المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[3] الأمر الخارجي: أثر العلم المنقول من بلاد المسلمين في ظهور الثورة العلمية: - النظريات العلمية الحديثة مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها دراسة نقدية - جـ ١

[حسن الأسمري]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع:

- ‌أسباب الاختيار:

- ‌أهداف الموضوع:

- ‌الدراسات السابقة حول الموضوع:

- ‌أولًا: الكتب الإسلامية التي تكون بعنوان:الدين والعلم، أو القرآن والعلم، أو الإِسلام والعلم، وما في معناها وبابها

- ‌ثانيًا: الكتب التي تناولت بعض موضوعات البحث:

- ‌ثالثًا: "منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير

- ‌رابعًا: الكتب التي تدور حول الفكر العربي المعاصر ومذاهبه:

- ‌خامسًا: الكتب المتخصصة في مشكلة البحث:

- ‌منهج البحث

- ‌خطة البحث:

- ‌التمهيد

- ‌أولًا: النظرية العلمية

- ‌ثانيًا: أسباب نشأة الاتجاه التغريبي

- ‌ثالثًا: الموقف الإسلامي من العلوم التجريبية وأمثالها

- ‌الباب الأول نشأة الانحرافات المرتبطة بحركة العلم الحديث وظهورها في العالم الإسلامي

- ‌الفصل الأول تعريف موجز بالثورة العلمية الحديثة وما ارتبط بها من نظريات مخالفة للدين وأثرها

- ‌أولًا: مصطلح أو مفهوم "الثورة العلمية

- ‌ثانيًا: ما قبل الثورة العلمية الحديثة "ممهدات الثورة العلمية

- ‌[1] التركة الأرسطية المتغلغلة في أواخر العصور الوسطى الأوروبية ومحاولتهم تجاوزها:

- ‌[2] الأمر الداخلي: أثر عصر النهضة والإصلاح الديني:

- ‌أ- عصر النهضة وحركة الإنسانيين:

- ‌ب- الإصلاح الديني:

- ‌[3] الأمر الخارجي: أثر العلم المنقول من بلاد المسلمين في ظهور الثورة العلمية:

- ‌ثالثًا: الثورة العلمية

- ‌معالم الحدث في الكتابات الفكرية

- ‌[1] البداية من علم الفلك:

- ‌أ- علم الفلك القديم:

- ‌ب - علم الفلك الجديد وشخصياته:

- ‌1 - مولد النظرية مع كوبرنيكوس:

- ‌2 - إحراق برونو يُشهر النظرية:

- ‌3 - براهي والبحث عن الأدلة:

- ‌4 - كبلر: للسعي للتوفيق واكتشاف القوانين:

- ‌ج- دور جاليليو:

- ‌1 - استعمال جاليليو للتلسكوب وآثار ذلك:

- ‌2 - صراعات جاليليو والمظهر الفكري الذي تبعها:

- ‌[2] قنطرة بيكون وديكارت والتأسيس المنهجي للثورة الفكرية والعلمية:

- ‌أ- فرانسيس بيكون:

- ‌ب- ديكارت:

- ‌[3] نيوتن وظهور أشهر ثاني نظرية في العلم الحديث:

- ‌أ- كتاب "المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية

- ‌ب- القوانين والنظرية:

- ‌ج- النقاش حول علاقة العلم بالدين:

- ‌د- أثر نيوتن في الفكر الغربي:

- ‌رابعًا: ما بعد الثورة العلمية (1) "القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي

- ‌[1] أبرز التطورات العلمية:

- ‌[2] التحول إلى العلمنة:

- ‌[3] تيارات الفكر المشهورة وعلاقتها بالعلم:

- ‌أ- التياران الموروثان "العقلاني والتجريبي

- ‌ب- الفلسفة النقدية الكانطية:

- ‌ج- الاتجاه المادي:

- ‌د- التنوير:

- ‌[4] الثورة الفرنسية العلمانية (1789 م):

- ‌خامسًا: ما بعد الثورة العلمية (2) "القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي

- ‌[1] تيارات الفكر المشهورة:

- ‌أ- اليسار الهيجلي:

- ‌ب- نقاد الدين ونصوصه الجدد:

- ‌ج- الوضعية:

- ‌[2] النشاط العلمي في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر:

- ‌[3] نظرية التطور الدارونية وأبعادها الفكرية والاجتماعية:

- ‌أ- مصطلح التطور:

- ‌ب- تشارلس داروين (1809 - 1882 م):

- ‌ج- من إشكاليات النظرية الدارونية في مفهوم العلم:

- ‌د- من النظرية إلى المذهب:

- ‌هـ - موقف الكنيسة والعلماء من النظرية:

- ‌[4] البحث عن حدود النظرية العلمية والدين:

- ‌أ- مفهوم النظرية:

- ‌ب- مع الدين وضدّه:

- ‌سادسًا: ما بعد الثورة العلمية (3) (القرن الرابع عشر الهجري/ العشرون الميلادي)

- ‌[1] المستجدات في العلوم الاجتماعية "علم الاجتماع وعلم النفس

- ‌أ- علم الاجتماع:

- ‌ب- علم النفس:

- ‌ج- العلاقة بين الدين والعلوم البشرية من جهتي الخبر والشرع:

- ‌[2] نظريتا النسبية والكوانتم وثورة جديدة في الفيزياء:

- ‌أ- تحولات في الفيزياء "أشياء صغيرة تدفع العلم نحو التواضع

- ‌ب- تجربة مايكلسون ومورلي ومولد النظرية النسبية

- ‌1 - الأثير لا يصمد أمام التجربة:

- ‌2 - من التجربة إلى النظرية النسبية:

- ‌3 - علاقة النظرية بالواقع المعاصر:

- ‌ج- اكتشاف الذرة ومولد نظرية الكم:

- ‌1 - قصة عالم الذرة:

- ‌2 - من آثار النظرية:

- ‌د- خاتمة حول الفيزياء المعاصرة:

- ‌[3] علاقة العلم بالفكر في القرن "الرابع عشر/ العشرين م

- ‌أ - طبيعة النظرية العلمية وحدودها "طبيعة المعرفة العلمية وحدودها

- ‌1 - نقاد العلم:

