المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث موقف الاتجاه التغريبي الداعي لتقديم العلم وعدم ربطه بالدين - النظريات العلمية الحديثة مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها دراسة نقدية - جـ ١

[حسن الأسمري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع:

- ‌أسباب الاختيار:

- ‌أهداف الموضوع:

- ‌الدراسات السابقة حول الموضوع:

- ‌أولًا: الكتب الإسلامية التي تكون بعنوان:الدين والعلم، أو القرآن والعلم، أو الإِسلام والعلم، وما في معناها وبابها

- ‌ثانيًا: الكتب التي تناولت بعض موضوعات البحث:

- ‌ثالثًا: "منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير

- ‌رابعًا: الكتب التي تدور حول الفكر العربي المعاصر ومذاهبه:

- ‌خامسًا: الكتب المتخصصة في مشكلة البحث:

- ‌منهج البحث

- ‌خطة البحث:

- ‌التمهيد

- ‌أولًا: النظرية العلمية

- ‌ثانيًا: أسباب نشأة الاتجاه التغريبي

- ‌ثالثًا: الموقف الإسلامي من العلوم التجريبية وأمثالها

- ‌الباب الأول نشأة الانحرافات المرتبطة بحركة العلم الحديث وظهورها في العالم الإسلامي

- ‌الفصل الأول تعريف موجز بالثورة العلمية الحديثة وما ارتبط بها من نظريات مخالفة للدين وأثرها

- ‌أولًا: مصطلح أو مفهوم "الثورة العلمية

- ‌ثانيًا: ما قبل الثورة العلمية الحديثة "ممهدات الثورة العلمية

- ‌[1] التركة الأرسطية المتغلغلة في أواخر العصور الوسطى الأوروبية ومحاولتهم تجاوزها:

- ‌[2] الأمر الداخلي: أثر عصر النهضة والإصلاح الديني:

- ‌أ- عصر النهضة وحركة الإنسانيين:

- ‌ب- الإصلاح الديني:

- ‌[3] الأمر الخارجي: أثر العلم المنقول من بلاد المسلمين في ظهور الثورة العلمية:

- ‌ثالثًا: الثورة العلمية

- ‌معالم الحدث في الكتابات الفكرية

- ‌[1] البداية من علم الفلك:

- ‌أ- علم الفلك القديم:

- ‌ب - علم الفلك الجديد وشخصياته:

- ‌1 - مولد النظرية مع كوبرنيكوس:

- ‌2 - إحراق برونو يُشهر النظرية:

- ‌3 - براهي والبحث عن الأدلة:

- ‌4 - كبلر: للسعي للتوفيق واكتشاف القوانين:

- ‌ج- دور جاليليو:

- ‌1 - استعمال جاليليو للتلسكوب وآثار ذلك:

- ‌2 - صراعات جاليليو والمظهر الفكري الذي تبعها:

- ‌[2] قنطرة بيكون وديكارت والتأسيس المنهجي للثورة الفكرية والعلمية:

- ‌أ- فرانسيس بيكون:

- ‌ب- ديكارت:

- ‌[3] نيوتن وظهور أشهر ثاني نظرية في العلم الحديث:

- ‌أ- كتاب "المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية

- ‌ب- القوانين والنظرية:

- ‌ج- النقاش حول علاقة العلم بالدين:

- ‌د- أثر نيوتن في الفكر الغربي:

- ‌رابعًا: ما بعد الثورة العلمية (1) "القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي

- ‌[1] أبرز التطورات العلمية:

- ‌[2] التحول إلى العلمنة:

- ‌[3] تيارات الفكر المشهورة وعلاقتها بالعلم:

- ‌أ- التياران الموروثان "العقلاني والتجريبي

- ‌ب- الفلسفة النقدية الكانطية:

- ‌ج- الاتجاه المادي:

- ‌د- التنوير:

- ‌[4] الثورة الفرنسية العلمانية (1789 م):

- ‌خامسًا: ما بعد الثورة العلمية (2) "القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي

- ‌[1] تيارات الفكر المشهورة:

- ‌أ- اليسار الهيجلي:

- ‌ب- نقاد الدين ونصوصه الجدد:

- ‌ج- الوضعية:

- ‌[2] النشاط العلمي في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر:

- ‌[3] نظرية التطور الدارونية وأبعادها الفكرية والاجتماعية:

- ‌أ- مصطلح التطور:

- ‌ب- تشارلس داروين (1809 - 1882 م):

- ‌ج- من إشكاليات النظرية الدارونية في مفهوم العلم:

- ‌د- من النظرية إلى المذهب:

- ‌هـ - موقف الكنيسة والعلماء من النظرية:

- ‌[4] البحث عن حدود النظرية العلمية والدين:

- ‌أ- مفهوم النظرية:

- ‌ب- مع الدين وضدّه:

- ‌سادسًا: ما بعد الثورة العلمية (3) (القرن الرابع عشر الهجري/ العشرون الميلادي)

- ‌[1] المستجدات في العلوم الاجتماعية "علم الاجتماع وعلم النفس

- ‌أ- علم الاجتماع:

- ‌ب- علم النفس:

- ‌ج- العلاقة بين الدين والعلوم البشرية من جهتي الخبر والشرع:

- ‌[2] نظريتا النسبية والكوانتم وثورة جديدة في الفيزياء:

- ‌أ- تحولات في الفيزياء "أشياء صغيرة تدفع العلم نحو التواضع

- ‌ب- تجربة مايكلسون ومورلي ومولد النظرية النسبية

- ‌1 - الأثير لا يصمد أمام التجربة:

- ‌2 - من التجربة إلى النظرية النسبية:

- ‌3 - علاقة النظرية بالواقع المعاصر:

- ‌ج- اكتشاف الذرة ومولد نظرية الكم:

- ‌1 - قصة عالم الذرة:

- ‌2 - من آثار النظرية:

- ‌د- خاتمة حول الفيزياء المعاصرة:

- ‌[3] علاقة العلم بالفكر في القرن "الرابع عشر/ العشرين م

- ‌أ - طبيعة النظرية العلمية وحدودها "طبيعة المعرفة العلمية وحدودها

- ‌1 - نقاد العلم:

- ‌2 - فلسفة العلوم أو الإبستمولوجيا:

- ‌3 - الوضعية المنطقية:

- ‌4 - فلسفة العلم في الفكر العربي:

- ‌5 - نحو نظرية معرفة جديدة:

- ‌ب- انقلاب فكري ضدّ الوضعية العلموية وتيارات المعرفة المادية:

- ‌ج - عصر جديد لعلاقة العلم بالايمان في الفكر الغربي:

- ‌الفصل الثاني أسباب وجود الانحراف المصاحب للتطور العلمي الحديث

- ‌الفرق بين أسباب تقدم العلم وبين أسباب الانحراف به وأهمية بحثها

- ‌أمثلة تبين المقصود بمفهوم الانحراف بالعلم

- ‌المثال الأول: إنسان بِلتْداون:

- ‌المثال الثاني: التولد الذاتي:

- ‌ما بين الرؤية الكنسية والرؤية العلمانية للعلم وأثر ذلك في الانحراف بمسيرة العلم

- ‌الأول: دور الكنيسة في إفساد العلاقة بين الدين والعلم

- ‌دخول النصرانية للغرب واحتواء لاهوتها على معارف علمية:

- ‌العداء بين الكنيسة وطوائف اجتماعية جديدة:

- ‌تمثيل الكنيسة للموقف الديني في الصراع بين الدين والعلم وأثره:

- ‌المواقف الأربعة للكنيسة من العلم الحديث وما تضمنته من إشكالات:

- ‌حالة المعاناة من الكنيسة وظهور العلمانية:

- ‌المثال الأول: باب المعجزات:

- ‌المثال الثاني: اعتقادات النصارى حول الأرض:

- ‌الثاني: دور العلمانية في الانحراف بمسيرة العلم

- ‌التحول نحو العلمنة في أوروبا:

- ‌أ- العلاقة المشبوهة:

- ‌ب - الحل العلماني من كونه فصلًا إلى كونه رؤية:

- ‌ج - ظهور الدولة العلمانية القومية، وأثرها في الانحراف بمسيرة العلم:

- ‌د - التيار العلمي في ظل السيطرة العلمانية:

- ‌1 - أثر نشأة العلم في البيئة العلمانية:

- ‌2 - قناعة التيار العلمي بأهمية الفصل بين الدين والعلم:

- ‌3 - ظهور طائفة من العلماء الماديين والملحدين وأثرهم:

- ‌الثالث: دور الفكر المادي في انحراف العلم

- ‌أ - ما المادية

- ‌ب - التطور العلمي والتوسع في التصورات المادية:

- ‌ج - صورة العلاقة بين المادية والعلم الحديث:

- ‌مادية القرن الثامن عشر والتاسع عشر:

- ‌د - المنهجية المادية للانحراف بالعلم:

- ‌أولًا: آلية الربط للحصول على السند العلمي:

- ‌ثانيًا: آلية التعميم لاستغلال العلوم الحديثة:

- ‌ثالثًا: نماذج من انحرافات الاتجاه المادي بالعلم "الفيزياء - الأحياء - الرياضيات

- ‌1 - مفهوم القانون العلمي في الفيزياء:

- ‌2 - ظاهرة الحياة في الأحياء:

- ‌3 - إقحام المادية في الرياضيات:

- ‌هـ - التوظيف المادي للعلم من أجل إلغاء الدين:

- ‌الرابع: دور المذهب التجريبي الحسي والوضعي

- ‌الاتجاه التجريبي والعلم التجريبي -وهم التسمية وحقيقة الاتجاه:

- ‌المؤسسون للمنهج وتصورهم للعلم:

- ‌ما بين الميتافيزيقا والعلم عند الاتجاه التجريبي:

- ‌كونت والدعوة الوضعية:

- ‌الوضعية المنطقية في القرن الرابع عشر/ العشرين:

- ‌مبدأ التحقق

- ‌الخامس: دور اليهود

- ‌الأحداث الثلاثة التي مكنت لليهود في الفكر الحديث:

- ‌يهودي دون ديانة يهودية

- ‌نموذج للدور اليهودي في الانحراف بمسيرة العلم الحديث:

- ‌نموذج فرويد ونظرياته في علم النفس:

- ‌أ- من داروين إلى فرويد:

- ‌ب- فرويد وظاهرة "اليهودي الملحد

- ‌ج- علاقة فرويد باليهود واليهودية:

- ‌أولًا: العلاقة باليهود:

