الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما في دمشق فقد - تكونت أيضا رابطة لطلبة المغرب العربي خلال السنة الدراسية 1956 - 1957، وهي تتألف من خمسة طلاب عن كل بلد وبذلك كانت الهيئة المشرفة على الرابطة تتألف من خمسة عشر طالبا، اجتمع هؤلاء وانتخبوا من بينهم أمينا عاما وكاتبا وأمينا للمال، وتولى أحد الطلبة التونسيين الأمانة العامة ولكنها لم تلبث أن آلت إلى محمد برادة من المغرب، وابتداء من 1957 - 1958 تولى النيابة محمد مهري من الجزائر لمدة سنة، كان مقر هذه الرابطة في ضاحية المزرعة بدمشق، وكان لها نشاط ثقافي واجتماعي يتناسب مع دورها كمنظمة طلابية فكانت تشارك الطلبة العرب نشاطهم وتدعوهم لنشاطها في مقرها حيث كانت تعقد الندوات والمحاضرات وتحضر رحلات السياحية والترفيهية، كما كان للرابطة أحيانا برنامج إذاعي في ركن المغرب العربي بالإذاعة السورية (1).
رابطة الطلبة الجزائريين في القاهرة
بعد اندلاع الثورة كانت استجابة فئة الطبة بالمشرق أسرع من استجابة زملائهم في فرنسا بحكم كره الأولين للاستعمار والبحث عن الهوية التي دمرها الاحتلال، وبحكم الاستعداد الفطري للنضال لعدم وجود ما يخسرونه من انضمامهم للثورة، وكانت ربما وسائل التعبئة أكثر تأثيرا في تونس ومصر مثلا، لأن سيطرة الإعلام الفرنسي لم يترك لطبة الجزائر الآخرين منفذا يرون فيه أنفسهم بينما وسائل التعبئة العربية والإسلامية كانت متوفرة لدى طلبة البلدان المجاورة والمشرق، يضاف إلى ذلك أن الطلبة الجزائريين في المشرق (والمغرب العربي) كانوا يعيشون أزمة فلسطين بروح لا يعيشها زملاؤهم في الجزائر وفرنسا، كما كانوا يعيشون ثورات وانتفاضات مصر وسوريا والعراق
= مذهب مصر وسوريا عندئذ.
(1)
محمد مهري، ومضات من دروب الحياة، مؤسسة الشروق للإعلام والنشر، الجزائر، 2005، ص 75 - 76.
ونحوها بذهنية وتحليل ليس هو التحليل الذي يؤمن به الطلبة الآخرون، يضاف إلى ذلك بدء الثورة في المغرب وتونس قبل بدئها في الجزائر، ثم أحداث الفيتنام والهند وإيران، وكان وجود مكتب المغرب العربي بقيادة الأمير عبد الكريم الخطابي، ومكتب جمعية العلماء، ومكتب جبهة التحرير في القاهرة، قد فجر وضعا جديدا بين طلبة المشرق أنفسهم. ذلك ان الثورة قد أحدثت انشقاقا في صفوف طلبة البعثات التي بادرت جمعية العلماء إلى إرسالها قبل الثورة إلى كل من مصر والعراق وسوريا والكويت، وقد عمل مكتب جبهة التحرير في القاهرة على توسيع الخلاف بين الطلبة ومكتب جمعية العلماء ليجند الطلبة في الثورة بدل الدراسة عكس ما كان يعمل له مكتب الجمعية الذي كان على رأسه الشيخان الإبراهيمي والورتلاني، ويمكن القول إن المنافسة بين جمعية العلماء وحزب الشعب من أجل التأثير على الطلبة قد انتقلت إلى القاهرة، كما ساهم وقوف السلطات المصرية إلى جانب مكتب جبهة التحرير (مع ابن بلة بالخصوص) واتهام الشيخين بالانتماء إلى حركة الإخوان المسلمين المتهمة بدورها بمعاداة النظام المصري - قلنا ساهم في توسيع الشقة بين المكتبين وأحدث ذبذبة في الأوساط الطلابية.
