الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب بيع الأصول والثمار
إذا باع دارًا: شمل أرضها، وبناءها، وسقفها، والباب المنصوب، والسلم والرف المسمورين، والخابية المدفونة (1)؛ دون ما هو مودعٌ فيها من كنزٍ (2) وحجرٍ (3) ومنفصلٍ منها - كحبلٍ ودلو وبكرةٍ وقفلٍ وفرشٍ ومفتاحٍ (4) -.
(1) ما ذكره المؤلف رحمه الله ليس له دلالةٌ شرعيةٌ، وإنما له دلالةٌ عرفيةٌ؛ فهذه الأمور في أعرافهم لا تدخل؛ فلا يكون البيع شاملًا لها، لكن لو اختلف العرف [في شيءٍ من هذه الأمور؛ فإن البيع سيكون شاملًا لها]، فلو اختلف العرف، وصار الباب داخلًا في المبيع - سواءٌ كان منصوبًا أو غير منصوبٍ -؛ [فسيدخل في المبيع].
وكذلك - أيضًا - مسألة الرف الذي مثلنا به؛ فعضائد الرف مسمرةٌ ثابتةٌ، ولكن الخشب الذي يوضع على هذه العضائد غير مسمرٍ، [وقد] جرت العادة والعرف أنه تبعٌ، فيدخل.
وأيضًا: الرحى؛ فالطبقة السفلى منها مسمرةٌ بالأرض أو مبنيةٌ عليها، والعليا غير مسمرةٍ؛ فعلى كلام المؤلف: العليا لا تدخل، ولكن لا شك أن الطبقة العليا تدخل؛ لأنه لا يمكن أن تكون رحًى بدون طبقٍ أعلى، ثم إذا أخذ البائع هذه العليا فلن ينتفع بها إلا بالسفلى.
فالصواب - أيضًا - في مسألة الرحى أنها داخلةٌ إذا كانت منصوبةً في الأرض - يعني: مثبتةً -؛ فإنه يدخل الأعلى كما يدخل الأسفل.
(2)
يكون لصاحبه إذا كان مكتوبًا عليه - أو ما أشبه ذلك -، وإن لم يكن مكتوبًا عليه فإنه لمن يجده.
(3)
أما الحجر الذي من طبيعة الأرض فيدخل؛ لأنه من طبيعة الأرض.
(4)
ظاهر كلام المؤلف: أن البكرة لا تدخل وإن كانت مسمرةً، وفي هذا نظرٌ؛ لأنها إن كانت مسمرةً فقد أعدت للبقاء؛ فهي كالرف المسمر - ولا فرق -
…
[وكذلك] القفل الذي في الأبواب نفسها؛ فهو تبعٌ للأبواب، إن دخلت دخل وإن لم تدخل لم يدخل.
و [كذلك] الفرش فيها تفصيلٌ؛ فما كان ملصقًا ثابتًا - كما يوجد الآن - فهو داخلٌ، وما كان منفصلًا ينقل فهو غير داخلٍ.
وكذا المفتاح: فلا شك أن المفاتيح داخلةٌ؛ فلا يوجد مفتاحٌ بدون قفلٍ، والأقفال مثبتةٌ؛ إذن فهي فرعٌ عن الأقفال، فتكون تابعةً للأقفال - بلا شك -، وعليه: فإن المفاتيح إذا كانت لأقفالٍ مثبتةٍ فهي داخلةٌ في البيع وإلا فلا.
وإن باع أرضًا ولو لم يقل بحقوقها: شمل غرسها (1) وبناءها، وإن كان فيها زرعٌ - كبر وشعيرٍ - فلبائعٍ مبقى، وإن كان يجز أو يلقط مرارًا فأصوله للمشتري، والجزة واللقطة الظاهرتان عند البيع للبائع، وإن اشترط المشتري ذلك صح.
فصلٌ
ومن باع نخلًا تشقق طلعه: فلبائعٍ مبقى إلى الجذاذ، إلا أن يشترطه مشترٍ (2)، وكذلك شجر العنب والتوت والرمان - وغيره -، وما ظهر من نوره - كالمشمش
(1) إن كانت الأرض بيضاء ليس فيها بناءٌ ولا غرسٌ ولا زرعٌ، فإذا باع هذه الأرض؛ [فلا يدخل فيها] ما أنبته الله - تعالى - من الكلإ؛ لأنه لا يملك بملك الأرض
…
، أما ما غرسه الآدمي فيدخل.
(2)
المؤلف علق الحكم بالتشقق؛ فمتى باع البائع نخلًا متشققًا طلعه؛ فالطلع له؛ سواءٌ أبره أو لم يؤبره
…
والصواب: أن الحكم معلقٌ بالتأبير
…
، فإذا باع نخلًا تشقق طلعه قبل أن يؤبره فالثمر للمشتري، وإن أبره فهو للبائع.