- ‌2 - فلسفة العلوم أو الإبستمولوجيا:

- ‌3 - الوضعية المنطقية:

- ‌4 - فلسفة العلم في الفكر العربي:

- ‌5 - نحو نظرية معرفة جديدة:

- ‌ب- انقلاب فكري ضدّ الوضعية العلموية وتيارات المعرفة المادية:

- ‌ج - عصر جديد لعلاقة العلم بالايمان في الفكر الغربي:

- ‌الفصل الثاني أسباب وجود الانحراف المصاحب للتطور العلمي الحديث

- ‌الفرق بين أسباب تقدم العلم وبين أسباب الانحراف به وأهمية بحثها

- ‌أمثلة تبين المقصود بمفهوم الانحراف بالعلم

- ‌المثال الأول: إنسان بِلتْداون:

- ‌المثال الثاني: التولد الذاتي:

- ‌ما بين الرؤية الكنسية والرؤية العلمانية للعلم وأثر ذلك في الانحراف بمسيرة العلم

- ‌الأول: دور الكنيسة في إفساد العلاقة بين الدين والعلم

- ‌دخول النصرانية للغرب واحتواء لاهوتها على معارف علمية:

- ‌العداء بين الكنيسة وطوائف اجتماعية جديدة:

- ‌تمثيل الكنيسة للموقف الديني في الصراع بين الدين والعلم وأثره:

- ‌المواقف الأربعة للكنيسة من العلم الحديث وما تضمنته من إشكالات:

- ‌حالة المعاناة من الكنيسة وظهور العلمانية:

- ‌المثال الأول: باب المعجزات:

- ‌المثال الثاني: اعتقادات النصارى حول الأرض:

- ‌الثاني: دور العلمانية في الانحراف بمسيرة العلم

- ‌التحول نحو العلمنة في أوروبا:

- ‌أ- العلاقة المشبوهة:

- ‌ب - الحل العلماني من كونه فصلًا إلى كونه رؤية:

- ‌ج - ظهور الدولة العلمانية القومية، وأثرها في الانحراف بمسيرة العلم:

- ‌د - التيار العلمي في ظل السيطرة العلمانية:

- ‌1 - أثر نشأة العلم في البيئة العلمانية:

- ‌2 - قناعة التيار العلمي بأهمية الفصل بين الدين والعلم:

- ‌3 - ظهور طائفة من العلماء الماديين والملحدين وأثرهم:

- ‌الثالث: دور الفكر المادي في انحراف العلم

- ‌أ - ما المادية

- ‌ب - التطور العلمي والتوسع في التصورات المادية:

- ‌ج - صورة العلاقة بين المادية والعلم الحديث:

- ‌مادية القرن الثامن عشر والتاسع عشر:

- ‌د - المنهجية المادية للانحراف بالعلم:

- ‌أولًا: آلية الربط للحصول على السند العلمي:

- ‌ثانيًا: آلية التعميم لاستغلال العلوم الحديثة:

- ‌ثالثًا: نماذج من انحرافات الاتجاه المادي بالعلم "الفيزياء - الأحياء - الرياضيات

- ‌1 - مفهوم القانون العلمي في الفيزياء:

- ‌2 - ظاهرة الحياة في الأحياء:

- ‌3 - إقحام المادية في الرياضيات:

- ‌هـ - التوظيف المادي للعلم من أجل إلغاء الدين:

- ‌الرابع: دور المذهب التجريبي الحسي والوضعي

- ‌الاتجاه التجريبي والعلم التجريبي -وهم التسمية وحقيقة الاتجاه:

- ‌المؤسسون للمنهج وتصورهم للعلم:

- ‌ما بين الميتافيزيقا والعلم عند الاتجاه التجريبي:

- ‌كونت والدعوة الوضعية:

- ‌الوضعية المنطقية في القرن الرابع عشر/ العشرين:

- ‌مبدأ التحقق

- ‌الخامس: دور اليهود

- ‌الأحداث الثلاثة التي مكنت لليهود في الفكر الحديث:

- ‌يهودي دون ديانة يهودية

- ‌نموذج للدور اليهودي في الانحراف بمسيرة العلم الحديث:

- ‌نموذج فرويد ونظرياته في علم النفس:

- ‌أ- من داروين إلى فرويد:

- ‌ب- فرويد وظاهرة "اليهودي الملحد

- ‌ج- علاقة فرويد باليهود واليهودية:

- ‌أولًا: العلاقة باليهود:

- ‌ثانيًا: علاقته باليهودية:

- ‌د- جماعة التحليل النفسي: جماعة علمية أم جماعة يهودية

- ‌حادثة انشقاق كارل يونغ:

- ‌هـ - النظرية العلمية -صورة للاستثمار اليهودي:

- ‌1 - علاقة الفرويدية باليهودية وكتبها المقدسة:

- ‌2 - استثمار النظرية العلمية في إنكار العقائد والقيم:

- ‌الفصل الثالث تاريخ تكون الانحرافات المصاحبة لحركة العلم الحديث في العالم الإِسلامي وتأثيرها في الفكر التغريبي العربي المعاصر

- ‌أولًا: تغير العالم ببعثة الرسول محمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌ظهور أمة الإِسلام ودورها في إنقاذ العالم:

- ‌ثانيًا: موجز لصورة العلوم في الحضارة الإِسلامية

- ‌القسم الأول: العلوم النقلية:

- ‌القسم الثاني: العلوم الحكمية:

- ‌العلوم السبعة:

- ‌خلاصة صورة التعرف الأولي علي علوم الأمم السابقة:

- ‌ثالثًا: الضعف والتخلف وانحسار مفهوم أمة العلم وظهور الدعوات الإصلاحية

- ‌1 - الانكسار في خط المسار:

- ‌2 - المخاض العسير لدخول العصر الحديث:

- ‌3 - البحث عن مخرج لأزمتي الانحراف والتخلف:

- ‌رابعًا: تجارب الولايات الإِسلامية للتحديث وطلب العلوم العصرية "المرحلة الأولى

- ‌1 - تجربة الدولة العثمانية:

