المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بوادر الاختلاف داخل الأزهر ومطلب التحديث: - النظريات العلمية الحديثة مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها دراسة نقدية - جـ ١

[حسن الأسمري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع:

- ‌أسباب الاختيار:

- ‌أهداف الموضوع:

- ‌الدراسات السابقة حول الموضوع:

- ‌أولًا: الكتب الإسلامية التي تكون بعنوان:الدين والعلم، أو القرآن والعلم، أو الإِسلام والعلم، وما في معناها وبابها

- ‌ثانيًا: الكتب التي تناولت بعض موضوعات البحث:

- ‌ثالثًا: "منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير

- ‌رابعًا: الكتب التي تدور حول الفكر العربي المعاصر ومذاهبه:

- ‌خامسًا: الكتب المتخصصة في مشكلة البحث:

- ‌منهج البحث

- ‌خطة البحث:

- ‌التمهيد

- ‌أولًا: النظرية العلمية

- ‌ثانيًا: أسباب نشأة الاتجاه التغريبي

- ‌ثالثًا: الموقف الإسلامي من العلوم التجريبية وأمثالها

- ‌الباب الأول نشأة الانحرافات المرتبطة بحركة العلم الحديث وظهورها في العالم الإسلامي

- ‌الفصل الأول تعريف موجز بالثورة العلمية الحديثة وما ارتبط بها من نظريات مخالفة للدين وأثرها

- ‌أولًا: مصطلح أو مفهوم "الثورة العلمية

- ‌ثانيًا: ما قبل الثورة العلمية الحديثة "ممهدات الثورة العلمية

- ‌[1] التركة الأرسطية المتغلغلة في أواخر العصور الوسطى الأوروبية ومحاولتهم تجاوزها:

- ‌[2] الأمر الداخلي: أثر عصر النهضة والإصلاح الديني:

- ‌أ- عصر النهضة وحركة الإنسانيين:

- ‌ب- الإصلاح الديني:

- ‌[3] الأمر الخارجي: أثر العلم المنقول من بلاد المسلمين في ظهور الثورة العلمية:

- ‌ثالثًا: الثورة العلمية

- ‌معالم الحدث في الكتابات الفكرية

- ‌[1] البداية من علم الفلك:

- ‌أ- علم الفلك القديم:

- ‌ب - علم الفلك الجديد وشخصياته:

- ‌1 - مولد النظرية مع كوبرنيكوس:

- ‌2 - إحراق برونو يُشهر النظرية:

- ‌3 - براهي والبحث عن الأدلة:

- ‌4 - كبلر: للسعي للتوفيق واكتشاف القوانين:

- ‌ج- دور جاليليو:

- ‌1 - استعمال جاليليو للتلسكوب وآثار ذلك:

- ‌2 - صراعات جاليليو والمظهر الفكري الذي تبعها:

- ‌[2] قنطرة بيكون وديكارت والتأسيس المنهجي للثورة الفكرية والعلمية:

- ‌أ- فرانسيس بيكون:

- ‌ب- ديكارت:

- ‌[3] نيوتن وظهور أشهر ثاني نظرية في العلم الحديث:

- ‌أ- كتاب "المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية

- ‌ب- القوانين والنظرية:

- ‌ج- النقاش حول علاقة العلم بالدين:

- ‌د- أثر نيوتن في الفكر الغربي:

- ‌رابعًا: ما بعد الثورة العلمية (1) "القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي

- ‌[1] أبرز التطورات العلمية:

- ‌[2] التحول إلى العلمنة:

- ‌[3] تيارات الفكر المشهورة وعلاقتها بالعلم:

- ‌أ- التياران الموروثان "العقلاني والتجريبي

- ‌ب- الفلسفة النقدية الكانطية:

- ‌ج- الاتجاه المادي:

- ‌د- التنوير:

- ‌[4] الثورة الفرنسية العلمانية (1789 م):

- ‌خامسًا: ما بعد الثورة العلمية (2) "القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي

- ‌[1] تيارات الفكر المشهورة:

- ‌أ- اليسار الهيجلي:

- ‌ب- نقاد الدين ونصوصه الجدد:

- ‌ج- الوضعية:

- ‌[2] النشاط العلمي في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر:

- ‌[3] نظرية التطور الدارونية وأبعادها الفكرية والاجتماعية:

- ‌أ- مصطلح التطور:

- ‌ب- تشارلس داروين (1809 - 1882 م):

- ‌ج- من إشكاليات النظرية الدارونية في مفهوم العلم:

- ‌د- من النظرية إلى المذهب:

- ‌هـ - موقف الكنيسة والعلماء من النظرية:

- ‌[4] البحث عن حدود النظرية العلمية والدين:

- ‌أ- مفهوم النظرية:

- ‌ب- مع الدين وضدّه:

- ‌سادسًا: ما بعد الثورة العلمية (3) (القرن الرابع عشر الهجري/ العشرون الميلادي)

- ‌[1] المستجدات في العلوم الاجتماعية "علم الاجتماع وعلم النفس

- ‌أ- علم الاجتماع:

- ‌ب- علم النفس:

- ‌ج- العلاقة بين الدين والعلوم البشرية من جهتي الخبر والشرع:

- ‌[2] نظريتا النسبية والكوانتم وثورة جديدة في الفيزياء:

- ‌أ- تحولات في الفيزياء "أشياء صغيرة تدفع العلم نحو التواضع

- ‌ب- تجربة مايكلسون ومورلي ومولد النظرية النسبية

- ‌1 - الأثير لا يصمد أمام التجربة:

- ‌2 - من التجربة إلى النظرية النسبية:

- ‌3 - علاقة النظرية بالواقع المعاصر:

- ‌ج- اكتشاف الذرة ومولد نظرية الكم:

- ‌1 - قصة عالم الذرة:

- ‌2 - من آثار النظرية:

- ‌د- خاتمة حول الفيزياء المعاصرة:

- ‌[3] علاقة العلم بالفكر في القرن "الرابع عشر/ العشرين م

- ‌أ - طبيعة النظرية العلمية وحدودها "طبيعة المعرفة العلمية وحدودها

- ‌1 - نقاد العلم:

- ‌2 - فلسفة العلوم أو الإبستمولوجيا:

- ‌3 - الوضعية المنطقية:

- ‌4 - فلسفة العلم في الفكر العربي:

- ‌5 - نحو نظرية معرفة جديدة:

- ‌ب- انقلاب فكري ضدّ الوضعية العلموية وتيارات المعرفة المادية:

- ‌ج - عصر جديد لعلاقة العلم بالايمان في الفكر الغربي:

- ‌الفصل الثاني أسباب وجود الانحراف المصاحب للتطور العلمي الحديث

- ‌الفرق بين أسباب تقدم العلم وبين أسباب الانحراف به وأهمية بحثها

- ‌أمثلة تبين المقصود بمفهوم الانحراف بالعلم

- ‌المثال الأول: إنسان بِلتْداون:

- ‌المثال الثاني: التولد الذاتي:

- ‌ما بين الرؤية الكنسية والرؤية العلمانية للعلم وأثر ذلك في الانحراف بمسيرة العلم

- ‌الأول: دور الكنيسة في إفساد العلاقة بين الدين والعلم

- ‌دخول النصرانية للغرب واحتواء لاهوتها على معارف علمية:

- ‌العداء بين الكنيسة وطوائف اجتماعية جديدة:

- ‌تمثيل الكنيسة للموقف الديني في الصراع بين الدين والعلم وأثره:

- ‌المواقف الأربعة للكنيسة من العلم الحديث وما تضمنته من إشكالات:

- ‌حالة المعاناة من الكنيسة وظهور العلمانية:

- ‌المثال الأول: باب المعجزات:

- ‌المثال الثاني: اعتقادات النصارى حول الأرض:

- ‌الثاني: دور العلمانية في الانحراف بمسيرة العلم

- ‌التحول نحو العلمنة في أوروبا:

- ‌أ- العلاقة المشبوهة:

- ‌ب - الحل العلماني من كونه فصلًا إلى كونه رؤية:

- ‌ج - ظهور الدولة العلمانية القومية، وأثرها في الانحراف بمسيرة العلم:

- ‌د - التيار العلمي في ظل السيطرة العلمانية:

- ‌1 - أثر نشأة العلم في البيئة العلمانية:

- ‌2 - قناعة التيار العلمي بأهمية الفصل بين الدين والعلم:

- ‌3 - ظهور طائفة من العلماء الماديين والملحدين وأثرهم:

- ‌الثالث: دور الفكر المادي في انحراف العلم

- ‌أ - ما المادية

- ‌ب - التطور العلمي والتوسع في التصورات المادية:

- ‌ج - صورة العلاقة بين المادية والعلم الحديث:

- ‌مادية القرن الثامن عشر والتاسع عشر:

- ‌د - المنهجية المادية للانحراف بالعلم:

- ‌أولًا: آلية الربط للحصول على السند العلمي:

- ‌ثانيًا: آلية التعميم لاستغلال العلوم الحديثة:

- ‌ثالثًا: نماذج من انحرافات الاتجاه المادي بالعلم "الفيزياء - الأحياء - الرياضيات

- ‌1 - مفهوم القانون العلمي في الفيزياء:

- ‌2 - ظاهرة الحياة في الأحياء:

- ‌3 - إقحام المادية في الرياضيات:

- ‌هـ - التوظيف المادي للعلم من أجل إلغاء الدين:

- ‌الرابع: دور المذهب التجريبي الحسي والوضعي

- ‌الاتجاه التجريبي والعلم التجريبي -وهم التسمية وحقيقة الاتجاه:

- ‌المؤسسون للمنهج وتصورهم للعلم:

- ‌ما بين الميتافيزيقا والعلم عند الاتجاه التجريبي:

- ‌كونت والدعوة الوضعية:

- ‌الوضعية المنطقية في القرن الرابع عشر/ العشرين:

- ‌مبدأ التحقق

- ‌الخامس: دور اليهود

- ‌الأحداث الثلاثة التي مكنت لليهود في الفكر الحديث:

- ‌يهودي دون ديانة يهودية

- ‌نموذج للدور اليهودي في الانحراف بمسيرة العلم الحديث:

- ‌نموذج فرويد ونظرياته في علم النفس:

- ‌أ- من داروين إلى فرويد:

- ‌ب- فرويد وظاهرة "اليهودي الملحد

- ‌ج- علاقة فرويد باليهود واليهودية:

- ‌أولًا: العلاقة باليهود:

- ‌ثانيًا: علاقته باليهودية:

- ‌د- جماعة التحليل النفسي: جماعة علمية أم جماعة يهودية

- ‌حادثة انشقاق كارل يونغ:

- ‌هـ - النظرية العلمية -صورة للاستثمار اليهودي:

- ‌1 - علاقة الفرويدية باليهودية وكتبها المقدسة:

- ‌2 - استثمار النظرية العلمية في إنكار العقائد والقيم:

- ‌الفصل الثالث تاريخ تكون الانحرافات المصاحبة لحركة العلم الحديث في العالم الإِسلامي وتأثيرها في الفكر التغريبي العربي المعاصر

- ‌أولًا: تغير العالم ببعثة الرسول محمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌ظهور أمة الإِسلام ودورها في إنقاذ العالم:

- ‌ثانيًا: موجز لصورة العلوم في الحضارة الإِسلامية

- ‌القسم الأول: العلوم النقلية:

- ‌القسم الثاني: العلوم الحكمية:

- ‌العلوم السبعة:

- ‌خلاصة صورة التعرف الأولي علي علوم الأمم السابقة:

- ‌ثالثًا: الضعف والتخلف وانحسار مفهوم أمة العلم وظهور الدعوات الإصلاحية

- ‌1 - الانكسار في خط المسار:

- ‌2 - المخاض العسير لدخول العصر الحديث:

- ‌3 - البحث عن مخرج لأزمتي الانحراف والتخلف:

- ‌رابعًا: تجارب الولايات الإِسلامية للتحديث وطلب العلوم العصرية "المرحلة الأولى

- ‌1 - تجربة الدولة العثمانية:

- ‌2 - تجربة الهند الإِسلامية:

- ‌خامسًا: تجارب الولايات الإِسلامية "المرحلة الثانية

- ‌1 - الحملة الاستعمارية الحديثة الأولى لبلاد المسلمين "الحملة الفرنسية

- ‌الحملة العلمية المصاحبة لجيش بونابرت ومجمعها العلمي:

- ‌مواقف جديدة لبعض شيوخ الأزهر من العلوم العصرية:

- ‌أ - عبد الرحمن الجبرتي:

- ‌ب- حسن العطار:

- ‌2 - ولاية محمَّد علي باشا، ثم أولاده من بعده:

- ‌أدوات محمَّد علي في تحصيل العلوم العصرية:

- ‌أ- الاستعانة بالأجانب

- ‌ب- مشروع الابتعاث لأوروبا:

- ‌ج- إنشاء المدارس الفنية في مختلف التخصصات:

- ‌د- المدارس الأجنبية "مدارس الإرساليات

- ‌هـ - مشروع الترجمة:

- ‌و- المطبعة وما ارتبط بها من ظهور الصحافة العلمية والفكرية:

- ‌خلاصة التجربة:

- ‌3 - السلاطين الشباب في الدولة العثمانية ومغامرات الإصلاح:

- ‌1 - السلطان محمود الثاني:

- ‌2 - السلطان عبد المجيد:

- ‌3 - السلطان عبد العزيز:

- ‌سادسًا: تجربة بلاد المغرب

- ‌1 - تجربة تونس:

- ‌أ- المدرسة الحربية والصادقية:

- ‌ب- خير الدين التونسي:

- ‌2 - تجربة المغرب:

- ‌أ- تنبيه النخبة بأهمية العلوم العصرية:

- ‌ب- إصلاح التعليم أو توسيع دائرته:

- ‌سابعًا: تجربة فارس

- ‌تكوين نظام علمي موازي للنظام القديم:

- ‌ثامنًا: تعرّف المجتمع الإسلامي على العلوم العصرية ونظرياتها

- ‌1 - طُرق تعرف المجتمع على العلوم العصرية وما ارتبط بها من مشكلات:

- ‌2 - تاريخ دخول النظريات العلمية ذات الإشكالات للعالم الإسلامي:

- ‌الفصل الرابع أسباب دخول الانحرافات المصاحبة لحركة العلم الحديث إلى البلاد الإسلامية

- ‌أولًا: ضعف مؤسسات الأمة العلمية

- ‌الاحتياجات المعرفية الجديدة وعدم قدرة المؤسسات التعليمية على تلبيتها:

- ‌نموذج الأزهر:

- ‌قصة الوالي العثماني مع الأزهر ودلالاتها:

- ‌مشكلات ذاتية للمؤسسات العلمية الإِسلامية:

- ‌الاحتلال الفرنسي ثم ولاية محمَّد علي وآثار ذلك على الأزهر:

- ‌بوادر الاختلاف داخل الأزهر ومطلب التحديث:

- ‌أثر جمال الدين الأفغاني:

- ‌دار الدعوة والإرشاد والمشاريع الجديدة:

- ‌ثانيًا: المدرسة الحديثة ومدارس الأقليات

- ‌الفصل والانفصال: الفصل بين المجالين الديني والدنيوي، والانفصال عن هوية الأمة:

- ‌دور مدارس الأقليات:

- ‌ثالثًا: دور الصحافة (نشأتها وتمكن النصارى منها وتوجيههم التغريبي لها)

- ‌ظروف نشأة الصحافة وأثر ذلك على الانحراف بمسيرة العلم الحديث:

- ‌النموذج الأول، مجلة المقتطف -النظريات الجديدة:

- ‌المثال الأول: نظرية الفلك الجديدة ومسألة دوران الأرض:

- ‌صدى المشكلة عند بعض المسلمين:

- ‌المثال الثاني: داروين ونظرية التطور:

- ‌النموذج الثاني: مجلة الجامعة العثمانية "الجامعة" لفرح أنطون -الإطار العلماني:

- ‌رابعًا: التيارات الفكرية الوافدة وتنظيماتها كالماسونية والسيمونية

- ‌[1] الدور الماسوني:

- ‌[2] أتباع سان سيمون

- ‌خامسًا: دور الاستعمار

- ‌سياسة التعليم الاستعمارية:

- ‌1 - تهيئة بيئة تسمح بتسرب الانحرافات وتغذي حركتها:

- ‌2 - صناعة الازدواجية في التعليم وعلمنته:

- ‌3 - ترسيخ الهزيمة النفسية في مجال التعليم:

- ‌4 - تحول المؤسسة العلمية في منبع لتوليد التيارات التغريبية:

- ‌5 - فتح الباب للنظريات الاجتماعية:

- ‌سادسًا: بيئة ثقافية جديدة وحضور التيار التغريبي فيها

- ‌الفصل الخامس أبرز المواقف العلمية والفكرية في العالم الإسلامي من العلوم الحديثة ومناهجها

- ‌تمهيد الأصول الثقافية للوضع المعاصر

- ‌فترة التحولات واضطراباتها ومشروع الشيخ حسين الجسر

- ‌المبحث الأول موقف الاتجاه السلفي الداعي للتأصيل الإِسلامي للعلوم الحديثة

- ‌أولًا: الشيخ محمود شكري الألوسي

- ‌1 - الموقف من النظرية الجديدة في الهيئة:

- ‌2 - السعي إلى التأصيل الإِسلامي لهذه العلوم:

- ‌ثانيًا: الشيخ عبد الرحمن السعدي

- ‌1 - تأكيد دخول العلوم الصحيحة النافعة العصرية في الإِسلام، وأثر إدراك هذا المقصد

- ‌2 - خطورة ابتعاد العلوم الصحيحة النافعة العصرية عن الدين وحاجتنا إلى تقريبها من الدين:

- ‌ثالثًا: الشيخ محمَّد الشنقيطي

- ‌موقف الشيخ من الحضارة الغربية والعلوم الدنيوية التي برعت فيها:

- ‌1 - القرآن فيه تبيان كل شيء وهو يهدي للتي هي أقوم:

- ‌2 - الموقف من العلوم الدنيوية وكيف نحولها إلى أشرف العلوم:

- ‌رابعًا: الشيخ عبد العزيز بن باز

- ‌دعوة التأصيل الإِسلامي للعلوم الحديثة

- ‌1 - الوعي باختلاف أرضيات العلوم:

- ‌2 - الوعي بمشقة المشروع:

- ‌3 - قوة التماسك في منهج التنظير وفي العمل التطبيقي:

- ‌المبحث الثاني موقف الاتجاه العصراني الداعي لتأويل ما توهم تعارضه من النصوص الشرعية مع العلم الحديث

- ‌أولًا: ما الاتجاه العصراني

- ‌ثانيًا: ظهور الاتجاه العصراني وحقيقة منهجه:

- ‌ثالثًا: النموذج الهندي العصراني:

- ‌رابعًا: النموذج العربي العصراني:

- ‌المبحث الثالث موقف الاتجاه التغريبي الداعي لتقديم العلم وعدم ربطه بالدين

الفصل: ‌بوادر الاختلاف داخل الأزهر ومطلب التحديث:

أيضًا تسببت هذه الحالة في إهمال المؤسسات العلمية الإِسلامية لطلب العلوم الدنيوية بحجة وجود معاهد خاصة بها، وإهمال اقتراح الرؤى والتصورات حول العلاقة بين علوم الأمة وبين العلوم الجديدة الموجودة في تلك المعاهد، إن غياب الرؤية يتضح من كثرة التأكيدات التي نجدها عند متزعمي تدريس العلوم الجديدة مثل "الطهطاوي" و"خير الدين التونسي"(1) وغيرهما، فهم يكثرون من الأدلة والتوضيح وذكر التجارب الإِسلامية وتكرير أقوال علماء سابقين في كونها من فروض الكفايات وغير ذلك. وقد كان الأولى أن يقدم الأزهر مثل هذه الأمور، فتخرج مؤلفات ومواقف توضح الحق في الباب والتصور الإِسلامي في الموضوع، فذاك آنذاك هو فريضة الوقت، ومما يؤسف له أننا لا نجد من ذلك شيئًا مشهورًا، ورغم طول الفترة الزمنية فلم يخرج شيء حول هذا الموضوع من داخل الأزهر، لم تقدم الرؤية ولم يظهر تبنيه لبعض المشروعات حول التأصيل الإِسلامي للموقف من هذه العلوم وماذا نفعل مع هذه العلوم بعد أن حدث لها ما حدث داخل الحضارة الأوروبية الحديثة، ولم يناقش بجدية هل يمكن فتح أقسام خاصة داخل الأزهر لبحثها وإيجاد المتخصص الأزهري فيها؟ على الأقل في الجانب النظري منها، إذا كان أهله يعتذرون بعدم الإمكانيات في جانبها العملي.

ولم ينجح العطار والطهطاوي -وغيرهما- رغم كونهما من أهل الأزهر، ومن المتحمسين في الوقت نفسه للعلوم الموجودة في أوروبا، لم ينجحا في معالجة العلاقة بين الجديد والقديم، ولم ينجحا في إقناع الأزهر -المؤسسة العلمية الكبرى في العالم الإِسلامي- في تبني هذه العلوم والقيام على شأنها، أو على الأقل قيام الأزهر بوضع مخطط عام وتصور واضح حول موقف الأمة من هذه العلوم، كيف نأخذها؟ ولماذا نترك الأجانب يتولون تدريسها؟ ولماذا نتركها لهم ولأهل ملتهم ويتخلى المسلمون عن مهمتهم؟ إلى غير ذلك من الأسئلة.