- ‌ثانيًا: علاقته باليهودية:

- ‌د- جماعة التحليل النفسي: جماعة علمية أم جماعة يهودية

- ‌حادثة انشقاق كارل يونغ:

- ‌هـ - النظرية العلمية -صورة للاستثمار اليهودي:

- ‌1 - علاقة الفرويدية باليهودية وكتبها المقدسة:

- ‌2 - استثمار النظرية العلمية في إنكار العقائد والقيم:

- ‌الفصل الثالث تاريخ تكون الانحرافات المصاحبة لحركة العلم الحديث في العالم الإِسلامي وتأثيرها في الفكر التغريبي العربي المعاصر

- ‌أولًا: تغير العالم ببعثة الرسول محمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌ظهور أمة الإِسلام ودورها في إنقاذ العالم:

- ‌ثانيًا: موجز لصورة العلوم في الحضارة الإِسلامية

- ‌القسم الأول: العلوم النقلية:

- ‌القسم الثاني: العلوم الحكمية:

- ‌العلوم السبعة:

- ‌خلاصة صورة التعرف الأولي علي علوم الأمم السابقة:

- ‌ثالثًا: الضعف والتخلف وانحسار مفهوم أمة العلم وظهور الدعوات الإصلاحية

- ‌1 - الانكسار في خط المسار:

- ‌2 - المخاض العسير لدخول العصر الحديث:

- ‌3 - البحث عن مخرج لأزمتي الانحراف والتخلف:

- ‌رابعًا: تجارب الولايات الإِسلامية للتحديث وطلب العلوم العصرية "المرحلة الأولى

- ‌1 - تجربة الدولة العثمانية:

- ‌2 - تجربة الهند الإِسلامية:

- ‌خامسًا: تجارب الولايات الإِسلامية "المرحلة الثانية

- ‌1 - الحملة الاستعمارية الحديثة الأولى لبلاد المسلمين "الحملة الفرنسية

- ‌الحملة العلمية المصاحبة لجيش بونابرت ومجمعها العلمي:

- ‌مواقف جديدة لبعض شيوخ الأزهر من العلوم العصرية:

- ‌أ - عبد الرحمن الجبرتي:

- ‌ب- حسن العطار:

- ‌2 - ولاية محمَّد علي باشا، ثم أولاده من بعده:

- ‌أدوات محمَّد علي في تحصيل العلوم العصرية:

- ‌أ- الاستعانة بالأجانب

- ‌ب- مشروع الابتعاث لأوروبا:

- ‌ج- إنشاء المدارس الفنية في مختلف التخصصات:

- ‌د- المدارس الأجنبية "مدارس الإرساليات

- ‌هـ - مشروع الترجمة:

- ‌و- المطبعة وما ارتبط بها من ظهور الصحافة العلمية والفكرية:

- ‌خلاصة التجربة:

- ‌3 - السلاطين الشباب في الدولة العثمانية ومغامرات الإصلاح:

- ‌1 - السلطان محمود الثاني:

- ‌2 - السلطان عبد المجيد:

- ‌3 - السلطان عبد العزيز:

- ‌سادسًا: تجربة بلاد المغرب

- ‌1 - تجربة تونس:

- ‌أ- المدرسة الحربية والصادقية:

- ‌ب- خير الدين التونسي:

- ‌2 - تجربة المغرب:

- ‌أ- تنبيه النخبة بأهمية العلوم العصرية:

- ‌ب- إصلاح التعليم أو توسيع دائرته:

- ‌سابعًا: تجربة فارس

- ‌تكوين نظام علمي موازي للنظام القديم:

- ‌ثامنًا: تعرّف المجتمع الإسلامي على العلوم العصرية ونظرياتها

- ‌1 - طُرق تعرف المجتمع على العلوم العصرية وما ارتبط بها من مشكلات:

- ‌2 - تاريخ دخول النظريات العلمية ذات الإشكالات للعالم الإسلامي:

- ‌الفصل الرابع أسباب دخول الانحرافات المصاحبة لحركة العلم الحديث إلى البلاد الإسلامية

- ‌أولًا: ضعف مؤسسات الأمة العلمية

- ‌الاحتياجات المعرفية الجديدة وعدم قدرة المؤسسات التعليمية على تلبيتها:

- ‌نموذج الأزهر:

- ‌قصة الوالي العثماني مع الأزهر ودلالاتها:

- ‌مشكلات ذاتية للمؤسسات العلمية الإِسلامية:

- ‌الاحتلال الفرنسي ثم ولاية محمَّد علي وآثار ذلك على الأزهر:

- ‌بوادر الاختلاف داخل الأزهر ومطلب التحديث:

- ‌أثر جمال الدين الأفغاني:

- ‌دار الدعوة والإرشاد والمشاريع الجديدة:

- ‌ثانيًا: المدرسة الحديثة ومدارس الأقليات

- ‌الفصل والانفصال: الفصل بين المجالين الديني والدنيوي، والانفصال عن هوية الأمة:

- ‌دور مدارس الأقليات:

- ‌ثالثًا: دور الصحافة (نشأتها وتمكن النصارى منها وتوجيههم التغريبي لها)

- ‌ظروف نشأة الصحافة وأثر ذلك على الانحراف بمسيرة العلم الحديث:

- ‌النموذج الأول، مجلة المقتطف -النظريات الجديدة:

