الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط الثاني
كون العيب مؤثرًا
[م-536] لا بد أن يكون العيب مؤثرًا، وهذا شرط لا بد منه، ولا يختلف الفقهاء في النقص إذا كان كثيرًا، سواء كان ينقص العين، أو ينقص القيمة.
واختلفوا في النقص اليسير على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
إن كان العيب ينقص القيمة أَثَّر ذلك مطلقًا، يسيرًا كان، أو كثيرًا.
وهذا مذهب الحنفية
(1)
، والمالكية
(2)
،
وأحد القولين في مذهب
(1)
بدائع الصنائع (5/ 274)، فتح القدير (6/ 357)، وقول الحنفية بأن ما ينقص القيمة يؤثر مطلقًا يقصدون به ما كان بدل مال، يبين ذلك ما ورد في الفتاوى الهندية (3/ 75):
(2)
قسم المالكية العيوب ثلاثة أقسام:
قسم: لا يحط من الثمن شيئًا ليسارته، أو لأن المبيع لا ينفك منه. والثاني: ما يحط من الثمن يسيرًا. والثالث: ما يحط من الثمن كثيرًا.
قال ابن رشد في المقدمات (2/ 101): «فأما ما لا يحط من الثمن شيئًا ليسارته، أو لأن المبيع لا ينفك منه، فإنه لا حكم له» .
وانظر مواهب الجليل (434 - 435)، المنتقى للباجي (4/ 188)، الفواكه الدواني (2/ 82)، التاج والإكليل (4/ 455)، شرح ميارة (2/ 33). الخرشي (5/ 132) وذكر صاحب الشرح الكبير (3/ 114) الرد بالعيب لا فرق بين القليل والكثير، واختلاف حكم اليسير عند المالكية بين العروض وبين الأصول (كالعقار) ليس راجعًا إلى عدم اعتبار اليسير، وإنما هو راجع إلى اختلاف الأثر المترتب على العيب بعد اعتبار أن العيب اليسير مؤثر مطلقًا، لكن يختلف أثره من الرجوع في قيمة النقص، أو رد العين المعيبة، ليس إلا.
الشافعية
(1)
، ومذهب الحنابلة
(2)
.
قال في بدائع الصنائع: «فكل ما يوجب نقصان الثمن
(3)
، في عادة التجار نقصانًا فاحشًا أو يسيرًا، فهو عيب يوجب الخيار»
(4)
.
أضاف ابن الهمام: «وسواء كان ينقص العين، أو لا ينقصها ولا ينقص
(1)
الضابط عند الشافعية في العيب المؤثر، ما ذكروه من قولهم:«ما نقص القيمة، أو العين نقصًا يفوت به غرض صحيح، ويغلب على أمثاله عدمه» . انظر المجموع (11/ 548) فرأى بعض الشافعية: أن قولهم نقصًا يفوت به غرض صحيح راجع إلى العين خاصة، وبالتالي ما نقص من القيمة مؤثر مطلقًا، يسيرًا كان أو كثيرًا، وما نقص من العين، فإنه لا يؤثر إلا إذا كان نقصًا يفوت به غرض صحيح.
قال في المجموع (11/ 548): «وإن لم يكتف بنقص العين، واشترط فوات غرض صحيح؛ لأنه لو قطع من فخذه، أو ساقه قطعة يسيرة، لا تورث شيئًا، ولا يفوت غرض، لا يثبت الرد، ولهذا قال صاحب التقريب: إن قطع من أذن الشاة ما يمنع التضحية ثبت الرد، وإلا فلا» . وانظر السراج الوهاج (ص: 186)،
وهناك قول آخر في مذهب الشافعية: أن قوله: يفوت به غرض صحيح راجع إلى القيمة والعين معًا، وبالتالي فالنقص اليسير الذي لا يفوت به غرض صحيح مما يتغابن الناس في مثله
…
لا يؤثر، ولا يوجب الرد.
(2)
قال في الفروع (4/ 104): «ويسير عيب مبيع كالكثير، وهو نسبة قدر النقص إلى قيمته صحيحًا
…
». فقوله: «وهو نسبة قدر النقص» تبين أن المراد باليسير هنا ما ينقص القيمة، وإن قل، وليس مطلق العيب.
وقال في المغني (4/ 113): «فصل في معرفة العيوب: وهي النقائص الموجبة لنقص المالية في عادات التجار; لأن المبيع إنما صار محلا للعقد باعتبار صفة المالية فما يوجب نقصًا فيها يكون عيبًا» . وقد أطلق النقص في المالية ليشمل الكثير واليسير، وفهم منه أن ما لا يوجب نقصًا في المالية فليس بعيب. اهـ
(3)
يقصدون بنقصان الثمن نقصان القيمة، قال ابن عابدين في حاشيته (5/ 4):«المراد بالثمن: القيمة» .
(4)
بدائع الصنائع (5/ 274).