المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌د- أثر نيوتن في الفكر الغربي: - النظريات العلمية الحديثة مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها دراسة نقدية - جـ ١

[حسن الأسمري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع:

- ‌أسباب الاختيار:

- ‌أهداف الموضوع:

- ‌الدراسات السابقة حول الموضوع:

- ‌أولًا: الكتب الإسلامية التي تكون بعنوان:الدين والعلم، أو القرآن والعلم، أو الإِسلام والعلم، وما في معناها وبابها

- ‌ثانيًا: الكتب التي تناولت بعض موضوعات البحث:

- ‌ثالثًا: "منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير

- ‌رابعًا: الكتب التي تدور حول الفكر العربي المعاصر ومذاهبه:

- ‌خامسًا: الكتب المتخصصة في مشكلة البحث:

- ‌منهج البحث

- ‌خطة البحث:

- ‌التمهيد

- ‌أولًا: النظرية العلمية

- ‌ثانيًا: أسباب نشأة الاتجاه التغريبي

- ‌ثالثًا: الموقف الإسلامي من العلوم التجريبية وأمثالها

- ‌الباب الأول نشأة الانحرافات المرتبطة بحركة العلم الحديث وظهورها في العالم الإسلامي

- ‌الفصل الأول تعريف موجز بالثورة العلمية الحديثة وما ارتبط بها من نظريات مخالفة للدين وأثرها

- ‌أولًا: مصطلح أو مفهوم "الثورة العلمية

- ‌ثانيًا: ما قبل الثورة العلمية الحديثة "ممهدات الثورة العلمية

- ‌[1] التركة الأرسطية المتغلغلة في أواخر العصور الوسطى الأوروبية ومحاولتهم تجاوزها:

- ‌[2] الأمر الداخلي: أثر عصر النهضة والإصلاح الديني:

- ‌أ- عصر النهضة وحركة الإنسانيين:

- ‌ب- الإصلاح الديني:

- ‌[3] الأمر الخارجي: أثر العلم المنقول من بلاد المسلمين في ظهور الثورة العلمية:

- ‌ثالثًا: الثورة العلمية

- ‌معالم الحدث في الكتابات الفكرية

- ‌[1] البداية من علم الفلك:

- ‌أ- علم الفلك القديم:

- ‌ب - علم الفلك الجديد وشخصياته:

- ‌1 - مولد النظرية مع كوبرنيكوس:

- ‌2 - إحراق برونو يُشهر النظرية:

- ‌3 - براهي والبحث عن الأدلة:

- ‌4 - كبلر: للسعي للتوفيق واكتشاف القوانين:

- ‌ج- دور جاليليو:

- ‌1 - استعمال جاليليو للتلسكوب وآثار ذلك:

- ‌2 - صراعات جاليليو والمظهر الفكري الذي تبعها:

- ‌[2] قنطرة بيكون وديكارت والتأسيس المنهجي للثورة الفكرية والعلمية:

- ‌أ- فرانسيس بيكون:

- ‌ب- ديكارت:

- ‌[3] نيوتن وظهور أشهر ثاني نظرية في العلم الحديث:

- ‌أ- كتاب "المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية

- ‌ب- القوانين والنظرية:

- ‌ج- النقاش حول علاقة العلم بالدين:

- ‌د- أثر نيوتن في الفكر الغربي:

- ‌رابعًا: ما بعد الثورة العلمية (1) "القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي

- ‌[1] أبرز التطورات العلمية:

- ‌[2] التحول إلى العلمنة:

- ‌[3] تيارات الفكر المشهورة وعلاقتها بالعلم:

- ‌أ- التياران الموروثان "العقلاني والتجريبي

- ‌ب- الفلسفة النقدية الكانطية:

- ‌ج- الاتجاه المادي:

- ‌د- التنوير:

- ‌[4] الثورة الفرنسية العلمانية (1789 م):

- ‌خامسًا: ما بعد الثورة العلمية (2) "القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي

- ‌[1] تيارات الفكر المشهورة:

- ‌أ- اليسار الهيجلي:

- ‌ب- نقاد الدين ونصوصه الجدد:

- ‌ج- الوضعية:

- ‌[2] النشاط العلمي في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر:

- ‌[3] نظرية التطور الدارونية وأبعادها الفكرية والاجتماعية:

- ‌أ- مصطلح التطور:

- ‌ب- تشارلس داروين (1809 - 1882 م):

- ‌ج- من إشكاليات النظرية الدارونية في مفهوم العلم:

- ‌د- من النظرية إلى المذهب:

- ‌هـ - موقف الكنيسة والعلماء من النظرية:

- ‌[4] البحث عن حدود النظرية العلمية والدين:

- ‌أ- مفهوم النظرية:

- ‌ب- مع الدين وضدّه:

- ‌سادسًا: ما بعد الثورة العلمية (3) (القرن الرابع عشر الهجري/ العشرون الميلادي)

- ‌[1] المستجدات في العلوم الاجتماعية "علم الاجتماع وعلم النفس

- ‌أ- علم الاجتماع:

- ‌ب- علم النفس:

- ‌ج- العلاقة بين الدين والعلوم البشرية من جهتي الخبر والشرع:

- ‌[2] نظريتا النسبية والكوانتم وثورة جديدة في الفيزياء:

- ‌أ- تحولات في الفيزياء "أشياء صغيرة تدفع العلم نحو التواضع

- ‌ب- تجربة مايكلسون ومورلي ومولد النظرية النسبية

- ‌1 - الأثير لا يصمد أمام التجربة:

- ‌2 - من التجربة إلى النظرية النسبية:

- ‌3 - علاقة النظرية بالواقع المعاصر:

- ‌ج- اكتشاف الذرة ومولد نظرية الكم:

- ‌1 - قصة عالم الذرة:

- ‌2 - من آثار النظرية:

- ‌د- خاتمة حول الفيزياء المعاصرة:

- ‌[3] علاقة العلم بالفكر في القرن "الرابع عشر/ العشرين م

- ‌أ - طبيعة النظرية العلمية وحدودها "طبيعة المعرفة العلمية وحدودها

- ‌1 - نقاد العلم:

- ‌2 - فلسفة العلوم أو الإبستمولوجيا:

- ‌3 - الوضعية المنطقية:

- ‌4 - فلسفة العلم في الفكر العربي:

- ‌5 - نحو نظرية معرفة جديدة:

- ‌ب- انقلاب فكري ضدّ الوضعية العلموية وتيارات المعرفة المادية:

- ‌ج - عصر جديد لعلاقة العلم بالايمان في الفكر الغربي:

- ‌الفصل الثاني أسباب وجود الانحراف المصاحب للتطور العلمي الحديث

- ‌الفرق بين أسباب تقدم العلم وبين أسباب الانحراف به وأهمية بحثها

- ‌أمثلة تبين المقصود بمفهوم الانحراف بالعلم

- ‌المثال الأول: إنسان بِلتْداون:

- ‌المثال الثاني: التولد الذاتي:

- ‌ما بين الرؤية الكنسية والرؤية العلمانية للعلم وأثر ذلك في الانحراف بمسيرة العلم

- ‌الأول: دور الكنيسة في إفساد العلاقة بين الدين والعلم

- ‌دخول النصرانية للغرب واحتواء لاهوتها على معارف علمية:

- ‌العداء بين الكنيسة وطوائف اجتماعية جديدة:

- ‌تمثيل الكنيسة للموقف الديني في الصراع بين الدين والعلم وأثره:

- ‌المواقف الأربعة للكنيسة من العلم الحديث وما تضمنته من إشكالات:

- ‌حالة المعاناة من الكنيسة وظهور العلمانية:

- ‌المثال الأول: باب المعجزات:

- ‌المثال الثاني: اعتقادات النصارى حول الأرض:

- ‌الثاني: دور العلمانية في الانحراف بمسيرة العلم

- ‌التحول نحو العلمنة في أوروبا:

- ‌أ- العلاقة المشبوهة:

- ‌ب - الحل العلماني من كونه فصلًا إلى كونه رؤية:

- ‌ج - ظهور الدولة العلمانية القومية، وأثرها في الانحراف بمسيرة العلم:

- ‌د - التيار العلمي في ظل السيطرة العلمانية:

- ‌1 - أثر نشأة العلم في البيئة العلمانية:

- ‌2 - قناعة التيار العلمي بأهمية الفصل بين الدين والعلم:

- ‌3 - ظهور طائفة من العلماء الماديين والملحدين وأثرهم:

- ‌الثالث: دور الفكر المادي في انحراف العلم

- ‌أ - ما المادية

- ‌ب - التطور العلمي والتوسع في التصورات المادية:

- ‌ج - صورة العلاقة بين المادية والعلم الحديث:

- ‌مادية القرن الثامن عشر والتاسع عشر:

- ‌د - المنهجية المادية للانحراف بالعلم:

- ‌أولًا: آلية الربط للحصول على السند العلمي:

- ‌ثانيًا: آلية التعميم لاستغلال العلوم الحديثة:

- ‌ثالثًا: نماذج من انحرافات الاتجاه المادي بالعلم "الفيزياء - الأحياء - الرياضيات

- ‌1 - مفهوم القانون العلمي في الفيزياء:

- ‌2 - ظاهرة الحياة في الأحياء:

- ‌3 - إقحام المادية في الرياضيات:

- ‌هـ - التوظيف المادي للعلم من أجل إلغاء الدين:

- ‌الرابع: دور المذهب التجريبي الحسي والوضعي

- ‌الاتجاه التجريبي والعلم التجريبي -وهم التسمية وحقيقة الاتجاه:

- ‌المؤسسون للمنهج وتصورهم للعلم:

- ‌ما بين الميتافيزيقا والعلم عند الاتجاه التجريبي:

- ‌كونت والدعوة الوضعية:

- ‌الوضعية المنطقية في القرن الرابع عشر/ العشرين:

- ‌مبدأ التحقق

- ‌الخامس: دور اليهود

- ‌الأحداث الثلاثة التي مكنت لليهود في الفكر الحديث:

