الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب محظورات الإحرام
وهي تسعةٌ: حلق الشعر (1)، وتقليم الأظافر (2) - فمن حلق أو قلم ثلاثةً؛ فعليه دمٌ (3) -.
(1) لا يحرم إلا حلق الرأس فقط
…
، ولو أن الإنسان تجنب الأخذ من شعوره - كشاربه وإبطه وعانته - احتياطًا لكان هذا جيدًا، لكن أن نلزمه ونؤثمه إذا أخذ مع عدم وجود الدليل الرافع للإباحة؛ فهذا فيه نظرٌ.
(2)
تقليم الأظافر لم يرد فيه نص - لا قرآني ولا نبوي -، لكنهم قاسوه على حلق الشعر بجامع الترفه.
وإذا كان داود [الظاهري] ينازع في حلق بقية الشعر الذي بالجسم في إلحاقها بالرأس فهنا من باب أولى.
ولهذا ذكر في «الفروع» أنه يتوجه احتمال ألا يكون من المحظورات؛ بناءً على القول بأن بقية الشعر ليس من المحظورات.
لكن نقل بعض العلماء الإجماع على أنه من المحظورات، فإن صح هذا الإجماع فلا عذر في مخالفته؛ بل يتبع، وإن لم يصح فإنه يبحث في تقليم الأظافر كما بحثنا في حلق بقية الشعر.
(3)
اختلف العلماء رحمهم الله في القدر الذي تجب فيه الفدية، على أقوالٍ:
القول الأول - وهو المذهب -: أنه ثلاثةٌ فأكثر.
القول الثاني: إذا حلق أربع شعراتٍ؛ فعليه دمٌ.
القول الثالث: إذا حلق خمس شعراتٍ؛ فعليه دمٌ.
القول الرابع: إذا حلق ربع الرأس؛ فعليه دمٌ. القول الخامس: إذا حلق ما به إماطة الأذى؛ فعليه دمٌ.
وأقرب الأقوال إلى ظاهر القرآن: هو الأخير؛ إذا حلق ما به إماطة الأذى؛ أي: يكون ظاهرًا على كل الرأس، وهو مذهب مالكٍ؛ أي: إذا حلق حلقًا يكاد يكون كاملًا يسلم به الرأس من الأذى؛ لأنه هو الذي يماط به الأذى.
ومن غطى رأسه بملاصقٍ: فدى (1).
وإن لبس ذكرٌ مخيطًا: فدى (2).
(1) ظاهر كلام المؤلف رحمه الله: أن تغطية الوجه ليست حرامًا ولا محظورًا
…
وهذه محل خلافٍ بين العلماء؛ فمنهم من قال: لا يجوز
…
؛ بناءً على صحة اللفظة الواردة في حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما في الرجل الذي وقصته ناقته: «ولا وجهه» ؛ ففي «الصحيحين» أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تخمروا رأسه» فقط، وروى مسلمٌ أنه قال:«ولا وجهه»
…
فمن كانت عنده صحيحةً قال: لا يجوز
…
، ومن ليست عنده صحيحةً قال: يجوز.
وابن حزمٍ رحمه الله قال: إنه يجوز في حال الحياة أن يغطي وجهه، ولا يجوز في حال الموت.
(2)
الدليل على هذا: حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: ما يلبس المحرم؟ قال: «لا يلبس القميص، ولا السراويل، ولا البرانس، ولا العمائم، ولا الخفاف» .
فذكر خمسة أشياء لا تلبس
…
ومعنى هذا: أنه يلبس المحرم ما سوى هذه الخمسة.
وعبر [المؤلف لذلك] بلبس المخيط، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم الذي أعطي جوامع الكلم لم يعبر بلبس المخيط مع أنه أعم مما عينه، وإنما ذكر أشياء معينةً عينها بالعد
…
ويذكر أن أول من عبر بلبس المخيط: إبراهيم النخعي رحمه الله، وهو من فقهاء التابعين ولما كانت هذه العبارة ليست واردةً عن معصومٍ؛ صار فيها إشكالٌ:
أولًا: من حيث عمومها.
والثاني: من حيث مفهومها.
لأننا إذا أخذنا بعمومها حرمنا كل ما فيه خياطةٌ؛ لأن المخيط اسم مفعولٍ بمعنى مخيوطٍ، ولأن هذه العبارة توهم أن ما جاز لبسه شرعًا في الإحرام إذا كان فيه خياطةٌ فإنه يكون ممنوعًا
…
، وهذا ليس بحرامٍ؛ بل هو جائزٌ.