- ‌2 - تجربة الهند الإِسلامية:

- ‌خامسًا: تجارب الولايات الإِسلامية "المرحلة الثانية

- ‌1 - الحملة الاستعمارية الحديثة الأولى لبلاد المسلمين "الحملة الفرنسية

- ‌الحملة العلمية المصاحبة لجيش بونابرت ومجمعها العلمي:

- ‌مواقف جديدة لبعض شيوخ الأزهر من العلوم العصرية:

- ‌أ - عبد الرحمن الجبرتي:

- ‌ب- حسن العطار:

- ‌2 - ولاية محمَّد علي باشا، ثم أولاده من بعده:

- ‌أدوات محمَّد علي في تحصيل العلوم العصرية:

- ‌أ- الاستعانة بالأجانب

- ‌ب- مشروع الابتعاث لأوروبا:

- ‌ج- إنشاء المدارس الفنية في مختلف التخصصات:

- ‌د- المدارس الأجنبية "مدارس الإرساليات

- ‌هـ - مشروع الترجمة:

- ‌و- المطبعة وما ارتبط بها من ظهور الصحافة العلمية والفكرية:

- ‌خلاصة التجربة:

- ‌3 - السلاطين الشباب في الدولة العثمانية ومغامرات الإصلاح:

- ‌1 - السلطان محمود الثاني:

- ‌2 - السلطان عبد المجيد:

- ‌3 - السلطان عبد العزيز:

- ‌سادسًا: تجربة بلاد المغرب

- ‌1 - تجربة تونس:

- ‌أ- المدرسة الحربية والصادقية:

- ‌ب- خير الدين التونسي:

- ‌2 - تجربة المغرب:

- ‌أ- تنبيه النخبة بأهمية العلوم العصرية:

- ‌ب- إصلاح التعليم أو توسيع دائرته:

- ‌سابعًا: تجربة فارس

- ‌تكوين نظام علمي موازي للنظام القديم:

- ‌ثامنًا: تعرّف المجتمع الإسلامي على العلوم العصرية ونظرياتها

- ‌1 - طُرق تعرف المجتمع على العلوم العصرية وما ارتبط بها من مشكلات:

- ‌2 - تاريخ دخول النظريات العلمية ذات الإشكالات للعالم الإسلامي:

- ‌الفصل الرابع أسباب دخول الانحرافات المصاحبة لحركة العلم الحديث إلى البلاد الإسلامية

- ‌أولًا: ضعف مؤسسات الأمة العلمية

- ‌الاحتياجات المعرفية الجديدة وعدم قدرة المؤسسات التعليمية على تلبيتها:

- ‌نموذج الأزهر:

- ‌قصة الوالي العثماني مع الأزهر ودلالاتها:

- ‌مشكلات ذاتية للمؤسسات العلمية الإِسلامية:

- ‌الاحتلال الفرنسي ثم ولاية محمَّد علي وآثار ذلك على الأزهر:

- ‌بوادر الاختلاف داخل الأزهر ومطلب التحديث:

- ‌أثر جمال الدين الأفغاني:

- ‌دار الدعوة والإرشاد والمشاريع الجديدة:

- ‌ثانيًا: المدرسة الحديثة ومدارس الأقليات

- ‌الفصل والانفصال: الفصل بين المجالين الديني والدنيوي، والانفصال عن هوية الأمة:

- ‌دور مدارس الأقليات:

- ‌ثالثًا: دور الصحافة (نشأتها وتمكن النصارى منها وتوجيههم التغريبي لها)

- ‌ظروف نشأة الصحافة وأثر ذلك على الانحراف بمسيرة العلم الحديث:

- ‌النموذج الأول، مجلة المقتطف -النظريات الجديدة:

- ‌المثال الأول: نظرية الفلك الجديدة ومسألة دوران الأرض:

- ‌صدى المشكلة عند بعض المسلمين:

- ‌المثال الثاني: داروين ونظرية التطور:

- ‌النموذج الثاني: مجلة الجامعة العثمانية "الجامعة" لفرح أنطون -الإطار العلماني:

- ‌رابعًا: التيارات الفكرية الوافدة وتنظيماتها كالماسونية والسيمونية

- ‌[1] الدور الماسوني:

- ‌[2] أتباع سان سيمون

- ‌خامسًا: دور الاستعمار

- ‌سياسة التعليم الاستعمارية:

- ‌1 - تهيئة بيئة تسمح بتسرب الانحرافات وتغذي حركتها:

- ‌2 - صناعة الازدواجية في التعليم وعلمنته:

- ‌3 - ترسيخ الهزيمة النفسية في مجال التعليم:

- ‌4 - تحول المؤسسة العلمية في منبع لتوليد التيارات التغريبية:

- ‌5 - فتح الباب للنظريات الاجتماعية:

- ‌سادسًا: بيئة ثقافية جديدة وحضور التيار التغريبي فيها

- ‌الفصل الخامس أبرز المواقف العلمية والفكرية في العالم الإسلامي من العلوم الحديثة ومناهجها

- ‌تمهيد الأصول الثقافية للوضع المعاصر

- ‌فترة التحولات واضطراباتها ومشروع الشيخ حسين الجسر

- ‌المبحث الأول موقف الاتجاه السلفي الداعي للتأصيل الإِسلامي للعلوم الحديثة

- ‌أولًا: الشيخ محمود شكري الألوسي

- ‌1 - الموقف من النظرية الجديدة في الهيئة:

- ‌2 - السعي إلى التأصيل الإِسلامي لهذه العلوم:

- ‌ثانيًا: الشيخ عبد الرحمن السعدي

- ‌1 - تأكيد دخول العلوم الصحيحة النافعة العصرية في الإِسلام، وأثر إدراك هذا المقصد

- ‌2 - خطورة ابتعاد العلوم الصحيحة النافعة العصرية عن الدين وحاجتنا إلى تقريبها من الدين:

- ‌ثالثًا: الشيخ محمَّد الشنقيطي

- ‌موقف الشيخ من الحضارة الغربية والعلوم الدنيوية التي برعت فيها:

- ‌1 - القرآن فيه تبيان كل شيء وهو يهدي للتي هي أقوم:

- ‌2 - الموقف من العلوم الدنيوية وكيف نحولها إلى أشرف العلوم:

- ‌رابعًا: الشيخ عبد العزيز بن باز

- ‌دعوة التأصيل الإِسلامي للعلوم الحديثة

- ‌1 - الوعي باختلاف أرضيات العلوم:

- ‌2 - الوعي بمشقة المشروع:

- ‌3 - قوة التماسك في منهج التنظير وفي العمل التطبيقي:

- ‌المبحث الثاني موقف الاتجاه العصراني الداعي لتأويل ما توهم تعارضه من النصوص الشرعية مع العلم الحديث

- ‌أولًا: ما الاتجاه العصراني

- ‌ثانيًا: ظهور الاتجاه العصراني وحقيقة منهجه:

- ‌ثالثًا: النموذج الهندي العصراني:

- ‌رابعًا: النموذج العربي العصراني:

- ‌المبحث الثالث موقف الاتجاه التغريبي الداعي لتقديم العلم وعدم ربطه بالدين

الفصل: ‌[3] الأمر الخارجي: أثر العلم المنقول من بلاد المسلمين في ظهور الثورة العلمية:

في انتظام مناهجها بإسحاق نيوتن قرابة نهاية القرن. ولا غرو إذا شاهدنا الناس في تلك الحقبة لا يطيقون احتمال هدوء المناهج الكلاسيكية وسكينتها، فتلك الأجيال لم تر في أي شيء توازنًا أو استقرارًا. فهم الذين اكتشفوا وعثروا على قضايا أسطورية مرعبة، والعالم القديم البالغ من العمر ألفي عام بدا شظايا لأعينهم، وأخذ العالم الحديث بمحيطه الكفافي يرسل بومضات واهية، ويتراقص أمام بصر إنسان القرن السابع عشر فيلهمه حينًا ويرعبه أحيانًا" (1).

وبهذين الحدثين الداخليين: حركة مفكري عصر النهضة المائلة إلى اللادينية، وحركة الإصلاح الدينية؛ حدث إضعاف لسلطة الكنيسة القديمة واستهانة بما تحمله من علوم. ولكن الانتقال إلى عصر علمي جديد يحتاج لأمر آخر يساعد في النقلة؛ وهو ما أشرنا إليه سابقًا بعلوم ومعارف ومناهج يحصلون عليها تُبيّن ضعف أو خطأ ما ورثوه وأهمية تجاوزه.

[3] الأمر الخارجي: أثر العلم المنقول من بلاد المسلمين في ظهور الثورة العلمية:

المعتاد لمن تأمل في تاريخ البشر عدم وجود ظاهرة جديدة دون مقدمات تسبقها، وأسباب تتسبب في وجودها، حتى تلك التي تظهر فجأة فلابد من علل وأسباب إما ظاهرة أو خفية. ولا يخرج عن ذلك ظاهرة العلم البشري الحديث، وقد رأينا فيما سبق الظروف العامة المهيأة لمناخ فكري جديد، وهنا سنرى ظروف خاصة بالعلم ومن داخله تُسهم في تطوره، وكان على رأس ذلك الحجم الكبير والهائل من العلوم المنقولة من بلاد المسلمين قبل زمن الثورة العلمية، وهذه وقفة مع هذا الحدث المهم الذي تتجاهله كثير من الدراسات.

لقد كابدت أوروبا في عصورها الوسطى التخلف العلمي، بينما شهد العالم الإسلامي حضارة عظيمة وتقدمًا كبيرًا في هذه العلوم وغيرها، وقد أسهم هذا التراث العلمي الكبير الذي كوّنَه المسلمون بعد أن أخذه الغرب في حدوث ثورتهم العلمية، وذلك بعد أحداث دامية ألمّت بالعالم الإسلامي فأضعفت تقدم المسلمين وعصفت بحضارتهم، وقد ذكر "غوستاف لوبون" بأن الإسلام هو

(1) تاريخ الفكر الأوروبي الحديث، رونالد ص 46.

ص: 102

المحرك للعقل الأوروبي بعد أن أيقظه من سبات طويل (1).

وقد كان لهذه التركة العلمية الكبيرة المنقولة إلى الغرب أثر في إحداث أمرين مزدوجين: فمن جهة كشفت للمهتمين بالعلوم ضعف ما بين أيديهم، ومن جهة أخرى كانت أرضًا صلبة اتكأ عليها علماء الغرب في انطلاقتهم العلمية الجديدة.

لقد كانت إذًا الشرارة الأولى من الحضارة الإسلامية، وذلك بعد النقل الكبير لكثير من معارف المسلمين وترجمتها إلى لغاتهم التي بدأت بقوة من القرن (6 هـ - 12 م) تقريبًا وما بعده، حيث ازدهرت في تلك المرحلة عملية الترجمة، وتحولت وقتها أوروبا إلى ما يشبه ورشة عمل مستمرة -وقد حدث في صورة سابقة مختلفة نوع من هذا النشاط في بلاد المسلمين "في القرن الثالث الهجري/ الثامن الميلادي تقريبًا" عندما ترجمت حضارة اليونان وغيرها إلى بلاد المسلمين، وتُعد هاتان المرحلتان في الترجمة من أشهر فترات الترجمة بين الحضارات- فترجمت عن المسلمين علومًا نافعة ومناهج جديدة مثمرة قادت أوروبا إلى عصرها الحديث.

ومن أهم الأمور التي نقلها الغرب عن الحضارة الإسلامية: علوم قديمة طورها المسلمون وهذبوها، وعلوم جديدة أبدعها المسلمون يمكن إضافتها إلى حصيلة الفكر البشري، والأهم مما سبق المنهج الجديد -الذي أرسى دعائمه المسلمون- في طريقة البحث والنظر في العلوم الدنيوية، وهم بهذا يفتحون أعين الباحثين على أكثر من منهج في البحث والنظر بعد أن سيطر المنهج الصوري الأرسطي فترة طويلة (2).