- ‌يهودي دون ديانة يهودية

- ‌نموذج للدور اليهودي في الانحراف بمسيرة العلم الحديث:

- ‌نموذج فرويد ونظرياته في علم النفس:

- ‌أ- من داروين إلى فرويد:

- ‌ب- فرويد وظاهرة "اليهودي الملحد

- ‌ج- علاقة فرويد باليهود واليهودية:

- ‌أولًا: العلاقة باليهود:

- ‌ثانيًا: علاقته باليهودية:

- ‌د- جماعة التحليل النفسي: جماعة علمية أم جماعة يهودية

- ‌حادثة انشقاق كارل يونغ:

- ‌هـ - النظرية العلمية -صورة للاستثمار اليهودي:

- ‌1 - علاقة الفرويدية باليهودية وكتبها المقدسة:

- ‌2 - استثمار النظرية العلمية في إنكار العقائد والقيم:

- ‌الفصل الثالث تاريخ تكون الانحرافات المصاحبة لحركة العلم الحديث في العالم الإِسلامي وتأثيرها في الفكر التغريبي العربي المعاصر

- ‌أولًا: تغير العالم ببعثة الرسول محمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌ظهور أمة الإِسلام ودورها في إنقاذ العالم:

- ‌ثانيًا: موجز لصورة العلوم في الحضارة الإِسلامية

- ‌القسم الأول: العلوم النقلية:

- ‌القسم الثاني: العلوم الحكمية:

- ‌العلوم السبعة:

- ‌خلاصة صورة التعرف الأولي علي علوم الأمم السابقة:

- ‌ثالثًا: الضعف والتخلف وانحسار مفهوم أمة العلم وظهور الدعوات الإصلاحية

- ‌1 - الانكسار في خط المسار:

- ‌2 - المخاض العسير لدخول العصر الحديث:

- ‌3 - البحث عن مخرج لأزمتي الانحراف والتخلف:

- ‌رابعًا: تجارب الولايات الإِسلامية للتحديث وطلب العلوم العصرية "المرحلة الأولى

- ‌1 - تجربة الدولة العثمانية:

- ‌2 - تجربة الهند الإِسلامية:

- ‌خامسًا: تجارب الولايات الإِسلامية "المرحلة الثانية

- ‌1 - الحملة الاستعمارية الحديثة الأولى لبلاد المسلمين "الحملة الفرنسية

- ‌الحملة العلمية المصاحبة لجيش بونابرت ومجمعها العلمي:

- ‌مواقف جديدة لبعض شيوخ الأزهر من العلوم العصرية:

- ‌أ - عبد الرحمن الجبرتي:

- ‌ب- حسن العطار:

- ‌2 - ولاية محمَّد علي باشا، ثم أولاده من بعده:

- ‌أدوات محمَّد علي في تحصيل العلوم العصرية:

- ‌أ- الاستعانة بالأجانب

- ‌ب- مشروع الابتعاث لأوروبا:

- ‌ج- إنشاء المدارس الفنية في مختلف التخصصات:

- ‌د- المدارس الأجنبية "مدارس الإرساليات

- ‌هـ - مشروع الترجمة:

- ‌و- المطبعة وما ارتبط بها من ظهور الصحافة العلمية والفكرية:

- ‌خلاصة التجربة:

- ‌3 - السلاطين الشباب في الدولة العثمانية ومغامرات الإصلاح:

- ‌1 - السلطان محمود الثاني:

- ‌2 - السلطان عبد المجيد:

- ‌3 - السلطان عبد العزيز:

- ‌سادسًا: تجربة بلاد المغرب

- ‌1 - تجربة تونس:

- ‌أ- المدرسة الحربية والصادقية:

- ‌ب- خير الدين التونسي:

- ‌2 - تجربة المغرب:

- ‌أ- تنبيه النخبة بأهمية العلوم العصرية:

- ‌ب- إصلاح التعليم أو توسيع دائرته:

- ‌سابعًا: تجربة فارس

- ‌تكوين نظام علمي موازي للنظام القديم:

- ‌ثامنًا: تعرّف المجتمع الإسلامي على العلوم العصرية ونظرياتها

- ‌1 - طُرق تعرف المجتمع على العلوم العصرية وما ارتبط بها من مشكلات:

- ‌2 - تاريخ دخول النظريات العلمية ذات الإشكالات للعالم الإسلامي:

- ‌الفصل الرابع أسباب دخول الانحرافات المصاحبة لحركة العلم الحديث إلى البلاد الإسلامية

- ‌أولًا: ضعف مؤسسات الأمة العلمية

- ‌الاحتياجات المعرفية الجديدة وعدم قدرة المؤسسات التعليمية على تلبيتها:

- ‌نموذج الأزهر:

- ‌قصة الوالي العثماني مع الأزهر ودلالاتها:

- ‌مشكلات ذاتية للمؤسسات العلمية الإِسلامية:

- ‌الاحتلال الفرنسي ثم ولاية محمَّد علي وآثار ذلك على الأزهر:

- ‌بوادر الاختلاف داخل الأزهر ومطلب التحديث:

- ‌أثر جمال الدين الأفغاني:

- ‌دار الدعوة والإرشاد والمشاريع الجديدة:

- ‌ثانيًا: المدرسة الحديثة ومدارس الأقليات

- ‌الفصل والانفصال: الفصل بين المجالين الديني والدنيوي، والانفصال عن هوية الأمة:

- ‌دور مدارس الأقليات:

- ‌ثالثًا: دور الصحافة (نشأتها وتمكن النصارى منها وتوجيههم التغريبي لها)

- ‌ظروف نشأة الصحافة وأثر ذلك على الانحراف بمسيرة العلم الحديث:

- ‌النموذج الأول، مجلة المقتطف -النظريات الجديدة:

- ‌المثال الأول: نظرية الفلك الجديدة ومسألة دوران الأرض:

- ‌صدى المشكلة عند بعض المسلمين:

- ‌المثال الثاني: داروين ونظرية التطور:

- ‌النموذج الثاني: مجلة الجامعة العثمانية "الجامعة" لفرح أنطون -الإطار العلماني:

- ‌رابعًا: التيارات الفكرية الوافدة وتنظيماتها كالماسونية والسيمونية

- ‌[1] الدور الماسوني:

- ‌[2] أتباع سان سيمون

- ‌خامسًا: دور الاستعمار

- ‌سياسة التعليم الاستعمارية:

- ‌1 - تهيئة بيئة تسمح بتسرب الانحرافات وتغذي حركتها:

- ‌2 - صناعة الازدواجية في التعليم وعلمنته:

- ‌3 - ترسيخ الهزيمة النفسية في مجال التعليم:

- ‌4 - تحول المؤسسة العلمية في منبع لتوليد التيارات التغريبية:

- ‌5 - فتح الباب للنظريات الاجتماعية:

- ‌سادسًا: بيئة ثقافية جديدة وحضور التيار التغريبي فيها

- ‌الفصل الخامس أبرز المواقف العلمية والفكرية في العالم الإسلامي من العلوم الحديثة ومناهجها

- ‌تمهيد الأصول الثقافية للوضع المعاصر

- ‌فترة التحولات واضطراباتها ومشروع الشيخ حسين الجسر

- ‌المبحث الأول موقف الاتجاه السلفي الداعي للتأصيل الإِسلامي للعلوم الحديثة

- ‌أولًا: الشيخ محمود شكري الألوسي

- ‌1 - الموقف من النظرية الجديدة في الهيئة:

- ‌2 - السعي إلى التأصيل الإِسلامي لهذه العلوم:

- ‌ثانيًا: الشيخ عبد الرحمن السعدي

- ‌1 - تأكيد دخول العلوم الصحيحة النافعة العصرية في الإِسلام، وأثر إدراك هذا المقصد

- ‌2 - خطورة ابتعاد العلوم الصحيحة النافعة العصرية عن الدين وحاجتنا إلى تقريبها من الدين:

- ‌ثالثًا: الشيخ محمَّد الشنقيطي

- ‌موقف الشيخ من الحضارة الغربية والعلوم الدنيوية التي برعت فيها:

- ‌1 - القرآن فيه تبيان كل شيء وهو يهدي للتي هي أقوم:

- ‌2 - الموقف من العلوم الدنيوية وكيف نحولها إلى أشرف العلوم:

- ‌رابعًا: الشيخ عبد العزيز بن باز

- ‌دعوة التأصيل الإِسلامي للعلوم الحديثة

- ‌1 - الوعي باختلاف أرضيات العلوم:

- ‌2 - الوعي بمشقة المشروع:

- ‌3 - قوة التماسك في منهج التنظير وفي العمل التطبيقي:

- ‌المبحث الثاني موقف الاتجاه العصراني الداعي لتأويل ما توهم تعارضه من النصوص الشرعية مع العلم الحديث

- ‌أولًا: ما الاتجاه العصراني

- ‌ثانيًا: ظهور الاتجاه العصراني وحقيقة منهجه:

- ‌ثالثًا: النموذج الهندي العصراني:

- ‌رابعًا: النموذج العربي العصراني:

- ‌المبحث الثالث موقف الاتجاه التغريبي الداعي لتقديم العلم وعدم ربطه بالدين

الفصل: ‌د- أثر نيوتن في الفكر الغربي:

التيارات المختلفة ومنهجياتها المختلفة لبيان العلاقة بين الدين العلم ما زالت موجودة وتتصارع فيما بينها.