فالتعبير النبوي أولى من هذا؛ لأن فيه عدا وليس حدا، وليس فيه إيهامٌ.
وإن طيب بدنه أو ثوبه، أو ادهن بمطيبٍ (1)، أو شم طيبًا (2)، أو تبخر بعودٍ - ونحوه -: فدى.
وإن قتل صيدًا مأكولًا بريا (3) أصلًا ولو تولد منه ومن غيره، أو تلف في يده (4): فعليه جزاؤه.
(1) بشرط أن يكون هذا الذي ادهن به قد ظهر فيه رائحة الطيب.
(2)
هذه المسألة - وهي شم الطيب -: في تحريمها نظرٌ؛ لأن الشم ليس استعمالًا، ولهذا قال بعض العلماء: إنه لا يحرم الشم، لكن إن تلذذ به فإنه يتجنبه خوفًا من المحذور الذي يكون بالتطيب، أما شمه ليختبره - مثلًا - هل هو طيبٌ جيدٌ أو وسطٌ أو رديءٌ؛ فهذا لا بأس به.
(3)
أما ما يعيش في البر والبحر فإلحاقه بالبري أحوط؛ لأنه اجتمع فيه جانب حظرٍ وجانب إباحةٍ، فيغلب جانب الحظر.
(4)
ظاهر كلام المؤلف: أنه يحرم عليه إمساكه ولو كان قد ملكه قبل الإحرام، ولكن الصواب: أن الصيد الذي في يد المحرم إن كان قد ملكه بعد الإحرام فهو حرامٌ، ولا يجوز له إمساكه، وإن كان قد ملكه قبل الإحرام وأحرم وهو في يده فهو ملكه، وملكه إياه تام.
ولا يحرم: حيوانٌ إنسي، ولا صيد البحر، ولا قتل محرم الأكل، ولا الصائل.
ويحرم عقد نكاحٍ، ولا يصح، ولا فدية، وتصح الرجعة.
وإن جامع المحرم قبل التحلل الأول: فسد نسكهما، ويمضيان فيه، ويقضيانه ثاني عامٍ (1).
وتحرم المباشرة، فإن فعل فأنزل لم يفسد حجه، وعليه بدنةٌ (2)، لكن يحرم من الحل لطواف الفرض (3).
وإحرام المرأة كالرجل إلا في اللباس، وتجتنب: البرقع (4)، والقفازين، وتغطية وجهها (5).
(1) هذه ثلاثة أحكامٍ، وبقي حكمان: الإثم، والفدية - وهي بدنةٌ -.
(2)
الصحيح: أن المباشرة لا تجب فيها البدنة؛ بل فيها ما في بقية المحظورات.
(3)
يظهر أن هذا سبق قلمٍ من الماتن رحمه الله؛ لأن هذا الحكم المستدرك لا ينطبق على المباشرة؛ بل ينطبق على الجماع بعد التحلل الأول
…
فهذه العبارة: الأصح أن تنقل إلى الجماع بعد التحلل الأول.
(4)
لو قال المؤلف: (البرقع والنقاب)، أو قال:(النقاب) فقط؛ لكان أحسن، وإنما اقتصر على البرقع فقط لأن البرقع للزينة، والنقاب للحاجة.
فالنقاب تستعمله المرأة فتغطي وجهها، وتفتح فتحةً بقدر العين لتنظر من خلالها، والبرقع تجملٌ؛ فهو يعتبر من ثياب الجمال للوجه؛ فهو - إذن - نقابٌ وزيادةٌ، وعلى هذا: النقاب حرامٌ على المحرمة.
(5)
هذا هو المشهور من المذهب، وذكروا هنا ضابطًا: أن إحرام المرأة في وجهها.
وهذا ضعيفٌ، فهذا إن أرادوا به أنه المحل الذي يمنع فيه لباسٌ معينٌ فهذا صحيحٌ، وإن أرادوا به التغطية فهذا غير صحيحٍ؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم نهي المرأة عن تغطية الوجه لكون النقاب لباس الوجه، فكأن المرأة نهيت عن لباس الوجه كما نهي الرجل عن لباس الجسم والرأس.
ويباح لها التحلي (1).
(1) لكن يجب أن تستر الحلي عن الرجال، فإذا كانت وحدها في البيت أو مع نساءٍ أو مع زوجٍ أو مع محارم وعليها الحلي؛ فلا بأس.