الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نسيها (بوهيمية) في بلاده المعذبة، ولم يكن وحده في ذلك، فقد تحطمت شخصيات وطنية كثيرة على صخرة التقلبات السياسية الفرنسية، كانت بقافة عمر راسم متوسطة كثقافة أخيه ولكنها كانت ميالة أكثر إلى ثقافة المشرق المتحركة أي ثقافة عهد النهضة، فكتمها في نفسه وتعاشر مع الإمكانات المتوفرة، فوجدناه في الإذاعة (وهي فرنسية) وفي مجلتها هنا الجزائر، يذيع ويكتب ويوجه، ووجدناه مدرسا في مدرسة الفنون الجميلة يساهم في تكوين الجيل الجديد إلى أن أدركه الموت وهو وراء المذياع، وهو أمام السبورة، وهو يمسك القلم، وهنا يبقى السؤال ما دمنا نكتب عن عهد الثورة: ما علاقة عمر راسم بالثورة؟ وهو السؤال الذي سيبقى بدون جواب، كما هو الحال بالنسبة لعدد كبير من الفنانين، إلى أن نعرف أكثر عن نهاية الرجل الذي يكون قد بلغ السبعين سنة عند اندلاعها.
بقي أن نسجل أن عمر راسم كان عميدا لمدرسة في فن التذهيب في الخط، وكذلك المنمنمات، وكان نشطا في هذا الميدان منذ 1937، وقد كان مشاركا في اتحاد فناني شمال إفريقيا، وكان يعرض أعماله في صالونات خاصة، وقد عين معلما في مدرسة الفنون الجميلة بالجزائر، كما أشرنا، متفرغا لتذهيب القرآن الكريم على الخصوص (1).
رسامون آخرون
قائمة الفناتين طويلة خلال عهد الثورة، ولا يمكننا تغطية حياتهم ونشاطهم كلها في هذا الكتاب الذي يعتمد على مصادر قليلة وما تزال متفرقة، ثم إن بعض الفنانين قد تناولناهم في التاريخ الثقافي ولم يجد جديد عنهم منذ ظهور كتابنا المذكور، فهذا مثلا أزواو معمري كتبنا عنه في الجزء الثامن/ 434 ولم نر داعيا للرجوع إليه إلا عند الضرورة.
(1) مدينة الجزائر ورساموها، ص 277.
إن معظم لوحات أزواو تمثل الحياة المغربية التي تأثر بها كثيرا، ومنها الحداد المغربي، ووادي بورقراق، وسوق مراكش، والقصابون في جامع الفناء، والمكتب القرآني، وقد عرض أزواو لوحاته في المعارض الجزائرية والدولية، وكان يحب الموسيقى الأندلسية، وزار الأندلس وأعجب بالفن الإسلامي في غرناطة وقرطبة وإشبيليا، وأحب الفنون الشعبية المغربية وله صورة باللباس المغربي وهو يذيع من إذاعة مراكش وحوله الفرقة الموسيقية المغربية التي أنشأها، وبعد وفاته كتب عنه مالك واري مقالة في القسم الفرنسي من مجلة (هنا الجزائر) وضم إليها لوحة لآزواو عنوانها (سيدي علي أو يحيى بتاوريرت ميمون)(1).
وللبشير بن يلس عدة لوحات ربما لم نشر إليها في دراستنا السابقة عنه. منها (زفاف في تلمسان) وهي مرسومة على غلاف القسم الفرنسي من مجلة (هنا الجزائر)، وتمثل اللوحة فرقة موسيقية ومجمع المستمعين وهم في حالة انسجام واستغراق بملابسهم التقليدية الجميلة (2).
أما ما يمكن أن نضيفه عن ابن يلس فهو تتلمذه على محمد راسم ثم ابتعاده عنه، وقد درس في مدرسة الفنون الجميلة بالجزائر العاصمة، ومنها ذهب لحضور أشغال أساتذة الرسم الحديث في باريس ومدريد، وفي عهد الاستقلال أصبح مديرا للمدرسة الوطنية للفنون الجميلة ورئيسا لاتحاد الفن البلاستيكي، وشارك في معارض مشتركة في بلدان المغرب العربي وأوروبا ونيويورك (2).