وأمام ذلك كان من الطبيعي أن يحاول الطلبة عموما تأليف جمعية أو رابطة بصفتهم الجزائرية أو كجزء من تنظيم يجمعهم أيضا بطلبة المغرب وتونس الذين يدرسون في مصر، وكانت مختلف الأطراف التي ذكرناها تتجاذب الطلبة، وأهمها الجذب الثوري، فقد جند مكتب جبهة التحرير عددا منهم سنة 1955، فوصل عدد المتطوعين في هذه السنة وحدها سبعة وعشرين طالبا، ولحقت بهم مجموعة الباخرة (دينا) التي كان من ضمنها محمد بوخروبة (بومدين)، ثم مجموعة الباخرة (أطوس) التي كان من ضمنها الهادي حمدادو ومحمد صباغ ومحمد الطاهر شرفي (1).
(1) وثلاثة آخرون هم زروق محمد الصالح، وريغي محمد، وإيغرونة محمد واعلي، وتطوع =
وعلى مستوى آخر شارك طلبة المشرق في مهرجان الشبيبة العالمي الذي انعقد في فارصوفيا (وارسو) في السنة المذكورة أيضا، كما شاركوا في مهرجان الشباب العربي الذي انعقد في الإسكندرية بمصر سنة 1956 (1).
وفي هذا التاريخ كان طلبة المشرق قد قطعوا مراحل في تجميع أنفسهم داخل تنظيم يتولى شؤونهم، ولعل بعضهم كان يرى أن إخوانهم طلبة الجزائر وفرنسا كانوا غير أحرار في اتخاذ قرارهم، أو كانوا غير مهتمين بغير أنفسهم، أو أن مستقبلهم مضمون، لأنهم - بالنسبة إلى طلبة المشرق المتقدمين عادة في السن - ما يزالون أغرارا يعيشون نوعا من المراهقة الفكرية، ولكن الأيام أن هذه النظرة كانت خاطئة وأن الإضراب وما تلاه قد برهنا على نضج فكري لدى طلبة الجامعات الفرنسية، وعلى إدخال الطالب إلى معترك الحياة والفصل بينه وبين الحياة الناعمة التي اعتاد عليها. ورغم نضج طلبة المشرق النسبي وانضمامهم المبكر إلى صفوف الثورة. كما لاحظنا، ورغم لعب طلبة تونس والمغرب دورا مبكرا في الكفاح وتهريب السلاح والعمل السري الخطير فإن تنظيم طلبة القاهرة في رابطة قد تأخر إلى
= فوج آخر من الطلبة فكان منهم المدني حواس وعلي عسول ورشيد النجار، ثم تطوع أكثر من ثلاثين طالبا وزعوا على ثلاثة أفواج ولكن ملابسات صحبت هذه العملية جعلت بعض قياديي الثورة كالدكتور الأمين دباغين، يعارضون تطوع الطلبة لا خوفا على حياتهم من العدو ولكن خوفا من العبث بهم نتيجة خلفيات أخرى تتعلق بمعارضي مقررات مؤتمر الصومام الذين كانوا يعتبرون (مشاغبين)، وكان من بين هؤلاء منور
مروش وعبد القادر بن قاسي، وهما على التوالي رئيس رابطة الطلبة الجزائريين في القاهرة والأمين العام لها، كانت عملية التطوع الأخيرة قد جرت سنة 1957 بطلب من العقيد أوعمران الذي حضر إلى القاهرة والتقى الطلبة، هذه الأفكار استفدت بها من ورقة كتبها محمد بلعيد عن رابطة الطلبة الجزائريين في المشرق العربي.
(1)
في المهرجان الأول شارك عثمان سعدي ومحمد شيروف وتخلف منور مروش بسبب جواز السفر، وفي المهرجان الثاني شارك حوالي عشرة طلاب منهم منور مروش وأبو القاسم سعد الله.