الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب المناسك
الحج والعمرة واجبان (1) على المسلم الحر المكلف القادر في عمره مرةً (2) على الفور.
فإن زال الرق (3) والجنون والصبا في الحج بعرفة، وفي العمرة قبل طوافها: صح فرضًا.
وفعلهما من الصبي والعبد: نفلًا.
والقادر: من أمكنه الركوب (4)، ووجد زادًا وراحلةً صالحين لمثله (5) بعد
(1) لكن ليس وجوب العمرة كوجوب الحج؛ لا في الآكدية، ولا في العموم والشمول.
(2)
[فما زاد عن مرةٍ فهو تطوعٌ]؛ إلا لسببٍ كالنذر، فمن نذر أن يحج وجب عليه أن يحج.
(3)
وقيل: إنه لا يكون فرضًا إلا من حين العتق.
(4)
أما في زمن الإبل فتعذر الركوب كثيرٌ
…
وأما في وقتنا الحاضر - وقت الطائرات والسيارات -؛ فالذي لا يمكنه الركوب نادرٌ جدا، ولكن مع ذلك فبعض الناس تصيبه مشقةٌ ظاهرةٌ في ركوب السيارة والطائرة والباخرة؛ فربما يغمى عليه أو يتعب تعبًا عظيمًا أو يصاب بغثيانٍ وقيءٍ؛ فهذا لا يجب عليه الحج وإن كان صحيح البدن قويا.
(5)
ذهب بعض العلماء إلى أنه من وجد زادًا وراحلةً يصل بهما إلى المشاعر ويرجع؛
لزمه الحج، ولم يقيدوا ذلك بكونهما صالحين لمثله، وهذا أقرب إلى الصواب.
قضاء الواجبات والنفقات الشرعية والحوائج الأصلية.
وإن أعجزه كبرٌ، أو مرضٌ لا يرجى برؤه: لزمه أن يقيم من يحج ويعتمر عنه (1) من حيث وجبا (2).
(1) لكن لا بد أن يكون على الصفة التي يجزئه فيها حج الفرض؛ فلو أقام عنه صبيا لم يجزئه؛ لأن الصبي لا يصح حجه الفرض عن نفسه، فعن غيره أولى، ولو أقام رقيقًا - على القول بأن الحج لا يجزئه - لم يجزئه أيضًا
…
ويشترط لهذا النائب الذي ناب عن غيره ألا يكون عليه فرضٌ - أي: فرض الحج -، فإن كان عليه فرض الحج فإنه لا يجزئ أن يكون نائبًا عن غيره، فلو أقام فقيرًا يحج عنه لأجزأ؛ لأنه ليس عليه فرض الحج؛ فهو كالغني الذي أدى الحج عن نفسه، وإن أقام عنه غنيا لم يؤد الفرض عن نفسه فإنه لا يجزئه.
والدليل على ذلك: حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يلبي يقول: لبيك عن شبرمة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«أحججت عن نفسك؟» ، قال: لا، قال:«حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة»
…
وهذا الحديث اختلف العلماء في رفعه ووقفه، واختلفوا في تصحيحه وتضعيفه
…
ولكن نقول: لا شك أن الأولى والأليق ألا يكون نائبًا عن غيره فيما هو فرضٌ عليه حتى يؤدي فرضه أولًا؛ سواءٌ صح هذا الحديث مرفوعًا أو صح موقوفًا أو لم يصح؛ فإن النظر يقتضي أن يقدم الإنسان نفسه على غيره؛ لعموم: «ابدأ بنفسك» ، ونفسك أحق من غيرك.
لكن على المذهب: يشترط هذا الشرط، وهو أن يكون النائب قد أدى فرض الحج، فإن لم يؤد فرض الحج فإن ذلك لا يصح، ويكون الحج لهذا الذي حج، ويرد النفقة التي أخذها لمن وكله.
(2)
هذا القول ضعيفٌ
…
، والقول الراجح: أنه لا يلزمه أن يقيم من يحج عنه من مكانه، وله أن يقيم من يحج عنه من مكة، ولا حرج عليه في ذلك؛ لأن السعي إلى مكة مقصودٌ لغيره.
ويجزئ عنه - وإن عوفي بعد الإحرام (1) -.
ويشترط لوجوبه على المرأة: وجود محرمها (2)، وهو: زوجها، أو من تحرم عليه على التأبيد بنسبٍ أو سببٍ مباحٍ (3).
وإن مات من لزماه: أخرجا من تركته (4).
(1) إذا علم النائب بأن المنيب قد عوفي قبل أن يحرم؛ فما فعله بعد ذلك فهو على نفقته؛ لأنه علم أنه لا يجزئه حجه عن منيبه، وأما ما أنفقه قبل ذلك من النفقات فإنه على المنيب.
(2)
وإذا حجت المرأة بدون محرمٍ؛ صح حجها ولكنها تأثم؛ لأن المحرمية لا تختص بالحج.
(3)
قوله: (سببٌ مباحٌ)
…
: مثل: أم المزني بها، وأم الملوط به وبنته - على القول بأنه يوجب التحريم -.
ولكن القول الراجح: أن أم المزني بها ليست حرامًا على الزاني، وأن بنت المزني بها ليست حرامًا على الزاني
…
، فإذا تاب من الزنا جاز له أن يتزوج أم المزني بها وبنتها، ومن باب أولى حل أم الملوط به وبنته.
أما الموطوءة بشبهةٍ
…
؛ فالصحيح: التفريق بينهما، وأن أم الموطوءة بشبهةٍ وبنتها من محارم الواطئ؛ لأنه وطئ وهو يظن أنه وطءٌ حلالٌ.
(4)
ذهب ابن القيم رحمه الله مذهبًا جيدًا، وهو: أن كل من فرط في واجبه فإنه لا تبرأ ذمته ولو أدي عنه بعد موته، وعلى هذا: فلا يحج عنه ويبقى مسؤولًا أمام الله عز وجل، لكن الجمهور على خلاف كلام ابن القيم، لكن كلامه هو الذي تقتضيه الأدلة الشرعية.