الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب القضاء
وهو فرض كفايةٍ.
يلزم الإمام أن ينصب في كل إقليمٍ قاضيًا، ويختار أفضل من يجده علمًا وورعًا، ويأمره بتقوى الله، وأن يتحرى العدل، ويجتهد في إقامته، فيقول:(وليتك الحكم)، أو (قلدتك) - ونحوه -، ويكاتبه في البعد.
وتفيد ولاية الحكم العامة: الفصل بين الخصوم، وأخذ الحق لبعضهم من بعضٍ، والنظر في أموال غير المرشدين، والحجر على من يستوجبه لسفهٍ أو فلسٍ، والنظر في وقوف عمله ليعمل بشرطها، وتنفيذ الوصايا، وتزويج من لا ولي لها، وإقامة الحدود، وإمامة الجمعة والعيد، والنظر في مصالح عمله بكف الأذى عن الطرقات وأفنيتها - ونحوه - (1).
ويجوز أن يولى عموم النظر في عموم العمل، وأن يولى خاصا فيهما أو في أحدهما.
ويشترط في القاضي عشر صفاتٍ:
- كونه بالغًا.
(1) هذه الأمور العشرة التي ذكرها المؤلف ليست أمورًا منصوصًا عليها من الشرع بحيث لا نتجاوزها ولا نقصر عنها، لكنها أمورٌ عرفيةٌ
…
، فإذا تغيرت الأحوال وصار مقتضى أو موجب عقد القضاء أن القاضي لا يلزم أن يقوم بهذه الأعمال كلها؛ فعلى حسب العرف.
- عاقلًا.
- ذكرًا.
- حرا (1).
- مسلمًا.
- عدلًا (2).
- سميعًا (3).
- بصيرًا (4).
(1) ليس هناك دليلٌ من الكتاب ولا من السنة يمنع أن يكون الرقيق قاضيًا، ولهذا
فالقول الراجح: أن الرقيق يصح أن يكون قاضيًا إذا توفرت فيه شروط القضاء، وهي القوة والأمانة، فإذا كان عنده علمٌ وعنده أمانةٌ وصدقٌ، فما المانع من أن يكون قاضيًا؟!
أما التعليل بأنه مشغولٌ بخدمة سيده فإننا نقول: إذا أذن سيده أن يكون قاضيًا فأين الشغل؟! نعم؛ لو أبى سيده أن يكون قاضيًا فله الحق، وحينئذٍ يمتنع أن يولى الرقيق، لا من جهة أنه غير صالحٍ، لكن من جهة أنه مملوكٌ لغيره.
(2)
لكن يجب أن نعلم أن هذا الشرط يطبق - أو يعمل به - بحسب الإمكان؛ فإذا لم نجد إلا حاكمًا فاسقًا فإننا نوليه، ولكن نختار أخف الفاسقين فسقًا
…
، وإلا فلو نظرنا لمجتمعنا اليوم لم نجد أحدًا يسلم من خصلةٍ يفسق بها - إلا من شاء الله -.
(3)
إذا أمكن أن تصل حجة الخصمين إلى هذا القاضي بأي وسيلةٍ؛ زالت العلة، وإذا زالت العلة زال الحكم.
(4)
الصحيح: أنه لا يشترط أن يكون بصيرًا، وأن الأعمى يصح أن يكون قاضيًا.
- متكلمًا (1).
- مجتهدًا - ولو في مذهبه (2) -.
وإذا حكم اثنان بينهما رجلًا (3) يصلح للقضاء (4): نفذ حكمه في المال والحدود واللعان - وغيرها -.
(1) إن اشتراط كون القاضي متكلمًا فيه نظرٌ، وأنه يجوز أن يولى الأخرس بشرط أن تكون إشارته معلومةً، أو كتابته مقروءةً، فإذا حصل هذا أو هذا؛ صح أن يكون قاضيًا.
(2)
هذا الشرط الأخير - (الاجتهاد ولو في المذهب) - نقول: هو شرطٌ لكن بحسب الإمكان، فإذا لم نجد إلا قاضيًا مقلدًا فإنه خيرٌ من العامي المحض؛ لأن العامي المحض ما يستفيد شيئًا ولا يفيد، والمقلد معتمدٌ على بعض كتب المذهب الذي يقلده، فعنده شيءٌ من العلم، ولكن يقدم المجتهد في النصوص على المجتهد في أقوال الأئمة.
(3)
فلو حكمت امرأةٌ أو حكمت امرأتان امرأةً فإن ذلك لا بأس به، وهو جائزٌ، فلو فرض أن امرأةً عندها علمٌ وأمانةٌ وثقةٌ ومعرفةٌ، فتحاكم إليها رجلان فحكمت بينهما فلا بأس، ولا مانع؛ لأن هذه الولاية ليست ولايةً عامةً
…
، وهذا التحكيم يشبه المصالحة من بعض الوجوه.
(4)
هذا الشرط الذي اشترطه المؤلف فيه نظرٌ ظاهرٌ
…
، ولهذا نص على هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقال: إنه لا يشترط في المحكم ما يشترط في القاضي.