‌د- أثر نيوتن في الفكر الغربي:

لا يوجد اختلاف في دور "نيوتن" في العلوم الطبيعية، وأنه أهم رجالاتها في العصر الحديث، وأنه مثّل العلم لأكثر من قرنين، حتى إن هناك من خشي من سيطرته على العلم وعدم قدرة من بعده في تجاوزه كما حدث في الماضي من تعظيم لأرسطو أضعف قدرة من بعده على تجاوزه. فهل أثّر نيوتن ونظرياته وأفكاره في الفكر الغربي؟ وهل يمكن للعلم والعلماء الجدد أن يؤثروا في الاتجاهات الفكرية؟ وما صورة هذا التأثير؟

كان المعهود في تاريخ الفكر الغربي بأن المفكرين والفلاسفة هم من يقود العلوم المعهودة عندهم، وأن الفلسفة في درجة أعلى من هذه العلوم فهي أمّ العلوم، ولكن مع نيوتن وبعده ربما تنقلب المعادلة، حيث يكون تأثير النظريات العلمية أقوى في تشكيل التيارات الفكرية الجديدة، وربما نجد هذا واضحًا مع نيوتن، فعندما أعلن نظريته العلمية وفلسفته ومنهجه لم يتقبلها الفكر الغربي بسهولة، وبقيت في بعض نقاط أوروبا الجغرافية مهجورة أو منتقدة، وكأنها في حاجة إلى دعاة ينشرونها ومفكرين يبنون عليها أنساقهم الفكرية.

ويظهر بأن هناك مجموعة أسباب هيأت لنسق نيوتن أن يكون له مع الأيام قوّة مؤثرة فيما بعد في الفكر الغربي، وحتى ندرك أثره فنحن في حاجة لاسترجاع المسارات الفكرية الكبرى التي ظهرت في عصر أوروبا الحديث.

كان الاتجاهان الكبيران "العقلي والتجريبي" من أهم المسارات الفكرية، الاتجاه العقلي الذي برز بصورة واضحة مع ديكارت وأتباعه، والاتجاه التجريبي والحسي الذي عرف مع "بيكون وهوبز" ومن بعدهما. ومع وجود أنصار الاتجاهين في أغلب أوروبا إلا أن العقلي كان أكثر شهرة في فرنسا وما حولها، والتجريبي كان أكثر شهرة في إنجلترا وما حولها، وهما يكبران عامًا بعد آخر، وكان لهما وجودهما الكبير زمن نيوتن وبعده.

وفي هذه المرحلة أيضًا ظهر تياران جديدان سيرسمان خارطة جديدة للفكر الغربي أحدهما نشأ مع "كانط" الفيلسوف الألماني المشهور محاولًا في فلسفته

ص: 179

الجمع بين الاتجاهين العقلي والتجريبي مع الاستفادة من صورة العلم النيوتنية الأخيرة. والآخر ظهر مع حركة التنوير الداعية إلى الحرية والعلمانية والتحمس للعلوم الجديدة.

فهذه أربعة اتجاهات فكرية كُبرى اشتهرت في هذه المرحلة يصاحبها بروز اتجاه علمي بدأ يفرض نفسه مستقلًا عن التيارات الفكرية والفلسفية يومًا بعد يوم إضافة إلى تيار لاهوتي مستمر من الماضي.

ومن المعلوم بأن التيارات الفكرية الأربعة لم تكن على وفاق مع الكنيسة واللاهوت الديني، وقد كان هناك سباق بين الطرفين على الاستعانة بالعلم -بعد أن نجح في إثبات وجوده- في ذلك الصراع بينهما، وقد نجحت التيارات الفكرية أكثر من غيرها في استغلال ثمرات العلم المادي ونظرياته في خدمة رؤاها، ومن ذلك استعانتهم جميعًا بالنسق النيوتني. ومن الطبيعي أن تقود الروح اللادينية للتيارات الفكرية نشاطهم نحو توظيف ثمرات العلم بما يخدم تلك الروح، وما يتبع ذلك من غياب للموضوعية وبروز نزعات الأهواء والرغبات على حساب الحقيقة والعدل والإنصاف، وقد بلغت ذروة هذا الانحراف بنجاح الثورة الفرنسية عام (1789 م)؛ أي: بعد ما يقرب من ستين عامًا من وفاة نيوتن (1727 م)، وبهذا حققت التيارات اللادينية نجاحها السياسي والاجتماعي في ثورة فرنسا، وبهذا الانتصار سيُقدّم كل معارض للدين واللاهوت الديني على أنه الحقيقة الوحيدة، وسيُفرض في الساحة الفكرية والعلمية والاجتماعية، ويكفي أن نعرف بأن التعليم الديني منع من المدارس، وأن النظريات العلمية ما كان حقًا منها أو باطلًا قد فُرض على المجتمع تعلمها. وليس المقصود تتبع تفاصيل تلك الأحداث وإنما اقتناص علاقة الفكر الغربي بالعلم المادي ونظرياته لتتبين حقيقة تلك العلاقة، ومن ثمّ الاستفادة منها في فهم مجريات العلاقة عندنا فيما بعد.

فمما يقول "يوسف كرم" عن تأثيره: "كان لمنهجه العلمي ولمكتشفاته أثر في الفلسفة، وكانت له فلسفة خاصة تركت هي أيضًا أثرًا. جاء اكتشافه للجاذبية مؤيدًا للمذهب الآلي وموطدًا للثقة في المنهج الرياضي، فقد دل على مبدأ يفسر تماسك أجزاء الطبيعة، ووضع قانونًا كليًا استخرج منه بالقياس نتائج متفقة مع التجربة، على أنه إذ يقول بالجاذبية يعلن أنه لا يزعم بهذه التسمية تعيين طبيعة القوة التي تقرب جسمًا من جسم أكبر، وهذه نقطة جديرة بالملاحظة، فإنها تعني

ص: 180

أن العلم الآلي يلتقي مع الظواهر ولكنه لا يدعي تفسيرها" (1).

