الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الحجر
ومن لم يقدر على وفاء شيءٍ من دينه: لم يطالب به، وحرم حبسه.
ومن ماله قدر دينه: لم يحجر عليه وأمر بوفائه، فإن أبى حبس (1) بطلب ربه، فإن أصر ولم يبع ماله باعه (2) الحاكم وقضاه (3)، ولا يطالب بمؤجلٍ.
ومن ماله لا يفي بما عليه حالا: وجب الحجر عليه بسؤال غرمائه أو بعضهم.
ويستحب إظهاره.
ولا ينفذ تصرفه في ماله بعد الحجر (4)، ولا إقراره عليه، ومن باعه أو أقرضه
(1) الصحيح: أن العقوبة مطلقةٌ ترجع إلى اجتهاد القاضي.
(2)
هذا مقيدٌ بما إذا لم يكن المال عنده من جنس الدين، فإن كان من جنس الدين فلا حاجة لبيعه.
(3)
لو رأى ولي الأمر من قاضٍ أو أميرٍ أن ضربه [مع الحبس] قد يفيد فله أن يضربه ضربًا غير مبرحٍ، وعلى هذا: نجعل الضرب ليس لازمًا؛ بل هو راجعٌ إلى المصلحة
…
ولو كان أحدٌ من العلماء يقول بأنه: (لا يحبس ولا يضرب، وإنما يتولى الحاكم الوفاء مباشرةً مما عنده) لكان له وجهٌ؛ لأن في ذلك مصلحةً للطرفين.
(4)
يؤخذ من [قوله: (بعد الحجر)]: أن تصرفه قبل الحجر صحيحٌ ولو أضر بالغرماء
…
واختار شيخ الإسلام رحمه الله أن تصرفه قبل الحجر إن كان مضرا بالغرماء فهو غير صحيحٍ ولا نافذٍ، وإن كان غير مضر فهو صحيحٌ نافذٌ، وهذا أصح.
شيئًا بعده: رجع فيه إن جهل حجره وإلا فلا.
وإن تصرف في ذمته، أو أقر بدينٍ أو جنايةٍ توجب قودًا أو مالًا: صح، ويطالب به بعد فك الحجر عنه، ويبيع الحاكم ماله (1) ويقسم ثمنه بقدر ديون غرمائه.
ولا يحل: مؤجلٌ بفلسٍ، ولا بموتٍ إن وثق ورثته برهنٍ أو كفيلٍ مليءٍ.
وإن ظهر غريمٌ بعد القسمة: رجع على الغرماء بقسطه.
ولا يفك حجره إلا حاكمٌ.
فصلٌ
ويحجر على: السفيه، والصغير (2)، والمجنون؛ لحظهم.
ومن أعطاهم ماله بيعًا أو قرضًا رجع بعينه، وإن أتلفوه لم يضمنوا، ويلزمهم أرش الجناية، وضمان مال من لم يدفعه إليهم.
(1) لكن بشرط ألا يكون ماله من جنس الدين، فإن كان من جنس الدين فإنه لا يبيعه؛ لأنه لا حاجة للبيع حينئذٍ، ولأن البيع قد يضر هذا المحجور عليه؛ فربما يباع الشيء بأقل من قيمته، والبيع يحتاج إلى نقلٍ وتفريغٍ وأجرة دلالٍ، وهذا ضررٌ على المحجور عليه.
(2)
لكن لا بأس أن نعطيه ما يتصرف به مما جرت به العادة لنختبره
…
؛ بمعنى: أننا لا نحجر عليه حجرًا تاما؛ بل نعطيه ما يتصرف به بقدره؛ حتى نعرف أنه يحسن التصرف، فإذا بلغ أعطيناه ماله
…
والسفيه البالغ كالمراهق؛ بمعنى: أننا لا نمكنه من التصرف في ماله كما يريد، ولكن نعطيه مما جرت به العادة من الأشياء اليسيرة.
وإن تم لصغيرٍ خمس عشرة سنةً، أو نبت حول قبله شعرٌ خشنٌ أو أنزل، أو عقل مجنونٌ ورشد، أو رشد سفيهٌ: زال حجرهم بلا قضاءٍ، وتزيد الجارية في البلوغ بالحيض، وإن حملت حكم ببلوغها.
ولا ينفك قبل شروطه.
والرشد: الصلاح في المال؛ بأن يتصرف مرارًا، فلا يغبن غالبًا، ولا يبذل ماله في حرامٍ أو في غير فائدةٍ (1).
ولا يدفع إليه حتى يختبر قبل بلوغه بما يليق به (2).
ووليهم حال الحجر: الأب، ثم وصيه، ثم الحاكم (3).
ولا يتصرف لأحدهم وليه إلا بالأحظ، ويتجر له مجانًا (4)، وله دفع ماله
(1) ظاهر كلام المؤلف: أنه يحجر على [من يبذل أمواله في حرامٍ]
…
وفي هذا نظرٌ
…
، والأولى أن نقول: السفيه: هو الذي لا يحسن التصرف في ماله؛ بأن يغبن ويغر ويخدع، أو يبذله في شيءٍ لا ينتفع به.
(2)
لو قيل: (حتى يختبر بما يدل على رشده في ماله) لكان أحسن؛ لأننا الآن نتكلم عن المال وليس عن الأعمال.
فيكون الصواب أن يقال: ولا يدفع إليه حتى يختبر قبل بلوغه فيما يتعلق بتصرف المال حتى يعلم به رشده في التصرف في ماله.
(3)
القول الثاني في المسألة: أن الولاية تكون لأولى الناس به ولو كانت الأم - إذا كانت رشيدةً -؛ لأن المقصود حماية هذا الطفل الصغير أو حماية المجنون أو السفيه، فإذا وجد من يقوم بهذه الحماية من أقاربه فهو أولى من غيره، وهذا هو الحق - إن شاء الله تعالى -.
(4)
ظاهر [كلام المؤلف]: مطلقًا؛ سواءٌ شغله عن أشغاله الخاصة أم لا، ولكن ينبغي أن يقيد بما لم يشغله عن أشغاله الخاصة ويأبى أن يتجر إلا بسهمٍ، فحينئذٍ نقول: لا بأس، ولكن ترفع المسألة إلى القاضي ليقرر ما يراه مناسبًا.
مضاربةً بجزءٍ من الربح (1).
ويأكل الولي الفقير من مال موليه الأقل من كفايته أو أجرته مجانًا (2).
ويقبل قول الولي (3) والحاكم بعد فك الحجر في: النفقة، والضرورة، والغبطة، والتلف، ودفع المال (4).
وما استدان العبد: لزم سيده إن أذن له، وإلا ففي رقبته؛ كاستيداعه، وأرش جنايته، وقيمة متلفه.
(1) لكن بشرط أن يرى أن هذا أحسن ما يكون في مال هذا الصبي.
(2)
يأكل كفايته؛ سواءٌ كانت بقدر الأجرة أو أقل أو أكثر.
(3)
يشترط لقبول قول الولي: ألا يخالف العادة، فإن خالف العادة فإنه لا يقبل إلا ببينةٍ.
(4)
قال بعض أهل العلم: إنه لا يقبل قول الولي في دفع المال إلى المحجور عليه إلا ببينةٍ
…
ولو قال قائلٌ: (أنا أريد أن أتوسط بين القولين، فإذا كان الولي معروفًا بالورع والتقوى والصدق فالقول قوله، وإن كان الأمر بالعكس فلا يقبل قوله، مع أننا لا نقبل قوله إلا بيمينٍ)؛ لكان وسطًا، ولأخذ بقول بعض هؤلاء وقول بعض هؤلاء.