الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الطلاق
يباح للحاجة، ويكره لعدمها، ويستحب للضرر، ويجب للإيلاء، ويحرم للبدعة.
ويصح من زوجٍ مكلفٍ، ومميزٍ يعقله.
ومن زال عقله معذورًا لم يقع طلاقه، وعكسه الآثم (1).
ومن أكره عليه ظلمًا بإيلامٍ له أو لولده، أو أخذ مالٍ يضره، أو هدده بأحدها قادرٌ يظن إيقاعه به فطلق تبعًا لقوله (2): لم يقع.
ويقع الطلاق في نكاحٍ مختلفٍ فيه، ومن الغضبان (3).
ووكيله كهو، ويطلق واحدةً ومتى شاء (4)، إلا أن يعين له وقتًا وعددًا.
(1) مثاله: السكران باختياره
…
، [لكن] قال بعض أهل العلم: إن السكران لا يقع طلاقه
…
وهذا القول أصح، وهو الذي رجع إليه الإمام أحمد رحمه الله.
(2)
علم من قوله: (تبعًا لقوله) أنه لو طلق بقصد إيقاع الطلاق فإنه يقع الطلاق
…
، [لكن] ذهب بعض أهل العلم - وقولهم أقرب إلى الصواب - إلى أنه بالإكراه يزول الحكم مطلقًا ما لم يطمئن إلى الشيء، وهذا بعيدٌ.
(3)
القول بعدم وقوع طلاق الغضبان نظريا هو القول الراجح، لكن - عمليا وتربويا - نمنع الفتوى به إلا في حالاتٍ معينةٍ نعرف فيها صدق الزوج.
(4)
لكن بشرط ألا يكون في حيضٍ، أو طهرٍ جامع فيه الزوج.
وامرأته كوكيله في طلاق نفسها (1).
فصلٌ
إذا طلقها مرةً، في طهرٍ لم يجامع فيه (2)، وتركها حتى تنقضي عدتها: فهو سنةٌ.
فتحرم الثلاث إذن.
وإن طلق من دخل بها (3) في حيضٍ، أو طهرٍ وطئ فيه: فبدعةٌ (4) يقع (5)،
(1) هذه المسألة فيها خلافٌ بين أهل العلم - سلفًا وخلفًا -؛ فمنع منها أهل الظاهر وجماعةٌ من السلف والخلف، وقالوا: ما يمكن أن يكون الطلاق بيد الزوجة بالوكالة؛ لأن الزوجة تختلف عن الأجنبي بأنها سريعة العاطفة والتأثر، ولا تتروى في الأمور
…
فحتى على القول بالجواز - كما هو المذهب - لا ينبغي للإنسان أن يوكل امرأته في طلاق نفسها أبدًا؛ لأنها - كما علل المانعون - ضعيفة التفكير، سريعة التأثر والعاطفة، فكل هذه الأسباب توجب أن يتوقف الإنسان في توكيلها.
(2)
لو أضاف المؤلف رحمه الله قيدًا خامسًا لكان أولى، فيقول:(في طهرٍ لم يجامعها فيه ولم يتبين حملها)؛ لأنه إذا تبين حملها جاز طلاقها ولو كان قد جامعها.
(3)
لو قال المؤلف: (من لزمتها عدةٌ) لكان أعم؛ لأن المرأة تلزمها العدة إذا دخل بها؛ يعني: جامعها، أو خلا بها، أو مسها بشهوةٍ، أو قبلها.
(4)
وإن شئت فقل: (إنه محرمٌ)، وهذا أليق في اصطلاح الفقهاء.
(5)
مسألة الطلاق في الحيض من أكبر مهمات هذا الباب، ويجب على الإنسان أن يحققها بقدر ما يستطيع حتى يصل فيها إلى ما يراه صوابًا؛ لأن المسألة ليس فيها احتياطٌ؛ بل المسألة خطيرةٌ
…
ومن أحسن من رأيت كتب في الموضوع: ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد» .
وتسن رجعتها (1).
ولا سنة ولا بدعة: لصغيرةٍ، وآيسةٍ، وغير مدخولٍ بها (2)، ومن بان حملها.
