الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب جامع الأيمان
يرجع في الأيمان إلى: نية الحالف إذا احتملها اللفظ، فإن عدمت النية رجع إلى سبب اليمين وما هيجها، فإن عدم ذلك رجع إلى التعيين.
فإذا حلف: - (لا لبست هذا القميص) فجعله سراويل أو رداءً أو عمامةً ولبسه، - أو (لا كلمت هذا الصبي) فصار شيخًا، أو (زوجة فلانٍ هذه) أو (صديقه فلانًا) أو (مملوكه سعيدًا) فزالت الزوجية والملك والصداقة ثم كلمهم، أو (لا أكلت لحم هذا الحمل) فصار كبشًا، أو (هذا الرطب) فصار تمرًا أو دبسًا أو خلا، أو (هذا اللبن) فصار جبنًا أو كشكًا أو نحوه، ثم أكله: حنث في الكل، إلا أن ينوي ما دام على تلك الصفة.
فصلٌ
فإن عدم ذلك رجع إلى ما يتناوله الاسم، وهو ثلاثةٌ: شرعي، وحقيقي، وعرفي.
فالشرعي: ما له موضوعٌ في الشرع، وموضوعٌ في اللغة.
فالمطلق ينصرف إلى الموضوع الشرعي الصحيح.
فإذا حلف: لا يبيع أو لا ينكح، فعقد عقدًا فاسدًا: لم يحنث.
وإن قيد يمينه بما يمنع الصحة - كأن حلف لا يبيع الخمر أو الحر -: حنث
بصورة العقد (1).
والحقيقي: هو الذي لم يغلب مجازه على حقيقته كاللحم (2).
فإن حلف: لا يأكل اللحم، فأكل شحمًا أو مخا أو كبدًا - أو نحوه -: لم يحنث (3).
وإن حلف: لا يأكل أدمًا: حنث بأكل البيض والتمر والملح والخل والزيتون - ونحوه -، وكل ما يصطبغ به.
و: لا يلبس شيئًا، فلبس ثوبًا أو درعًا أو جوشنًا أو نعلًا: حنث.
وإن حلف: لا يكلم إنسانًا: حنث بكلام كل إنسانٍ.
و: لا يفعل شيئًا، فوكل من فعله: حنث، إلا أن ينوي مباشرته بنفسه.
والعرفي: ما اشتهر مجازه فغلب الحقيقة؛ كالراوية والغائط - ونحوهما -،
(1) قال بعض العلماء: إنه يحنث إذا باع ما يحرم بيعه ولو قيده بما يمنع الصحة؛ لوجود التناقض
…
فمن نظر إلى الصورة حنثه، ومن نظر إلى الحقيقة لم يحنثه، والمسألة فيها قولان للعلماء، وعلى المذهب: إنه يحنث بصورة العقد.
(2)
يجب أن نعرف أن العلماء ذكروا أن من العيب التعريف بالعدم أو بالنفي
…
ولهذا التعريف الصحيح للحقيقة أن يقال: هو اللفظ المستعمل في حقيقته اللغوية، أو إن شئت فقل: اللفظ الذي استعمل فيما وضع له لغةً.
(3)
لكن لو علم أن غرضه من ذلك تجنب الدسم
…
، فأكل هذه الأشياء فإنه يحنث؛ لأن النية مقدمةٌ.
فتتعلق اليمين بالعرف.
فإذا حلف على وطء زوجته أو وطء دارٍ: تعلقت يمينه بجماعها، وبدخول الدار.
وإن حلف: لا يأكل شيئًا، فأكله مستهلكًا في غيره؛ كمن حلف لا يأكل سمنًا فأكل خبيصًا فيه سمنٌ لا يظهر فيه طعمه، أو لا يأكل بيضًا فأكل ناطفًا: لم يحنث، وإن ظهر طعم شيءٍ من المحلوف عليه: حنث.
فصلٌ
وإن حلف: لا يفعل شيئًا، ككلام زيدٍ، ودخول دارٍ - ونحوه -، ففعله مكرهًا: لم يحنث.
وإن حلف على نفسه أو غيره ممن يقصد منعه - كالزوجة والولد -، ألا يفعل شيئًا، ففعله ناسيًا أو جاهلًا: حنث في الطلاق والعتاق فقط (1).
وعلى من لا يمتنع بيمينه من سلطانٍ وغيره ففعله: حنث مطلقًا (2).
وإن فعل هو أو غيره ممن قصد منعه بعض ما حلف على كله: لم يحنث، ما لم تكن له نيةٌ.
(1) الصواب: أنه لا حنث عليه؛ لا في الطلاق، ولا في العتق، ولا في النذر، ولا في اليمين.
(2)
ظاهر كلام المؤلف: أنه يحنث مطلقًا؛ سواءٌ قصد الإلزام أو قصد الإكرام
…
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنه إذا قصد الإكرام فإنه لا يحنث بالمخالفة.