الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الفدية
يخير بفدية حلقٍ، وتقليمٍ، وتغطية رأسٍ، وطيبٍ، ولبس مخيطٍ: بين صيام ثلاثة أيامٍ أو إطعام ستة مساكين - لكل مسكينٍ مد بر، أو نصف صاع تمرٍ أو شعيرٍ (1) -، أو ذبح شاةٍ (2).
(1) ظاهره: أن الفدية في الإطعام محصورةٌ في هذه الأصناف الثلاثة: البر والتمر والشعير.
وهذا غير مرادٍ؛ لأن المراد ما يطعمه الناس من تمرٍ أو شعيرٍ أو رز أو ذرةٍ أو دخنٍ - أو غيره -، والمؤلف - هنا - فرق بين البر وغير البر؛ فالبر مد، وغير البر نصف صاعٍ
…
، والمد: ربع الصاع، وفي باب الفطرة لم يفرق المؤلف بين البر وغيره؛ ففي باب الفطرة: صاعٌ من بر أو صاعٌ من تمرٍ أو صاعٌ من شعيرٍ - أو غير ذلك مما يخرج منه -؛ فالفقهاء - رحمهم الله تعالى - يفرقون بين البر وغيره في جميع الكفارات والفدية إلا في صدقة الفطر، ولهذا قرر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قاعدةً، وقال: إن البر على النصف من غيره؛ ففي الفطرة نصف صاعٍ عند شيخ الإسلام، ولكن مذهبنا في الفطرة مذهب أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه؛ فإنه لما قدم معاوية رضي الله عنه المدينة، وقال: أرى مدا من هذه يساوي مدين من الشعير، قال أبو سعيدٍ:«أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم» ، ونحن نقول كما قال أبو سعيدٍ رضي الله عنه.
وكذلك مذهبنا هنا: أن لا فرق بين البر وغيره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة رضي الله عنه: «أطعم ستة مساكين، لكل مسكينٍ نصف صاعٍ» ، فعين المقدار، وأطلق النوع؛ فظاهر الحديث: أن الفدية نصف صاعٍ لكل مسكينٍ؛ سواءٌ من البر أو من غيره.
(2)
سواءٌ كانت خروفًا أم أنثى، معزًا أم ضأنًا؛ بل أو سبع بدنةٍ، أو سبع بقرةٍ مما يجزئ في الأضحية، ويوزعها على الفقراء، ولا يأكل منها شيئًا؛ لأنها دم جبرانٍ.
وبجزاء صيدٍ بين مثلٍ إن كان، أو تقويمه بدراهم يشتري بها طعامًا (1) فيطعم كل مسكينٍ مدا، أو يصوم عن كل مد يومًا، وبما لا مثل له: بين إطعامٍ وصيامٍ.
وأما دم متعةٍ وقرانٍ فيجب الهدي، فإن عدمه فصيام ثلاثة أيامٍ - والأفضل: كون آخرها يوم عرفة (2) -، وسبعةٍ إذا رجع إلى أهله (3).
(1) هذا على سبيل المثال، وليس على سبيل التعيين؛ فله أن يقومه بدراهم، ثم يخرج من الطعام الذي عنده ما يساوي هذه الدراهم.
(2)
قالوا: وفي هذه الحال ينبغي أن يحرم بالحج في اليوم السابع
…
؛ ليكون صومه الأيام الثلاثة في نفس الحج.
وفي هذا نظرٌ من جهتين: من جهة تقديم الإحرام بالحج، ومن جهة كون آخرها يوم عرفة.
أما الأول: فإن تقديم إحرام الحج على اليوم الثامن خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم
…
وأما الثاني
…
؛ ففيه نظرٌ - أيضًا -؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة
…
فالصواب: خلاف ما عليه الأصحاب في هذه المسألة من الوجهين
…
والذي يظهر لي
…
: أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصومونها في أيام التشريق؛ لقول عائشة وابن عمر رضي الله عنهم: «لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لا يجد الهدي» .
فظاهر هذا النص: أن الصحابة كانوا يصومونها في أيام التشريق، وصومها في أيام التشريق صومٌ لها في أيام الحج؛ لأن أيام التشريق أيامٌ للحج
…
فلو ذهب ذاهبٌ إلى أن الأفضل أن تصام الأيام الثلاثة في أيام التشريق لكان أقرب إلى الصواب.