يلخص هذا النص أهم آثار نيوتن وبعض مساراتها فهو:

أولًا: أثّر بمنهجه العلمي واكتشافاته العلمية في الفلسفة.

وثانيًا: أثر بفلسفته الخاصة -النابعة من تأملاته- في الفكر الغربي.

وأخيرًا: فنظريته حول الجاذبية دعمت المذهب الآلي الذي سيكون له شأن في الاتجاهات المادية مع التذكير بأنه بنظريته إنما يفسر، لا أنه جعل للمادة فعلًا مستقلًا وتامًا وحقيقيًا كما سيكون مع الماديين في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر مثلًا.

وإذا كانت النظريات العلمية مجال أخذ ورد، وقبول واعتراض، فما بالك بالأنساق الفكرية المبنية على تلك النظريات، فمجال الأخذ والرد فيها أوسع لاسيّما مع دخول أصحاب الأيديولوجيات اللادينية التي تهوي بأصحابها وتطمس عن أعينهم الحقائق ولو كانت مثل شعاع الشمس، ويستثمرون ما يجدون في النظريات من مشتبهات وثغرات ليؤيدوا ما يعتقدون من أيديولوجيات، وكانت نظريات نيوتن أحد الأمثلة البارزة على ذلك لاسيّما ما تبناه الماديون من أفكار حول فاعلية المادة والحتمية وغيرها.

والمقام هنا ليس مقام تفصيل الأثر المتبادل بين نظريات نيوتن وبين الاتجاهات الفكرية، ففي ذلك دراسات موسعة، وإنما المقصود بيان دور النظريات العلمية وأثرها مجملًا في الفكر الحديث، وهنا ذكرٌ موجز لبعض التفاعلات بين نيوتن والفكر لاسيّما مع الاتجاهات الفكرية البارزة:

فهذا ليبنتز أحد أهم الديكارتيين والتيار العقلي يمتدح كتاب "المبادئ" وأنه "يعدل في قيمته كل المؤلفات السابقة". وهذا يبين مكانة نيوتن عند العقلانيين. وهذا هيوم أحد أهم مؤسسي المذهب الحسي التجريبي يقول عن نيوتن بأنه "أعظم وأندر عبقري ظهر ليشرف النوع الإنساني ويعلمه"(2)، فهذان ممثلان كبيران لأكبر تيارين في الفكر الغربي الحديث يعلنان مكانة نيوتن ووضعه في المقدمة.

(1) تاريخ الفلسفة الحديثة، كرم ص 154، وانظر: تاريخ العلوم العام ترجمه على مقلد 2/ 300 وما بعدها، وانظر: حول قواعد منهجه الاستقراء والمنهج العلمي، د. محمود فهمي زيدان ص 74 - 77.

(2)

كتب غيّرت الفكر الإنساني، الشنواني ص 175، وانظر: العلم في التاريخ 2/ 136.

ص: 181

وفي هذه المرحلة ظهر تيار جديد أطلق عليه تيار التنوير أخذ على عاتقه الدعوة للعلمانية وإضعاف قيمة الدين في حياة المجتمع والدعوة للحرية والعقلانية، وقد كان مركزه فرنسا وانتشر بعد ذلك في أغلب بلاد أوروبا في القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي. وكان من أشهر شخصيات هذا التيار فولتير، وقد أخذ على عاتقه التعريف بنيوتن ونظرياته ونشرها، حتى إنه عُدّ أهم الشخصيات التي أسهمت في تعريف فرنسا بنيوتن وعلمه ومنهجه (1).

وعرفت أيضًا أوروبا في هذه المرحلة فيلسوفًا مشهورًا "كانط" كان له أثره في تكوين فلسفة جديدة "الفلسفة النقدية" وغلب تأثيره على أكثر التيارات الفكرية التي جاءت بعده، حتى إن هناك من يفرق بين مرحلتين في الفكر الغربي، قبل كانط وبعده. فهذا الفيلسوف أقام أغلب أصوله الفلسفية على نسق نيوتن العلمي والفلسفي والمنهجي، ومن كتبه مثلًا:"التاريخ العام للطبيعة، ونظرية السماء: دراسة للنظام والأصل الميكانيكي للكون، وفقًا لمبادئ نيوتن"(2)، وقد أوضح "محمد وقيدي" في بحثه عن نظرية كانط في المعرفة (3) أثر نسق نيوتن على كانط؛ ذلك أن فلسفته عاصرت النسق الفيزيائي النيوتني "فاستفادت من معطياته في بناء نظريتها في المعرفة"(4).

فهذه أربعة تيارات، اثنان منها قبله "العقلي والتجريبي" وقد أُعجبا بنسقه، واثنان معه أو بعده التنوير والنقدي الكانطي أعجبا به أيضًا.