وقد كان من عادة الكثير من باحثي الغرب التنكر لهذه الحقيقة، لاسيّما في مرحلة الغرور الغربي وتعصبهم للذات الغربية والاحتقار لكل الشعوب

(1) انظر: رحلة الفكر الإسلامي. . . .، السابق ص 96.

(2)

انظر: الموسوعة العربية العالمية، 16/ 363، 410 - 411، وانظر: التقييم الإبستمولوجي -المنهجي لمساهمات العلماء المسلمين وإضافاتهم في العلوم الرياضية والطبيعية من كتاب قضايا المنهجية في العلوم الإسلامية والاجتماعية، د. محمد على الجندب ص 31 وما بعدها.

ص: 103

الأخرى، فقد تعصب المؤرخون الأوروبيون فترة اشتداد الروح القومية في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر (1)، إلا أنه في القرن الرابع عشر/ العشرين ظهرت دراسات لشخصيات غربية مشهورة -أكاديميًا وعلميًا- تُبيّن الأثر الكبير للحضارة الإسلامية في الثورة العلمية الحديثة، وأن هناك نقلة كبيرة حدثت للغرب بعد احتكاك أهلها بعلوم المسلمين وحضارتهم (2).

والعجيب بأن التيار التغريبي العربي يُغمض عينيه عن مثل هذه الحقائق، وإن تناولها فبحذر شديد وعلى استحياء، بل قد يهاجم من يتحدث عنها من كُتاب المسلمين، وكأنهم لا يريدون أن يُحسب للمسلمين مأثرة في هذا العلم، بينما تظهرُ في الغرب دراسات متلاحقة تركز على مناقشة هذه القضية وتفتح الحوار الأكاديمي حولها.

لقد اتخذ تعرّف أوروبا على الإسلام والمسلمين -في أواخر عصرها الوسيط، ثم فترة النهضة والإصلاح الديني إلى بدايات العصر الحديث- عدّة صور، وصاحبَ ذلك تكوين رؤية ذهنية في عقول الأوروبيين، ويهمنا الآن -في هذا اللقاء الحاسم والتاريخي بين أوروبا والإسلام أو بين الغرب والشرق- موقفهم من دين المسلمين وعلومهم النقلية والعقلية، وصلة كل ذلك بالتطورات الكبرى التي حدثت في عصر أوروبا الحديث، وأهمها باب الثورة العلمية.

منذ أن دخل الإسلام إلى أوروبا بداية القرن الثاني الهجري عن طريق بلاد الأندلس فإنهم لا يجهلون وجود المسلمين، ولاسيّما قياداتهم السياسية والدينية والفكرية. وبدأت تلك النبتة الطيبة الإسلامية تنمو في بلاد الأندلس وتزدهر وتعطي ثمارها، وجعلت من بلاد الأندلس منارة لأوروبا كلها، واشتاق كثير من أهل أوروبا للعيش فيها، ومنهم من قذف الله في قلبه نور الإيمان فأسلم، ومنهم من أحب بلاد المسلمين ولغتهم وثقافتهم مما دفع القيادات الأوروبية -السياسية والدينية- إلى محاولات كبيرة لتغييب شعوبهم في ظلام دامس وتضليلهم عن حقيقة الإسلام، ومع ذلك فقد فشل بعضها، يقول "بريفوت": "في كتابه -تكوين

(1) انظر: التفكير العلمي، فؤاد زكريا ص 134.

(2)

انظر تعليقًا مهمًا لمحمد قطب في كتابه: مذاهب فكرية معاصرة ص 70 وما بعدها.

ص: 104

الإنسانية في القرن التاسع -تعلم الكثير من المسيحيين على علماء الإسلام. . . . ثم يروي أن رئيس دير كلوني. . كان يأسف لما شاهده أثناء إقامته بالأندلس من تهافت الطلبة -من فرنسا وألمانيا وإنجلترا- على مراكز العلم العربية، ويضيف بريفوت قائلًا: العلم هبة عظيمة الشأن جادت بها الحضارة العربية على العالم الحاضر" (1). فها هي أهم دول أوروبا تقذف بأبنائها إلى الأندلس مع أنها جزء صغير من بلاد المسلمين، ولكنها كانت الأقرب إليهم، فما بالك ببقية بلاد المسلمين.

ومثل هذا الوضع لن يُرضي قيادات أوروبا، فنجد ما نقله "برنارد لويس" من "عبارات الأسى والامتعاض التي يعبر بها "الفارو". . . . في منتصف القرن التاسع -الميلادي- عما يشعر به إزاء سلوك الشباب من أمته: كثيرون من أهل ملتي يقرؤون شعر العرب وقصصهم ويدرسون كتابات علماء الكلام والفلاسفة المسلمين، لا لينقضوا أقوالهم؛ وإنما ليتعلموا كيف يعبرون عن أنفسهم بشكل أكثر دقة وإتقانًا. . . . جميع الشباب النصراني من ذوي المواهب لا يعرفون سوى العربية والأدب العربي جديرًا بالإعجاب" (2).

وإذا كانت الأندلس نقطة اتصال سلمية -نوعًا ما- فإن هناك نقطة اتصال أخرى غير سلمية وقعت أيام الحروب الصليبية التي أتاحت للنصارى على مدى قرنين الاطلاع على الإسلام وعلوم المسلمين، وحدث لهم تأثر بذلك.

إلا أن أصحاب الأهواء السياسية والدينية في أوروبا لم يحسنوا استقبال الإسلام، وقاموا بكل ما يستطيعون من أجل إعاقة تقدمه عن طريق الحروب أو التشويه الثقافي، لاسيّما مع حدوث ثلاث فواجع للكنيسة ومعتنقيها، وهي: سقوط الأندلس بأيدي المسلمين، ثم خروجهم من بلاد الشام بعد احتلال دام أكثر من مئتي عام الذي كان يمثّل تعويضًا عن خسارة الأندلس، ولكن الفاجعة الأكبر كانت بسقوط القسطنطينية. فهذه الأحداث أوغرت صدر سياسيي أوروبا ومثقفيها ورجال الكنيسة ضد المسلمين وإسلامهم، وقاموا برسم صورة مشوّهة

(1) كتاب "بيت الحكمة" تونس ص 84، مقالة د. محمد السويسي:(انتقال العلوم العربية والحضارة الإسلامية إلى الغرب).

