان عليه أو على عاقلته؛ بحسب ما تقتضيه الأدلة الشرعية.
(2)
ظاهر كلام المؤلف - أيضًا -: ولو كان المستعدي مستحقا للاستعداء، وكانت هي ظالمةً؛ فإن الضمان على المستعدي.
ولكن في هذا نظرٌ؛ فإنه إذا كان على حق ولم يعلم عن حال المرأة فكيف نضمنه؟! أما إذا كان يعلم أن هذه المرأة من النساء اللاتي يفزعن، وأنه يخشى على حملها؛ فربما يقال: إن تضمينه له وجهٌ.
(3)
إذا كان الآمر يعلم أن في البئر ما يكون سببًا للهلاك ولم يخبره
…
فعليه الضمان؛ لأنه غره وعلى هذا فكلام المؤلف يحتاج إلى قيدٍ، وهو إذا لم يكن منه تفريطٌ بإعلامه بما يكون سببًا لهلاكه، فإن كان منه تفريطٌ في ذلك فعليه الضمان
…
وعلم من قول المؤلف: (ومن أمر) أنه لو أكرهه على ذلك فعليه الضمان
…
وعلم من قول المؤلف [- أيضًا -]: (من أمر شخصًا مكلفًا) أنه لو أمر غير مكلفٍ فعليه الضمان مطلقًا، وهذا هو المشهور من المذهب.
لكن ذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا كان المأمور مميزًا - أي: يفهم الخطاب - له سبع سنواتٍ أو نحوها، وكان هذا الأمر مما جرت به العادة أن يؤمر مثله فإنه لا ضمان
…
؛ لأنه ما زال الناس منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا يرسلون المميزين في مثل هذه الأشياء القليلة السهلة، ولا يعدون ذلك عدوانًا، وما ترتب على المأذون فليس بمضمونٍ.
ولو أن الآمر سلطانٌ: كما لو استأجره سلطانٌ أو غيره (1).
(1) الصحيح في مسألة السلطان: أنه إذا كان السلطان ممن يخشى شره بحيث إذا أبيت حبسك أو ضربك أو هضمك مالًا أو ظلمك في أهلك؛ فإن أمره مثل الإكراه، وعلى هذا فيكون ضامنًا.
أما إذا كان السلطان من ذوي العدل والرحمة الذين إذا قلت: لا أستطيع، قال: إذن نطلب غيرك؛ فإنه لا ضمان عليه في هذه الحال لأنه كسائر الناس؛ فلم يكرهه.