الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الرهن
يصح في كل عينٍ يجوز بيعها - حتى المكاتب - مع الحق وبعده (1) بدينٍ ثابتٍ (2).
ويلزم في حق الراهن فقط.
ويصح رهن المشاع.
ويجوز رهن المبيع - غير المكيل والموزون (3) - على ثمنه وغيره.
(1) كلام المؤلف يدل على أنه لا يصح [قبل الحق]؛ لأنه قال: (مع الحق وبعده)
…
والصواب: أن الرهن جائزٌ مع الحق وقبل الحق وبعد الحق، وأنه لا مانع؛ لأنه عقد توثقةٍ.
(2)
القول الراجح: أنه يصح الرهن بالدين غير الثابت، ويكون الرهن تبعًا للدين؛ فإن استقر الدين وثبت؛ [فقد] ثبت الرهن واستقر، وإلا فلا؛ لأن الرهن فرعٌ عن الدين، فإذا كان الدين غير ثابتٍ صار الرهن كذلك غير ثابتٍ حتى يثبت الدين.
وقوله: (بدينٍ ثابتٍ): ظاهره: أن الرهن بالعين لا يصح
…
والصحيح: أنه يصح أن يؤخذ رهنٌ بالأعيان؛ لأن ذلك عقدٌ جائزٌ لا يتضمن شيئًا محظورًا، وليس فيه ضررٌ، وليس هذا كالتأمين.
(3)
وهذا إنما يستثنى فيما إذا رهنه قبل القبض؛ لأن المكيل والموزون لا يجوز بيعهما إلا بعد القبض
…
والصحيح: الجواز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن بيع المبيع قبل قبضه على غير بائعه؛ والحكمة من ذلك: لئلا يربح فيما لم يدخل في ضمانه، ولئلا يربح ربحًا يغار منه البائع ويحاول فسخ البيع؛ أما إذا رهنه على البائع وهو مكيلٌ أو موزونٌ؛ فالصحيح أنه جائزٌ.
وما لا يجوز بيعه لا يصح رهنه؛ إلا: الثمرة والزرع الأخضر قبل بدو صلاحهما بدون شرط القطع.
ولا يلزم الرهن إلا بالقبض (1).
واستدامته شرطٌ، فإن أخرجه إلى الراهن باختياره زال لزومه، فإن رده إليه عاد لزومه إليه (2).
ولا ينفذ تصرف واحدٍ منهما فيه بغير إذن الآخر (3)؛ إلا عتق الراهن فإنه يصح مع الإثم، وتؤخذ قيمته رهنًا مكانه (4).
ونماء الرهن وكسبه وأرش الجناية عليه: ملحقٌ به، ومؤونته على الراهن وكفنه وأجرة مخزنه.
(1) القول الثاني: أنه يلزم بالعقد في حق من هو لازمٌ في حقه؛ بدون قبضٍ، وأن القبض من التمام.
(2)
هذا كله مبني على أن القبض شرطٌ في لزوم الرهن، وأن استدامته شرطٌ كذلك
…
، والصواب: خلاف هذا؛ فليس القبض شرطًا، ولا استدامته شرطًا.
(3)
ظاهر كلام المؤلف: سواءٌ كان هذا التصرف نقلًا لملكية العين أو لمنافعها؛ فمعناه: أن الراهن لا يبيع المرهون ولا يؤجره، وعلى هذا: فيبقى الرهن معطلًا إذا امتنع كل منهما أن يأذن للآخر
…
والصواب: أنه إذا طلب أحدهما عقدًا لا يضر بحق المرتهن فإن الواجب إجابته، وأن الممتنع منهما يجبر على استغلال هذا النفع.
(4)
هذا القول ضعيفٌ جدا، والصواب: أن عتقه حرامٌ، ولا يصح.
وهو أمانةٌ في يد المرتهن؛ إن تلف من غير تعد منه (1) فلا شيء عليه، ولا يسقط بهلاكه شيءٌ من دينه (2)، وإن تلف بعضه فباقيه رهنٌ بجميع الدين.
ولا ينفك بعضه مع بقاء بعض الدين، وتجوز الزيادة فيه دون دينه (3).
وإن رهن عند اثنين شيئًا فوفى أحدهما، أو رهناه شيئًا فاستوفى من أحدهما: انفك في نصيبه.
ومتى حل الدين وامتنع من وفائه: فإن كان الراهن أذن للمرتهن أو العدل في بيعه باعه ووفى الدين وإلا أجبره الحاكم على وفائه أو بيع الرهن، فإن لم يفعل باعه الحاكم ووفى دينه.
فصلٌ
ويكون عند من اتفقا عليه، وإن أذنا له في البيع لم يبع إلا بنقد البلد، وإن قبض الثمن فتلف في يده فمن ضمان الراهن (4).
(1) ينبغي أن يزاد: (
…
ولا تفريطٍ)، والفرق بين التعدي والتفريط: أن التعدي: فعل ما لا يجوز، والتفريط: ترك ما يجب.