(2)

المرجع السابق ص 84.

ص: 105

عن الإسلام والمسلمين من أجل تنفير الأوروبيين من الإسلام، وكوّنوا مع الزمن تراثًا ثقيلًا من الأكاذيب يضغط على عقول الأوروبيين ويعمي أبصارهم عن رؤية الحقيقة، وما زال هذا التراث بمفاهيمه الأساسية يضغط إلى اليوم على تصورات الغربيين حول الإسلام.

هكذا كان الوضع: مدن إسلامية مزدهرة بالعلم والتقدم تغري العالم من حولها، وفي الوقت نفسه حقد دفين على الإسلام ظهر بوضوح عند فلول المهزومين في الحروب الصليبية وغيرها عبّر عنها مجموعة من رجال الكنيسة بأسلوب رخيص يعتمد على تزوير الحقائق أمام شعوبهم. وأمام هذا الوضع خلصوا إلى أهمية أخذ علم المسلمين من جهة، والامتناع عن الاستنارة بنور الإسلام من جهة أخرى. فكان من آثار الأول ولادة العلم الجديد في أوروبا، ومن آثار الثاني ولادة علم الاستشراق الذي ولد بقرار كنسي (1) لا ليتعلموا الإسلام؛ وإنما ليكون أداة في نقض الإسلام بحسب تعبير "الفارو" السابق ومسهّلًا لعمليات التنصير.

وهكذا ترسخت في الغرب طريقة أو منهجية -في أثناء الاحتكاك بالعالم الإسلامي- يمكن أن نطلق عليها اسم طريقة المسموح والممنوع وهي طريقة لا تخلو منها أمة من الأمم غالبًا أثناء احتكاكها بثقافة أخرى. فالمسموح به هو علوم المسلمين ومناهجهم العلمية، وقد يصل الأمر إلى الحث على تعلمها والتسابق إلى ذلك. أما الممنوع فهو دين الإسلام ونور الله في الأرض وهدايته إلى خلقه، وتجاوز أمر المنع إلى رسم صورة مظلمة عن الإسلام؛ ليصنعوا بذلك حاجزًا بين أقوامهم وبين الإسلام. ورغم كل جهود المنع وما صاحبها من تشويه وتلبيس إلا أن نور الإسلام قد تسلل إلى بعض العقلاء فأسلموا أو أنصفوه بين قومهم وقالوا كلمة الحق والعدل فيه.

وفي مقابل هذه الصورة الغربية نجد صورة مغايرة سلكها الجيل التغريبي في العالم الإسلامي في أثناء احتكاك المسلمين بالغرب، حيث تغيّرت منهجية أو طريقة "المسموح والممنوع"، فقد كان همّ التغريبيين نقل الأيديولوجيات والمذاهب والتيارات الفكرية الغربية، ونشطوا في ذلك نشاطًا كبيرًا، حتى ملأوا

(1) انظر: رؤية إسلامية للاستشراق، أحمد غراب ص 26.

ص: 106

أرض المسلمين من هذه الأيديولوجيات والمذاهب. وامتنعوا في المقابل -أو تكاسلوا- عن النافع والمفيد من العلوم الحديثة، وإنك لتجد لبعض المسلمين من المبتعثين للغرب ممن لا ينتسب لتيارات فكرية تغريبية جهدًا في نقل العلوم المفيدة أفضل مما لهؤلاء المحسوبين على الفكر والثقافة من المتغربين. فإذا كان الغرب -في بدايات نهضته- قد استفاد من علوم المسلمين؛ إلا أنه أخذ الفائدة الجزئية وترك الكلية، أخذ بعلوم المسلمين التي تنفع للدنيا وترك الإسلام الذي به سعادة الدنيا والآخرة، فما بال المتغربين لا ينقلون النفع الجزئي، بل نراهم ينقلون ما يفسد على المسلمين إسلامهم، والله سبحانه قد أنعم علينا بالإسلام ورضيه لنا دينًا، وما ينقله المتغربون هو في الغالب مما يتعارض مع الإسلام ويدخل الشبهات في قلوب المسلمين. وهم رغم معرفتهم بلغات أجنبية وعيش أكثرهم زمنًا في البلاد الغربية لم يقدموا شيئًا في باب العلوم النافعة إلا ما ندر، والناظر في المكتبة التغريبية لا يكاد يجد كتابًا نقل ما ينفع المسلمين، بينما يغلب على كل واحد أنه قد وجّه جُلّ نشاطه للتعريف بمذهب أو تيار أو شخص في الغرب، والأمة الإسلامية لن تنسى قُبح عملهم بعد أن نذروا جلّ وقتهم لنقل الأيديولوجيات الغربية التي لا حاجة لنا بها، بل إن أهلها يتركونها الآن، وفي ديننا غنى عنها، وفي المقابل تركوا ما يفيد المسلمين وما حثّ عليه إسلامنا من العلوم النافعة لحياة الناس الدنيوية.

والآن لنغمض العين على حرقة في القلب عندما حُرمت أوروبا من التعرف الصحيح على الإسلام بسبب تلك الحملة الصليبية من القادة السياسيين والدينيين، ومن أثر الجيل التغريبي العربي المشين في عصر المسلمين الحديث، ولنعد إلى سياق الثورة العلمية لنفتح العين مرّة أخرى على الأثر المهم الذي أثّرت به علوم المسلمين على تلك الثورة عندما نُقلت إليهم، وقد كانت سعادتهم أكبر لو نقل إليهم الإسلام مع علوم المسلمين.