(3)
قال كثيرٌ من العلماء: لو صامها بعد فراغ أعمال الحج كلها فلا بأس؛ لأنه جاز له الرجوع إلى الأهل، فجاز له صومها.
والمحصر إذا لم يجد هديًا: صام عشرةً ثم حل (1).
ويجب بوطءٍ في فرجٍ في الحج: بدنةٌ، وفي العمرة شاةٌ، وإن طاوعته زوجته لزماها.
فصلٌ
ومن كرر محظورًا من جنسٍ ولم يفد: فدى مرةً (2)؛ بخلاف صيدٍ.
ومن فعل محظورًا من أجناسٍ: فدى لكل مرةً (3) - رفض إحرامه أو لا (4) -.
ويسقط بنسيانٍ (5): فدية لبسٍ وطيبٍ وتغطية رأسٍ (6)، دون وطءٍ وصيدٍ
(1) المحصر يلزمه الهدي إن قدر، وإلا فلا شيء عليه.
(2)
لكن بشرط ألا يؤخر الفدية؛ لئلا تتكرر عليه؛ بحيث يفعل المحظور مرةً أخرى، فيعاقب بنقيض قصده؛ لئلا يتحيل على إسقاط الواجب.
(3)
القاعدة الشرعية في هذا: أنه إذا كان الموجب واحدًا فلا يضر اختلاف الأجناس .... لكن لعل الفقهاء رحمه الله قالوا: احترامًا للإحرام والنسك وتعظيمًا لشعائر الله نلزمه عن كل جنسٍ بكفارةٍ.
(4)
اللهم إلا أن يكون غير مكلفٍ؛ كالصغير؛ فإن الصغير إذا رفض إحرامه حل منه؛ لأنه ليس أهلًا للإيجاب.
(5)
ومثله: الجهل، والإكراه.
(6)
ولكن عليه متى ذكر: [فإنه يخلع اللبس إذا لبس، أو غطاء الرأس إذا فعل، وأن يبادر بغسل الطيب إذا تطيب].
وتقليمٍ وحلاقٍ (1).
وكل هديٍ أو إطعامٍ: فلمساكين الحرم (2).
وفدية الأذى واللبس - ونحوهما - ودم الإحصار: حيث وجد سببه (3).
ويجزئ الصوم بكل مكانٍ (4).
والدم: شاةٌ، أو سبع بدنةٍ (5) - وتجزئ عنها بقرةٌ (6) -.
(1) الصحيح: أن جميعها تسقط، وأن المعذور بجهلٍ أو نسيانٍ أو إكراهٍ لا يترتب على فعله شيءٌ إطلاقًا؛ لا في الجماع، ولا في الصيد، ولا في التقليم، ولا في لبس المخيط، ولا في أي شيءٍ.
(2)
هذا ليس على إطلاقه في كل هديٍ؛ لأن هدي المتعة والقران هدي شكرانٍ؛ فلا يجب أن يصرف لمساكين الحرم؛ بل حكمه حكم الأضحية؛ أي: يأكل منه ويهدي، ويتصدق على مساكين الحرم
…
والهدي الذي لترك واجبٍ يجب أن يتصدق بجميعه على مساكين الحرم، والهدي الواجب لفعل محظورٍ غير الصيد يجوز أن يوزع في الحرم، وأن يوزع في محل فعل المحظور.
ودم الإحصار حيث وجد الإحصار، ولكن لو أراد أن ينقله إلى الحرم فلا بأس.
(3)
يجوز أن ينقل [الفدية] إلى الحرم؛ لأن ما جاز في الحل جاز في الحرم، ويستثنى من فعل المحظور: جزاء الصيد؛ فإن جزاء الصيد لا بد أن يبلغ إلى الحرم.
(4)
لكن يجب أن يلاحظ [أن هناك] مسألةً قد تمنع من أن نصوم في كل مكانٍ، وهو أن الكفارات تجب على الفور إلا ما نص الشرع فيها على التراخي، فإذا كان يجب على الفور وتأخر سفره مثلًا إلى بلده؛ لزمه أن يصوم في مكة.
(5)
بشرط أن ينويه قبل ذبحها، فإن جاء إلى بدنةٍ مذبوحةٍ واشترى سبعها ونواه عن الشاة فإنه لا يجزئ؛ لأنه صار لحمًا، ولا بد في الفدية أن تذبح بنية الفدية.
(6)
ظاهره: ولو في جزاء الصيد
…
، والصواب: عدم الإجزاء في جزاء الصيد.