الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الراجح:
أن التخاير في مجلس العقد إذا اختار العاقدان إمضاء العقد، أنه مبطل لخيارهما، لحديث ابن عمر رضي الله عنه، وكونه اشتمل على زيادة لم ترد في حديث حكيم بن حزام، وحديث أبي برزة، وحديث سمرة ليس كافيًا في رده، والشذوذ وزيادة الثقة لا تعتبران في زيادة بعض الصحابة رضي الله عنهم على بعض، وإنما يعتبران في زيادة من يروي عنهم من التابعين فمن بعدهم، ولم ينفرد نافع بروايته عن ابن عمر حتى يقال: لا يقبل ما تفرد به نافع، فقد رواه عن ابن عمر، نافع
(1)
، وعبد الله بن دينار
(2)
، وروايتهما في الصحيحين.
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: «الذي يبحث فيه أهل الحديث في هذه المسألة إنما هو في زيادة بعض الرواة من التابعين فمن بعدهم، أما الزيادة الحاصلة على صحابي آخر إذا صح السند إليه فلا يختلفون في قبولها، كحديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي في الصحيحين في قصة آخر من يخرج من النار، وأن الله تعالى يقول له بعد أن يتمنى ما يتمنى: لك ذلك، ومثله معه. قال أبو سعيد: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لك ذلك، وعشرة أمثاله
(3)
.
مع أن القول بأن ابن عمر قد تفرد بهذه الزيادة فيه نظر، فقد روى التخاير غير ابن عمر أيضًا.
(ح-417) فقد روى أبو داود الطيالسي حدثنا يونس، حدثنا أيوب ابن عتبة،
(1)
صحيح البخاري (2109)، ومسلم (1531).
(2)
صحيح البخاري (2113)، ومسلم (1531)، وهو في المسند (2/ 9)، وفي مسند الحميدي (655)، وسنن النسائي (4480)، والمنتقى لابن الجارود (617)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 12)، وابن حبان (4913)، والبيهقي في السنن (5/ 269).
(3)
النكت على كتاب ابن الصلاح (2/ 691 - 692).
عن أبي كثير الغبري.
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، أو يكون بيعهما خيارًا
(1)
.
[إسناده ضعيف]
(2)
.
(ح-418) وروى أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا سليمان، عن سماك،
(1)
مسند أبي داود الطيالسي (2568).
(2)
الحديث ضعيف لضعف أيوب بن عتبة، جاء في ترجمته:
قال فيه يحيى بن معين: ليس بشيء. الجرح والتعديل (2/ 253).
وقال أحمد: مضطرب الحديث. المرجع السابق.
وقال أبو زرعة: ضعيف. المرجع السابق.
والراوي عنه أبو داود الطيالسي، وهو بصري، وقد قال سليمان بن داود بن شعبة اليمامي: وقع أيوب بن عتبة إلى البصرة، وليس معه كتب، فحدث من حفظه، وكان لا يحفظ، فأما حديث اليمامة ما حدث به ثمة، فهو مستقيم. اهـ المرجع السابق، وانظر تهذيب الكمال (3/ 487).
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 505) رقم 22567، و (7/ 289) رقم: 36159، وأحمد (2/ 311)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (5265)، وفي شرح معاني الآثار (4/ 13) والطبراني في الأوسط (908) وفي الكبير (19/ 143) رقم 341، من طريق أيوب بن عتبة به.
ولم يذكر الطبراني قوله: (أو يكون بيعهما خيارًا) وقال: لم يرو هذا الحديث عن أبي كثير يزيد ابن عبد الرحمن إلا أيوب. اهـ
وأخرجه ابن عدي في الكامل (1/ 316) من طريقين عن إسماعيل بن يعلى أبي أمية، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، البيعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن يكون بيع خيار.
وإسماعيل ضعيف جدًا.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (8331) من طريق هشام بن زياد، عن الحسن، عن أبي هريرة، مقتصرًا على أوله، وقال: لم يرو هذا الحديث عن الحسن، عن أبي هريرة إلا هشام بن زياد. اهـ وهشام ضعيف جدًا.
عن عكرمة.
عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم بايع رجلًا، فلما بايعه، قال: اختر. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هكذا البيع
(1)
.
[إسناده ضعيف]
(2)
.
(ح-419) وروى ابن ماجه، قال: حدثنا حرملة بن يحيى، وأحمد بن عيسى المصريان، قالا: حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني ابن جريج، عن أبي الزبير.
عن جابر بن عبد الله، قال: اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل من الأعراب، حمل خبط، فلما وجب البيع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اختر. فقال الأعرابي: عمرك الله بيعًا
(3)
.
[رجاله ثقات إلا أنه اختلف في وصله وإرساله]
(4)
.
(1)
مسند أبي داود الطيالسي (2675).
(2)
رواية سماك عن عكرمة فيها اضطراب، وقد بينت ذلك في كتابي موسوعة أحكام الطهارة، كما أن سليمان بن معاذ ضعيف.
والحديث أخرجه البزار كما في كشف الأستار (1283)، والطبري في تفسيره (5/ 34)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (13/ 317)، وابن عدي في الكامل (3/ 273)، والبيهقي (5/ 270) من طريق أبي داود الطيالسي.
قال في ذخيرة الحفاظ (2/ 704): «رواه سليمان بن معاذ الضبي، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس. وسليمان هذا يروي عنه أبو داود الطيالسي، ولم أر للمتقدمين فيه كلامًا، وفي حديثه بعض النكرة» .
(3)
سنن ابن ماجه (2184).
(4)
الحديث رواه ابن ماجه كما في إسناد الباب، عن حرملة بن يحيى وأحمد بن عيسى المصريان.
والترمذي في سننه (1249) حدثنا عمرو بن حفص الشيباني.
والحاكم في المستدرك (2306) وعنه البيهقي في السنن (5/ 270) من طريق وهب بن يزيد ابن موهب، كلهم عن عبد الله بن وهب به.
وتابع يحيى بن أيوب عبد الله بن وهب، فقد رواه الطبراني في الأوسط (3552، 6388)، والحاكم في المستدرك (2305) من طريق موسى بن أعين.
وأخرجه الطبراني أيضًا في الأوسط (9066)، والبيهقي في السنن (5/ 270) من طريق الليث، كلاهما عن يحيى بن أيوب، عن ابن جريج.
وقد اختلف على ابن جريج فيه:
فرواه عبد الله بن وهب، ويحيى بن أيوب عنه كما سبق.
وقال البيهقي في السنن (5/ 270): ورواه ابن عيينة، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن طاووس، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. وكذلك رواه عبد الله بن طاووس عن أبيه.
قلت: وقد رواه عبد الرزاق (14261) قال: أخبرنا معمر وابن عيينة، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
وأخرجه البيهقي (5/ 271) من طريق عبد الرزاق، عن معمر وحده به.
رواه البيهقي مسندًا في السنن (5/ 270) من طريق ابن عيينة، عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه مرسلًا.
فهذه الأحاديث وإن كانت لا تخلو من ضعف إلا أنها بمجموعها يشهد لحديث ابن عمر المتفق على صحته على جواز التخاير في مجلس العقد، فإذا اختار العاقدان إمضاء البيع، وإسقاط الخيار بطل خيارهما، ولأن الخيار حق للعاقدين، فإذا أسقطاه برضاهما سقط، والله أعلم.
* * *