- ‌المثال الأول: نظرية الفلك الجديدة ومسألة دوران الأرض:

- ‌صدى المشكلة عند بعض المسلمين:

- ‌المثال الثاني: داروين ونظرية التطور:

- ‌النموذج الثاني: مجلة الجامعة العثمانية "الجامعة" لفرح أنطون -الإطار العلماني:

- ‌رابعًا: التيارات الفكرية الوافدة وتنظيماتها كالماسونية والسيمونية

- ‌[1] الدور الماسوني:

- ‌[2] أتباع سان سيمون

- ‌خامسًا: دور الاستعمار

- ‌سياسة التعليم الاستعمارية:

- ‌1 - تهيئة بيئة تسمح بتسرب الانحرافات وتغذي حركتها:

- ‌2 - صناعة الازدواجية في التعليم وعلمنته:

- ‌3 - ترسيخ الهزيمة النفسية في مجال التعليم:

- ‌4 - تحول المؤسسة العلمية في منبع لتوليد التيارات التغريبية:

- ‌5 - فتح الباب للنظريات الاجتماعية:

- ‌سادسًا: بيئة ثقافية جديدة وحضور التيار التغريبي فيها

- ‌الفصل الخامس أبرز المواقف العلمية والفكرية في العالم الإسلامي من العلوم الحديثة ومناهجها

- ‌تمهيد الأصول الثقافية للوضع المعاصر

- ‌فترة التحولات واضطراباتها ومشروع الشيخ حسين الجسر

- ‌المبحث الأول موقف الاتجاه السلفي الداعي للتأصيل الإِسلامي للعلوم الحديثة

- ‌أولًا: الشيخ محمود شكري الألوسي

- ‌1 - الموقف من النظرية الجديدة في الهيئة:

- ‌2 - السعي إلى التأصيل الإِسلامي لهذه العلوم:

- ‌ثانيًا: الشيخ عبد الرحمن السعدي

- ‌1 - تأكيد دخول العلوم الصحيحة النافعة العصرية في الإِسلام، وأثر إدراك هذا المقصد

- ‌2 - خطورة ابتعاد العلوم الصحيحة النافعة العصرية عن الدين وحاجتنا إلى تقريبها من الدين:

- ‌ثالثًا: الشيخ محمَّد الشنقيطي

- ‌موقف الشيخ من الحضارة الغربية والعلوم الدنيوية التي برعت فيها:

- ‌1 - القرآن فيه تبيان كل شيء وهو يهدي للتي هي أقوم:

- ‌2 - الموقف من العلوم الدنيوية وكيف نحولها إلى أشرف العلوم:

- ‌رابعًا: الشيخ عبد العزيز بن باز

- ‌دعوة التأصيل الإِسلامي للعلوم الحديثة

- ‌1 - الوعي باختلاف أرضيات العلوم:

- ‌2 - الوعي بمشقة المشروع:

- ‌3 - قوة التماسك في منهج التنظير وفي العمل التطبيقي:

- ‌المبحث الثاني موقف الاتجاه العصراني الداعي لتأويل ما توهم تعارضه من النصوص الشرعية مع العلم الحديث

- ‌أولًا: ما الاتجاه العصراني

- ‌ثانيًا: ظهور الاتجاه العصراني وحقيقة منهجه:

- ‌ثالثًا: النموذج الهندي العصراني:

- ‌رابعًا: النموذج العربي العصراني:

- ‌المبحث الثالث موقف الاتجاه التغريبي الداعي لتقديم العلم وعدم ربطه بالدين

الفصل: ‌المبحث الثالث موقف الاتجاه التغريبي الداعي لتقديم العلم وعدم ربطه بالدين

‌المبحث الثالث موقف الاتجاه التغريبي الداعي لتقديم العلم وعدم ربطه بالدين

يكشف التمهيد والفصل (*) والثالث والرابع الكثير من معالم هذا الاتجاه، كما أن الفصول القادمة مخصصة لتحليل هذا الاتجاه ونقد موقفه من العلم الحديث ونظرياته وعلاقتها بالدين، ولهذا السبب فلن أطيل الحديث عنه في هذا المبحث، وإنما أضع بعض الخلاصات المهمة التي تكمل لنا صورة الوضع الفكري في علاقة تياراته بالعلم الحديث، مع التذكير بأن التمهيد فيه عرض موجز لظهور تيار التغريب أما هنا فيتم الوقوف على صورة علاقة هذا التيار بالعلم الحديث.

عرف أول العصر الحديث لعالمنا الإِسلامي بطلب الإصلاح أو التحديث، يركز "الإصلاح" على الدين والفكر والثقافة بينما يركز "التحديث" على الجانب الدنيوي وشيء من الإدارة، كان الدعاة العلماء قادة الإصلاح بينما كانت الدولة العثمانية وبعض ولاتها أصحاب مشروعات التحديث، وقد ارتبط الإصلاح بالعودة للإسلام فكانت وجهته ذاتية بينما ارتبط التحديث بالسفر إلى الغرب فكانت وجهته خارجية، قاد دعوة الإصلاح الاتجاه السلفي مع الإمام محمَّد بن عبد الوهاب رحمه الله بخلاف دعوة التحديث التي تبناها النخبة في السلطنة العثمانية

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا بالمطبوع

ص: 802

ممن لهم صلة بالغرب عبر الرحلة أو السفارة وأمثالها. نقف هنا مع التحديث لأن مساره تعطل واختلط فيما بعد بظاهرة التغريب.

