الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فثمرتها للبائع، إلا أن يشترط المبتاع، ومن ابتاع عبدًا، وله مال، فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع
(1)
.
قال الباجي تعليقًا: «إذا ثبت أن المبتاع يجوز له أن يشترط مال العبد فإنه لا خلاف في جواز ذلك في نفس العقد ; لأنه مقتضى لفظ الحديث في ذلك بقوله إلا أن يشترطه المبتاع، ولا يوصف هذا بأنه شرط إلا أن يكون ذلك شُرِط في عقد البيع وإلا كان بيعًا مبتدأ
…
»
(2)
.
وهل يصلح دليلًا أن نقول: إن العقد هو السبب الموجب لاشتراط الخيار، فلا يتقدم الشرط على سببه الموجب له؟
كما لو طلق الرجل قبل الزواج، ثم تزوج بالمرأة، فإنه لا يقع طلاقه.
ومثله لو أخرج زكاة ماله قبل بلوغ النصاب، فإنها لا تعد من الزكاة.
ولكن قد يقال: ما دام أن اشتراط الخيار راجع للعاقد نفسه، وليس ثابتًا بالشرع فلا يضر تقدمه كالنكاح فإن الشروط فيه لا بد أن تتقدم العقد، والله أعلم.
الراجح:
بعد استعراض الأقوال نرى أننا إذا نظرنا إلى هذه المسألة بخصوصها رأينا عامة الفقهاء يقولون: بأنه لا عبرة بشرط الخيار إذا تقدم على العقد، وإذا ربطنا هذه المسألة بأصلها: وهو أن الشرط المتقدم على العقد هل هو بمنزلة المقارن له؟ وجدنا أن كثيرًا من الفقهاء يجعلون الشرط المتقدم كالشرط المقارن، وينبغي أن يكون هذا ملحوظًا في عقد البيع أكثر من غيره؛ لأن عقد البيع، خاصة في
(1)
صحيح البخاري (2379)، ومسلم (1543).
(2)
المنتقى للباجي (4/ 170).
العقود الكبيرة يمر بمراحل كثيرة، منها أولًا: مرحلة العرض للوقوف على حقيقة المبيع، والاطلاع على أنواعه وتفاوتها، واختلاف الأسعار، ثم مرحلة التفاوض على القيمة بعد تحديد النوع المختار، ثم مرحلة الشروط في العقد، فإذا فرغ العاقدان من كل ذلك خلص المتعاقدان إلى الصيغة النهائية، فلا تنفك الصيغة النهائية عن المراحل السابقة، ولا يحتاج الأمر إلى إعادة كل ما اتفق عليه في صيغة العقد، خاصة أن الشروط في المبيع كالصفات في السلعة، وكتابتها في صيغة العقد هو كنوع من إثباتها، وليس ثبوتها، فثبوتها قد تم بالتفاهم المتقدم على العقد، والذي بناء عليه تم الإيجاب والقبول، والله أعلم.
* * *