وخلال الثورة أبدع حسن بن عبورة بعض اللوحات وأحرز على الجائزة الفنية الكبرى للجزائر للعام 1957 - 1958، وهو أيضا من تلاميذ محمد راسم
(1) هنا الجزائر 29، نوفمبر 1954، توفي أزوار بالمغرب في السابع من سبتمبر 1954، انظر عنه أيضا كتاب مدينة الجزائر ورساموها، ص 273.
(2)
هنا الجزائر 33، مارس 1955.
(3)
مدينة الجزائر ورساموها، ص 283.
في فن المنمنمات، وتمتاز لوحاته بالبساطة وحتى بالسذاجة، وهو يفصل مناظره بدقة تدهش الناظر، ومنها القطار، وشواع بلكور، وميناء الجزائر
…
وكلها تعبر عن شاعريته الرقيقة والمؤثرة، وقد وردت عليه التهاني من أصحابه عندما نال الجائزة في شهر يناير 1958 أي في أتون الثورة (1).
ومما يذكر أن ابن عبورة ولد بالعاصمة (الجزائر) سنة 1898 وتوفي بها سنة 1961، وحصل على جوائز كثيرة، واقتنت إدارة الفنون الجميلة بالجزائر عددا من أعماله، وقد عشق رسم الأحياء الشعبية وشواطى مدينة الجزائر، وآخر معرض له أقامه سنة 1960، وجعل شعاره فيه (الفن الأصيل لأحد أبناء مدينة الجزائر)(2).
وابن عبورة معروف عند الرسامين في الجزائر بأنه الفنان الساذج، فهو يرسم مشاعره بكل أمانة وبساطة، وهو يأخذ بتلابيب المشاهدين للوحاته بمناظره الجذابة للقطار ومرسى الجزائر وشوارع بلكور، ففنه، كما قال أحد النقاد، كأنه قصيدة يتغنى بها، وهو أسلوب خاص به (3).
أما رابح درياسة فقد اشتهر بالشعر واللحن والغناء ولم يشتهر بالرسم. ولكن هنا الجزائر أوردت له نماذج من الرسم تدل على موهبة متميزة على الأقل عندما كان في أول الطريق، من ذلك لوحته (حرب على الجهل)، وهي لوحة تحمل توقيعه نشرها سنة 1957، ويمكن اتخاذها نموذجا أيضا بالنسبة لتعليم المرأة، وله لوحة أخرى كتبت لها هنا الجزائر مقدمة، وهي جزء من حصة (من كل فن شوية) التي كان يشرف عليها محمد الحبيب حشلاف، ومن هذا المصدر نعرف أن درياسة من تلاميذ محمد راسم أيضا (4).
(1) هنا الجزائر 62، فبراير 1958.
(2)
مدينة الجزائر ورساموها، ص 249، وقد نال ابن عبورة، بالإضافة إلى ما ذكرنا، جوائز سنوات 1954، 1955، 1957.
(3)
هنا الجزائر 62، فبراير 1958.
(4)
هنا الجزائر 62، فبراير 1958، و 63 مارس 1958.
ولد محمد بوزيد في الأخضرية سنة 1929، وبدأ حياته العلمية معلما في مسقط رأسه، وابتداء من 1953 كرس نفسه لفن الرسم، فحصل على منحة سنة 1956، وأخرى بعدها بسنتين، ولفت الأنظار إلى رسوماته عندما شارك في معرض الفن الجزائري بباريس سنة 1957، فقد عرض فن زخرفة الجدران في تيزي وزو والجزائر، ثم شارك في معارض عقدت بفرنسا وبلجيكا وفي غيرهما، وفي سنة 1960 حصل على ما يسمى (الجائزة الجزائرية الفنية الكبرى).
وبعد الاستقلال كلف بتصميم الختم والدرع الرسمي للجمهورية الجزائرية، وسمي مستشارا بوزارة الثقافة، وهو الذي قام بزخرفة بواخر الشركة الجزائرية للملاحة، كما وضع الصميم (الديكور) لزخرفة المسرح الجزائري والنادي الوطني للسينما، وقام المعهد الوطني للفنون الجميلة بتكريمه سنة 1999، وقد قيل عنه إنه كان متشبثا بكل قواه بالموضوع واللون، وإنه يستطع التخلص من كل التناقضات عندما يتفرغ للرسم، وإنه ينتمي إلى المدرسة الواقعية، ولذلك كانت موضوعاته مشبعة بالتعبير الحي (1).