الأصل في "التحديث" طلب العلوم النافعة من الغرب التي تساعد المسلمين في التقدم الطبي والصناعي والعمراني وغير ذلك، ومعلوم أن هذا النوع صعب وعسير ويحتاج إلى جهد ومشقة، وربما لهذا السبب فتَرَت هِممُ الولاة وهمم قادة التحديث -فضلًا عن أسباب كثيرة اختلطت بمشروع التحديث- عن التحديث، عندها بدأ يتسرب نوع آخر، يركز على المتعة والسهولة والإثارة دون أن يكون له فائدة، ومنه تسلل "التغريب" إلى مجتمعاتنا عبر الاهتمام بالفنون والآداب والفلسفات، فهي لا تحتاج إلى حركة وعمل، فيجلس مستهلكها على أريكته ويتلذذ بهذه الأنواع، ولكنها تحمل في طياتها أدوات تأثير خطيرة تزعزع العقول الضعيفة التي استولى عليها الجهل وقتلها التقليد والكسل المعرفي وانتشر في قلوب أصحابها أهواء خطيرة.

بدأ التحول من "التحديث" إلى "التغريب"، كان الأصل في التحديث الاهتمام بالعلوم النافعة بخلاف التغريب الذي تحول إلى الآداب والفنون والأفكار النافع منها وغير النافع مع غلبة غير النافع. كان حملة التحديث أغلبهم من المسلمين الذين أرسلهم الولاة إلى أوروبا بخلاف أوائل حملة التغريب فأغلبهم من النصارى والأقليات الدينية الأخرى، وقد اعتنى الطرفان:"المحدثون والمتغربون" بالعلم الحديث، ولكن لكلٍّ وجهةٌ هو مولّيها، فبينما كان أهل التحديث همّهم العلم الأداتي: الطب والصناعة والعمران. . . .، كان أهل التغريب همهم الآداب والفنون والفلسفات والعلم ونظرياته وما له صلة بالدين والثقافة الإِسلامية وكثير مما هو من هوية الحضارة الغربية ومن خصائصها؛ وذلك أن الهدف عند مجموعة التحديث يختلف عنه عند مجموعة التغريب. همّ أهل التحديث القوة والتقدم والرقي بالجانب الدنيوي من عالمنا، أما أهل التغريب فكان همهم التخلص من الإِسلام وإحلال الثقافة الغريبة مكانه. حاجة الطرفين من الفكر الغربي تختلف باختلاف أهدافهم، لذا ركز الطرف الأول على الحقائق العلمية النافعة بينما ركز الثاني على النظريات العلمية العائمة، الأولى تُبنى عليها منافع دنيوية واضحة أما الثانية فتفتح الباب لتأملات فلسفية وعرض أيديولوجيات تدّعي العلمية يبنى عليها أسلوب الصراع مع الدين الذي يُراد التخلص منه.

ص: 803

ارتبط موضوع التحديث بالعلم، ومن هنا كانت النقاشات أكثر عقلانية فتدور حول: تقدم أوروبا، وأنه كان بسبب ما أخذته عن المسلمين في نهاية عصورها الوسطى، والواجب علينا استعادة مكانتنا عبر اهتمامنا بالعلم النافع، وأنه من الواجبات؛ لأنه من إعداد القوة، ويستدلون بتاريخنا العلمي، وكان تيار التحديث من أهل الإِسلام وانحرافاتهم -إن وقعت- غير غريبة داخل المسلمين؛ فهي غالبًا من النوع المعهود ونجده واضحًا مع المسلمين كـ"الطهطاوي""والتونسي" وغيرهما، فهما على مذاهب بلادهما الاعتقادية والفقهية، وللطهطاوي مؤلفاته الشرعية، ومع ذلك وقعت منه زلات وهي معهودة في تاريخنا الإِسلامي ولم تخرج عن إطارنا التراثي في الغالب.

بخلاف نصارى هذه المرحلة ممن كان في مراكز العالم الإِسلامي المهمة ولاسيّما مصر، فقد كان هوى أغلبهم غربيًا، وجاءتهم الفرصة مع مشروعات التحديث في عهد التنظيمات العثمانية الذي فتح لهم الباب أو مع تجربة محمَّد علي القائمة على تمكين غير المسلمين والاعتماد عليهم في التحديث، أو الضغط الشديد على بلاد المغرب التي فتحت باب الامتياز للأجانب، فوجدوا فرصة للحركة لا مثيل لها، تصل أحيانًا لدعمهم وتوليهم مثل ما حدث مع إسماعيل بأشا في مصر.

حلم التحديث القائم على جلب العلم والصناعة والمدنية الذي شغل بال المفكرين والساسة (الثالث عشر/ التاسع عشر) سقط صريعًا مع الاحتلال الغربي لبلاد المسلمين وانكشف ضعفه وهزاله، وظهر في الواجهة أصحاب التغريب ليطغوا على أهل التحديث، مجموعة منهم استقلّت بعاصمة دولة الخلافة وكوّنت منها دولة هي تركيا، ومجموعات أخرى بقيت في تعاون وتنافس مع المستعمر حتى خرج بعد أن مكنها خلفه.