وهناك تيار خامس سيكون أكثر شهرة في القرن اللاحق وهو "التيار المادي" الذي يرى بأن المادة هي الأصل، وهي فاعلة مؤثرة بنفسها، ومن مصادرها العلمية المزعومة الصورة الحتمية البادية في الصورة الآلية والميكانيكية في نظريات نيوتن (5)، فقد ولّدت نظريته نزاعًا كبيرًا بين تيارين حول الحتمية

(1) انظر: كتب غيرت الفكر الإنساني، الشنواني ص 173، والعلم في التاريخ، برنال 2/ 136، وتاريخ الفكر الأوروبي الحديث، رونالد ص 185 - 186 ونفس الكتاب تحدث عن "منتسكيو" ص 190.

(2)

انظر: كُتبه التي عرضها د. زكريا إبراهيم، عبقريات فلسفية -كانط أو الفلسفة النقدية ص 261.

(3)

انظر: ما هي الإبستمولوجيا، محمد وقيدي ص 143 - 211.

(4)

المرجع السابق ص 199.

(5)

سيأتي عرض ذلك لاحقًا، في القرنين الأخيرين، لاسيما مع النظرية الكمية ص 276.

ص: 182

واللاحتمية شبيهة بمسألة الاختلاف بين الجبرية والقدرية، حيث كانت نظرية نيوتن في الجاذبية مفتاحًا للمذهب الحتمي، ومؤيدة لأصحاب المذهب الآلي المادي وبقيت الأشهر حتى برزت نظرية "النسبية" و"الكوانتم" في الفيزياء المعاصرة لتميل لصالح المذهب اللاحتمي، وهذا شاهد واضح على أثر النظريات العلمية في الفكر.

وأخطر ما زعمه التيار المادي اعتمادًا على النسق النيوتني بأن آلية الكون وسيره وفق نظرية الجاذبية، تدل بأن الكون يتحرك بقوانينه الخاصة دون حاجة إلى حفظ إلهي لها، ووصل بهم الأمر إلى إنكار وجود الرب أصلًا، والقول بأن المادة هي الفاعل الوحيد التي عُبر عنها في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر بالطبيعة، فهي الموجدة لكل شيء والفاعلة لما تريد. وستقوم المادية بتحويل تصور نيوتن حول نظريته في الجاذبية، فهو يفسر بها ظاهر الكون ويرى أنها من وضع الرب سبحانه لحفظ نظام الكون الذي خلقه، ولكنها مع الماديين تتحول إلى صفة من صفات الطبيعة والمادة، ويرون بأن عالم المادة يتصف بصفات يُوجد بها ذاته ويُسيّر بها نظامه. وهذا التحول الخطير سانده بعض المنتسبين لدائرة العلم في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر وكان أشهر من أظهر ذلك البيولوجي داروين وسيأتي بيانها لاحقًا. والمهم هنا أن نظريات نيوتن أصبح لها تأثير كبير، وأن العلم مع نيوتن بدأ يستقل بذاته ويكوِّن شعبية تنافس المذاهب الفكرية المعهودة والعلوم الموروثة، وبدأ المنهج الجديد في البحث والنظر يفرض حضوره يومًا بعد يوم، وبدأت العلوم تتطور بسبب ذلك، ولكن هذه الشهرة للعلم جلبت إليه أهل الأهواء والأيديولوجيات ليوظفوه في خدمة مذاهبهم.

لقد استقطب نيوتن الحياة الثقافية والفكرية والدينية في الغرب، ورغم قلّة إنتاجه وانصرافه إلى السياسة آخر حياته ثم الدين، إلا أن نسقه أثّر كثيرًا ولأكثر من قرنين، وفي ذلك يقول محمد الجابري: "ويمكن القول بصفة عامة: إن الفكر العلمي بمختلف جوانبه ومنازعه -وكذا الفكر الفلسفي- قد بقي، طوال القرنين الماضيين، يتحرك داخل البنيان الذي شيّده نيوتن، وذلك إلى درجة أن الأفكار والنظريات العلمية التي ظهرت خلال المدّة المذكورة، لم تكن تقبل، أو على الأقل لم يكن ينظر إليها بعين الارتياح والرضا، إلا إذا كانت مندرجة في النظام

ص: 183

العام الذي أقامه صاحب نظرية الجاذبية" (1). وهذه الشهرة جعلت "راسل" يقول: "لقد كان النصر كاملًا -أي: لنيوتن- إلى حد ينذر بالخطر من أن يغدو "نيوتن" أرسطو آخر، ويفرض على التقدم حاجزًا لا يمكن تخطيه" (2).