‌بوادر الاختلاف داخل الأزهر ومطلب التحديث:

بدأت معالم الاختلاف داخل الأزهر، ففي الربع الأخير من القرن الرابع

(1) انظر: رفاعة الطهطاوي رائد التنوير في العصر الحديث، د. محمَّد عمارة ص 375 وما بعدها، وانظر: خير الدين التونسي وكتابه أقوم المسالك. . . .، تحقيق ودراسة د. معن زيادة.

ص: 539

عشر/ النصف الثاني من التاسع عشر "كان بالأزهر يومئذ حزبان: شرعي محافظ. . وحزب صوفي أقل في محافظته من الشرعيين. . وحضر محمَّد عبده دروس كل من الحزبين، فسمع من الحزب الشرعي المحافظ دروس المشايخ: عليش، والرفاعي، والجيزاوي، والطرابلسي، والبحراوي. . ولكنه انتمى إلى الحزب الصوفي، وكان رائده الشيخ حسن رضوان. . . . وكان من هذا الحزب الشيخ حسن الطويل، والشيخ محمَّد البسيوني"(1)، وسيتحول الأمر بحسب رأي "العقاد" إلى "صراع خفي بين طلاب الإصلاح المجددين وبين شيعة الجمود والتقليد من المحافظين على القديم"(2)، وسيظهر أن أهم أسباب هذا الصراع هو الموقف من علوم الأزهر من جهة، فهل هي كلها تستحق التقدير، والموقف من العلوم العصرية من جهة أخرى، لماذا تبقى بعيدة عن الأزهر.

لقد ابتعد النموذج الجديد الذي وضعه محمَّد علي عن أهدافه (3)، فذاك التعليم الموازي للأزهر والمعارض له أحيانًا قد انحرف مساره كثيرًا مع التحكم الأجنبي وتدخل أهواء السلطة، ومن أيام محمَّد علي إلى حفيده إسماعيل باشا وهناك طموح في إيجاد مجتمع على شاكلة المجتمعات الأوروبية، وظهرت بارزة عند إسماعيل في رغبته تحويل مصر إلى قطعة من أوروبا، ففتح الباب للأجانب من اليهود والنصارى بشكل لا مثيل له، وارتفع شأنهم، وتولوا من المناصب أعلاها، واستأثروا بإدارة التعليم وتوجيهه مستغلين طموحات الوالي في تغريب المجتمع (4). وبرغم ما حدث للتعليم مع الأجانب فلم يتحرك الأزهر الحركة المرجوة منه، بأن يتولى هو التعليم ويحاول سحبه منهم أو يوجد المشروع البديل، وربما لم يكن في مقدوره فعل ذلك وهو في الأصل واقع في مشكلاته الخاصة التي تُعطّل قيامه بالدور المطلوب.

سأعرض الآن شهادة لأحد من عاصر تلك المرحلة وعاش معاناتها وهو "أحمد تيمور باشا"، فيذكر معاناته بين المؤسستين، المؤسسة الأزهرية والمؤسسة

(1) الإِمام محمَّد عبده مجدد الدنيا بتجديد الدين، د. محمَّد عمارة ص 27.

(2)

انظر: محمَّد عبده، عباس العقاد ص 134، وانظر: أعلام الفكر الإِسلامي في العصر الحديث، أحمد تيمور ص 148 - 150.

(3)

انظر: واقعنا المعاصر، د. محمَّد قطب ص 208 وما بعدها.

(4)

انظر فقرة: المدارس والمدرس الأجنبي من هذا الفصل ص 588.

ص: 540

العصرية، فيقول:"فإني كنت خرجت من المدارس بعد تلقي ما يتلقى بها من العلوم المعروفة وأنا في سن العشرين. وقد علق بالعقيدة شيء من آثار التربية بهذه المدارس". مما يدلّ على نشاطها الذي يتجاوز تقديم العلوم والمعارف إلى هدمها العقائد والدين، ثم يقول:"إلا أني كنت مولعًا منذ الصغر بالإِسلام ومحاسنه، والمطالعة في السيرة النبوية، ومناقب الأصحاب والخلفاء الراشدين، فكان ينشرح صدري لأشياء، وينقبض من أشياء تعرض لي فيها شبهات، ثم كنت أعرض ما يظهر لي من مكارم الشريعة ومقاصدها على ما عليه الناس من البدع والمحدثات التي تمسكوا بها، وجعلوها من الأصول الدينية، فأجد التناقض والتصادم".

يعترف "تيمور" بأنه وإن تأثر بدراسته، إلا أن تربيته الخاصة وحبه للإسلام وجهده الذاتي حماه بفضل الله من الابتعاد عن الدين، ولكنه في المقابل يشاهد في مجتمعه مظاهر يزعم أصحابها أنها من الدين، وفي مثل هذا الوضع فالمرجع لتوضيح الأمر هو الأزهر الذي يقابل تلك المدرسة التي أثّرت فيه، وهذا هو الأصل أن يعالج تلك المظاهر السلبية في المجتمع، فيقول:"فصرت أتردد على كثير من كبار علماء الأزهر وغيرهم، لعلي أجد عندهم مفرجًا، فأراهم أحرص من العامة على هذه الخزعبلات، حتى كدت أحكم بأنها من الدين، وأن الأمر دائر بين شيئين، فإما أن يكون الدين دين خرافات وخزعبلات تنفر منها الطباع السليمة، وإما أن يكون ما نراه حقًا، ولكن يمنعنا من قبوله إلحاد تأصل في النفس"(1).