لم ينقطع التحديث، ولا الابتعاث للغرب من أجل تحقيقه، ولكنه أصبح مُزاحمًا بالتغريب الذي وصل تأثيره إلى طائفةٍ كبيرة من أهل التحديث ووظفهم -دون أن يشعروا- لتحقيق الأهداف التغريبية فضلًا عن تدخل المستعمر في التوجيه والتأثير. وإلى هذا الحد سيقف الكلام على أهل التحديث مكتفيًا بمشاركة بعضهم تيار التغريب دون أن يشعروا بحقيقة تلك المشاركة، وأواصل الحديث مع أهل التغريب.

ص: 804

يعرف "التغريب" بأنّه: "تيار فكري ذو أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية وفنية، يرمي إلى صبغ حياة الأمم بعامة، والمسلمين بخاصة، بالأسلوب الغربي، وذلك بهدف إلغاء شخصيتهم المستقلة وخصائصهم المتفردة وجعلهم أسرى التبعية الكاملة للحضارة الغربية"(1). وقد كانت المعارف الحديثة والعلوم العصرية وسيلة مميزة لدخول هؤلاء في بنية الصراع الاجتماعي داخل العالم الإِسلامي، ثم اتسع وجودهم مع وقوع الاستعمار الذي أخذ بأيدي هذا التيار ليصنع منهم قوة كبيرة، ظهرت أولًا في جماعات سرية وأحزاب علنية، ووصلت فيما بعد إلى رأس السلطة أو كانت أهم المشاركين فيها، أبرز صورها الصارخة والحادة:"جمعية الاتحاد والترقي" التي حكمت تركيا وألغت الخلافة، ثم ألغت المؤسسات الدينية وسعت إلى إلحاق المجتمع التركي بالغرب في أشدّ أنواع عمليات التغريب المعاصرة غلوًا وتطرفًا (2)، وكانت القيادات التغريبية الأخرى التي تفردت بالسلطة أو كانت مشاركة تقود مجتمعات بلدانها بصُوَر متباينة -من بلد لآخر- نحو التغريب.

كانت أوضح صورة في القسم العربي من العالم الإِسلامي ما عرفته مصر؛ حيث تضافرت مجموعة أسباب جعلت من مصر مركز تجمع لطائفة من المتغربين، ومن بين أفضل من يحدثنا عنهم الدكتور "محمَّد محمَّد حسين"، حيث ذكر أن قوام هذا الاتجاه عدد من أصحاب الثقافة الأوروبية الذين كان يسميهم خصومهم وقتذاك بالمتفرنجين، وقسمهم إلى قسمين:

بعضهم من الشاميين النصارى الذين استقروا في مصر، وكانوا موزعين بين النفوذ الفرنسي والإِنجليزي، وأداروا أهم صحافة تلك المرحلة، وعرضوا فيها بشكل جذاب الفكر الغربي ودافعوا عنه بكل وسيلة، وقد كانوا أداة مهمة بيد الاستعمار فيما بعد، حيث تم التعاون معهم واستغلالهم. أما القسم الثاني فهم من المصريين وأغلبهم من المسلمين الذين فتنتهم الحضارة الغربية، فرعاهم الاستعمار وسهر على صناعتهم بعد التحول الخطير في الفكر الاستعماري القائم

(1) الموسوعة الميسرة. . . .، عن الندوة العالمية للشباب الإِسلامي 2/ 698، وقد سبق ذكر هذا التعريف في التمهيد.

(2)

من بين أوسع المناقشات والتحليل لحالة التحول في تركيا نجد دراسة، د. سيار الجميل، العرب والأتراك والانبعاث والتحديث من العثمنة إلى العلمنة.

ص: 805

على أهمية استنبات فئة من أهل المجتمعات المسْتَعْمرة تقوم بالدور نيابة عن المستعْمِر في تغريب المجتمع (1).

إذا اهتم الاتجاه "السلفي" بالعلوم الشرعية وحث الأمة على طلب النافع فقط من العلوم العصرية، وإذا توجه الاتجاه "العصراني" نحو مشكلات واجهته فبرز بعلاجه المسكن للعلاقة بين الدين والعلم والقائم على التوفيق، فإن "التغريبي" ركز جهده على الآداب والفنون والأفكار والفلسفات بخيرها وشرها، صحيحها وفاسدها، مع تركيز خاص على ما يُصادم الإِسلام لحاجة في أنفسهم، فإذا وقفنا مع دوره في المجال العلمي فقط، فمما نجده:

كان أوائل المتغربين من النصارى غالبًا، ولا نكاد نجد بينهم مسلمًا، ونجدهم أيضًا قد انصرفوا عن الاهتمام بالعلم النافع الذي لا جدال حوله إلى النظريات العلمية في العلوم الرياضية والطبيعية والاجتماعية التي تفتح جدالًا واسعًا، فضلًا عن عدم إمكانية التحقق منها في مجتمع يحاول رفع الجهل عنه. ثم تحولوا مع الأيام إلى مذاهب فلسفية وأيديولوجيات وضعية تدّعي العلمية بسبب انتسابها لتلك النظريات العلمية، ثم زاد هؤلاء درجة بجعل العلم هو المقدم بل البديل عن الدين، فالغرب وجهة التغريبيين لم يتقدم بحسب زعمهم إلا بعد أن أقصى الدين عن الحياة وقدم العلم، وقياسًا على ذلك ينبغي إبعاد العلم عن الدين وأن يتحرك العلم باستقلال تام وكيفما أراد وفق ضوابطه الخاصة فقط.

