الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الثالث:
المشهور في مذهب الحنابلة أن الخيار إذا كان للعاقدين فإنه يحرم، ولا يصح تصرف أحدهما في المبيع إلا بإذن الآخر، ولم يستثنوا من ذلك إلا تجربة المبيع
(1)
.
إلا أن الحنابلة أجازوا الانتفاع بالمبيع إن كان ذلك بإذن البائع، بشرط أن يكون الإذن حادثًا بعد العقد، ولم ينوياه في العقد، فإن أراده قبل العقد، أو دخلا في العقد على اشتراط انتفاع المشتري بغلة المبيع بطل البيع؛ لأن الذي يقبضه البائع بمثابة القرض، فيكون حيلة ليربح فيما أقرض.
قال العنقري في حاشيته، تعليقًا على قوله في المتن:
(ويحرم ولا يصح تصرف أحدهما في المبيع، وعوضه المعين فيها بغير إذن الأخر).
قال العنقري: «مراده إذا كان الإذن ونيته حادثين من البائع والمشتري بعد العقد، لم يريداه، ولم ينوياه في العقد، بل دخلا في البيع على أصله الشرعي، ثم حدث هذا الإذن بعد ذلك، وإلا فإن أراده ونوياه قبل العقد، ودخلا في البيع عليه، وعلى انتفاع المشتري بغلة المبيع حرم، وبطل البيع؛ لأن الذي يقبضه
(1)
قال الزركشي (3/ 395): «واعلم أنه لا يصح تصرف المشتري فيما صار إليه، ولا تصرف البائع فيما بذل له بشيء في مدة الخيار على المشهور من الروايتين، حذرًا من إبطال حق الغير من الخيار، أو التصرف في غير ملك.
والثانية: يقع التصرف موقوفًا على انقضاء الخيار .... فإن انقضى ولا فسخ صح التصرف، وإن فسخ من لم يتصرف بطل التصرف، ويستثنى من ذلك العتق، فإنه يصح ممن له الملك بلا نزاع نعلمه عندنا».
تعمدت ألا أبحث مسائل العتق في زمن الخيار؛ لأن أمر العتق غير عملي في هذا العصر، والله أعلم.
البائع قرضًا، فكان هذا الخيار المشروط حيلة ليربح في القرض»
(1)
.
(2)
.
وقال ابن قدامة: «قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن الرجل يشتري من الرجل الشيء ويقول: لك الخيار إلى كذا وكذا مثل العقار؟
قال: هو جائز إذا لم يكن حيلة; أراد أن يقرضه فيأخذ منه العقار فيستغله ويجعل له فيه الخيار ليربح فيما أقرضه بهذه الحيلة. فإن لم يكن أراد هذا فلا بأس. قيل لأبي عبد الله: فإن أراد إرفاقه أراد أن يقرضه مالا يخاف أن يذهب فاشترى منه شيئًا وجعل له الخيار ولم يرد الحيلة؟ فقال أبو عبد الله: هذا جائز إلا أنه إذا مات انقطع الخيار لم يكن لورثته. وقول أحمد بالجواز في هذه المسألة محمول على المبيع الذي لا ينتفع به إلا بإتلافه أو على أن المشتري لا ينتفع بالمبيع في مدة الخيار; لئلا يفضي إلى أن القرض جر منفعة»
(3)
.
(1)
حاشية العنقري (2/ 76).
(2)
الإنصاف (4/ 374)، وانظر الفروع (4/ 84).
ومثال ذلك: أن يبيع عليه بيتًا بمائة ألف مقبوضة لينتفع بالبيت ونحوها، على أنه متى أتى بالمائة فسخا البيع، وإنما توصل بالعقد ليربح في قرض، فلا يصح البيع.
(3)
المغني (4/ 23).