يكشف هذا الاعتراف عن عمق الأزمة التي عاشها بعض أبناء تلك المرحلة بين جهتين، جهة تشكك في العقيدة، وأخرى تحرص على الخزعبلات، ويقف الشاب حائرًا بينهما، وأبقاه حبه للإسلام داخل دائرة الدين وأوصلته الحيرة والتناقضات التي أمامه إلى حالة من اختلاط المفاهيم، إما أن الدين خزعبلات

(1) أعلام الفكر الإِسلامي في العصر الحديث، أحمد تيمور باشا ص 100 - 101، وانظر: المقال المميز في مجلة "المنار" بعنوان: المدارس الوطنية في الديار المصرية 1/ 256 سنة (1316 هـ -1898 م)، وفيه يقول:(ومدارس الحكومة المصرية لا أثر فيها للصبغة الدينية، بل قيل: إن الوليد يدخلها بدين ويخرج منها مارقًا والعياذ بالله. . . .).

ص: 541

وربما هذا ما تحرص على زرعه المدارس الأخرى، وإما أن هذه الخزعبلات هي الدين فعلًا، ولكن الإلحاد المتسرب إلى النفس منع من الراحة إليها والاطمئنان بها. وإذا كان هذا الشاب الباحث عن الحقيقة والباذل لأسبابها قد وفق بأمثال الشيخ "حسن الطويل"(1250 - 1315 هـ) حيث كان من العلماء الذين خرجوا عن التقليد والتعصب وفتح قلبه وعقله للحق (1)، وعنه يقول تلميذه -ذاك الشاب المحتار-:"وكان رحمه الله سني العقيدة، صوفي المشرب، لا يحيد عن الشرع قيد إصبع، آخذًا بمذهب الإِمام ابن تيمية بمسألة الاستغاثة بالقبور والاستشفاء بالموتى، منكرًا على المبتدعة أشد إنكار. آية من آيات الله في معرفة التفسير وحل مشكلات الكتاب المبين، متضلعًا من الحديث، متحصنًا بالشريعة في كل علم يقرؤه من كلام أو حكمة أو تصوف أو رياضيات أو طبيعيات"، إلى أن قال:"ومع انحراف علماء الأزهر عنه؛ لإنكاره عليهم بدعهم وما درجوا عليه، فإنهم كانوا مقرّين بفضله، وكثيرًا ما كانوا يحتاجون إليه في معرفة أسرار الشريعة، وحل مشكلاتها، والرد على الطاعنين عليها من أرباب النِّحَل الأخرى والمرتدين"(2). فعند هذا الشيخ -العالم بالشريعة العارف بالعلوم الرياضية والطبيعية والمطلع على الأفكار والفلسفات- وجد الشاب حاجته، وما يروي غليله، وما يعالج ما اعتلج بصدره من خواطر حول العلاقة بين المدرستين وأهلها وموضوعاتها. لم يتحرر حسن الطويل من كل أحمال تركة العصور المتأخرة، ورغم اتصاله وانتفاعه بتراث ابن تيمية فإنه بقي على صلة بالتصوف والكلام وبعض ما يُثقل السائر الثائر، وهذا مما يجعل مادته مهدئة لما ينتاب أنفس الشباب دون أن تكون العلاج الناجع.

بقيت أوضاع الأزهر على هذه الحال حتى جاء الزلزال الثاني لأرض مصر وهو الاحتلال البريطاني، حيث كان الأول مع الاحتلال الفرنسي وكان الثاني وهو الأطول مع الاحتلال البريطاني، وحسب كلام العقاد (3): فإن سلطات الاحتلال قد سحبت كل الإدارات من الباشا، وما أبقت له إلا المؤسسات الدينية

(1) انظر ترجمته في المرجع السابق: أعلام الفكر الإِسلامي في العصر الحديث ص 93.

(2)

المرجع السابق ص 98.

(3)

انظر كتابه: (محمَّد عبده) ص 134 - 135.

ص: 542

حتى لا تثير حساسية الناس ومنها الأزهر، بينما تصرفت في بقية الإدارات تحت دعوى إصلاحها وتحديثها وتطويرها، وعندما لم يجد الباشا إلا تلك الوسائل الدينية وحتى لا يكون متخلفًا عن دعوات التحديث، فقد أراد أن يمارس سلطته عليها، ولكنه أراد -مع من حوله- مدخلًا مناسبًا وحيلة يحتالون بها، فكانت هذه الواقعة المهمة:

تم الاتفاق "على استفتاء شيخ الجامع الأزهر، ومفتي الديار المصرية، في مسألة العلوم التي يجوز تدريسها في الجامع، ولا تعتبر العناية بها في أماكن العبادة مخالفةً للتقاليد الإِسلامية، وكلفوا عالمًا تونسيًا فاضلًا -هو الأستاذ محمَّد بيرم أشهر علماء جامع الزيتونة في عصره- أن يتوجه بهذا الاستفتاء إلى الشيخ محمَّد الإنبابي (1) شيخ الجامع يومذاك (1305 هـ -1887 م) فكتب إليه بعد تمهيد وجيز:

". . ما قولكم رضي الله عنكم: هل يجوز تعلم المسلمين للعلوم الرياضية، مثل: الهندسة والحساب والهيئة والطبيعيات، وتركيب الأجزاء المعبر عنها بالكيمياء، وغيرها من سائر المعارف، لاسيّما ما ينبني عليه منها في زيادة القوة في الأمة بما تجاري به الأمم المعاصرين لها في كل ما يشمله الأمر بالاستعداد؟ بل هل يجب بعض تلك العلوم على طائفة من الأمة بمعنى أن يكون واجبًا وجوبًا كفائيًا على نحو التفصيل الذي ذكره فيها الإِمام حجة الإِسلام الغزالي في إحياء العلوم ونقله علماء الحنفية أيضًا وأقروه، وإذا كان الحكم فيها كذلك فهل يجوز قراءتها مثل ما تجوز قراءة العلوم الآلية من نحو وغيره الرائجة الآن بالجامع الأزهر والزيتونة والقرويين. . أفيدوا الجواب لا زلتم مقصدًا لأولي الألباب"" (2).

وقعت هذه الفتوى بعد ما يقرب من قرن ونصف من الحادثة المشهورة التي وقعت بين الوالي المحب لعلم الرياضيات وبين شيخ الأزهر، وسبق فيها إقرار

(1) بحسب دراسة أزهرية حديثة بأنه كان من آثار الأفغاني والكواكبي وعبده يقظة في الفكر المصري (وكان من صدى ذلك التمهيد لإصلاح التأخر العلمي في عهد شيخه الرافض للتجديد -الشيخ الإنبابي- بحيلة وهي: إرسال استفتاء. . . .)، انظر: جهود الأزهر في الرد على التيارات الفكرية المنحرفة. . . .، د. صلاح العادلي ص 36.

(2)

محمَّد عبده، عباس العقاد ص 135 - 136.

ص: 543

شيخ الأزهر بكلام الغزالي والأعذار التي قدمها، ولكن هاهي السنين تمضي ومع ذلك لم تعالج المشكلة، ويبقى السؤال يتكرر، إما للجهل بالحكم أو للتعجب من عدم بذل المطلوب في تحقيق فروض الكفايات -لا بمعنى وجود من يعلمها وإنما وجود ثمرتها في الأمة، فالنقص حاصل والحاجة ملحّة ومع ذلك لم يقم الأزهر بدوره المطلوب- مما يجعل السؤال يتكرر والفتوى تتكرر، ومع ذلك فالحال كما هي عليه في الوقت الذي غزتنا فيه المدارس الأجنبية والتعليم الأجنبي ثم احتلنا الأجنبي ذاته، والمعالجة لا تتجاوز تكرير الفتوى دون عمل واقعي يصدقها، فلننظر إلى الجواب:

ذكر "العقاد" بأن الشيخ الأنبابي كان يعلم مصدر الاستفتاء، فلم يهمله كما أشار عليه بعض أعوانه، وكتب في جوابه ما يأتي:". . . . يجوز تعلم العلوم الرياضية مثل الحساب والهندسة، والجغرافيا؛ لأنه لا تعرض فيها لشيء من الأمور الدينية، بل يجب منها ما تتوقف عليه مصلحة دينية أو دنيوية وجوبًا كفائيًا، كما يجب علم الطب لذلك -كما أفاده الغزالي في مواضع من الإحياء- وأن ما زاد على الواجب من تلك العلوم مما يحصل به زيادة في القدر الواجب، فتعلمه فضيلة"، إلى هنا الفتوى عما لا يتعرض منها للدين، ثم جاء الكلام عما له تعرض بالدين، وهما "علم الهيئة والطبيعيات"، فقال الشيخ:"ولا يدخل في علم الهيئة الباحث عن أشكال الأفلاك والكواكب وسيرها علم التنجيم، المسمى بعلم أحكام النجوم -وهو الباحث عن الاستدلال بالتشكلات الفلكية على الحوادث السفلية- فإنه حرام كما قال الغزالي، وعلل ذلك بما محصله أنه يخشى من ممارسته نسبة التأثير للكواكب، والتعرض للأخبار بالمغيبات، مع كون الناظر قد يخطئ لخفاء بعض الشروط". ففرق الشيخ بين نوعين في علم الهيئة: نوع يدخل في الدراسات الطبيعية العلمية وآخر له صلة بالأمور الدينية، ولاسيّما مسألة الغيب، والملاحظ هنا أنه ينقل تصوره عن هذا العلم كما كان معهودًا في القرن الخامس الهجري.

ثم انتقل في فتواه إلى العلم الثاني المُشْكل وهو الطبيعيات، فقال: "وأما الطبيعيات -وهي الباحثة عن صفات الأجسام وخواصها وكيفية استحالتها وتغيرها، كما في الإحياء في الباب الثاني من كتاب العلم- فإن كان ذلك البحث عن طريق أهل الشرع فلا مانع منها كما أفاده العلامة شهاب الدين أحمد بن

ص: 544

حجر الهيتمي في جزء الفتاوى الجامع للمسائل المنتشرة، بل لها حينئذٍ أهمية بحسب أهمية ثمرتها، كالوقوف على خواص المعدن والنبات المحصل للتمكن في علم الطب، وكمعرفة عمل الآلات النافعة في مصلحة العباد، وإن كان على طريقة الفلاسفة فالاشتغال بها حرام؛ لأنه يؤدي للوقوع في العقائد المخالفة للشرع كما أفاده العلامة المذكور.