ونجد مفارقة عجيبة في هذه العلاقة بين نظريات نيوتن واكتشافاته ومنهجه وبين الفكر المتفاعل معها، تتمثل في أن نيوتن يميل إلى أن النظر في هذا الكون يدل على وجود الله سبحانه ويحاول التوفيق بين نظريته في الجاذبية وبين ما يعرفونه من أمور الدين، بخلاف التيارات الفكرية المستثمرة لنجاحه فهي توظف نظرياته في خدمة العلمانية المادية والإلحاد. فهو يرى بأن نظريته تُظهر نظام العالم وتناسقه، وأن ما فيه من نظام وجمال وترتيب يدل على وجود الله سبحانه (3)، وما يترتب على الإقرار بوجوده من أمور أخرى، ونراه مثلًا يحاول التوفيق بين نظريته في الجاذبية وبين قصة طوفان نوح عليه الصلاة والسلام، فهو يرى بأن الله سبحانه حينما أراد أن يغرق القوم الكافرين الذين كذبوا نوحًا عليه الصلاة والسلام، أمر نجمًا جبارًا بأن يقترب من الأرض، وبحسب نظرية الجاذبية اختلت قوى الطرد والجذب، فاندفع الماء من باطن الأرض تحت تأثير الجاذبية الرهيبة، وصارت أمواج البحر كالجبال، وتراكمت السحب نتيجة التبخر، وتساقطت أمطار وكأنها السيل المنهمر، ولما تحقق أمر الله سبحانه، أمر النجم أن يعود إلى مكانه، فعادت الأرض إلى ما كانت عليه (4). فهو يحاول المحافظة على سلامة نظريته وفي الوقت نفسه لا يريد إنكار ما يعرفونه من الأمور الدينية. فمن الناحية العلمية فسر كيف تحدث ثلاثة أمور في عذاب أولئك الكافرين، وهي: تفجر الأرض بالماء بشكل لا مثيل له، وسحاب كثيف مع مطر غزير لا مثيل له، وموج هائل متلاطم، وهذه الثلاثة يمكن تصور حدوثها باقتراب نجم كبير من الأرض، ولكنه بقدر ما يُقرّب المسألة للمائلين إلى العلوم الحديثة،

(1) مدخل إلى فلسفة العلوم، الجابري ص 269.

(2)

انظر: تاريخ الفلسفة الغربية (الكتاب الثالث) الفلسفة الحديثة، راسل، ترجمة محمد الشنيطي ص 71، وانظر: العلم في التاريخ، برنال 2/ 135.

(3)

انظر: تاريخ الفلسفة الحديثة، كرم ص 155، وتاريخ العلم العام، ترجمة د. علي مقلد 2/ 302.

(4)

انظر: تراث الإنسانية 9/ 68.

ص: 184

إلا أنه تكلفٌ لا مبرر له، وادعاء أمر من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، فنحن نؤمن بهذا الحدث ولكننا لا نعلم التفاصيل الغيبية فيه إلا ما ورد في الوحي.

والأمر العجب هو فرار هؤلاء من الإيمان بقدرة الله سبحانه على إحداث هذه الأمور، وحرصهم على التعليل الطبيعي لمثل هذه الأحداث، مع أن الأعجب من كل هذه الأمور هو وجود الكون كله، فإيجاد الكون والعالم أعظم بكثير من حدث الطوفان في جزء صغير من مخلوقاته، والله سبحانه قد أكثر من الاستدلال على منكري البعث بإيجاد المخلوقات الكونية وبخلق الإنسان، وهذا الدليل الذي كثر وروده في القرآن هو دليل مناسب أيضًا على هذه المسألة؛ فإن من أوجد الكون بعوالمه العجيبة أقدر -وكلها عنده سواء- على مثل هذه الآيات، سبحانه.

ومع ما نراه من ضبابية حول اعتقاده فإن من المؤكد أنه لم ينف الدين الذي عرفه بين قومه، بل يرى أن ما عنده يدعم الدين، في المقابل نجد تيارات ذات أهداف مشبوهة وظّفت نظرياته واكتشافاته ومنهجه في صراعها مع الدين مدّعية بأن علم نيوتن يدعم الموقف الإلحادي، ومن أشهرها الاتجاه المادي بكل تياراته، وتظهر هنا النقطة الفاصلة بين النظرية العلمية وفكر صاحبها وبين استثمارها في خدمة رغبات وأهواء أطراف أخرى. والعجيب أن صاحب النظرية لا يرى في نظريته ما يدعو إلى الإلحاد والمادية، ويصر أصحاب التيار المادي على استثمارها في باب لم يقله صاحبها.

وبعكس ما سبق في الفيزياء الكلاسيكية -فيزياء نيوتن- نجد صورة مغايرة في الفيزياء المعاصرة، فهي فيزياء تنتسب للمدنية العلمانية وترعرعت مع الماديين، وكان الأصل فيها أن تتوجّه لخدمة الاتجاهات المادية؛ إلا أن الأمر انقلب رأسًا على عقب، فظهرت تيارات فكرية ترى بأن الفيزياء المعاصرة تعد صفعة موجعة للتيارات المادية الملحدة، وأنها لا تتعارض مع أصول دينية بل العكس فهي تؤيد قضايا الدين (1). وهو تقابل غريب وعجيب، يحتاج منا إلى عناية خاصة؛ إذ فيه عدّة دلالات يهمّ منها طريقة توظيف النظرية وفهمها في خارج إطارها.

(1) انظر: الحديث الآتي آخر هذا الفصل عن نظريات الفيزياء وأثرها في القرن الرابع عشر الهجري/ العشرين الميلادي ص 237.

ص: 185