الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الخلع
من صح تبرعه من زوجةٍ وأجنبي: صح بذله لعوضه (1).
فإذا كرهت خلق زوجها، أو خلقه، أو نقص دينه، أو خافت إثمًا بترك حقه: أبيح الخلع، وإلا كره ووقع (2).
فإن عضلها ظلمًا للافتداء، ولم يكن لزناها، أو نشوزها، أو تركها فرضًا ففعلت، أو خالعت الصغيرة (3)، والمجنونة، والسفيهة، أو الأمة بغير إذن سيدها: لم يصح الخلع، ووقع الطلاق رجعيا إن كان بلفظ الطلاق أو نيته (4).
فصلٌ
والخلع بلفظ صريح الطلاق، أو كنايته، وقصده (5): طلاقٌ بائنٌ.
(1) ويجوز أن تجعل عوض الخلع غير المال - كخدمته مثلًا -؛ إلا إذا كان العوض محرمًا؛ فهذا لا يجوز.
(2)
إذا كان الخلع لغير سببٍ فإن الصحيح أنه محرمٌ، وأنه لا يقع.
(3)
إن خالع وليها عنها من مالها لتضررها بهذا الزوج جاز؛ لأن ذلك لمصلحتها.
(4)
هذا ما ذهب إليه المؤلف بناءً على أن الخلع إذا وقع بلفظ الطلاق فهو طلاقٌ.
والصواب: أنه لا يقع شيءٌ؛ لا طلاقٌ ولا خلعٌ، أما عدم وقوع الخلع فلأنه ليس هناك عوضٌ، وأما عدم وقوع الطلاق فلأن الخلع ليس بطلاقٍ، حتى لو وقع بلفظ الطلاق.
(5)
القول الراجح: أنه ليس بطلاقٍ وإن وقع بلفظ الصريح
…
، ولهذا ذهب ابن عباسٍ رضي الله عنهما إلى أن كل فراقٍ فيه عوضٌ فهو خلعٌ وليس بطلاقٍ، حتى لو وقع بلفظ الطلاق.
وإن وقع بلفظ الخلع، أو الفسخ، أو الفداء، ولم ينوه طلاقًا: كان فسخًا لا ينقص عدد الطلاق (1).
ولا يقع بمعتدةٍ من خلعٍ طلاقٌ ولو واجهها به (2).
ولا يصح شرط الرجعة فيه.
(1) قولٌ آخر: أنه فسخٌ بكل حالٍ، ولو وقع بلفظ الطلاق.
وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو المنصوص عن أحمد، وقول قدماء أصحابه
…
وعلى هذا فلا عبرة باللفظ؛ بل العبرة بالمعنى؛ فما دامت المرأة قد بذلت فداءً لنفسها، فلا فرق أن يكون بلفظ الطلاق، أو بلفظ الخلع، أو بلفظ الفسخ.
وهذا القول قريبٌ من الصواب، لكنه ما زال يشكل عندي قول الرسول عليه الصلاة والسلام لثابت بن قيسٍ رضي الله عنه:«اقبل الحديقة وطلقها تطليقةً» بهذا اللفظ، إلا أن الرواة اختلفوا في نقل هذا الحديث؛ فالحديث الذي فيه «طلقها تطليقةً» كأن البخاري يميل إلى أنه مرسلٌ وليس متصلًا، وأما الأحاديث الأخرى:«فاقبل الحديقة وفارقها» بهذا اللفظ، فإذا تبين أن الراجح من ألفاظ الحديث:«اقبل الحديقة وفارقها» فلا شك أن الصواب قول ابن عباسٍ رضي الله عنهما ومن تابعه، وأما إذا صحت اللفظة:«اقبل الحديقة وطلقها تطليقةً» فإنه واضحٌ أنه طلاقٌ، ولا يمكن للإنسان أن يحيد عنه.
(2)
ذهب بعض أهل العلم إلى أن المختلعة لا تعتد، وإنما تستبرأ.
وهذا القول هو الصحيح؛ أنه لا عدة عليها، وإنما عليها استبراءٌ، فإذا حاضت مرةً واحدةً انتهت عدتها.
وإن خالعها بغير عوضٍ، أو بمحرمٍ: لم يصح (1).
ويقع الطلاق رجعيا إن كان بلفظ الطلاق أو نيته.
وما صح مهرًا صح الخلع به، ويكره بأكثر مما أعطاها (2).
وإن خالعت حاملٌ بنفقة عدتها: صح.
