الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الأول
العقود التي لا يدخلها خيار المجلس قولًا واحدًا
[م -445] اتفق الشافعية
(1)
والحنابلة
(2)
على عدم ثبوت خيار المجلس في العقود الجائزة: وهي العقود التي يملك فيها كل طرف أن يفسخها متى شاء، وذلك مثل الشركة والوكالة والوديعة، والوصية، والعارية، والجعالة.
وكذلك العقود الجائزة من طرف، ولازمة من طرف آخر: وذلك مثل الرهن فهو لازم من جهة الراهن بشرطه، وجائز من جهة المرتهن، وكذلك الضمان جائز من جهة المضمون له دون الضامن.
فهذه العقود لا يثبت فيها خيار المجلس؛ وذلك لأن العقود ما دامت غير لازمة، فإنه يمكن فسخها متى شاء بأصل وضعها، فيغني ذلك عن خيار المجلس.
(1)
جاء في المجموع (9/ 207): «قال أصحابنا: العقود ضربان: (أحدهما) العقود الجائزة، إما من الطرفين: كالشركة، والوكالة، والوديعة، والعارية، والدين، والقراض، والجعالة. وإما من أحدهما: كالضمان، والرهن، والكتابة فلا خيار فيها كلها؛ لأنه متمكن من الفسخ متى شاء.
وفي وجه ضعيف يثبت الخيار في الكتابة والضمان، وهو ضعيف وممن حكاه في خيار المجلس وخيار الشرط الدارمي وهو شاذ».
(2)
جاء في المغني لابن قدامة (4/ 23 - 24): «العقود على أربعة أضرب
…
الضرب الثالث: لازم من أحد طرفيه دون الآخر كالرهن: لازم في حق الراهن جائز في حق المرتهن فلا يثبت فيه خيار; لأن المرتهن يستغني بالجواز في حقه عن ثبوت خيار آخر والراهن يستغني بثبوت الخيار له إلى أن يقبض وكذلك الضامن والكفيل لا خيار لهما; لأنهما دخلا متطوعين راضيين بالغبن وكذلك المكاتب.
الضرب الرابع: عقد جائز من الطرفين كالشركة والمضاربة والجعالة والوكالة والوديعة والوصية فهذه لا يثبت فيها خيار استغناء بجوازها والتمكن من فسخها بأصل وضعها». وانظر الإنصاف (4/ 368).
وأيضًا لأن عقد الرهن والضمان ليسا من عقود المعاوضات، وإنما هما من عقود التوثقة، وخيار المجلس إنما ثبت في عقد البيع، وهو من عقود المعاوضة.
لأن خيار المجلس إنما ثبت في البيع، وهو عقد لازم من الطرفين، فلا يثبت إلا في عقد البيع، أو ما كان في معناه.
كما اتفق الفقهاء على أن خيار المجلس لا يثبت في عقد النكاح، والطلاق، والعتق على مال، والصلح من دم العمد إذا تعاقداه بينهما. وممن حكى الإجماع الطبري
(1)
.
وقال النووي: «ولا خيار فيه - يعني النكاح - بلا خلاف»
(2)
.
(3)
.
(4)
.
والصحيح أن الخلاف في الخلع محفوظ.
ولم يثبت خيار المجلس في الصلح عن دم العمد؛ لأنه في معنى العفو عن القود
(5)
.
(1)
تفسير الطبري (5/ 34).
(2)
المجموع (9/ 209)، وانظر المغني (4/ 6).
(3)
المغني (4/ 6).
(4)
روضة الطالبين (3/ 435).
(5)
انظر حواشي الشرواني (4/ 335).
ولا يثبت خيار المجلس في الإبراء؛ لأنه يقصد به الإرفاق، ولا يقصد به المعاوضة
(1)
.
ولا يدخل خيار المجلس في صلح الحطيطة: وهو أن يدعي عليه ألفًا، فيقر له فيها، ثم يبرئه من بعضها، ويأخذ منه الباقي، فلا خيار فيه كالإبراء
(2)
.
ولا يثبت خيار المجلس في القرض؛ لأن الخيار يراد للفسخ، وفي القرض يجوز لكل واحد منهما أن يفسخ إذا شاء، فلا معنى لخيار المجلس
(3)
.
ولأن القرض ليس من عقود المعاوضة.
ولا يثبت خيار المجلس في الوقف، ولا في العتق؛ ولا في الطلاق لأن ذلك ليس بيعًا
(4)
.
ولا يثبت خيار المجلس في الهبة إذا لم يرد بها الثواب؛ لأن خيار المجلس إنما ثبت في البيع، والهبة من عقود الإحسان، وليست من عقود المعاوضات
(5)
.
هذه هي المسائل التي وقفت عليها من حيث العقود التي لا يدخلها خيار المجلس بالاتفاق، وهناك مسائل اختلف فيها القول بين الشافعية والحنابلة نعرض لها إن شاء الله تعالى في الفصل اللاحق، سائلين الله وحده عونه وتوفيقه.
(1)
انظر روضة الطالبين (3/ 435)، المجموع (9/ 209).
(2)
البيان في مذهب الشافعي (5/ 26).
(3)
المهذب (1/ 303).
(4)
البيان في مذهب الشافعي (5/ 27)، روضة الطالبين (3/ 435)، مغني المحتاج (2/ 44)، الإنصاف (4/ 368).
(5)
كفاية الأخيار (1/ 243)، وقال في الإنصاف (4/ 367):«وإن كانت بغير عوض - يعني الهبة - فهي كالوصية، لا يثبت فيها خيار، استغناء بجوازها» .