الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تلك نماذج فقط لما كان يحدث لمعلمي المدارس الحرة سواء كانت تابعة لجمعية العلماء، وهو الأغلب، أو كانت تابعة لحزب الشعب، والمقصود بالمعاملة السيئة التي يخضع لها المعلمون هو منع مقنع لتعليم اللغة العربية وقمع واضح لتيار الوعي الوطني حتى لا يتجذر في الشباب فيستيقظ ويعمل على استقلال بلاده.
بعثات جمعية العلماء
سنت جمعية العلماء سنة حميدة وهي إرسال بعثات طلابية للدراسة في معاهد الشرق العربي والإسلامي، ويبدو أن تمويل هذا المشروع كان بمساع قام بها الفضيل الورتلاني وآخرون ثم جهود الشيخ البشير الإبراهيمي، مسايرة للنهضة العربية الإسلامية، وكان التمويل قد انطلق من مصر وباكستان والسعودية، ثم توسع إلى دول عربية أخرى كالعراق وسورية والكويت، وكان الإبراهيمي قد سافر إلى المشرق في فاتح عام 1952 من أجل إجراء اتصالات شخصية لتدبير المنح للطلبة المبعوثين أو الذين تعتزم الجمعية إرسالهم، بالإضافة إلى حضور مؤتمر في باكستان، والتعريف بالحركة الإصلاحية في الجزائر، كان ذلك هو ظاهر الأمور من سفره.
وفي نوفمبر 1953 أعلن الشيخ محمد خير الدين في حفل افتتاح دار الطلبة أن بعثات الجمعية قد بلغت ستين طالبا، وأنها ستصل إلى ثلاثمائة (300) طالب، ووعد سامعيه بأن الجمعية تخطط لإرسال طالبات أيضا إلى المشرق، وأنها تتوقع أن يكون لها اختصاصيون في مختلف المجالات العلمية (1).
لا نعرف بالضبط عدد الطلبة الجزائريين في مصر قبل شروع جمعية العلماء في إرسال بعثاتها، كان القسم العام في الأزهر الشريف هو الجهة
(1) المنار، 20 نوفمبر، 1953.
الوحيدة تقريبا في المشرق التي تستقبل الطلبة الجزائريين الذين تقطعت بهم سبل الدراسة، وتشير بعض الوثائق إلى وجود طلبة جزائريين في مصر قبل بعثات الجمعية وإن كنا لا نعرف عددهم بالضبط، فقد نشرت المنار مراسلة من قاسم الجزائري (ربما هو قاسم زيدون) ذكر فيها تضامن الطلبة الجزائريين، جامعيين ومدرسيين وأزهريين، حسب تعبيره، مع مصر في يوم الشهداء، ولكن المراسل لم يذكر عدد ولا أسماء المشاركين في المظاهرة التي جرت في القاهرة (1).
نشرت البصائر لسان حال جمعية العلماء شروط المشاركة في بعثات جمعية العلماء، ومن أولها أن يكون الطالب قد تخرج من مدارس الجمعية أو من معهد عبد الحميد بن باديس، وأن يكون حاصلا على الشهادة الابتدائية وأن لا يتجاوز عمره ست عشر سنة، كما يمكن أن يلتحق بخريج مدارس الجمعية تلاميذ السنتين الأولى والثانية في المعهد، وحدد خريج المعهد بأنه هو الحاصل على الشهادة الأهلية ولم يتجاوز عمره العشرين سنة، وآخر الشروط أن يوفر الطالب تسعين ألف فرنك وجواز سفر.
بهذه الشروط استطاعت الجمعية أن ترسل عددا من الطلبة وهم في سن المراهقة، وهي سن لا تؤهله للغربة الطويلة والبعيدة عن الأهل والوطن، وفي ذلك مغامرة جنت منها العائلات والطلبة والجمعية نفسها مشاكل كثيرة رغم الهدف النبيل الذي كان وراء إرسال البعثات ورغم الاحتياطات التي اتخذتها الجمعية ليكون الطلبة تحت أنظار صارمة ورعاية حكيمة، ويبدو أنه حدث تهافت على الالتحاق بالبعثات من كل من يمت للجمعية بصلة في محاولة للالتفاف على الشروط المعلنة، وقد حاولت أنا من موقعي في تونس كمسؤول على جمعية البعثة الزيتونية التابعة لجمعية العلماء أن أستفيد من الاشتراك في البعثات ولكني لم أنجح لأني لم أكن من الذين درسوا في معهد ابن باديس.
(1) المنار، 11 ديسمبر، 1951.