الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامسًا: ما بعد الثورة العلمية (2) "القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي
"
من تتبع مسيرة العلم الحديث والتطورات التي أحاطته، ولاسيّما أحداث القرن السابق والثورة السياسية الاجتماعية التي خُتم بها، شك أنه يدرك أن القرن التاسع عشر (13 هـ) سيكون أوسع انحرافًا في بابنا، لاسيّما ونحن نرى تيارات كبيرة لا تُلقي بالًا للدين، وتضعه موضع السخرية فضلًا عن تيار الإلحاد المادي الذي بدأ بوضوح في القرن الماضي، فهي دلالة على علاقة موجعة ستكون بين الدين والعلم، وكررتُ مرارًا بأنه لا توجد مشكلة بين الدين الحق والعلم الصحيح النافع، وإنما المشكلة هي بين دين محرف يزعم لنفسه الصدق والحق وعلم يُستثمر في دعم أهداف تيارات فكرية بتصورات مادية وإلحادية. كيف وقد أصبح لهذه التيارات دولة تحميهم ونظام يساندهم، وجمهور يؤيدهم مع قيام أول دولة علمانية بالمفهوم الحديث للعلمانية.
وقد عُرف عن هذا القرن بأنه عصر "الوضعيات"؛ لكثرة التيارات الوضعية، وغالبًا ما يجعلون العلم مرادفًا للمفهوم الوضعي، وعرف عنه فيما بعد بأنه عصر النزعة "العلموية"؛ أي: الغلو في العلم وتقديسه إلى درجة أن جعلوه دينًا أو مذهبًا اعتقاديًا؛ وكأن الكشوف العلمية القابلة للصحة والخطأ، أو التطوير، أصبحت عقائد يجب اعتقادها. ومع انتشار هذه الروح العلمانية اللادينية والإلحادية المادية، وتسلطها على غيرها لم يعد أصحاب النظريات العلمية يخشون أهل الدين أو المجتمع المحافظ، بل يقذفون بنظرياتهم دون مبالاة حتى وإن خالفت ما عُرف في أديانهم، وهي بقايا محرفة من دين سماوي حق.