لقد كشف لنا الفصل الرابع دور النصارى في الصحافة، حيث أشغلوا الساحة الإِسلامية فترة من الزمن بمسائل تنتسب للعلم ويظهر منها معارضة للدين، سواء كان ذلك في باب النظريات العلمية أو مناهج العلوم أو حتى في المكتشفات العلمية وأجهزتها الحديثة. وأبرز الأمثلة على ذلك انشغال التيار التغريبي فترة الاستعمار البريطاني لمصر بنظرية غريبة هي الدارونية، وكأن الغرب العلمي لا يوجد فيه سوى هذه النظرية، وكأن العلم هو فقط نظرية داروين التطورية والمذهب الداروني القائم عليها. تفرغ قادة التغريب لهذه النظرية

(1) انظر: الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، د. محمَّد محمَّد حسين 1/ 256 - 265، وانظر له أيضًا: الإِسلام والحضارة الغربية، الفصل الثاني: التغريب، وانظر: أسس التقدم عند مفكري الإِسلام، د. فهمي جدعان ص 328.

ص: 806

وانصب جهدهم حولها تعلمًا وتأليفًا وكتابة صحفية ومحاضرات ثقافية، وتحولت النظرية معهم إلى دين جديد لا علاقة له بالمفهوم العلمي ولا حتى بالنظرية العلمية، وربطوا دعوتهم ومذهبهم ووجودهم بهذه النظرية، وأشعروا من حولهم أنه لا تغير ولا تحول إلا بهذه النظرية. والعلم عندهم في المرحلة الأولى من التغريب العلموي هو المرادف لنظرية التطور الدارونية، نجده في المرحلة الأولى بارزًا عند "شبلي شميل" و"فرح أنطون"، ثم بعدهما عند "سلامة موسى"، ثم دخلت على بعض المسلمين كما نجده بارزًا عند "إسماعيل مظهر" وغيره.

أعقب هذه المرحلة الدارونية الأولى انتشار غريب لهذا التيار التغريبي واشتهر بين الحربين العالميتين "الأولى والثانية"(1)، كما أن الأحزاب الجديدة التي برزت في تلك المرحلة قد اخترقها هذا التيار بقوة، وأصبحت قوة سياسية للتغريب وأهدافه فتوسع مجال نشاطها من فكري إلى اجتماعي عام بكل أشكاله (2)، "والذي يثير الانتباه لدى الكتاب التغريبيين -من المصريين خاصة- هذا الانقياد الكامل والاستسلام العجيب للقيم الغربية، وهذا الغياب المطلق لكل روح نقدية بإزاء هذه القيم. فلقد اشتغلت رؤوسهم ذكاء ونقدًا للمدنية العربية الإِسلامية بينما تقلص هذا الذكاء تقلصًا كاملًا بإزاء المدنية الغربية التي كانت تلاقي في عقر دارها، في الفترة نفسها، انتقادات لا ترحم. . . ."(3). والمتأمل في حركة التغريب والباحث فيها لا يجد سببًا مقنعًا في تخصيص طائفة منهم بهذه التبعية العمياء دون غيرهم، فهم يشتركون في هذه التبعية، وما خفّ إعلانها إلا بعد النقد الإِسلامي وكشف حقيقتها.

يمكن ذكر نموذج على سبيل الاختصار هنا؛ لأن الاتجاه هو موضوع البحث في جميع الفصول، فيُعرض هنا من أجل شيء من المقارنة بين الاتجاهات الثلاثة، وسيكون المثال أحد أهم شخصيات الفكر التغريبي في بدايات تكونه وهو "شبلي شميل".

(1) انظر: أسس التقدم عند مفكري الإِسلام، د. فهمي جدعان ص 185.

(2)

انظر: المرجع السابق ص 328، وانظر حول نشأة الأحزاب وعلاقاتها: مدخل لدراسة الأحزاب السياسية العربية، د. رسلان شرف الدين، الجزء الثالث منه ص 153 وما بعدها.

(3)

المرجع السابق ص 330 - 331.

