الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحياة، العلوم الاجتماعية" (1)، وقد رأينا بعض النظريات العلمية في الأقسام الثلاثة الأولى وبعض تطوراتها، أما القسم الرابع فرغم وجود عناية قديمة به، إلا أنه لم يدخل إطار العلم الحديث ويكتسب نظرياته إلا في نهايات القرن التاسع عشر ثمّ العشرين (13 - 14 هـ)، ويهمني من العلوم الاجتماعية الخمسة: "علم الإنسان وعلم الاقتصاد وعلم السياسة وعلم النفس وعلم الاجتماع" (2) العلمان الأخيران؛ لأنهما شهدا ميلاد نظريات كثيرة ذات أثر كبير في مسيرة العلم والفكر المعاصر.
[1] المستجدات في العلوم الاجتماعية "علم الاجتماع وعلم النفس
":
بعد النجاحات التي تحققت في العلوم الطبيعية والرياضية بدأ التفكير في نقل مناهجها إلى مجال العلوم الاجتماعية لعلها تحظى بتطور مماثل، وقد جاء جزء كبير من هذه المحاولة نهايات القرن التاسع عشر واشتهرت بدايات القرن العشرين (13 - 14 هـ) وما بعده.
أ- علم الاجتماع:
يُعنى علم الاجتماع بدراسة الأفراد والجماعات والمؤسسات التي تشكل المجتمع البشري، وأما نظريات هذا العلم، فهي ما يصوغه علماؤه من نظريات تُبنى على ملاحظة الجوانب المختلفة في المجتمع (3). ويُعد ابن خلدون صاحب المقدمة أشهر من أرسى أصول هذا العلم وفق رؤية إسلامية في القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي "732 - 808 هـ"(1332 - 1406 م)، ولكن هذه المرجعية الإِسلامية لم تعجب أصحاب الميول العلمانية، مما جعلهم يقسمون جهد ابن خلدون إلى قسمين: قسم عقلاني وهو ما له صلة بالعلم، وآخر لا عقلاني وهو ما له صلة بالوحي والدين والعقيدة (4). أما في الغرب فأشهر من ارتبط به مصطلح علم الاجتماع هو الفيلسوف الفرنسي داعية الوضعية "أوجست كونت" في المنتصف الأول من القرن الثالث عشر/ التاسع عشر، ثم تحول إلى
(1) الموسوعة العربية العالمية 16/ 356.
(2)
الموسوعة العربية العالمية 16/ 358، وهناك تقسيمات أخرى قريبة من هذا، انظر: مقدمة في الإنسانيات والعلوم الاجتماعية، د. أحمد بدر ص 69 وما بعدها.
(3)
المرجع السابق (لموسوعة) 1/ 191.
(4)
انظر: منهج البحث الاجتماعي بين الوضعية والمعيارية، محمَّد أمزيان ص 452 - 454.
مشروع كبير مع تلميذه اليهودي المشهور "دوركايم" ثم تلميذه "ليفي بريل" وكذا "ماكس فيبر" وغيرهم.
وعادة ما توضع سلسة خاصة بهذا العلم تبدأ بسان سيمون ثم تلميذه كونت ثم تلميذه دوركايم ثم تلميذه ليفي بريل، ومن أهم ما يجمعهم في تقديمهم لعلم الاجتماع أن يكون بديلًا عمّا كان يقوم به الدين قبل عصر العلم. ومن خارج هذه السلسلة توجد أيضًا نظريات كان أشهرها ما جاء ممن تأثر بداروين "الدارونية الاجتماعية"، ومن أبرز أصحابها "سبنسر"(1)، وإن كان تأثير نظرية داروين ليس فقط في "الدارونية الاجتماعية" بل امتد إلى أغلب نظريات تلك الحقبة (2). وتوجد أيضًا نظريات اجتماعية ارتبطت باتجاه المادية الجدلية فيما اقترحه "ماركس" و"إنجلز" من نظرية اجتماعية، تجعل لعامل الاقتصاد الأثر الأبرز في التحكم بكل الأنماط والنظم الاجتماعية، ولها نسخة مطورة في كتابات "ماكس فيبر"(3).
هكذا نجد عددًا من النظريات العلمية داخل علم الاجتماع سواء من الدائرة الضيقة لهذا العلم التي أسسها كونت ودوركايم وغيرهما، أو من خارجها مثل الدارونية الاجتماعية أو المادية الجدلية الماركسية، وجميعها يزعم أنها "نظريات علمية"، وكانت المرحلة (1890 - 1914 م) مرحلة الاستقلال الحقيقي لهذا العلم (4).
ونظرًا لاختصاص علم الاجتماع بالمجتمعات البشرية بما في ذلك معتقداتهم وقيمهم وثقافتهم وآدابهم وفنونهم ووسائل عيشهم وطرائقها ومعارفهم وطرق تحصيلها، لذا تكثر النظريات حول هذه الموضوعات، وما يعنينا في المقام الأول النظريات الخاصة بالدين وما يسمونه الظاهرة الدينية.
ومن الأمور التي تتفق عليها أغلب مدارس علم الاجتماع الحديثة زعمها النظر للدين من منطلق علمي، وأهم ما تذكره هذه النظرة العلمية بأن الدين مرتبط
(1) انظر: تاريخ الفكر الأوروبي الحديث، رونالد. . ص 535.
(2)
انظر: النظرية الاجتماعية من بارسونز إلى هابرماس، إيان كريب ص 13.
(3)
انظر: منهج البحث الاجتماعي بين الوضعية والمعيارية ص 105 - 114، والموسوعة العربية العالمية 1/ 194 وما بعدها.
(4)
انظر: تاريخ الفكر الأوروبي الحديث، رونالد ص 535.