الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثامن
في اتصال مدة الخيار وموالاتها
[م-496] المقصود باتصال مدة الخيار، ألا يكون هناك فاصل بين العقد وبين مدة الخيار.
والمقصود بالموالاة: تتابع أجزاء مدة الخيار، بحيث لا يكون الخيار مدته ثلاثة أيام: اليوم الأول يثبت فيه الخيار، واليوم الثاني لا يثبت، واليوم الثالث يثبت فيه الخيار، وهكذا.
وقد تقدم لنا في المسألة السابقة أن هناك قولًا مرجوحًا في مذهب الشافعية والحنابلة بأنه يمكن أن تبدأ مدة الخيار من التفرق، وهذا يعني: أن اتصال بداية مدة الخيار ممكن أن تتأخر عن العقد بناء على هذا القول.
كما تقدم لنا أن القائلين بثبوت خيار المجلس يقولون بأنه يمكن أن يشترط الخيار أثناء مدة خيار المجلس، وبعد العقد وهذا يعني أيضًا أن يكون هناك فاصل بين إبرام العقد، وبين اشتراط الخيار.
أما إذا لم يتصل الخيار بالعقد إلا بعد ا لتفرق، ففيه خلاف في صحة الشرط على قولين:
القول الأول:
ذهب الجمهور إلى بطلانه
.
ففي الفتاوى الهندية، «إذا اشترط للمشتري خيار يومين بعد شهر رمضان، والشراء في آخر شهر رمضان، فالشراء جائز، وله الخيار ثلاثة أيام: اليوم الأخير من شهر رمضان، ويومين بعده، ولو قال: لا خيار له في رمضان فالبيع
فاسد، كذا في المحيط»
(1)
.
لأنه حين قال: لا خيار له في رمضان، أصبح الخيار غير متصل بالعقد، ولهذا فسد البيع، ويتعذر تصحيحه في هذه الحال مع عدم اتصال الخيار بالعقد، وهذا ما علل به ابن نجيم في البحر الرائق
(2)
.
وفي الجوهرة النيرة: «ولو اشترى شيئًا على أن له الخيار بعد شهر، كان له الخيار شهرًا كاملًا وثلاثة أيام عند محمد - يعني محمد بن الحسن.
وقال أبو يوسف: لا خيار له بعد الشهر»
(3)
.
ولما كان محمد بن الحسن وأبو يوسف يخالفان أبا حنيفة في مدة الخيار، وأنه لا مانع عندهما من الزيادة على ثلاثة أيام، فإذا اشترط الخيار بعد شهر، حسب الشهر من مدة الخيار حتى لا يفصل بين العقد وبين مدة الخيار بفاصل. واكتفى أبو يوسف بالشهر مدة للخيار، وزاد عليه محمد بن الحسن ثلاثة أيام بعد الشهر، لأن هذا ما يفيده كلمة بعد شهر.
(4)
.
وقال ابن قدامة: «وإن شرط الخيار شهرًا يومًا يثبت ويومًا لا يثبت، فقال ابن عقيل: يصح في اليوم الأول; لإمكانه ويبطل فيما بعده; لأنه إذا لزم في اليوم الثاني لم يعد إلى الجواز.
(1)
الفتاوى الهندية (3/ 39).
(2)
البحر الرائق (6/ 4).
(3)
الجوهرة النيرة (1/ 191).
(4)
المجموع (9/ 227).