(2)
لكن يجب أن يلاحظ أنه لا يسقط إذا لم يكن بتعدٍ أو تفريطٍ، فإن كان بتعد أو تفريطٍ ألزم المرتهن بالضمان، وحينئذٍ لا بد أن يسقط من الدين بمقدار ما لزمه من ضمانه.
(3)
الصواب: الجواز، وأنه لا بأس بزيادة الدين؛ لأنه برضا الطرفين وفيه مصلحةٌ للراهن، وهو قولٌ لبعض العلماء.
(4)
لكن يشترط في ذلك: أن يكون بلا تعد ولا تفريطٍ، فإن كان بتعد أو تفريطٍ صار هناك ضامنٌ آخر، وهو العدل الذي وكل من قبل الطرفين.
وإن ادعى دفع الثمن إلى المرتهن فأنكره ولا بينة ولم يكن بحضور الراهن: ضمن (1) كوكيلٍ (2).
وإن شرط ألا يبيعه إذا حل الدين (3)، أو إن جاءه بحقه في وقت كذا وإلا فالرهن له (4): لم يصح الشرط وحده.
ويقبل قول الراهن في: قدر الدين (5)، والرهن (6)، ورده، وكونه عصيرًا لا
(1) لكن لو أن العدل استأذن من الراهن
…
؛ فهنا لا يضمن العدل، وكذلك لو كان بحضور الراهن الذي عليه الدين فلا ضمان على العدل؛ لأن المفرط - هنا - الراهن الذي عليه الحق، فلماذا لم يطلب شهودًا يشهدون أنه أوفى؟! فيرجع المرتهن على الراهن؛ لأن الدين ثابتٌ لم يثبت قضاؤه، ولا يرجع الراهن على العدل.
(2)
قوله: (كوكيلٍ): يعني: كما لو فعل الوكيل في قضاء الدين، وقال: إني وفيت، وأنكر الدائن ولم يكن هناك بينةٌ، ولم يكن بحضور الموكل فإنه يضمن
…
لكن ينبغي أن يقال: لكل مقامٍ مقالٌ؛ فالدراهم الخطرة الكثيرة لا بد أن يشهد عليها، فإن لم يفعل فهو مفرطٌ، أما الشيء اليسير الذي جرت العادة أنه لا يشهد عليه فإنه لا يعد مفرطًا، والرجل المدين قد ائتمنه ورضي بأمانته، فالصحيح في هذا: أنه لا يضمن.
(3)
لو أن أحدًا قال بعدم صحة الرهن والشرط لكان له وجهٌ.
(4)
الصحيح: أنه إذا رهنه شيئًا، وقال:(إن جئتك بحقك في الوقت الفلاني وإلا فالرهن لك): أن هذا شرطٌ صحيحٌ ولازمٌ.
(5)
هذا مقيدٌ بما إذا لم يكن للمرتهن بينةٌ، أما إذا كان للمرتهن بينةٌ فالقول قول من شهدت له البينة
…
كذلك - أيضًا - يقبل قول الراهن مع يمينه؛ فلا بد أن يحلف.
(6)
القول قول من يشهد له العرف، فإذا كان قول أحدهما تدل القرينة على صدقه كان أولى.
خمرًا (1).
وإن أقر أنه: ملك غيره، أو أنه جنى: قبل على نفسه، وحكم بإقراره بعد فكه؛ إلا أن يصدقه المرتهن.
فصلٌ
وللمرتهن أن يركب ما يركب ويحلب ما يحلب بقدر نفقته بلا إذنٍ.
وإن أنفق على الرهن بغير إذن الراهن مع إمكانه لم يرجع، وإن تعذر رجع ولو لم يستأذن الحاكم، وكذا وديعةٌ، ودواب مستأجرةٌ هرب ربها.
ولو خرب الرهن فعمره بلا إذنٍ: رجع بآلته فقط (2).
(1) لكن هذا في صورةٍ معينةٍ؛ في عقدٍ شرط فيه الرهن، ولهذا لا بد من القيد:(في عقدٍ شرط فيه الرهن).
(2)
قال بعض العلماء: بل يرجع بالجميع؛ لأنه ليس كالإنفاق على الحيوان
…
وفصل بعضهم، فقال: إن عمره بما يكفي لتوثيق دينه فقط [فإنه] يرجع، وإن كان بأزيد لم يرجع؛ لأنه ليس في ضرورةٍ إلى أن يعمره بأكثر مما يوثق الدين
…
وبعض العلماء يقول: إذا كان لو تركه - أي التعمير - لتداعى بقية البيت - وهذا واردٌ -
…
؛ فهنا يرجع بالجميع؛ لأن هذا لحفظ البيت كله، وأما إذا كان ما بقي من البيت لا يتأثر بما انهدم فعلى التفصيل الذي سبق.