الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بارزًا في مكتبة علم النفس العربية، ويكفي إلقاء نظرة على الكتب العامة في علم النفس في أثناء حديثها عن المؤسسين لعلم النفس ونظرياته، فيتم الحديث عن فرويد ونظرياته والتحليل النفسي مع إغفال الحديث عن أثر يهوديته ويهودية مدرسة التحليل النفسي.
ج- علاقة فرويد باليهود واليهودية:
إن هذه العلاقة هي أهم ما لفت الباحثين حول أثرها في نظرياته العلمية ونشاطه العلمي، إذ هي علاقة من نوع غريب تكشف قيادة يهودية فكرية وعلمية وسياسية غير عادية.
أولًا: العلاقة باليهود:
العلاقات الفعلية لفرويد كانت مع اليهود، وعندما تقوم علاقة بغير اليهود، فغالبًا ما يكون هدفها مصلحة ما، مثل علاقته بتلميذه ونائبه يونغ ابن القسّ النصراني، أو علاقته بمرضاه من مشاهير أوروبا وأمريكا من أجل الحصول على الجاه أو المال.
كان من أسرة يهودية تعيش في أحياء اليهود في أوروبا، وهذه محطته الأولى، ووالده حريص على قراءة التوراة. وأهم أستاذ أثر في مسيرته هو اليهودي الفرنسي "شاركو"(1)، وأهم صديق تحاور معه وقادته تلك المحاورات إلى إنشائه لنظريته العلمية المشهورة هو اليهودي "جوزيف"(2).
وبعد أن قدّم نظريته العلمية في التحليل النفسي أنشأ جماعة التحليل النفسي، وهذه الجماعة كانت يهودية، رغم محاولته تطعيمها برجل نصراني مثل "يونغ" من أجل أن يتقبلها المجتمع النصراني وحتى لا تُتهم تلك الجماعة بأنها يهودية غير علمية.
ولم يكتف بهذا، إذ انضم إلى أشهر منظمة يهودية هي "بناي بريث" وحافظ على اجتماعاتها، وهي المنظمة التي وجد نفسه فيها كما يقول. ومنظمة بناي
= من المفكرين المسلمين، فهو الدكتور محمَّد قطب في كثير من كتبه ولاسيّما (الإنسان بين المادية والإِسلام)، و (التطور والثبات في حياة البشرية)، و (مذاهب فكرية معاصرة).
(1)
انظر مثلًا: سيغموند فرويد مكتشف اللاشعور ص 51 وما بعدها.
(2)
انظر: سيغموند فرويد مكتشف اللاشعور ص 72 وما بعدها.
بريث جمعية يهودية عضويتها مقصورة على أبناء اليهود، وخدمتها موجهة أساسًا لدعم الصهيونية في العالم، قامت بعمل مهم في أثناء قيام دولة إسرائيل، تُظهر الجانب الإنساني إلا أن عملها في خدمة اليهود (1)، فمهمتها "العمل على رفع المكانة النفسية والأخلاقية للشخصية لدى الناس الذين ينتمون إلى ديننا"(2)، وفي خطابه -أي: فرويد- الذي ألقاه في بناي بريث "في فيينا بمناسبة عيد ميلاده السبعين -يقول: في الأعوام التي تلت (1895 م) -: "بدا لي أنني خارج عن القانون يتهرب منه الجميع. رغبت في عزلتي هذه، بحلقة مختارة من الرجال، ذوي فكر واسع، لا يقلقون من جرأة أفكاري، ويقبلون صداقتي. فأشير عليّ بأن جمعيتكم هي المكان الذي أجد فيه مثل هؤلاء الرجال. كما كان أكثر ملاءَمة لي أنكم يهود وأنني أيضًا كذلك، قد بدا لي أن نفي هذا الأمر ليس مخجلًا وحسب، بل عملٌ أحمق أيضًا""، وفي هذه الجماعة عرض أهم أعماله قبل إخراجها مثل أفكاره حول تفسير الأحلام، وعرض أفكارًا أكثر انحرافًا عن "الله والشيطان"(3)، إلى غير ذلك من المحاضرات. وقد ذكر سعادته وفرحه بالدعم الذي وجده من هذه الجماعة (4)، مما يشعرنا بدعم يهودي لنشاط فرويد العلمي الذي لم يتقبله الناس زمن إخراجه لنظرياته.
وكانت صداقاته البارزة مع يهود مشهورين مثل "أينشتين" عالم الفيزياء المشهور، و"هرتزل" مؤسس الصهيونية الحديثة والمخطط لإقامة دولة لليهود في فلسطين، فهو "منذ أيامه الأولى كان مؤيدًا للحركة الصهيونية، وعرف هرتزل شخصيًا وأعجب به كثيرًا، كما أرسل له نسخة من أحد كتبه عليها إهداء شخصي"، وكان ابنه عضوًا في منظمة صهيونية، كما كان هو -فرويد- عضوًا فخريًا فيها (5).
(1) انظر: الموسوعة الميسرة، الندوة العالمية للشباب الإِسلامي، 1/ 527 وما بعدها.
(2)
انظر مثلًا: سيغموند فرويد مكتشف اللاشعور ص 117.
(3)
انظر: فرويد والتراث الصوفي اليهودي ص 50 - 51.
(4)
انظر: سيغموند فرويد مكتشف اللاشعور ص 117 - 118، وقد ألقى فيها أهم أعماله (21 محاضرة).
(5)
الشاهد حول علاقة فرويد بالصهيونية من: فرويد والتراث الصوفي اليهودي، دافيد باكان ص 52، وانظر: صراع مع الملاحدة حتى العظم، عبد الرحمن الميداني ص 216.