وصريحه: لفظ الطلاق، وما تصرف منه - غير أمرٍ، ومضارعٍ، و (مطلقةٍ) اسم فاعلٍ -، فيقع به وإن لم ينوه (3)، جاد أو هازلٌ.
فإن نوى بطالقٍ من وثاقٍ، أو في نكاحٍ سابقٍ منه، أو من غيره، أو أراد طاهرًا فغلط: لم يقبل حكمًا.
ولو سئل: (أطلقت امرأتك؟)، فقال:(نعم): وقع (4)، أو:(ألك امرأةٌ؟)، فقال: لا، وأراد الكذب: فلا.
(1) وعلى القول بأن الطلاق لا يقع؛ نقول
…
: هي زوجةٌ لم تنفك عن زوجها حتى نقول: راجعها.
(2)
لو زاد المؤلف: (أو مخلو بها)، أو قال بدلًا من هذا:(لمن لا عدة لها) لكان أولى وأعم.
(3)
قال بعض أهل العلم: أنه إذا لم ينوه فإنه لا يقع؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} ، مع أن اليمين له حكمٌ معلقٌ عليه، فإذا حلف الإنسان تعلق الحكم بيمينه، ومع ذلك لم يجعله الله سبحانه وتعالى معتبرًا إلا إذا نواه، فإذا كان اليمين لا ينعقد إلا بالنية فالطلاق - أيضًا - لا ينعقد إلا بالنية
…
وهذا القول تعليله قوي جدا.
(4)
إذا أراد الكذب فإنه لا يقع، وإن أراد الطلاق فإنها تطلق.
فصلٌ
وكناياته الظاهرة (1) نحو: (أنت خليةٌ)(2)، و (بريةٌ)، و (بائنٌ)، و (بتةٌ)، و (بتلةٌ)، و (أنت حرةٌ)(3)، و (أنت الحرج)(4).
والخفية نحو: (اخرجي)، و (اذهبي)، و (ذوقي)، و (تجرعي)، و (اعتدي)، و (استبرئي)، و (اعتزلي)، و (لست لي بامرأةٍ)، و (الحقي بأهلك) - وما أشبهه -.
(1) فقهاؤنا رحمهم الله قسموا [كنايات الطلاق] إلى قسمين: ظاهرةٍ وخفيةٍ؛ فالظاهرة تختلف عن الخفية في أنها صريحةٌ في البينونة، ولهذا يوقعون بها ثلاثًا، والخفية غير صريحةٍ في البينونة فلا يوقعون بها إلا واحدةً ما لم ينو أكثر.
ولا دليل على هذا التقسيم
…
، لكن يقال: الكنايات نوعان: كناياتٌ بينةٌ قريبةٌ من معنى الطلاق، وكناياتٌ بعيدةٌ، وحكمها واحدٌ.
(2)
لكن بلغتنا - نحن في القصيم - يعتبرونها صريحًا، حتى العامة لا يقولون:(فلانٌ طلق زوجته)؛ بل يقولون: (فلانٌ خلى زوجته)
…
وقد سبق أن الصواب ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، [وذلك] أن الألفاظ ثيابٌ للمعاني، وإذا كانت ثيابًا لها فإنها تختلف بحسب العرف والزمان
…
، فإذن قد يكون اللفظ عند قومٍ صريحًا، وعند قومٍ آخر غير صريحٍ؛ بل قد يكون عند قومٍ لا يدل عليه أصلًا.
(3)
عندي أنها بعيدةٌ إلا إذا سألت الطلاق؛ بل حتى لو سألته وألحت عليه، وقال:(أنت حرةٌ) فأنا عندي أنه ما يتم الطلاق أبدًا، وأن فهم الطلاق منها بعيدٌ.
(4)
عندنا سبع كلماتٍ
…
، لكن مع ذلك ليست على سبيل الحصر
…
وسبق لنا أن الأعراف تختلف؛ فإننا ننزل الضابط على حسب عرف هذا الزوج، فنقول:(ما عرفك؟)(ماذا يراد بكلمة كذا في عرفك؟)، فإن قال: يراد بها أنها بانت منه، نقول: إذن هو من الكنايات الظاهرة.
