الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الإجارة
تصح بثلاثة شروطٍ:
معرفة المنفعة؛ كسكنى دارٍ، وخدمة آدمي، وتعليم علمٍ (1).
الثاني: معرفة الأجرة.
وتصح في الأجير والظئر بطعامهما وكسوتهما (2).
وإن دخل حمامًا، أو سفينةً، أو أعطى ثوبه قصارًا أو خياطًا بلا عقدٍ: صح بأجرة العادة.
(1) يجب أن نقيد العلم هنا بما ليس بمحرمٍ
…
؛ فلو استأجره ليعلمه علماً محرماً كعلم النجوم - وأقصد بذلك: علم التأثير لا علم التسيير -؛ فهنا الأجرة حرامٌ.
[أما الاستئجار لتعليم القرآن]؛ فهو أيضًا حرامٌ - على المذهب -، والراجح أنه ليس بحرامٍ، وأنه يجوز
…
نعم، نجيزه وهو قربةٌ؛ لأن إجازتنا إياه من أجل انتفاع المستأجر، ولهذا لو أننا استأجرنا شخصًا ليقرأ القرآن فقط لكانت الإجارة حرامًا، أما التعليم فلا.
(2)
ظاهر كلام المؤلف: أنه لا تصح في المركوب بطعامه وشرابه وما يلزم لبقاء حياته؛ لأنه خص هذه المسألة في الآدمي وفي الظئر - أيضًا -.
والصواب: أنه يجوز أن يستأجر حيوانًا بالقيام عليه بالتغذية من طعامٍ وشرابٍ ووقايةٍ من البرد والحر؛ لأنه لا فرق بينه وبين الأجير.
الثالث: الإباحة في العين؛ فلا تصح على نفعٍ محرمٍ؛ كالزنا، والزمر، والغناء (1)، وجعل داره كنيسةً، أو لبيع الخمر.
وتصح إجارة حائطٍ لوضع أطراف خشبه عليه.
ولا تؤجر المرأة نفسها بغير إذن زوجها.
فصلٌ
ويشترط في العين المؤجرة:
- معرفتها برؤيةٍ أو صفةٍ في غير الدار - ونحوها - (2).
- وأن يعقد على نفعها دون أجزائها؛ فلا تصح إجارة الطعام للأكل، ولا الشمع ليشعله (3)، ولا حيوانٍ ليأخذ لبنه إلا في الظئر (4)، ونقع البئر وماء الأرض يدخلان
(1) المراد - هنا -: الغناء المحرم، وهو يدور على شيئين: إما أن يكون موضوع الأغنية موضوعًا فاسدًا، وإما أن تكون مصحوبةً بآلة لهوٍ محرمةٍ
…
أما الغناء المباح؛ فمثل حداء الإبل، أو الغناء على الأعمال المباحة يستعان به على التعب
…
؛ فالعمل الذي يستعان به على مصلحةٍ شرعيةٍ أو غرضٍ صحيحٍ لا بأس به.
(2)
هناك قولٌ ثانٍ، وهو أنه
…
يجوز أن تؤجر الدار بالصفة؛ بأن يصفها له تمامًا ولو على الخارطة، وله الخيار إذا رآها.
(3)
اختار شيخ الإسلام رحمه الله أن ذلك جائزٌ، ولكن كلام الشيخ رحمه الله يحتاج إلى تحريرٍ.
والتحرير أن نقول: إما أن يقدر بمساحة الشمعة، فيقول - مثلًا -:(مساحتها شبرٌ بعشرة ريالاتٍ، وما نقص من الشبر فبقدره)، هذه تكون معلومةً، أو يقدرها بالساعة
…
، فهذا - أيضًا - يكون معلومًا.
(4)
استئجار الحيوان لأخذ لبنه جائزٌ بالقياس على الظئر، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو الصواب.
تبعًا (1).
- والقدرة على التسليم؛ فلا تصح إجارة الآبق، والشارد.
- واشتمال العين على المنفعة؛ فلا تصح إجارة بهيمةٍ زمنةٍ لحملٍ، ولا أرضٍ لا تنبت للزرع.
- وأن تكون المنفعة للمؤجر أو مأذونًا له فيها.
وتجوز إجارة العين لمن يقوم مقامه، لا بأكثر منه ضررًا.