وسأكتفي في هذه الفقرة بذكر ملخص صغير عن دور المنقول من علوم المسلمين في إحياء الحركة العلمية في أوروبا وقيادتها نحو الثورة العلمية، معتمدًا في هذا الملخص على كتابين متشابهين في مادتهما حول أثر علوم المسلمين في نهضة أوروبا العلمية وهما:"تاريخ الفلسفة والعلم في أوروبا الوسيطة"، والمجلد الأول من "تاريخ العلوم العام: العلم القديم والوسيط. من

ص: 107

البدايات حتى سنة (1450 م) " (1) حيث نجد فيهما مادة ثرية حول الموضوع، وسيكون الأول هو الأصل:

يورد مؤرخو العلم الدنيوي حقبة العلم العربي الكبرى بين القرن الثامن الميلادي والثاني عشر/ الأول الهجري والسادس؛ أي: ما يقرب من خمسة قرون، وسوف تقوم حركة "ترجمة" كبيرة في أوروبا لهذه العلوم، والتي سوف تُطلِق في الغرب بعد ترجمتها حركة فكرية كبرى أدت إلى نهضة القرن الثاني عشر/ الثامن عشر (2).

بدأت التسربات الأولى في القرن العاشر الميلادي (4 هـ - 10 م) وما قبله إلى عصر الترجمات الكبرى في القرن الثاني عشر وما بعده، وكانت طرق التسرب والتعرف متنوعة أشهرها طريقان (3): الأول في أوروبا عن طريق بلدين أو مملكتين إسلاميتين استلبهما النصارى فيما بعد الأندلس وصقلية، والثاني في الشام زمن الحروب الصليبية التي استمرت أكثر من قرنين؛ حيث قربتهم تلك الحروب من إحدى حواضر الإسلام الكبرى.

بدأ الأمر بقيام بعض الأديرة بترجمة الكتب العلمية، تبع ذلك بروز أشخاص ومدارس كان لهم أثرٌ كبير في تعريف الغرب علوم المسلمين، وكان منهم "جيربرت" الذي يُعدّه البعض أول ناقل مشهور لعلم العرب، كنقله الحساب وبعض الأدوات العلمية كالإسطرلاب، ثم ظهرت "مدرسة ساليرن" التي عنيت بعلوم المسلمين، وكان أحد مؤسسيها الأربعة يدرّس بالعربية، وأخيرًا جاء دور مميز لـ "قسطنطين الإفريقي" بنفس العمل.

(1) الكتاب الأول: تاريخ الفلسفة والعلم في أوروبا الوسيطة، تأليف جونو وبوجوان. ترجمة د. علي زيعور، د. علي مقلد، والكتاب الثاني: تاريخ العلوم العام -المجلد الأول: العلم القديم والوسيط من البدايات حتى سنة (1450 م)، بإشراف رنيه تاتون، ترجمة د. علي مقلد، وانظر فصلًا مهما في: المقدمات التاريخية للعلم الحديث من الإغريق القدماء إلى عصر النهضة، توماس جولد شتاين ص 109 - 144 بعنوان:(هبة الإسلام)، ترجمة أحمد حسان، وانظر: مدخل إلى التنوير الأوروبي، هاشم صالح ص 42 - 66، وانظر: تاريخ الدراسات العربية في فرنسا، د. محمود المقداد ص 24 - 28، وانظر: أثر العرب في الحضارة الأوروبية، عباس العقاد، وانظر: الحضارة الإسلامية أساس التقدم العلمي الحديث، جلال مظهر.

(2)

تاريخ العلوم العام 1/ 455.

(3)

المرجع السابق 1/ 456.

ص: 108

امتد الجهد السابق في القرن العاشر والحادي عشر الميلادي تقريبًا (4 - 5 هـ)، ثم جاء بعد ذلك: عصر الترجمات الكبرى في القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي، وهو قرن تحولت فيه أوروبا ومدنها العلمية إلى مراكز ترجمة لما عند المسلمين. يقول شارل هسكنس عن عمل الترجمة في ذلك العصر:"لم يكن عمل المترجمين منحصرًا في مكان خاص، بل إن النقل قد تمّ ببرشلونة وطرزونة وسيجوفيا وليون وبمبلونا، كما أنه ظهر أيضًا من وراء جبال البيريني بطلوزة وبيزبي وأربونة ومرسيليا، ولكن المركز الرئيسي للترجمة كان في النهاية مدينة طليطلة"(1).

وستتواصل جهود الترجمة وتتحول إلى نمط ثقافي سائد في أوروبا، فتظهر مدارس للترجمة في نهاية القرن الثالث عشر الميلادي/ السابع الهجري، ففيه:"تكاثرت التراجم من العربية إلى اللاتينية إلى درجة أن سارتون. . قسمها إلى أربع مجموعات: إيطاليو إيطاليا، الصقليون، وتراجمة مونبليه، ثم الإسبان. ."(2). وهكذا كان حال أوروبا في ما يقرب من أربعة قرون، نشاط كبير في الترجمة، يعجب منه الناظر في زمننا وهو ينظر في الحال التي نحن عليها، وربما بعض الناس اليوم لو قرؤوا مثل هذا الكلام ما صدقوه بعد أن انهارت قواهم المعنوية أمام الحضارة الغربية الحديثة في ظل هزيمة نفسية مؤلمة ربما يعالجها تذكر مثل هذا التاريخ.

كانت إيطاليا منطلق عصر النهضة الأوروبية، ولا غرابة وهي تلتصق ببوابة مهمة تُطل من خلالها على علوم المسلمين وهي صقلية (3)، وقد استفادوا منها كثيرًا، لاسيّما بعد استيلائهم عليها. لكن البوابة الكبرى لاسيّما في القرن الثاني عشر كانت الأندلس المنافسة لصقلية، وذلك بعد أن استولى عليها النصارى وقاموا بأحد أبشع المذابح المعروفة في التاريخ البشري، وأصبحت مركز التعلم الأول لأوروبا "والمركز الثقافي الكبير، حيث كان مثقفو أوروبا كلها

(1) كتاب "بيت الحكمة" التونسي، مقالة د. محمد السويسي: انتقال العلوم العربية والحضارة الإسلامية إلى الغرب ص 88، وليس المهم معرفة تلك المدن؛ لأن غرضي بيان أن أوروبا تحولت إلى ورشة عمل لترجمة الحضارة الإسلامية.

(2)

تاريخ العلوم العام 1/ 464.

(3)

كتاب بيت الحكمة السابق ص 87 - 88.

ص: 109

-بما فيهم الطليان- يأتون لاستقاء العلم من مصادره العربية" (1).