نعم يظهر تجويزه لكامل القريحة الممارس للكتاب والسنة للأمن عليه مما ذكرنا، قياسًا على المنطق المختلط بالفلسفة على ما هو المعتمد فيه من أقوال ثلاثة، ثانيها: الجواز مطلقًا، ونسبه الملوي في شرح السلم للجمهور، وثالثها: المنع مطلقًا، ونسبه صاحب السلم لابن الصلاح والنووي. قال الملوي: ووافقهما على ذلك كثير من العلماء. . . ."، إلى آخر الفتوى (1).

اعتمد الشيخ في فتواه في باب الطبيعيات على عَلَم من علماء المسلمين في القرن العاشر، ولا شك أن الهيئة التي يتكلم عليها الغزالي في القرن الخامس أو الطبيعيات التي يتكلم عليها ابن حجر الهيتمي (2) في القرن العاشر قد تغيرت كثيرًا عمّا هو معهود في عصريهما، ومن الواضح أن التصور السائد عنها أنها علوم نظرية، والنافع منها محدود، بينما هي في حقيقتها وبعد التحولات الكبيرة التي عصفت بها قد أصبح لها فوائدها العملية وأصبحت عصب الحياة المادية، كما أن الإشكال يبقى قائمًا، فإذا كانت الطبيعيات مثار الجدل رغم أهميتها فلِمَ لم يتبن الأزهر أو غيره من المؤسسات العلمية الإِسلامية مثل هذه العلوم بحيث تكون تحت مظلته، فيؤخذ نافعها وتصفى من الملحقات المضرّة بها، أو يتبنى مشروع تصفيتها؟!

إن ظهور هذه الفتوى المفصلة في وقت متأخر مع النقص الحاصل فيها، ليدل على أن الأزهر -فضلًا عن بقية معاهد المسلمين- قد سوّف كثيرًا في إخراج رؤية كاملة نابعة عن تشاور بين العلماء وتمحيص للموقف ودراسة متأنية للقضية، ثم تخرج تلك الرؤية بحيث تقطع الاضطراب، فإذا كانت المحاولات

(1) الفتوى عرضها العقاد في كتابه: (محمَّد عبده) ص 136 - 137.

(2)

هو أحمد بن محمَّد بن حجر الهيتمي المصري (909 - 974 هـ)(1504 - 1567 م)، تلقى العلم في الأزهر، ومات بمكة، وله تصانيف كثيرة. انظر: الأعلام، خير الدين الزركلي 1/ 234.

ص: 545

في إعادة الاهتمام بالعلوم الدنيوية تعود لعشرات السنين، ومعاهد الأجانب تغزو بلاد المسلمين، وتجتذب أبناءهم، ومع ذلك لم يُحسم الأمر إلى تلك المرحلة، بل دخلنا القرن الرابع عشر -إذْ كانت الفتوى المشهورة سنة (1305 هـ) والحال على ما هي عليه. وقد فتح هذا التأخر والتسويف المجال لغيرنا، فملؤوا الفراغ بما يريدون حتى إذا جئنا بعد ذلك احتجنا إلى سنين لإزالة الترسبات الفاسدة المرتبطة بالعلوم العصرية.

بعد أسبوعين من فتوى شيخ الأزهر صدرت الموافقة عليها من مفتي الديار المصرية، فقال:"إن ما أفاده حضرة الأستاذ شيخ الإِسلام موافق لمذهبنا، وما استظهره من أن الخلاف البخاري في علم المنطق يجري في علم الطبيعة أيضًا وجيه، والله سبحانه وتعالى أعلم"(1).

نلاحظ ذاك التخوف في الخطاب الأزهري، فهو لم ينجح في تجاوز عقبة الخوف، وهي عقدة ترجع أحيانًا إلى الجهل بالشيء، ويتضح هنا في أن الحكم على هذه العلوم يستند إلى رؤية عرضها الغزالي رحمه الله في القرن الخامس، وما جاء بعده مما يعتمد عليه الأزهر هو فتاوى تعتمد أساسًا على مشروع الغزالي الذي ذكره في "إحياء علوم الدين" و"مقاصد الفلاسفة" و"المنقذ من الضلال" وغيرها. ولكن موقف الغزالي ومشروعه يتعلق بما عاصره وعرفه من علوم وأفكار وفلسفات، بينما هي قد تغيرت كثيرًا في القرون الأخيرة، وأصبح للعلوم الطبيعية والرياضية شأن مختلف في حياة الأمم، وتحول جزء كبير منها إلى محيط العلم وتخففت من الأبعاد الفلسفية في التطبيقات المباشرة، وما يتصل بالجانب الأيديولوجي والثقافي المصاحب لتلك العلوم فهو مما يتجاوز الجانب التطبيقي منها، وهنا كان من المهم لمؤسسات المسلمين العلمية الأخذ بزمام المبادرة لمعالجته، فَتُحقق الفرض الكفائي الذي تنص عليه فتاوى علماء تلك المؤسسات بأن يتم تحصيل تلك العلوم تحت إشرافها ويتم تطويرها في محيط ثقافي يختلف عن الأوروبي الذي تطورت فيه.

(1) محمَّد عبده، عباس العقاد ص 137، وانظر: جهود الأزهر في الرد على التيارات الفكرية المنحرفة. . . .، د. صلاح العادلي ص 36، وهو حنفي المذهب بينما شيخ الأزهر كان شافعيًا.

ص: 546