الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهناك قول آخر في مذهب الحنابلة: وهو أن النماء للمشتري إن كان المبيع من ضمانه، ويكن من ضمانه إذا كان المبيع لا يحتاج إلى استيفاء
(1)
، ولم يمنع البائع المشتري من قبضه، وهو قول للحنابلة
(2)
.
وقد ذكرنا أدلة الحنابلة عند الكلام على نماء المال المتصل والمنفصل في زمن خيار المجلس، فأغنى عن إعادته هنا.
الراجح من الخلاف:
بعد استعراض الأقوال وأدلتها يجب أن ننظر: هل استحقاق النماء راجع إلى ثبوت الملك أم راجع إلى استقرار الضمان على المشتري؟
فإن كان النماء مستحقًا لثبوت الملك، فإن المشتري يثبت له الملك في العقد نفسه من صدور القبول مطابقًا للإيجاب.
(ح-431) لحديث ابن عمر رضي الله عنه، قال:: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ابتاع نخلًا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع، ومن ابتاع عبدًا، وله مال، فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع
(3)
.
فبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن من باع نخلًا فإن الملك ينتقل للمشتري مباشرة بالعقد نفسه، ولم يستثن من ذلك إلا ثمرة النخل بعد أن تؤبر، فإنها تبقى على ملك البائع إلا أن يشترطها المبتاع.
كما بين صلى الله عليه وسلم أن من باع عبدًا فإن الملك ينتقل للمشتري مباشرة بالعقد نفسه،
(1)
الاستيفاء: هو الكيل أو الوزن، وألحقوا به العد والذرع، كما قال تعالى:{ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون} [المطففين: 1، 2].
(2)
انظر الإنصاف (11/ 308).
(3)
صحيح البخاري (2379)، ومسلم (1543).
ولم يستثن من ذلك إلا مال العبد، فإنه للبائع إلا أن يشترطه المشتري، فدل على أن الملك ينتقل مباشرة بنفس العقد.
وكون العقد ليس لازمًا مدة الخيار فإن هذا لا يعني عدم ثبوت الملك، كما لو اشترى رجل سلعة، ووجد بها عيبًا، فإن للمشتري الخيار بين الإمساك والرد، وهذا الخيار لا ينافي الملك، فكذلك خيار الشرط لا ينافي ملك المشتري للمبيع، وإذا ثبت له الملك ثبت له النماء؛ لأنه فرع عنه.
وإن كان استحقاق النماء راجعًا إلى شغل الذمة بالضمان، كما جاء في الأثر: الخراج بالضمان، فإن المبيع يدخل في ضمان المشتري من العقد إلا أن يكون المبيع يحتاج إلى توفية: من كيل أو وزن أو عد أو ذرع، وكما قال ابن عمر: ما أدركته الصفقة حيًا مجموعًا فهو من مال المشتري
(1)
. أي من ضمانه.
ولا مانع من أن يستحق الشيء بأكثر من سبب، فالنماء للمشتري لأنه نماء ملكه، وهو أيضًا داخل في ضمانه كما لو تلف، وهو لا يحتاج إلى استيفاء، والله أعلم.
* * *
(1)
سبق تخريجه، انظر (ث 15).