وممن عرف في هذه المرحلة "اديلار الباتي"(1090 - 1160 م) الذي تعلم في بلاده، ثم في بلاد المسلمين ولاسيّما مدرسة طليطلة (2)، وتشبع بالعلوم العربية، وله في ذلك مقولة:"هل من أحد غيري تعلّم على يد المعلّمين العرب سلوك درب العقل،. . . ."(3)، وكأن في ذلك نوع من الافتخار، وأصبح العارفون باللغة العربية والعلوم المنقولة من بلاد المسلمين هم رواد الثقافة والمقربون من الملوك والأمراء في أوروبا.

بدأت الطوائف المشهورة تعتني أيضًا بأتباعها، ويترجم مثقفوها ما ينفعهم من علوم المسلمين، ومن ذلك أثر أحد اليهود -سافاسوردا- الذي "ألف تأليفًا ضخمًا في العبرية، بقصد تفهيم العلم العربي للطوائف اليهودية في جنوب فرنسا"(4)، وقد كان لليهود أثر كبير في نقل علوم المسلمين إلى أوروبا أيضًا.

ها نحن نقترب من القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي، وفيه تشهد أوروبا حركة علمية، ويبرز بقوة أثر "الجامعة" كمؤسسة علمية جديدة بعد أن احتوت ثمار العلوم المنقولة من بلاد المسلمين وانطلاقهم بها فيما ينفعهم، فبعد أن عاشت أوروبا ما يقرب من خمسة قرون في ظلمات القرون الوسطى على حسب تعبير مؤلفي تاريخ الفلسفة والعلم؛ جاءت يقظتها مع التأثيرات الإسلامية في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلادي، أعقبها ما أطلقوا عليه:"نهضة الجامعات والعصر الذهبي للعلم المدرسي في القرن الثالث عشر وبداية الرابع عشر"(5).

إلا أنه في هذا القرن (7 هـ - 13 م) قد فقد العالم الإسلامي قطعة غالية من

(1) تاريخ الفلسفة والعلم (الأصل) ص 183.

(2)

بعد احتلال النصارى لطليطلة (1085 م) حولوها إلى مركز لترجمة علوم المسلمين، وبرزت مدرسة طليطلة كأشهر نقاط العبور بين الشرق والغرب، فتُرجمت كتب "الخوارزمي" و"الحسن بن الهيثم" وغيرهما في الرياضيات والفيزياء. انظر: تاريخ الفلسفة والعلم (الأصل) ص 188 - 189، وص 88 وما بعدها.

(3)

تاريخ الفلسفة والعلم (الأصل) ص 184.

(4)

المرجع السابق ص 186.

(5)

المرجع السابق ص 168 - 169.

ص: 110

جسده كانت تشع بنورها على أوروبا كاملة وهي بلاد الأندلس، وقُضي على المسلمين فيها بصورة بشعة، وطاردوهم عبر محاكم التفتيش ذات التاريخ الأسود، وحاولوا طمس معالم الإسلام أينما وجدوها ما عدا العلوم النافعة لهم، وبذلوا كل ما يستطيعون من أجل تشويه صورة الإسلام في عقول شعوبهم، وسُدّت كل منافذ الدعوة إليه، وحُرم الأوربيون من التعرف عليه.

إلا أن التاريخ لن ينسى أثر الأندلس المسلمة في يقظة أوروبا النصرانية، ولن ينسى بأن الأندلس مع أختها صقلية وغيرهما بقيتا من القرن العاشر الميلادي إلى نهاية الثاني عشر تقريبًا مركز الإشعاع لهم ونقطة الاتصال بالحضارة الإسلامية. وإنما ذكّرت بهذه الحقائق لأن أصحاب الكتاب السابق حاولوا إغفالها بقولهم:"إن أهمية العمل الذي تحقق سابقًا -أي: في القرنين الحادي عشر والثاني عشر-، وتراجع الإسلام في إسبانيا، وبذات الوقت تصاعد المسيحية؛ كل ذلك غير إلى حدٍ ما في القرن الثالث عشر سمة المركزين الكبيرين للترجمة: إسبانيا وصقلية، وبدلا من استقبال الثقافة العربية بشكل سلبي خالص، قام نوع من النشاط الخلاق بفضل تأثير ملكين متنورين: فريدريك الثاني وألفونس العاشر ملك قشتالة"(1). فهم يغفلون المجازر الوحشية التي حدثت للمسلمين، ويصورون المسألة كأنها فقط تراجع للإسلام وتقدم للمسيحية، وكأن المسألة تمت بتحول طبيعي وسلمي.

وقد تحدثوا عن أثر الملكين المتنورين الهام في نقل العلوم من بلاد المسلمين إلى أوروبا ودمجها بالحياة العلمية والثقافية، إلا أنه لا يخفى بأن ملوك أوروبا آنذاك ومن خلفهم رجال الكنيسة كانوا يتحركون باتجاهين: أحدهما: قيادة الحروب الصليبية ضدّ المسلمين، والثاني: ترجمة علوم المسلمين إلى لغات شعوبهم. ومن ذلك ما قام به "فريدريك" من مراسلات "لملوك الشرق" للاستفادة مما عندهم من العلوم، ورعايته لمجموعة كبيرة تتقن العربية من العلماء ليترجموا له علوم المسلمين، وأغلبهم ممن درس في بلاد المسلمين أو عاش فيها، ومن أشهرهم "ميشال سكوت" و"ليوناردي بيزا"، ويظهر أن هذا الملك قد فتح عيون أوروبا لطريقته، فقاموا بفتح بعض نوافذهم لاستقبال شمس الشرق كألفونس

(1) تاريخ الفلسفة والعلم (الأصل) ص 190.

ص: 111

العاشر وغيره، ومع ذلك فلا ننسى بأن هؤلاء قد أجرموا في حق أممهم عندما حرموهم من معرفة الإسلام بما وضعوه من حاجز بين شعوبهم وبين الإسلام، أما ما نقلوه من علوم المسلمين مما ينفع في الدنيا فقد ظهرت ثمرته في مولد العلم الجديد.

ص: 112