وتصح إجارة الوقف، فإن مات المؤجر وانتقل إلى من بعده لم تنفسخ (2)،
(1)[نعم، هذا جائزٌ، لكن لا يقال: (يدخلان تبعًا)]؛ فهذا غير صحيحٍ؛ لأن المقصود هو الماء
…
والصواب الذي يظهر: هو ما اختاره شيخ الإسلام رحمه الله؛ حيث قال: إن الأجزاء التي تتولد وتتابع شيئًا فشيئًا بمنزلة المنافع تمامًا، ولهذا اختار رحمه الله أنه يجوز استئجار الحيوان لأخذ لبنه، واستئجار البئر لأخذ مائها، واستئجار الأرض لأخذ مائها
…
، فالقول الراجح: هو ما اختاره شيخ الإسلام رحمه الله في هذه المسألة.
(2)
المذهب، واختيار شيخ الإسلام: أنها تنفسخ.
وعمل الناس الآن عندنا أنها لا تنفسخ، لكن
…
إذا قلنا بأنها لا تنفسخ - كما هو عمل القضاة وعمل الناس اليوم -
…
؛ فلا يجوز للبطن المستحقين أن يؤجروا مدةً يغلب على الظن أنهم لا يعيشون إليها
…
وللقاضي أن يؤجر مدةً طويلةً إن رأى المصلحة في تأجيرها
…
، وإلا أجر في نحو سنتين
أو ثلاثٍ؛ حتى لا يحرم أصحاب البطون الأخرى.
وللثاني حصته من الأجرة (1).
وإن أجر الدار - ونحوها - مدةً ولو طويلةً يغلب على الظن بقاء العين فيها: صح.
وإن استأجرها لعملٍ - كدابةٍ لركوبٍ إلى موضعٍ معينٍ، أو بقرٍ لحرثٍ، أو دياس زرعٍ، أو من يدله على طريقٍ -: اشترط معرفة ذلك، وضبطه بما لا يختلف.
ولا تصح على عملٍ يختص أن يكون فاعله من أهل القربة (2).
وعلى المؤجر كل ما يتمكن به من النفع؛ كزمام الجمل، ورحله، وحزامه، والشد عليه، وشد الأحمال، والمحامل، والرفع، والحط، ولزوم البعير (3)، ومفاتيح الدار، وعمارتها.
فأما تفريغ البالوعة والكنيف: فيلزم المستأجر إذا تسلمها فارغةً (4).
(1) لكن يجب علينا أن نعرف الفرق في قيمة المنفعة؛ فقد تكون في بعض السنوات أكثر من بعضٍ، ولكن يقال: إن كل منفعةٍ قد قبضها أصحابها
…
، فإذا حددوا فواضحٌ
…
، وإن لم يحددوا فربما ينظر في الموضوع ويعتبر فرق السعر بين الأول والثاني.
(2)
القاعدة: أن كل عملٍ لا يقع إلا قربةً فلا يصح عقد الإجارة عليه، وما كان نفعه متعديًا من القرب صح عقد الإجارة عليه؛ بشرط أن يكون العاقد لا يريد التعبد لله - تعالى - بهذه القربة، وإنما يريد نفع الغير الذي استأجره لاستيفاء هذه المنفعة.
(3)
إذا كان الجمال مع الجمال فإنه يلزمه ما قاله المؤلف، أما إذا أجر الدابة فقط فلا يلزمه شيءٌ من ذلك.
(4)
في الوقت الحاضر ليس هناك بالوعةٌ ولا كنيفٌ في أكثر البلاد، فيقال: على المؤجر إصلاح المواسير - أي: المجاري -؛ لأن هذا يبقى، لكن لو تسددت هذه المجاري فإنها على المستأجر؛ لأنها تسددت بفعله.
وكل هذا الذي قاله الفقهاء رحمهم الله يمكن أن يقال: إنه يرجع إلى العرف فيما جرت العادة أنه على المستأجر أو على المؤجر، فإن تنازع الناس فربما نرجع إلى كلام الفقهاء، وأما بدون تنازعٍ وكون العرف مطردًا بأن هذا على المؤجر وهذا على المستأجر؛ فالواجب الرجوع إلى العرف.
فصلٌ
وهي عقدٌ لازمٌ، فإن آجره شيئًا ومنعه كل المدة أو بعضها فلا شيء له (1)، وإن بدأ الآخر قبل انقضائها: فعليه.