ويصح بالمجهول؛ فإن خالعته على حمل شجرتها، أو أمتها، أو ما في يدها، أو بيتها من دراهم، أو متاعٍ، أو على عبدٍ: صح.
وله مع عدم الحمل والمتاع والعبد أقل مسماه، ومع عدم الدراهم ثلاثةٌ (3).
(1) قال شيخ الإسلام: يصح أن يخالعها على غير عوضٍ
…
وما قاله الشيخ رحمه الله جيدٌ؛ لأنه في الحقيقة خلعٌ على عوضٍ، وهو إسقاط النفقة عنه.
(2)
هذه المسألة مما اختلف فيه العلماء؛ فقال بعض العلماء: إنه يجوز بالمال قل أم كثر
…
وقال آخرون: لا يزيد على ما أعطاها
…
؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى ثابت بن قيسٍ رضي الله عنه أن يزيد في خلعه، فقال له:«خذ الحديقة ولا تزدد»
…
وأجاب القائلون بالجواز عن الحديث بأنه ضعيفٌ
…
والأرجح: أن له أن يأخذ أكثر مما أعطى إلا إذا صح الحديث، ولكن الحديث لا يصح، فإن وجد له شواهد وإلا فهو بسنده المعروف ضعيفٌ، لكن المروءة تقتضي ألا يأخذ منها أكثر مما أعطاها.
(3)
كل هذه المسائل الأخيرة مسائل فرعيةٌ؛ يعني: هذه غالبًا لا تقع، لكن الفقهاء يفرضون أشياء وإن كانت غير واقعةٍ للتمرين على القواعد العامة، ولهذا فإن بعض الأصحاب رحمهم الله قال: هذه المسألة لا تصح لكثرة الغرر والجهالة فيها.
فمثل هذه الأمور التي يعظم فيها الخطر ينبغي ألا نصححها؛ لأن الزوج في هذه الصور يكون من جنس المغبون في البيع والشراء، والمغبون في البيع والشراء له الخيار.
فصلٌ
وإذا قال: (متى)، أو:(إذا)، أو:(إن أعطيتني ألفًا فأنت طالقٌ): طلقت بعطيته وإن تراخى.
وإن قالت: (اخلعني على ألفٍ)، أو (بألفٍ)، أو (ولك ألفٌ)، ففعل (1): بانت، واستحقها.
و (طلقني واحدةً بألفٍ)، فطلقها ثلاثًا: استحقها (2)، وعكسه بعكسه (3) إلا في واحدةٍ بقيت.
وليس للأب خلع زوجة ابنه الصغير، ولا طلاقها (4)، ولا خلع ابنته بشيءٍ من
(1) الفاء هنا للترتيب والتعقيب؛ [فعلى كلام المؤلف] إن فعل الآن استحق، وإن تأخر فإنه لا يستحق
…
وقال بعض الأصحاب رحمهم الله: إنه يستحق العوض وإن تأخر.
(2)
قال بعض الأصحاب: لا يستحق الألف
…
وهذا القول هو الصحيح؛ أنه لا يستحقها إلا على القول الراجح بأن الثلاث واحدةٌ.
(3)
يعني: لو قالت: (طلقني ثلاثًا بألفٍ)، فطلقها واحدةً فإن الطلاق يقع، لكن لا يستحق الألف؛ لأنها طلبت طلاقًا ثلاثًا
…
والصحيح في هذه المسألة أنه يستحقها.
(4)
الصحيح في هذه المسألة: أنه إذا كان لمصلحة الابن فلا حرج عليه أن يخالع أو يطلق؛ سواءٌ كان من مال الابن أو من ماله هو.
مالها (1).
ولا يسقط الخلع غيره من الحقوق.
وإن علق طلاقها بصفةٍ، ثم أبانها فوجدت، ثم نكحها فوجدت بعده: طلقت (2) كعتقٍ، وإلا فلا.
(1) القول الصحيح: أنه يجوز للأب أن يخلع ابنته بشيءٍ من مالها إذا كان ذلك لمصلحتها.
وهذا القول هو الصحيح.
(2)
عند شيخ الإسلام في هذه المسألة: أنها لا تطلق؛ لأن الظاهر أنه أراد وقوع الصفة في النكاح الأول الذي علق عليه.
وفي الحقيقة: أنك إذا تدبرت الأمر وجدت أن هذا القول أرجح من غيره؛ لأن الظاهر من هذا الزوج أنه لم يطرأ على باله أن هذا التعليق يشمل النكاح الجديد؛ اللهم إذا كان علقها على صفةٍ يريد ألا تتصف بها مطلقًا؛ فهذا قد يقال: إنها تعود الصفة.