والتفاح -، وما خرج من أكمامه - كالورد والقطن -.
وما قبل ذلك، والورق: فلمشترٍ.
ولا يباع ثمرٌ قبل بدو صلاحه (1)، ولا زرعٌ قبل اشتداد حبه (2)، ولا رطبةٌ وبقلٌ ولا قثاءٌ - ونحوه كباذنجانٍ - دون الأصل إلا بشرط: القطع في الحال (3)، أو جزةً جزةً، أو لقطةً لقطةً (4).
(1) النفي هنا للتحريم وإن كان يحتمل الكراهة، لكن الاستدلال بالحديث يدل على أن الفقهاء رحمهم الله أرادوا التحريم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخل حتى يزهو، وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة، نهى البائع والمشتري.
(2)
هذا ما لم يبع للعلف؛ فإن بيع للعلف فإنه لا يشترط أن يشتد حبه؛ بل مجرد ما يبلغ الحصاد يباع، ولا حرج في ذلك.
(3)
الصحيح: أنه لا يشترط ذلك إذا كان قطعه في وقتٍ يقطع مثله؛ لأن تأخير الحصاد لمدة يومٍ أو يومين أو أسبوعٍ عند الناس لا يعتبر جهالةً ولا يوجب نزاعًا
…
فالصواب: أنه إذا كان ذلك بعد تمام نمائها؛ فإنها إذا بيعت فلا يشترط القطع في الحال؛ بل يجزها المشتري بحسب ما جرت به العادة
…
وإذا باع الثمرة قبل بدو صلاحها واشترط المشتري أن يجزها في الحال؛ كان ذلك جائزًا؛ لأن المشتري لا يريد أن يبقيها حتى يبدو صلاحها، ولكن يشترط في هذه الحال أن تكون الثمرة مما ينتفع به إذا قطعت في الحال، فإن لم تكن مما ينتفع به فإن البيع باطلٌ؛ لأنه سبق لنا أن من شروط البيع: أن يقع على عينٍ فيها نفعٌ مباحٌ.
(4)
أي: اللقطة الحاصلة الآن، أما ما لم يوجد فإنه مجهولٌ، وينطبق عليه نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر.
والحصاد واللقاط على المشتري (1).
وإن باعه مطلقًا، أو بشرط البقاء، أو اشترى ثمرًا لم يبد صلاحه بشرط القطع وتركه حتى بدا، أو جزةً أو لقطةً فنمتا (2)، أو اشترى ما بدا صلاحه وحصل آخر واشتبها (3)، أو عريةً فأتمرت: بطل، والكل للبائع.
وإذا بدا ما له صلاحٌ في الثمرة واشتد الحب: جاز بيعه مطلقًا وبشرط التبقية، وللمشتري تبقيته إلى الحصاد والجذاذ (4)، ويلزم البائع سقيه إن احتاج إلى ذلك وإن تضرر الأصل.
(1) لكن لو اشترط المشتري على البائع أن يكون ذلك عليه؛ فصحيحٌ.
(2)
الصواب: أنه إذا نمت الجزة أو اللقطة برضا البائع فإن البيع لا يبطل
…
؛ لأن الزيادة في الأصل للبائع
…
، وأما إذا كان بغير رضاه - بأن تهاون المشتري حتى كبرت ونمت -؛ فله الخيار؛ إن شاء أمضى البيع
…
، وإن شاء فسخ.
(3)
إذا حصلت الثمرة واشتبهت بالأولى، فنقول:(اصطلحا)، فإن تنازل من له الثمرة الثانية، فقال:(الكل عندي سواءٌ، والثمرة التي حصلت بعد هي له)؛ فحينئذٍ نقول: البيع يبقى، ولا نزاع ولا خصومة.
وإذا أبيا أن يصطلحا وأبى من له الثمرة الثانية أن يهبها للأول
…
؛ فيقول الفقهاء الذين قالوا بعدم بطلان البيع: يجبرون على الصلح؛ فيجبر المشتري ومن له الثمرة الجديدة على الصلح؛ لأنه لا يمكن الانفكاك منه إلا بهذا
…
، فإن أبيا إلا بثالثٍ يصلح بينهما قلنا: لا بأس، فنقيم ثالثًا يصلح بينهما وتنتهي المشكلة.
(4)
لكن هذا ليس على إطلاقه؛ بل يقال: بشرط ألا يتضرر الأصل بعد تأخيره عن وقت الحصاد والجذاذ، فإن تضرر فليس له ذلك.
