الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الأول
في خيار التروي
الفصل الأول
في خيار المجلس
المبحث الأول
في
تعريف خيار المجلس
تعريف خيار المجلس:
قولنا: (خيار المجلس) مركب إضافي من كلمتين، هما:(خيار) و (مجلس).
أما كلمة: خيار فقد سبق تعريفها. وأما قولنا: (مجلس) فالمجلس بكسر اللام: ترد في اللغة مصدرًا ميميًا واسمًا للزمان واسما للمكان من مادة (جلس).
فإن أريد به اسم المكان صار المراد به موضع الجلوس أي مجلس العقد خاصة وهذا التقييد تشير إليه (أل) في كلمة (المجلس) فهي للدلالة على المعهود في الذهن. والمراد مكان التبايع أو التعاقد.
وإن أريد به اسم الزمان وهو الأظهر: فالمراد به الفترة الزمنية التي تعقب عملية التعاقد فالمراد بمجلس العقد حينئذ: هو الحال التي يكون فيها المتعاقدان مقبلين على التفاوض في العقد، ما لم يفصل بين الإيجاب والقبول فاصل أجنبي
يعتبر إبطالًا للإيجاب، كرجوع الموجب عن إيجابه قبل القبول، أو إعراض القابل عن هذا الإيجاب باشتغاله بشيء آخر غير العقد.
فحقيقة الجلوس ليست مقصودة في هذا الخيار المسمى (بخيار المجلس) بل المراد بالمجلس ما هو أعم من الجلوس، فقد يحصل اتحاد المجلس مع الوقوف، ومع تغير المكان كما سيأتي عند عرض أقوال الفقهاء إن شاء الله تعالى
(1)
.
فالمعتبر هو الفترة الزمنية التي تعقب عملية التعاقد دون طروء التفرق من مكان التعاقد. فالجلوس ذاته ليس معتبرًا في ثبوته ولا ترك المجلس معتبرًا في انقضائه بل العبرة للحال التي يتلبس بها العاقدان وهي الانهماك في التعاقد.
فخيار المجلس هو: حق العاقد في إمضاء العقد أو رده من وقت التعاقد إلى التفرق أو التخاير، فمجلس العقد: هو وحدة زمنية أقرب من كونه وحدة مكانية، وزمنه يبدأ من وقت صدور الإيجاب ولحاق القبول به من المشتري مطابقًا له وتستمر طوال المدة التي يظل فيها العاقدان منصرفين إلى التعاقد دون ظهور إعراض من أحدهما عن التعاقد وتنتهي بالتفرق وهو مغادرة أحد العاقدين للمكان الذي حصل فيه العقد، وفي حكم التفرق حصول التخاير، وهو أن يخير أحدهما الآخر في إمضاء العقد أو رده.
فلا يبدأ خيار المجلس من صدور الإيجاب من البائع بل من لحاق القبول به من المشتري مطابقا له أما قبل وقوع القبول فإن العاقدين يملكان خيارًا في إجراء العقد أو عدمه لكنه خيار يدعى خيار القبول، ولا يسمى خيار المجلس.
وأضيف هذا الخيار إلى المجلس لاختصاص هذا الخيار بمجلس العقد عند
(1)
انظر الموسوعة الكويتية (1/ 202).
القائلين به، والخيار في قولنا:(خيار الشرط، وخيار العيب) من باب إضافة الشيء إلى سببه، أي خيار سببه الشرط، وخيار سببه العيب، وهكذا.
ومعظم المؤلفين يطلقون على هذا الخيار (خيار المجلس) غير أن بعضهم أطلق عليه (خيار المتبايعين) ولعل هذه التسمية مأخوذة من الحديث الشريف المثبت لهذا الخيار وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا). ففي بعض ألفاظه المروية: (المتبايعان بالخيار) وسيأتي إن شاء الله تعالى تخريج هذه الألفاظ بعونه وتوفيقه
(1)
.
* * *
(1)
انظر كتابي (الإيجاب والقبول بين الفقه والقانون)(ص: 171)، والموسوعة الكويتية (20/ 169).