ولا يقع بكنايةٍ - ولو ظاهرةً - طلاقٌ إلا بنيةٍ مقارنةٍ للفظ إلا حال خصومةٍ، أو غضبٍ، أو جواب سؤالها، فلو لم يرده، أو أراد غيره في هذه الأحوال: لم يقبل حكمًا (1).
ويقع مع النية بالظاهرة ثلاثٌ وإن نوى واحدةً (2)، وبالخفية ما نواه (3).
فصلٌ
وإن قال: (أنت علي حرامٌ)(4)، أو (كظهر أمي) (5): فهو ظهارٌ ولو نوى به
(1) الصحيح: أن الكناية لا يقع بها الطلاق إلا بنيةٍ حتى مع في هذه الأحوال
…
، فالصحيح: أنه لا يقع إلا بنيةٍ.
(2)
الصحيح: أنه لا يقع إلا واحدةً حتى لو نوى ثلاثًا.
(3)
هذا مبني على وقوع الطلاق الثلاث جملةً، وسبق الصواب، وأنه لا يوجد طلاقٌ ثلاثٌ إلا بتكرارٍ بعد رجعةٍ أو عقدٍ جديدٍ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو الصحيح.
وإذا كان باللفظ الصريح لا يقع المكرر إلا واحدةً؛ فبالكناية من باب أولى.
(4)
على القول الراجح: إذا قال لزوجته: (أنت علي حرامٌ) ونوى الخبر دون الإنشاء؛ فإننا نقول: (كذبت، وليس بشيءٍ)؛ لأنها حلالٌ
…
وإذا نوى الإنشاء - أي: تحريمها -؛ فهذا إن نوى به الطلاق فهو طلاقٌ
…
، وإن نوى به الظهار فهو ظهارٌ، وإن نوى به اليمين فهو يمينٌ.
(5)
على القول الراجح: أنه قد يجرى مجرى اليمين؛ أي: منع نفسه ولم يرد أن يحرم زوجته ويجعلها كظهر أمه.
الطلاق، وكذلك:(ما أحل الله علي حرامٌ)(1).
وإن قال: (ما أحل الله علي حرامٌ أعني به الطلاق) طلقت ثلاثًا، وإن قال:(أعني به طلاقًا) فواحدةً (2).
وإن قال: (كالميتة)، و (الدم)، و (الخنزير) وقع ما نواه من طلاقٍ وظهارٍ ويمينٍ، وإن لم ينو شيئًا فظهارٌ (3).
وإن قال: (حلفت بالطلاق)، وكذب: لزمه حكمًا.
وإن قال: (أمرك بيدك) ملكت ثلاثًا ولو نوى واحدةً (4) - ويتراخى - ما لم يطأ، أو يطلق، أو يفسخ.
ويختص: (اختاري نفسك) بواحدةٍ (5)، وبالمجلس المتصل؛ ما لم يزدها فيهما، فإن ردت أو وطئ أو طلق أو فسخ: بطل خيارها.
(1) هو يمينٌ على الراجح؛ حتى لو نوى الزوجة.
(2)
الصحيح في هذه المسألة: أنها تطلق طلقةً واحدةً ولو قال: (أعني به الطلاق)؛ لأن الطلاق الثلاث لا يقع إذا كانت كل واحدةٍ مستقلةً عن الأخرى.
(3)
قد بينا الصواب فيما سبق، وأن تحريم المرأة يمينٌ؛ إلا أن يكون بلفظ الظهار.
(4)
وقيل: إنه على حسب نيته
…
، ولو قيل في هذه المسألة: إنه يدين كغيرها من شبيهاتها، فيقال: عندنا لفظٌ ظاهرٌ ونيةٌ باطنةٌ، اللفظ الظاهر هو:(أمرك بيدك)، والنية الباطنة، فإذا لم ترافعه إلى الحاكم رجعنا إلى قوله وإلى نيته.
(5)
في المسألة قولٌ آخر: أنه إذا قال لها: (اختاري نفسك)، واختارت الفراق البائن فلها ذلك.