وإن تلفت بآفةٍ سماويةٍ (1) رجع على البائع (2)، وإن أتلفه آدمي خير مشترٍ بين: الفسخ، والإمضاء ومطالبة المتلف (3).
وصلاح بعض الشجرة صلاحٌ لها ولسائر النوع الذي في البستان (4).
(1) الآفة السماوية أعم مما يظهر من لفظها؛ إذ إن المراد بها ما لا يمكن المشتري تضمينه؛ سواءٌ كان بآفةٍ سماويةٍ لا صنع للآدمي فيه أو بصنع آدمي لا يمكن أن يضمن؛ إما لسلطته أو لجهالته؛ كما لو نزل الجند الأعداء فيما حول البلد وأتلفوا البساتين؛ فهؤلاء لا يمكن تضمينهم، فيكون إتلافهم كالتلف بالآفة السماوية، وهذا قولٌ وجيهٌ.
(2)
يستثنى من ذلك: ما إذا أخر المشتري جذها عن العادة؛ فإن الضمان عليه لا على البائع.
(3)
لكن لو قيل: بأنه لا يستحق الفسخ لكان له وجهٌ؛ لأن حقيقة الأمر أن الثمرة تلفت في ملكه، ومطالبة المتلف ممكنةٌ، فلا يرجع على البائع.
نعم، لو تبين أن البائع مفرطٌ - كما سبق - ورأى الرجل قد صعد الشجرة ليجذ الثمرة؛ فحينئذٍ نقول: القول بأنه يخير بين الفسخ وبين الإمضاء ومطالبة المتلف: قولٌ وجيهٌ.
(4)
ظاهر كلام المؤلف: أنه سواءٌ بيع النوع جميعًا أو بيع تفريدًا؛ بأن بعنا التي بدا صلاحها وانتقل ملكها إلى المشتري، ثم بعنا البقية من نوعها على آخرين؛ فالكل صحيحٌ
…
، وهذا أحد القولين في مذهب الإمام أحمد
…
أما المذهب: فإنه إذا بيع النوع جميعًا؛ فصلاح بعض الشجرة صلاحٌ للنوع
…
، أما إذا أفرد فإنك إذا بعت ما بدا صلاحه ثم جددت عقدًا لما لم يبد صلاحه؛ [فقد] صدق عليك أنك بعت ثمرةً قبل بدو صلاحها
…
، والمذهب أصح مما هو ظاهر كلام المؤلف.
وقال بعض العلماء: إن صلاح الشجرة صلاحٌ لها ولنوعها ولجنسها؛ فمثلًا: إذا كان عند إنسانٍ بستانٌ فيه عشرة أنواعٍ من النخل، وبدا الصلاح في نوعٍ منها؛ جاز بيع الجميع صفقةً واحدةً - الذي من نوعه والذي ليس من نوعه -، لكن المذهب لا يعتبرون ذلك؛ [بل] يعتبرون النوع، والمذهب أحوط وإن كان هذا القول قويا.
وبدو الصلاح في ثمر النخل: أن تحمر أو تصفر، وفي العنب: أن يتموه حلوًا (1)، وفي بقية الثمر: أن يبدو فيه النضج ويطيب أكله (2).
ومن باع عبدًا له مالٌ: فماله لبائعه؛ إلا أن يشترطه المشتري، فإن كان قصده المال اشترط علمه وسائر شروط البيع، وإلا فلا.
وثياب الجمال للبائع، والعادة للمشتري (3).
(1) عبر بعض العلماء بقولهم: (العنب أن يسود) قياسًا على تلوين النخل، وهذا صحيحٌ بالنسبة لما صلاحه باسوداده، لكن هناك عنبٌ لا يسود ولو بلغ الغاية في النضوج.
وربما يوجد - أيضًا -
…
عنبٌ قاسٍ ولو كان قد بدا صلاحه.
ولهذا عبر بعض أهل العلم بعبارةٍ جامعةٍ، قال:(أن يطيب أكله) كما ذكره المؤلف في بقية الثمار، ولذلك يوجد الآن عنبٌ في الأسواق ليس متموهًا ولا مسودا؛ بل أخضر قاسٍ، ومع ذلك هو حلوٌ يطيب أكله.
(2)
حتى ثمار النخيل وثمار العنب - وغيرهما -؛ [تدور] على إمكان أكله واستساغته؛ لأنه إذا وصل إلى هذا الحد أمكن الانتفاع به.
(3)
وتختلف الأعراف في هذا
…
، ولا شك أن هذا يتبع العادة في ذلك، فيقال: إن عد هذا من ثياب الجمال فهو للبائع، وإن عد من ثياب العادة فهو للمشتري.