الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الرابع: مذهب الحنابلة:
ذهب الحنابلة بأنه إذا تلف المبيع في مدة الخيار، فلا يخلو: إما أن يكون قبل قبضه، أو بعده.
فإن كان تلفه قبل قبضه، وكان مكيلًا أو موزونًا، أو معدودًا، أو مذروعًا، انفسخ البيع، وكان من ضمان البائع إلا أن يتلفه المشتري فيكون من ضمانه، ويبطل خياره.
وإن كان المبيع غير ذلك
(1)
، ولم يمنع البائع المشتري من قبضه، فهو من ضمان المشتري.
وإن كان تلفه بعد قبضه في مدة الخيار، فهو من ضمان المشتري، ويبطل خياره على الصحيح من المذهب، وأما خيار البائع ففيه روايتان:
أحدهما: يبطل، وهو الصحيح من المذهب، اختاره الخرقي، وأبو بكر، وغيرهما، وقدمه في المحرر والفائق
…
والرواية الثانية: لا يبطل، وله الفسخ، والرجوع بالقيمة، أو مثله إن كان مثليًا، اختاره القاضي، وابن عقيل، وحكاه في الفصول في موضع عن الأصحاب، وقدمه في الخلاصة، والكافي، والرعايتين، والحاوي الصغير.
هذا ملخص مذهب الحنابلة
(2)
.
هذا عرض لأقوال الأئمة الأربعة مع أدلتهم، ونستطيع أن نخرج من هذا العرض بالتالي:
(1)
أي غير مكيل ولا موزون، ولا معدود، ولا مذروع.
(2)
الإنصاف (4/ 389)، تصحيح الفروع (4/ 90)، المغني (4/ 8)، كشاف القناع (3/ 206).
الأول: أن المشهور في مذهب المالكية أن الضمان على البائع مطلقًا، قبضه المشتري أو لم يقبضه، وسواء كان الخيار لهما، أو لأحدهما إلا أن يقبضه المشتري، والمبيع مما يغاب عليه، ولم تقم على تلفه بينة
(1)
.
وهو قول ابن أبي ليلى إذا كان الخيار للبائع فقط؛ لأنه يرى أن يد المشتري يد أمانة.
الثاني: ينفرد الحنابلة بأنهم يرون أن الضمان قد يكون على المشتري، ولو لم يقبض المبيع، كما لو كان المبيع لا يحتاج إلى استيفاء، ولم يكن شراؤه عن صفة أو رؤية متقدمة، ولم يمنع البائع المشتري من قبضه.
الثالث: يرى الحنفية والشافعية أن تلف المبيع قبل القبض، يفسخ البيع، سواء كان الخيار لهما أو لأحدهما، ويقيد الحنابلة ذلك بأن يكون المبيع يحتاج إلى استيفاء، من كيل أو وزن أو عد أو ذرع، فإن كان لا يحتاج إلى استيفاء كان من ضمان المشتري، ولو لم يقبض المبيع.
الرابع: يرى الحنفية أن تلف المبيع في يد المشتري، يلزمه الضمان مطلقًا، لكن إن كان الخيار للبائع فلا يلزمه الثمن المسمى، بل يلزمه أداء قيمة المبيع، وإن كان الخيار للمشتري لزمه أداء الثمن المسمى دون القيمة. وقد بينا وجه ذلك.
ويفرق الشافعية بين أن يكون التلف بآفة سماوية، وبين أن يكون التلف بسبب من المشتري، ففي الأول: يعتبرون القيمة دون الثمن، وفي الثاني: يلزمه الثمن فقط.
(1)
انظر القوانين الفقهية لابن جزي (ص: 180).