أما باية محيي الدين فقد ولدت في برج الكيفان (شرقي مدينة الجزائر) سنة 1931، وعاشت يتيمة منذ كان عمرها خمس سنوات، وكانت جدتها تعيش في العاصمة فجاءت تنشد الدفء والحنان عندها.
لاحظ السيد (فرنك ماكوين) مدير المجلس البريطاني وزوجته (مارغريت) رسوماتها الفخارية سنة 1942 فأخذاها على ذمتهما وشجعاها على الاستمرار وتطوير فن الرسم، ولم تلبث أن عرضت بعض أعمالها (1947) في باريس، وقام الكاتب (أندري بريتون) بكتابة مقدمة لمجموعتها، ثم اشتغلت في ورشة تعمل في الفخار، وهناك التقت بالفنان العالمي بيكاسو، وأوائل الخمسينات تزوجت بالمغني والملحن الحاج محيي الدين المحفوظ (1953) وأنجيت ستة أطفال، وعاشت معهم في البليدة، وبعد عشر سنوات عرض متحف الفنون
(1) مدينة الجزائر ورساموها، ص 252.
الجميلة في العاصمة أعمالها القديمة واقتنى بعضها، وفي هذه الأثناء استأنفت الرسم بعد توقف طويل، وقد شاركت في معارض جماعية على مستوى المغرب العربي وفرنسا وبلجيكا (1).
الغالب أن مولود بوكرش من مواليد سيدي بلعباس، فنحن لا نعرف الكثير في هذه المرحلة عن أولياته ولا عن نهاية حياته، بدأ بوكرش حياته الفنية رساما في مدينة الجزائر، ثم توجه إلى مدرسة الفنون الجميلة بباريس، وأقام ورشته في هذه المدينة، أول معرض أقامه في الجزائر كان في النادي الفرنسي - الإسلامي عام 1947، وقد تخصص في رسم مناظر الحياة العربية، كالمراعي والأرياف، وكذلك الأشخاص مثل العازف على الناي، والمتسول، والأعمى، ولأزواج المتحابين، والنساء في محيط صحراوي، ومن أعماله أيضا لوحة الحائك الأبيض الذي تلتف به امرأة ريفية ذات وشم (2).
عبد الحليم حميش من مواليد تلمسان سنة 1908، وقد تتلمذ على كوفي Couvy في الفنون الجميلة بالجزائر، أما ميدان اهتمامه فهو رسم المناظر الطبيعية والعادات الشعبية، شارك حميش في المعرض العالمي الذي انعقد في باريس سنة 1937 بلوحة تمثل مقهى عربية، وفي سنة 1945 شارك في معرض خصص للرسوم والمنمنمات الجزائرية، وبتوالي الأيام أصبح معلما للرسم في مدرسة الفنون الجميلة بباريس، ولكننا لا نعرف متى بدأ ومتى انتهى من ذلك، أما وفاته فكانت بتلمسان سنة 1979 (3).
ولد قارة أحمد أحمد في العاصمة سنة 1923، كانت أسرته تتعاطى الوظائف الدينية والأعمال الخيرية، وقد درس النحت والفنون الجميلة في مدرسة الجميلة، ويعتبر من الفنانين ذوي الاهتمامات المتنوعة، أما أعماله فقد
(1) مدينة الجزائر ورساموها، ص 248، وتوفيت الفنانة باية سنة 1998.
(2)
مدينة الجزائر ورساموها، ص 251.
(3)
نفس المرجع، ص 268.
عرضها في عدة عواصم أوروبية مثل باريس واستوكهولم، وهلسنكي وروما. وكذلك في المغرب والعراق ولبنان، شارك قارة أحمد في تأسيس المتحف الوطني للفنون والتقاليد الشعبية بالجزائر، وكان هو المحافظ لهذا المتحف سنوات طويلة، وهو ينتمي إلى مدرسة الفن التجريدي (1).
