الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهي ثلاثة أيام، فإذا حلبها أكثر من ثلاثة أيام فإن ذلك منه يكون رضا بالمبيع، ويمنع من الرد، وهذا هو قول الجمهور
(1)
، وبه أخذ زفر وابن أبي ليلى والقول الجديد لأبي يوسف
(2)
.
دليل الحنفية على أن حلب المصراة يمنع رد المبيع:
أما استدلالهم على أن حلب المصراة مانع من رد السلعة بأي عيب ظهر للمشتري، فهو مبني على أن لبن المصراة جزء من المبيع، فاستيفاؤه استيفاء جزء من المبيع، فأخذه يفوت على صاحبه حق الرد؛ لأنه نقص في عين المبيع حدث عند المشتري، كما أن الحلب دليل على الرضا بالمبيع.
وأجيب:
بأن التصرية غش وخداع لا يمكن معرفته والوقوف عليه إلا بالحلب، فكيف يكون الحلب دليلًا على الرضا بالمبيع؟!
وأما استدلالهم على أن التصرية ليست عيبًا:
فقولهم هذا مبني على أساس أن حقيقة العيب ما انعدمت معه صفة السلامة وقلة اللبن لا تنعدم معه صفة السلامة؛ لأن اللبن ثمرة، وبانعدام الثمرة لا تنعدم
(1)
المدونة (4/ 286)، الكافي لابن عبد البر (ص: 346)، الذخيرة (5/ 64)، شرح الزرقاني على الموطأ (3/ 429)، مواهب الجليل (4/ 438)، بداية المجتهد (2/ 132)، شرح النووي على صحيح مسلم (10/ 162)، مغني المحتاج (2/ 63)، غاية البيان شرح زبد بن رسلان (ص: 188)، الحاوي الكبير (5/ 236)، نهاية المحتاج (4/ 71)، الوسيط (3/ 122)، الإنصاف (4/ 399)، الكافي (2/ 80)، المبدع (4/ 81)، الإقناع (2/ 210)، كشاف القناع (3/ 214)، المحرر في الفقه (1/ 328).
(2)
شرح معاني الآثار (4/ 18 - 22)، مختصر الطحاوي (ص: 80)، المبسوط (13/ 38)، حاشية ابن عابدين (5/ 44).
السلامة. وإذا ثبتت صفة السلامة انتفى العيب، وما دام أنه ليس بعيب فإن التدليس به لا يثبت الخيار
(1)
.
ولأن اشتراط غزارة اللبن مفسد للبيع، كشرط الحمل، فإذا كان لا يمكن اشتراطه لم يكن فقده نقصًا في المبيع
(2)
.
وبأن المشتري مغتر، وليس بمغرر، فهو كما لو علفها، فانتفخت بطنها، وظن المشتري أنها حامل لم يثبت له الخيار فكذلك هنا، وقد كان يمكنه أن يسأل البائع عن لبنها، أو يشترط عدم التصرية، فحين لم يفعل كان ذلك دليلًا على رضاه بعيبها، وبالتالي فهو ليس مغرورًا من قبل البائع، وإنما هو الذي غر نفسه
(3)
.
ولأن المبيع إذا اختلط بمال المشتري، وزاد زيادة متصلة فإن ذلك يمنع من رد السلعة، فاللبن الذي أخذه المشتري قد كان بعضه في ضرعها وقت وقوع البيع، فهو جزء من المبيع، وبعضه حدث في ضرعها في ملك المشتري بعد وقوع البيع عليها فهو من ملك المشتري، وقد اختلط هذا بهذا، ولم يعرف مقدار واحد منهما، فيفوت الفسخ في المبيع كما لو تصرف في المبيع المعيب بعد قبضه
(4)
.
وسوف يأتي إن شاء الله تعالى مناقشة مجموع هذه الأدلة واحدًا واحدًا في باب خيار التدليس، فانظره هناك مشكورًا.
(1)
انظر المبسوط (13/ 39).
(2)
انظر المبسوط (13/ 39).
(3)
انظر المبسوط (13/ 39).
(4)
انظر شرح معاني الآثار للطحاوي (4/ 20).