الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن التأويل قولهم:
إطلاق لفظ المتبايعين إنما هو يطلق حقيقة على المتشاغلين بالبيع، وهي حالة السوم، وأما قبل صدور الإيجاب والقبول، أو بعد الإيجاب والقبول فيطلق لفظ المتبايعين عليهما مجازًا، فالعاقدان إذا أبرما البيع وتراضيا فقد وقع البيع فليسا متبايعين في هذه الحال في الحقيقة، كما هو الشأن في سائر أسماء الفاعل، فالمتضاربين والمتقايلين إنما يلحقهما هذا الاسم في حال التضارب والتقايل وبعد انقضاء الفعل لا يسميان به على الإطلاق وإنما يقال كانا متقايلين ومتضاربين.
وقد دلت السنة على إطلاق لفظ المتبايعين على المتساومين.
(ح-401) فقد روى البخاري ومسلم من طريق أبي الزناد، عن الأعرج،
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يبع بعضكم على بيع بعض
…
الحديث
(1)
.
ورواه البخاري ومسلم من طريق عدي بن ثابت، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، وفيه:«وأن يستام الرجل على سوم أخيه»
(2)
.
وروى مسلم من طريق العلاء، عن أبيه.
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يسم المسلم على سوم أخيه
(3)
.
وروى مسلم من طريق هشام، عن محمد بن سيرين.
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: ولا يسوم على سوم أخيه.
(1)
صحيح البخاري (2150)، ومسلم (1515).
(2)
البخاري (2727)، ومسلم (1515).
(3)
مسلم (9 - 1515).
وفسر مالك النهي عن البيع بالنهي عن السوم «قال مالك: وتفسير قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما نرى، والله أعلم: «لا يبع بعضكم على بيع بعض» أنه إنما نهى أن يسوم الرجل على سوم أخيه
…
»
(1)
.
ففسر مالك النهي عن البيع بالنهي عن السوم.
ومما يؤيد أن السوم والبيع شيء واحد، أنه لم يرد اللفظان في حديث واحد، بل الحديث الواحد تارة يأتي بلفظ: لا يبيع بعضكم على بيع بعض، وتارة بلفظ: لا يستام المسلم على سوم أخيه،
(ح-402) إلا ما رواه مسلم قال: حدثني عمرو الناقد، وزهير ابن حرب، وابن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد.
عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع حاضر لباد، أو يتناجشوا، أو يخطب الرجل على خطبة أخيه، أو يبيع على بيع أخيه
…
الحديث وزاد عمرو الناقد في روايته: ولا يسم الرجل على سوم أخيه
(2)
.
وقد انتقد البيهقي رواية عمرو الناقد عن ابن عيينة، وما فيها من مخالفة، وسبق نقل كلامه بتمامه في غير هذا الموضع
(3)
.
وإذا كانت حقيقة معنى اللفظ ما وصفنا لم يصح الاستدلال في حديث المتبايعان بالخيار على ثبوت خيار المجلس.
فإن قيل: كيف يجوز أن يسمى المتساومان متبايعين قبل وقوع العقد بينهما؟ قيل له: جائز إذا قصدا إلى البيع بإظهار السوم فيه كما نسمي القاصدين إلى
(1)
الموطأ (2/ 683)، الاستذكار (21/ 66).
(2)
مسلم (51 - 1413).
(3)
انظر مسألة: البيع والسوم هل هما شيء واحد، أو هما شيئان مختلفان.