يعتبر محمد خدة من الجيل الأحدث بين زملائه الرسامين، فقد ولد سنة 1930 بمستغانم، وبدأ الرسم وهو في السابعة عشرة من عمره، ثم جاء إلى باربس سنة 1953 رفقة زميله ابن عنتر، وأنجز أول لوحاته سنة 1955، وقد اعتمد في رسوماته على العناصر البلاستيكية والخطوط العربية، ويبدو أنه لم ينتج كثيرا من اللوحات قبل الاستقلال، ولعله كان ذا صلة بالثورة سواء في فرنسا أو في الجزائر لأنه نشط منذ 1963، وشارك في معارض الرسم الجزائري وكان مشاركا في معارض باريس وليون، وفي هذه الفترة أنجز أعمالا جدارية ومنحوتات ورسومات في الكتب والنقائش
…
ولكن نشاطه هذا وما بعده لا يهمنا الآن، ومهما كان الأمر فقد التقينا بالفنان محمد خدة عدة مرات في الجزائر بعد الاستقلال، وكان انطباعنا عنه أنه فنان متواضع وموضوعي، وقد توفي سنة 1991 (2).
ولد عبن الله بن عنتر في مستغانم أيضا سنة 1931، ودرس الرسم والنحت في معهد الفنون الجميلة بوهران، ثم استقر نهائيا في باريس سنة 1953 حيث تحول إلى التشكيل، وفي سنة 1957 أقام معرضا شخصيا، وواصل عرض فنه في باريس بانتظام، وكذلك في ألمانيا والدنمارك، وقد اشترك في عدة تظاهرات جماعية للفنانين في أوروبا والمغرب العربي، وابتداء من 1962 أخذ ابن عنتر يشترك في معارض النقش المرفقة بأبيات شعرية من جان سيناك، ثم واصل إنتاجه في عهد الاستقلال، وقد أصبح معلما في مدرسة الفنون الجميلة
(1) نفس المرجع، ص 269.
(2)
نفس المرجع، ص 269، انظر عنه أيضا كتابنا تاريخ الجزائر الثقافي.
في باريس خلال السبعينات (1).
محمد تمام كان أحد التلاميذ الأذكياء للأخوين راسم (محمد وعمر)، ولد بالجزائر العاصمة سنة 1915، وبعد المرحلة الأولى من حياته أدخلاه عالم فن التذهيب، وفي سنة 1936 غادر الجزائر إلى فرنسا ليتعلم فن الديكور في مدرسة فن الزخرفة، ثم اشتغل في بعض المصانع بالقطع الصغيرة الدقيقة، وبعد سنة أقام أول معرض شيخصي له، أما في سنة 1944 فقد شارك في معرض التذهيب والمنمنمات الجزائرية، كما اشترك مع أستاذه محمد راسم في معارض في البلاد الإسكندنافية بين 1946 - 1957، وعرض أيضا في بلدان المغرب العربي، وبعد الاستقلال رجع إلى الجزائر وعين محافظا لمتحف الآثار حيث بقي إلى وفاته سنة 1988 (2).
أما محمد غانم فقد ولد بالعاصمة سنة 1925 وتتلمذ أيضا على يد عمر راسم، وقد ظهر سنة 1944 في المعرض الذي خصصه محمد راسم للفنانين المسلمين الشباب، ثم أصبح أستاذا لفن التذهيب في المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بالجزائر، وكان يعرض أعماله في أماكن خاصة أو في التظاهرات الجماعية سواء في البلاد العربية أو في أوروبا (3).
ينتمي الفنان محمد أكسوح إلى جيل حديث، فقد ولد سنة 1934 في العاصمة، وبدأ منذ 1959 ينجز منحوتاته على المرمر أو المعادن، وكان يرسم يميل إلى التجريد، فكان من مؤسسي الرسم الجزائري الحديث، وبعد الاستقلال شارك أكسوح في المعارض الجماعية، ثم استقر به المقام في باريس منذ 1965 مثل عدد من زملائه، وشارك منها في عدة معارض وأنشطة، كما
(1) مدينة الجزائر ورساموها، ص 249.
(2)
نفس المرجع، ص 281.
(3)
نفس المرجع، ص 277.