الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
في العقود التي يثبت فيها خيار المجلس
هذا الفصل إنما يبحث بناء على قول الشافعية والحنابلة ممن يذهب إلى القول بثبوت خيار المجلس، وهو الراجح، ولا يتأتى هذا البحث على مذهب من لا يثبت خيار المجلس، كالحنفية، والمالكية.
والنصوص الواردة في خيار المجلس إنما وردت في عقد البيع، وضبطه بعض الشافعية بقوله: يثبت خيار المجلس في كل معاوضة محضة واقعة على عين لازمة من الجانبين، ليس فيها تملك قهري، ولا جارية مجرى الرخص.
شرح هذا الضابط:
خرج بقوله (في كل معاوضة)، ما لا يعد من باب المعاوضات، كالهبة، والإبراء، وصلح الحطيطة، والقرض.
وخرج بقوله (معاوضة محضة) النكاح والخلع، فإنهما لا يفسدان بفساد المقابل، بخلاف البيع.
وقوله (واقعة على عين) أراد أن يخرج الإجارة، وفيها خلاف سيأتي إن شاء الله تعالى ذكره، وبيان الراجح.
وقوله (لازمة من الجانبين) أخرج العقود الجائزة من الجانبين كالشركة، والقراض، وأخرج كذلك ما كان لازمًا من جانب واحد كالرهن.
وقوله (ليس فيها تملك قهري) أخرج الشفعة، وسيأتي إن شاء الله تعالى تحرير الخلاف فيها.
وقوله: (ولا جارية مجرى الرخص) أخرج الحوالة
(1)
.
ويقاس على عقد البيع ما كان في معناه، كالصلح على مال عن دين أو عين أقر بهما؛ لأنه بمعنى البيع، يشترط فيه ما يشترط في البيع.
مثاله: بأن يدعي عليه ألفًا، فيقر بها، ويعطيه بدلًا من الألف عينًا أخرى، فهذا بيع، يثبت فيه خيار المجلس
(2)
.
أما الصلح عن دم العمد فهو صلح عن القود، فسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام فيه.
وأما باقي العقود فمنها ما هو محل وفاق في عدم دخول خيار المجلس فيها، ومنها ما هو محل خلاف. وفي تحرير هذا الفصل يستحسن أن نذكر محل الوفاق بين الشافعية والحنابلة، ثم ننتقل إلى مسائل الخلاف بينهما.
* * *
(1)
حاشية البجيرمي على الخطيب (3/ 32 - 33).
(2)
البيان في مذهب الشافعي (5/ 26).