ص: 807

فقد كانت الدارونية هي مصدره الأهم، يقول أحد المتخصصين في فكره:"فمن المؤكد أن المصدر الأوّل لآرائه وأطروحاته الفكرية والاجتماعية هو في الفكر المادي الغربي والمدرسة الدارونية"(1). وعبر المقارنة بين الحضارتين -الإِسلامية والغربية- وجد "شميل" أن الغرب كان تقدمه بسبب العلم، وكان الفكر المادي في تلك الحضارة أبرز المستغلين لنجاحات العلم وقدم نفسه بأنه "قادر على تقديم مشروع علمي يربط أجزاء الكون في صيغة نظام محكم يقوم على مجموعة قوانين ميكانيكية. . . . "، إلى أن قال:"أسرع الشميل يتبنى من دون تردد مذهب "النشوء والارتقاء" دافعًا به إلى منتهاه المنطقي، مستخرجًا ما وسعه من الأبعاد الفكرية والسياسية والاجتماعية، متجاوزًا بذلك إطاره العلمي الصرف إلى بعده الفلسفي الشامل"(2)، ويتخذ منه منهجًا لدراسة قضايا الفكر والواقع جميعًا (3). وإذا كانت حقيقة الدين قائمة على الإيمان بوجود الرب سبحانه؛ فإن "شميل" وحسب الباحث السابق لم يعد يؤمن بهذا الرب، و"أمسى مع تطور حياته واتجاهه في مسار العلم الطبيعي، ضربًا من الوهم، لا مكان له بين حقائق تفكيره"(4)، فيصبح الاعتراف بأهمية وجود الدين أو وجود حقائق دينية لا مكان له داخل هذا الفكر، ويصبح من الكلام الفارغ الحديث عن تقديم الدين على العلم أو العكس؛ لأن هذا الفكر لا يؤمن بأساس الدين ذاته فكيف يقبل ببقية حقائقه؟! ومن هنا يصبح المقدم هو ما عرفوه من ظاهر الحياة الدنيا وهم عن الآخرة غافلون، وقد وجدوا آنذاك نظرية "داروين" أمامهم جاهزة بما تحمله من مضامين يمكن بها هدم الدين مع فئة ذات خصومة مع الإِسلام، يتناغم ذلك مع اعتقاده بأن الحاسة الدينية آخذة في الضعف وأنها ستزول كلما ارتقت العلوم وازداد انتشارها بين الناس، وقيام الدنيا وصلاحها وتطورها لا يقوم إلا على العلم (5)، إلى غير ذلك من المبادئ التي يؤصلها شميل للتيار التغريبي معتمدًا بحسب زعمه على العلم، مع أنه إنما يعتمد على مذهب فكري مادي أراد استغلال العلم.

(1) الفلسفة النشوئية وأبعادها الاجتماعية .. ، د. محمود المسلماني ص 22.

(2)

المرجع السابق ص 23 - 25.

(3)

انظر: المرجع السابق ص 97.

(4)

المرجع السابق ص 167.

(5)

انظر: المرجع السابق ص 180.

ص: 808

فمثل هذا النموذج يعطي صورة مختصرة عن منهجية الاتجاه التغريبي العلموي، فقد أنهى علاقته بالدين من جهة، وربط مشروعه بعلاقة جديدة مع تيارات الفكر الغربية على سبيل التبعية التامة والتقليد الحرفي، وهو عندما يتعامل مع العلوم والنظريات فهي من مركب كبير يأخذه عن الغرب ولكنه يوظفه توظيفًا جديدًا في البيئة الإِسلامية، ومن صور ذلك التوظيف ما نراه من جعل الفلسفات والأيديولوجيات والنظريات الفكرية والعلمية مكان الدين.

وفي هذا الباب نجد تركيز الاتجاه المتغرب على زعمٍ مفاده عدم إمكانية الانتقاء من الحضارة الغربية، فليس أمام المجتمعات الإِسلامية سوى أخذ الغرب بكامله أو تركه بكامله، فدعوى التفريق بين المفيد في الغرب وبين أمراضه دعوى غير ممكنة، ويقول: إنه لا يفهم هذه العقلية التي تفكر بهذه الطريقة (1)، وفي موطن آخر يحلل هذه العقلية التي يصفها بالإصلاحية الإِسلامية والمحافظة عمومًا التي تشطر الحضارة الغربية إلى شطرين: شطر روحي وأيديولوجي، وهو مرفوض؛ لأنه نابع من مصدرين: إما النصرانية أو العلمانية، والعالم الإِسلامي ليس بحاجة لهذا الشطر؛ لأن في الإِسلام ما يغنيه عنه، والعلماني منه مرفوض؛ كونه ضد الإِسلام، أما الشطر الآخر فهو المادي والتكنولوجي والعلمي، الذي يقبل الفكر الإِسلامي (2)، وهو يقف عكس هذا الموقف تمامًا حيث أعلن الحلول التي اهتدى إليها التي "تقوم على رَكْل كل تراث أخذناه من عصور الانحطاط، الاستفادة من تجارب الحضارات الراقية في تجديد الحياة من كل الوجوه. . . ."(3).

هذه عينة من الموقف التغريبي، التي تدافع عن التغرب الواسع دون حدود إلا تلك الحدود التي تضعها انتماءات المتغرب الفكرية العلمانية، وهي تعلن بصراحة نبذ الإِسلام وحضارته والارتماء في حضارة الغرب، وهو موقف لا يقول به عاقل، فكل الأمم تتعامل مع غيرها بانتقاء المفيد وترك غيره، وأركز هنا على

(1) انظر: أسئلة النقد، جهاد فاضل ص 303.

(2)

انظر: تاريخ الفكر المصري الحديث من عصر إسماعيل. . . .، د. لويس عوض ص 426 - 427.

(3)

أوراق العمر ص 474، عن لويس عوض -الأسطورة والحقيقة، د. حلمي القاعود ص 44.

ص: 809

نقطة اعتنى بذكرها وهي صعوبة هذه القسمة، والجواب: أننا نفرق بين الصعوبة والاستحالة، فالاستحالة لا يقول بها مدقق، إلا أن تكون استحالة متوهمة بسبب اتساع العماية، أما الصعوبة فنعم هناك صعوبة، ولكن لا تعني هذه الصعوبة أخذ كل الحضارة الغربية بما فيها من خير وشرّ.

ص: 810