وتنفسخ: بتلف العين المؤجرة، وبموت الرضيع، والراكب إن لم يخلف بدلًا، وانقلاع ضرسٍ أو برئه - ونحوه -، لا: بموت المتعاقدين أو أحدهما، ولا بضياع نفقة المستأجر (2) - ونحوه -.
(1) ظاهر كلام [المؤلف] أنه لا فرق بين أن يمنعه بعض المدة لعذرٍ أو لغير عذرٍ؛ لأن حقوق الآدميين لا يفرق فيها بين العذر وغيره.
وقد يقال: إنه إذا كان لعذرٍ فإنه يلزم المستأجر أجرة بقية المدة.
(2)
[أما ضياع نفقة المستأجر]؛ فاختار شيخ الإسلام رحمه الله أنها تنفسخ؛ لأن هذا عذرٌ لا حيلة فيه
…
، وقاسه رحمه الله على وضع الجوائح
…
وما ذهب إليه الشيخ رحمه الله أولى؛ لا سيما إذا كان المؤجر [مثلًا] يعلم أن هذا إنما استأجر البيت لبيع هذا المتاع الذي احترق، أما إذا كان لا يدري؛ مثل: لو جاءه إنسانٌ واستأجر منه الدكان ولم يقل له شيئًا؛ فهنا قد يتوجه ما قاله المؤلف رحمه الله بأن الإجارة تنفسخ؛ لأن المؤجر لا يعلم.
وإن اكترى دارًا فانهدمت، أو أرضًا لزرعٍ فانقطع ماؤها، أو غرقت: انفسخت الإجارة في الباقي (1).
وإن وجد العين معيبةً، أو حدث بها عيبٌ: فله الفسخ، وعليه أجرة ما مضى (2).
ولا يضمن أجيرٌ خاص ما جنت يده خطًا، ولا حجامٌ وطبيبٌ وبيطارٌ لم تجن أيديهم إن عرف حذقهم (3)، ولا راعٍ لم يتعد.
ويضمن المشترك ما تلف بفعله، ولا يضمن ما تلف من حرزه، أو بغير فعله، ولا أجرة له (4).
(1) إن قال قائلٌ: ألا يؤيد هذا ما سبق - وقلنا: إنه الصحيح - فيما إذا استأجر دكانًا لبيع سلعةٍ ثم تلفت فإن الإجارة تنفسخ؟
الجواب: إن هذا يؤيد ذلك من بعض الوجوه، ولكن الفرق: أن هذا لخللٍ في المعقود عليه لا في المعقود له؛ ففي المسألة الأولى تعذر الانتفاع في المعقود له، وهنا تعذر الانتفاع في المعقود عليه - وهو الأرض والدار -.
ومع ذلك فقد نقول: إن هذا الفرق غير مؤثرٍ؛ لأن الانتفاع قد تعذر في هذا وفي هذا بغير إرادة الإنسان.
(2)
هذا فيما إذا كان المؤجر غير مدلسٍ، فإن كان مدلسًا فإنه - على الصحيح - ليس له شيءٌ من الأجرة.
(3)
وهناك شرطٌ ثالثٌ لعدم ضمان [الحجام والطبيب والبيطار] لم يذكره المؤلف، وهو: أن يكون عملهم بإذن مكلفٍ؛ أي: بالغٍ عاقلٍ، أو ولي غير مكلفٍ؛ فلو أن صبيا ذهب إلى ختانٍ، وقال له:(اختني)، فختنه ختانًا طبيعيا، ولكن الصبي مات لتعفن الجرح؛ فهنا يضمن.
(4)
الصحيح: أن له الأجرة؛ لأنه وفى بما استؤجر عليه، وما دام لا يضمن لك الثوب فإنه لا يضمن لك العمل في الثوب؛ لأننا إذا قلنا: ليس له أجرةٌ؛ فمعناه أننا ضمناه العمل في الثوب وذهب عليه خسارةً، ولأنه غير متعد ولا مفرطٍ، وقد قام بالعمل الذي عليه، وتلف الثوب - مثلًا - على حساب صاحبه المالك، أما الأجير فقد أدى ما عليه، فكيف نقول: لا أجرة له؟!
وتجب الأجرة بالعقد إن لم تؤجل، وتستحق بتسليم العمل الذي في الذمة.
ومن تسلم عينًا بإجارةٍ فاسدةٍ وفرغت المدة: لزمه أجرة المثل (1).
(1) لكن إن كان مغرورًا؛ فما زاد على الأجرة التي تم العقد عليها فعلى من غره.